بازگشت

حتيمة القتال في مسيرة الدعوة


و من هذه النقاط الثلاث نستطيع ان ندرك التصور الاسلامي الكامل لمسألة القتال، ضرورة حتمية من ضرورات الدعوة الي الله تعالي، و لا يمكن تفكيك مسيرة الدعوة الي الله عنه، و هذه الضرورة و الحتمية ليست قضية جديدة في مسيرة الدعوة، و انما هي ضرورة تأريخية و حتمية من الحتميات التأريخية للدعوة الي الله.

فان الدعوة الي الله لا يمكن أن تشق طريقها علي وجه الأرض الي قلوب الناس و عقولهم، و لا يمكن أن تتحرك الدعوة الي الله لتحرير عقول الناس و قلوبهم من«الاصر»و«الأغلال»، دون أن تواجه سخظ الجاهلية و تحديها، و غضبها، ذلك ان الدعوة لا تتحرك في خلاء سياسي و اقتصادي و اجتماعي، و انما تتحرك في المساحة التي تحتلها الجاهلية من قبل، أو تريد احتلالها، و تتحرك علي حساب نفوذ و سلطان و طموحات الجاهلية في هذه المساحات، و لا يمكن أن تواجه الجاهلية تقدم الدعوة و مسيرتها بالسكوت و الاستسلام و تفسح الطريق لها.

ان الذين يتصورون أن الدعوة تتحرك في منطقة فراغ سياسية و اجتماعية


و اقتصادية بعيدون عن الواقع و علي درجة عالية من السذاجة و البساطة في فهم الامور، و الأمر الواقع أن الانسان الذي تحرره الدعوة من الاصر و الأغلال يخسره الطاغوت و لن يعود أداة طيعة له، و موضعا لاستثماره. و عليه فلا يمكن أن تتقدم الدعوة علي وجه الأرض من دون أن تواجه تحديا قويا من الجاهلية، و مواجهة حاده من الطاغوت و معارضة بكل الوسائل الممكنة من قبل أقطاب الجاهلية و أئمة الكفر.

و للجاهلية محاور و ولاءات كثيرة، لكنها جميعا تجتمع عند هذه النقطة في مواجهة محور الولاء لله، و تتناسي كل ما لديها من خلافات قديمة و حديثة، لمواجهة العدو المشترك الذي يصادر وجودها جميعا.

ان الجاهلية فيما بينها ولاءات متعددة و متقاطعة أحيانا ولكنها في مواجهة الاسلام كتلة واحدة و براءة واحدة، و هذه الحقيقة تجعل من الجاهلية مواجهة صارمة و عنيفة لمسيرة الدعوة.