بازگشت

و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم...


آل عمران / 170.

ان الشهداء لم يموتوا و لم ينال الموت منهم وعيا و دركا؛ أنهم يرون اخوانهم


المؤمنين الذين لم يلحقوا بهم بعد، و يتابعون حركتهم و مسيرتهم، و يدعون الله تعالي لهم، و يستبشرون بوفود اخوانهم الذين لم يلحقوا بهم بعد عليهم، و ان لكل لقاء جديد فرحة جديدة و بشري جديدة، و في كل يوم لهم بشري جديدة بلقاء أخ جديد في الله، يفد علي الله من بين لظي المعركة، و يقبل عليهم فيستقبلونه بالابتهاج و السرور.

انهم حاضرون (و شهداء) المعركة، لم يغيبوا عنها بالموت و لم يكن الموت بالنسبة اليهم غيابا، انهم عند ربهم يشهدون المعركة و يتابعون أحداثها، و يدعون للمقاتلين و يستبشرون بالقادمين منهم اليهم، و حاشا أن يكون اولئك أمواتا بل هم من شهداء المعركة و حضارها، انما الأموات هم اولئك الغائبون عن مسيرة التأريخ و حياة الناس، و صراع الحق و الباطل، و جهاد المؤمنين، و هم اولئك الذين يؤثرون الحياة الدنيا و عافيتها، و يخلدون الي الراحة و يعتزلون تيار العمل و الحركة و الجهاد، و يعيشون علي هامش الحياة و التأريخ، يتفرجون علي الصراع من بعيد، اولئك هم الأموات، بالرغم من أنهم يستنشقون الهواء و يتحركون، اولئك أحياء الأموات الذين لا يعرفون للحياة معني غير هذه الحياة التي يعيشها البهائم، و لا يعرفون في الحياة لذة و متاعا الا ما يعرفه الحيوان من اللذة و المتاع، و لا تتجاوز اهتماماتهم و طموحاتهم شهوات الحيوانات و اهتماماتها، اولئك هم الغائبون الأموات.

أما الشهداء فلا يغيبون عن هذه الساحة لحظة واحدة، و يشهدون عن كثب من عند ربهم كل تطورات المسيرة، و حركتها، و تقدمها، و انتصاراتها، و انتكاساتها، و آلامها، و آمالها، و تطلعاتها، و طموحاتها، و معاناتها، ولكن بنفس يختلف عن أنفاسنا و رؤية تختلف عن رؤانا و تصور يختلف عن تصوراتنا المحدودة.