بازگشت

البيع و الشراء


و يستوقفنا هنا هذا التعبير الرائع: (ان الله اشتري من المؤمنين أنفسهم و أموالهم...) ان المؤمنين يبيعون أنفسهم و أموالهم لله، و الله يشتري منهم أنفسهم و أموالهم، و ليس للبائع - بعد أن يتخلي عن نفسه و عن الأنفس العزيزة عليه و عن ماله لله، و يقبض الثمن - أن يتراجع أو يتردد في تسليم البضاعة، أو يتحفظ في التسليم، أو يستقطع منها شيئا، أو تحن نفسه الي شي ء منها، فقد باع، و قبض الثمن، و لا خيار و لا رجوع و لا عودة و لا استقطاع.

و عملية البيع هنا شاملة، و مستوعبة، لا تترك للانسان شيئا: (.. أنفسهم و أموالهم...) و الأنفس هي أنفس المؤمنين، و الأنفس العزيزة عليهم، من أبناء و أزواج و أخوة و أعزاء؛ و الأموال هي كل ما يملكونه من متاع و عقار و نقد. فلا تبقي لهم بقية في هذه الدنيا يتعلقون بها، أو تحن اليها نفوسهم، ما داموا قد قبلوا البيع، و أتموا الصفقة، و قبضوا الثمن، فهي عائدة جميعا لله، يتصرف بها كيفما يشاء، و كما يحب و كما يريد، و ليس للمؤمن أن يتلكأ في التسليم، و العطاء، أو يتردد، فان عملية التخلي عن الأنفس و الأموال تتم طواعية باختيار الانسان و رغبته. و قيمة هذه العملية في أنها تتم باختيار الانسان و رغبته و من المعيب أن


يتم الانسان صفقة بيع، و يقبض الثمن ثم لا تسمح له نفسه بالتخلي عن البضاعة أو يتردد في تسليمها أو تساوره نفسه بالفسخ و التراجع.