بازگشت

الاستنصار الأول يوم عاشوراء


دعا الحسين عليه السلام براحلته يوم عاشوراء فركبها و نادي بصورت عال يسمعه جلهم:

«أيها الناس اسمعوا قولي و لا تجعلوا حتي أعظكم بما هو حق لكم علي، و حتي اعتذر اليكم من مقدمي عليكم، فان قبلتم عذري و صدقتم قولي و أعطيتموني النصف من أنفسكم، كنتم بذلك أسعد، و لم يكن لكم علي سبيل، و ان لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم». (فاجعلوا أمركم


و شركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا الي و لا تنظرون). [1] (ان وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين). [2] .

فلما سمعن النساء هذا منه صحن و بكين و ارتفعت أصواتهم، فأرسل اليهن أخاه العباس و ابنه علي الأكبر و قال لهما:«سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن».

و لما سكتن حمد الله و أثني عليه و صلي علي محمد و علي الملائكة و الأنبياء، و قال في ذلك ما لا يحصي ذكره و لم يسمع متكلم قبله و لا بعده أبلغ منه في منطقه. [3] .

ثم قال:«الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته و الشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن اليها، و تخيب طمع من طمع فيها، و أراكم قد اجتمعتم علي أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، و أعرض بوجهه الكريم عنكم، و أحل بكم نقمته، و جنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا و بئس العبيد، أنتم أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد صلي الله عليه وآله، ثم انكم زحفتم الي ذريته و عترته تريدون قتلهم، و قد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبالكم و لما تريدون انا لله و انا اليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين». [4] .

«أيهاالناس، انسبوني من أنا ثم ارجعوا الي أنفسكم و عاتبوها، و انظروا هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه


و أول المؤمنين بالله و المصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيدالشهداء عم أبي، أو ليس جعفر الطيار عمي، أو لم يبلغكم قول رسول الله لي و لأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فان صدقتموني بما أقول، و هو الحق فوالله ما تعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، و يضر به من اختلقه و ان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري، و أباسعيد الخدري، و سهل بن سعد الساعدي، و زيد بن أرقم، و أنس ابن مالك، يخبرونكم انهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي و لأخي، اما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي».

فقال الشمر: هو يعبدالله علي حرف ان كان يدري ما تقول.

فقال له حبيب بن مظاهر: والله أني أراك تعبد الله علي سبعين حرفا، و أنا أشهد أنك صادق، ما تدري ما يقول، قد طبع الله علي قلبك.

ثم قال الحسين عليه السلام:«فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم؟ فوالله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم، ويحكم! أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص جراحة؟ فأخذوا لا يكلمونه.

فنادي: يا شبث بن ربعي، و يا حجار بن أبجر، و يا قيس بن الأشعث، و يا زيد ابن الحارث، ألم تكتبوا الي أن أقدم قد أينع الثمار و اخضر الجناب و انما تقدم علي جند لك مجندة.

فقالوا: لم نفعل.

قال: سبحان الله، بلي و الله لقد فعلتم. ثم قال:«أيها الناس، اذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم الي مأمني من الأرض، فقال له قيس بن الأشعث: أو لا تنزل علي حكم بني عمك؟ فانهم لن يروك الا ما تحب، و لن يصل اليك منهم مكروه.


فقال الحسين عليه السلام: أنت أخو أخيك أتريد أن يطلب بنوا هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل و لا أفر فرار العبيد [5] ، عباد الله (أني عذت بربي و ربكم أن ترجمون) أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب. [6] .


پاورقي

[1] يونس / 71.

[2] الاعراف / 196.

[3] تاريخ الطبري 242 / 6.

[4] مقتل محمد بن أبي‏طالب.

[5] بالفاء الموحدة فيما رواه ابن نما في مثير الأحزان: ص 26، و هو أصح مما يمضي علي الألسن، و يوجد في بعض المقاتل بالقاف من الاقرار لأنه علي هذا تکوين الجملة الثانية غير مفيدة الا ما أفادته التي قبلها، بخلاف علي ما قراءة«الفرار»فان الجملة الثانية تفيد أنه لا يفر من الشدة و القتل ما يصنعه العبيد، و هو معني غير ما تؤدي اليه الجملة التي قبلها، علي أنه يوجد في کلام أميرالمؤمنين ما يشهد له، ففي تاريخ ابن الأثير: ج 3 ص 148، و شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 104 المطبعة الأميرية. أن أميرالمؤمنين قال في مصقلة بن هبيرة لما فر الي معاوية: ما له فعل فعل السيد و فر فرار العبد و خان خيانة الفاجر؟

[6] مقتل الحسين للسيد عبدالرزاق المقرم: 257 - 254.