بازگشت

ثورة الامام الحسين تجسيد لرسالات الله


مميزات الحركة الالهية

ان كل حركة، وكل ثورة في التاريخ تنطلق من أرضية ثقافية هي قاعدتها ومنطلقها وهدفها، وأبرز ما تتميز به حركة الانبياء عن غيرها انها تنطلق من قاعدة التوحيد، وبعبارة أخري، انها حركات الهية تستمد شريعتها من الرسالة الالهية، وتستوحي برامجها من تلك الرسالة، ولكن تبقي هذه الكلمة عائمة من دون معرفة جوهر تلك الرسالات السماوية.

ان جوهر الرسالات الالهية هي الاتصال بالله تعالي، أي التسليم لله، ثم الايمان به ومعرفته، ومن ثم الاتصال بنوره تعالي.

ان أصحاب هذه الرسالات هم قياداتها الشرعية المتمثلة في الانبياء (ع) والائمة (ع) وأما قاعدتها فمتمثلة في المؤمنين الصادقين الذين تتصل أرواحهم بنور الله حتي لا تعدوا الدنيا بما فيها من بهارج وزخارف واغراءات وشهوات تثيرهم، فينظرون الي الدنيا نظرة خاصة بهم تختلف عن نظرات الآخرين، فاذا نظر الناس الي الدنيا باعتبارها شيئاً ثابتاً، فهم ينظرون اليها باعتبارها معبّراً خاطفاً وجسراً لهم الي الآخرة، والدنيا بالنسبة اليهم مزرعة الآخرة -كما جاء في حديث الشريف- وكما ان الانسان لا ينوي البقاء في المزرعة، وإنما ينوي أن يزرع فيها شيئاً ثم يحصده ويذهب الي بيته، كذلك هم يريدون أن يجمعوا شيئاً من حصاد أعمالهم في هذه الدينا لتلك الرحلة الطويلة الشاقة التي يجب عليهم أن يسلكوها في الآخرة.. قال الله العظيم:

«وتزودوا فان خير الزاد التقوي» (197/البقرة).

فالدنيا بالنسبة اليهم سويعات تمر بالنسبة الي عمر الزمان. وقال تعالي:

«وان الدار الآخرة لهي الحيوان» (64/العنكبوت).

ولقد حوّلوا التصرف فيما يمتلكون من الدنيا الي أن يأتيهم الموت، فلا ينظرون الي أموالهم تلك النظرة الانانية والذاتية، وإنما المال في أيديهم أمانة، والاهل والاولاد ابتلاء وفتنة، والنعم بالنسبة اليهم بلاء كما النقم بلاء، وكل شيء في الحياة بالنسبة اليهم امتحان وابتلاء واختبار لمدي إرادتهم وصمودهم، فهم لا يقسرون أنفسهم علي هذه النظرة قسراً ولا يكرهون عليها ليقبلوها، إنما هي نظرة نابعة من عمق شعورهم ووجدانهم الحي وضميرهم المتيقظ ومعرفتهم بحقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، وهذا الشعور وهذه المعرفة بدورها ناشئة باتصال أرواحهم بنور الله سبحانه وتعالي.

حينما نقول اتصال أرواحهم بنور الله، فان هذه الكلمة لا تفي بما تريد أن تعبر عنه، لان هذا الموضوع بالذات ليس مما يعبر عنه بكلمات أو بألفاظ، كيف نعبر عن النور لمن لم يجد النور، بل كيف نعبر عن النور لمن وجد النور، وأكتشفه ووصل الي كنهه.

ان أية كلمة لا تستطيع أن تكون أوضح تعبيراً من وصول هذا الانسان الي النور ذاته، أما الذي لم يصل الي النور ولم يهتد اليه فانه كالاعمي، كلما فسّرت له كلمة النور كلما ازداد غموضاً عنده. وابتعاداً عن فهم حقيقة النور، ويسأل ما هو النور؟

وكذلك حينما نقول الاتصال بالله فان كل انسان قد وجد لحظات من الاتصال النوراني في حياته لا أقل لحظات العسر الشديد.. أو لحظات الانقطاع عن الدنيا.. أو لحظات التبتل.. وفي تلك اللحظات عرفنا ونعرف ماذا يعني الاتصال بالله.