بازگشت

آية البيعة


و البيعة بهذا المحتوي الرفيع لن تكون الا مع الله تعالي، و أما الذين يبايعون


النبي صلي الله عليه وآله فانما يبايعون الله: (ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فانما ينكث علي نفسه و من أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) [1] .

فلا تكون البيعة بالمحتوي الذي شرحناه مع طرف آخر غير الله، ولا يصح أن يتجرد الانسان مما آتاه الله تعالي لغير الله.

و كلمة«انما»في قوله تعالي: (ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله...) ذات دلالة عميقة؛ فهي تأتي لحصر البيعة و الولاء بالبيعة لله تعالي و نفي أية بيعة اخري غير البيعة لله.

(.. يد الله فوق أيديهم...) فاليد التي يصافحونها في البيعة و ان كانت يد النبي صلي الله عليه وآله ولكنها تمثل يد الله، و علوها من علو يد الله، و هذه الجملة تقرر عدة حقائق ايمانية و سياسية في وقت واحد، فلابد هذه البيعة من يد أعلي فوق أيديهم، و من دون هذا العلو لا تتم الولاية و البيعة و الطاعة. و لابد أن يكون هذا العلو علوا حقيقيا، فاستعلاء بعض الناس علي بعض ليس من ذلك، و انما هو من الاستكبار الذي يمقته الله تعالي.

و«يد الله»هي العليا في هذه البيعة (... يد الله فوق أيديهم...) و هي وحدها الحرية بالبيعة و الطاعة و الولاء؛ أما يد النبي صلي الله عليه وآله فليست هي المقصود بالذات في هذه البيعة، و انما المقصود يد الله،و تكتسب العلو و الولاية من الله.

و هذه الحقائق بمجموعها ترسم لنا الأبعاد الكاملة لتوحيد الولاء، و هو بعد (توحيد الايمان بالله) يعتبر الأساس و الركيزة لبناء المجتمع الاسلامي، و تنظيم شبكة العلاقات داخل المجتمع؛ فالذي يتأمل في نسيج (العلاقات) داخل


المجتمع الاسلامي، سواء ما يتعلق منها بالعلاقة بالله و رسوله و أوليائه و القيادة الاسلامية (العلاقة العمودية) أو العلاقات التي تربط أعضاء المجتمع الاسلامي بعضهم ببعض (العلاقات الافقية) يجد أن هذه العلاقات تكون جميعا شبكة واحدة و نظاما واحدا يسمي ب«الولاء»، و ليست مجموعة من الشبكات و الأنظمة، و أن هذه الشبكة الواحدة تنبع من مصدر واحد و هو الارتباط بالله تعالي، و الولاء له (بمعني الطاعة و النصرة و الحب) و من هذا المصدر تتشعب و تنبع العلاقات العمودية و الافقية الاخري. و هذا هو الذي نقصده بتوحيد الولاء.

و لابد من هذه البيعة في كل جولة للدعوة و في كل مرة تتصدي فيها الدعوة لاقامة الدولة و تتعرض فيها الدولة لتحديات الجاهلية، و ذلك لتعميق العلاقة بالقيادة و تعميق الاحساس بالمسؤولية الكبيرة في قيام الدعوة و الدولة، و توطين النفوس للطاعة و التضحية و التجرد لله.


پاورقي

[1] الفتح / 10.