بازگشت

مسؤولية بقايا الدم والسيف والشهادة


وفعلاً لو انتهت مأساة كربلا باستشهاد أبي عبد الله الحسين (ع)، فلا ريب ان كلام ذلك الانسان الضعيف الخائر الارادة الذي قال: بأننا سنقتل في هذه الصحراء وينسانا الناس ولا يعلم بنا أحد، لكان كلام هذا الرجل صحيحاً.

في تلك الأيام كانت المعارك كثيرة، والصراعات-سواءاً-الداخلية أو الخارجية منها كانت بالعشرات بل بالمئات وفي طرف من الارض استشهد مجموعة من المسلمين دفاعاً عن قضيتهم، من الذي سيذكر هذه الحادثة؟

لولا ذلك اللسان الناطق باسم الثورة والمتمثل في زينب الكبري (ع) التي حملت ماساة كربلاء معها تطوف بها كل أرض، وكل مصر.

هذا هو دور الثقافة.. دور الاعلام، ان الشيء الذي يحيي الشهيد ويميته هو الاعلام، لذلك فان مسؤولية الباقين من بقايا السيف وبقايا الدم والشهادة مسؤولية أكبر من مسؤولية الماضين حينما يقوم نظام طاغوتي، كنظام صدام بإعدام الصفوة من أبناء أمتنا في العراق، فأن أولئك ذهبوا الي ربهم في جنات عرضها السماوات والارض أحياء يرزقون عند ربهم، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وما أحلي الشهادة وما أحلي اللقاء بعد الشهادة.

ولكن من الذي يمسك بيده مصير هذه الصفوة المستشهدة في وطننا الحبيب العراق؟

مسؤولية أصحاب القلم.. وأصحاب الفكر اذا حملوا مسؤولياتهم فأنهم لا يحيون فقط شهدائهم بل يرزقون شهدائهم رزقاً دائماً حسناً

فحينما يسقط شهيدا لابد أن يرتفع من حوله علي كل بقعة دم من دمائه الطاهرة علم يدعو باسمه، يصنع منه سيفاً يلاحق الطغاة به في نومهم وفي يقظتهم!! ولكن اذا سقط شهيد وسكت الآخرون، فإن ذلك يعني انهم اشتركوا في جريمة قتله، واشتركوا في موته، فإن أماته الطاغوت مادياً فقد اماته الناس معنوياً لذلك قال القائل:

«أولئك الذين مضوا قاموا بدور الامام الحسين (ع) وأولئك الباقون يجب أن يقوموا بدور زينب وإلا فسوف يكونون من أتباع يزيد».

ان دم الامام الحسين (ع) في كربلاء يشكل من كل قطرة دم زكية رافداً أثار أحاسيس الشعراء، بل ان لم أبالغ ان هذه القطرة من الدم صنعت الشعراء، فالانسان الذي يحمل قضيةً وأحساساً، هو الانسان الذي يريد أن يعبر عن هذه الوصية بصدق، فيبحث عن وسيلة للتعبير، والحاجة أم الاختراع، وسيجد بعدها وسيلة اللسان والشعر، وهي الوسيلة المناسبة للتعبير عن آهاتهم وأحزانهم وآلامهم وعن قضيتهم الانسانية.