بازگشت

ثورة الامام الحسين والحركات الرسالية


ليس فقط في أيام الامام الحسين (ع) المسؤولية كانت ملقاة علي عاتق زينب الكبري، والامام الزين العابدين (ع) وإنما هذه المسؤولية باقية الي يومنا هذا، فالامام الحسين (ع) لايزال حياً متجسداً في من يحمل رسالته، ولا يزال يزيد طاغوتاً متمثلاً في فكره الفاسد، بل في من يمثل دوره من الطغاة،

وقضية كربلاء لا تزال تحمل آفاقاً لم تكشف بعد، ولاتزال فيها أبعاد لم يعرفها الناس إذ يكفي فقط معرفة ان الامام الحسين (ع) حق في مواقفه، من خلال كلماته، من خلال علمه، وإنما أن نعّرف الناس بما فيه الكفاية بشخصية الذين كانوا في كربلاء، شخصية زينب الكبري، والذين حملوا رسالة كربلاء.. القضية الي الآن فيها آفاق لم يرتادها الناس.

واذا اكتشفت هذه الآفاق فأنها بقدرها سوف تعطي زخماً للثورة، وتعطي لهذا التيار المبارك دفعات جديدة، ولذلك تبقي الرسالة هي الرسالة، وتبقي مسؤوليتها عن واقعة كربلاء لا تقل عن مسؤولية زينب الكبري (ع)، وزينب هي الاخري حملت مسؤوليتها وكانت قريبة من عصر الامام الحسين (ع)، ونحن قريبون من عصر الثورة القادمة ان شاء الله.

وبالتأكيد كانت حركة الامام الحسين (ع) تمهيداً لمثل الثورة الاسلامية في ايران، وقد حددنا المفارقات في موضوعات سابقة بين قيام الامام الحسين (ع) وبين الحركات الرسالية في التاريخ بقيادة الانبياء (ع) وبينا أن كل ذلك مستوحاة من سورة الشعراء في نهاية هذه السورة ذكر دور الثقافة والاعلام، حيث تنتهي بهذه الآيات التي هي سبب في تسمية السورة بهذا الاسم، انها تقول:

«هل أنبئكم علي من تنزل الشياطين - تنزل علي كلّ أفّاك أثيم - يلقون السمع وأكثرهم كاذبون - والشعراء يتبعهم الغاون - ألم ترانهم في كل واد يهيمون - وانهم يقولون ما لا يفعلون - الّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» (221/227/الشعراء)

الشعر سلاح ذو حدين، والقرآن يقول الشعراء قسمان:

أولاً: الذين يعوضون بالكلمة عن الفعل ويتيهون في وادي الخيال ويتبعهم الناس الذين لا هدي لهم، وهؤلاء يذمهم القرآن الحكيم ويسمي شعرهم بالافك ينطلق من وحي الشيطان.

ثانياً: الشعراء المؤمنون الذين يعملوا الصالحات ويكون سلوكهم سلوكاً صالحاً. ولكن هل هذا يكفي؟

القرآن يقول الشعراء الحقيقيون هم الذين ينتصرون من بعد ما ظلموا، تدبروا في الآية:

«وانتصروا من بعد ما ظلموا».

الشاعر الحقيقي هو الذي يحمل قضية المظلومين، ويحيّر شعره في قضية الانسان، وهذا هو الشاعر الذي يمدحه القرآن.

ويبدو هذا واضحاً من خلال التاريخ، ومن خلال هذه الآية الكريمة ونستوحي ان من يستطيع أن ينطق ويقول شعراً، أو يلقي خطاباً، أو يؤلف كتاباً، لابد أن يصطدم في بداية عمله بعقبات اجتماعية وأخري سياسية، ومن ثم عقبات اقتصادية.

لو أفترضنا ان احد المؤلفين كتب كتاباً بكل ما يراه حقاً، ثم نشر هذا الكتاب، فمن الطبيعي ان الآخرين لا يرون رأيه مما يدفعهم الي مخالفته.

وأزاء مخالفتهم في الرأي يصطدمون به وصطدم بهم.. أليس كذلك؟

وفي هذا الوقت الي ماذا يحتاج؟

يحتاج الي المقاومة والنضال، لان الشاعر الذي يحمل رسالة المظلوم ورسالة الانسان المحروم والمستضعف، لا يردعه الطغاة ولا يردعه الفاسدون في الارض المستكبرون من الرأسماليين والاقطاعيين والعسكرتاريين وغيرهم.

وهنا يتبين مدي صمود هذا الشاعر، والقرآن يقول ان الشاعر الحقيقي هو الذي ينتصر من بعد ما ظلم وحين يحاول الطغاة اسكاته يقاومهم بكل قوة، ويتحدي الوضع الفاسد الذي يود إركاعه واخماد صوته الثوري.