بازگشت

الارادة البشرية تتحدي


ولو وقفنا ساعات أمام بطولة الحر بن يزيد الرياحي، لما استطعنا أن نستوعبها، انه درس عظيم أن يتحدي الانسان واقعه وكل ما حوله من ضغوط ويختار الموت بشجاعة ويختار الجنة بوعي وايمان كما فعل الحر بن يزيد الرياحي.. فكم كان عظيماً ما فعل الحر، حقاً: كلما كتب من نظريات مادية وحتميات قدرية فاسدة، كل ما كتب عن ذلك تتبخر بقصة الحر بن يزيد الرياحي.

أي حتمية كانت وراء توبة الحرّ؟!

بتأثير ماذا غير الحر مساره؟!

من أجل الاقتصاد، أم من أجل الإجتماع، أم من أجل السياسة؟ أم من أجل ماذا؟

لاشيء ان الارادة البشرية هي التي تتحدي كل الماديات وكل الحتميات، وهي التي تجلت عند الحر بن يزيد الرياحي في صحراء كربلاء. واذا كانت هناك بطولة حقيقية فهي هذه البطولة، البطل كل البطل هو الذي يصرع نفسه في ساعات الشدة وأشجع الناس من غلب هواه، وكم نستطيع أن نصلح أنفسنا ونصلح مجتمعنا، اذا استلهمنا درس التوبة من الحر، فان لم تكن لدينا ارادة تعصمنا من الوقوع في المعاصي فلا أقل تكون لدينا شجاعة تخرجنا مما وقعنا فيه وهذا درس الحر بن يزيد الرياحي لنا.

يأتي الي الامام الحسين(ع) مطأطأ الرأس فيقول الامام الحسين (ع) للحر: (ياشيخ ارفع رأسك من أنت؟ فيقول: أنا حر.. أنا الذي جعجت بك الطريق يا أبا عبد الله، لقد كنت أول خارج عليك فأذن لي أن أكون أول شهيد بين يديك.. فيسمح له الامام الحسين عليه الصلاة والسلام، بذلك فيأتي الي صحراء كربلاء يقاتلهم، بعد ما يعظهم فلا تنفعهم الموعظة شيئاً، وحينما يصرع ينادي بالامام الحسين (ع) فيأتيه الامام كالصقر.

يقول الامام:

«ما أخطأت أمك إذ سمتك حراً.. أنت حر في الدنيا وسعيد في الأخرة».

يقول بعض المؤرخين أنه في اللحظات الاخيرة وكان يرمق آخر أنفاس الحياة، فتح عينيه الكريمتين فرأي رأسه في حضن الامام الحسين (ع) فتبسم بسمة وسلم الروح.

كم هي سعادة الانسان، وكم هو فلاحه، وكم يكون فرحه وشعوره بالفخر اذا وصل الي لحظته الاخيرة وهو يعلم بأنه قد أنهي فتنة الحياة وانتصر عليها، ونجح في الامتحان وهو يرد علي رب رحيم، غفور كريم.

ان الذين يستلهمون من بطولات وشجاعة الامام الحسين من وفاء أبي الفضل.. من اقدام علي الاكبر.. من شجاعة زينب.. من أيمان الصديقين من أنصار الامام الحسين عليهم الصلاة والسلام دروساً لحياتهم تكون ذخراً له في الدنيا لمحاربة الطغاة ولمقاومة الفساد، وذخراً لهم في الآخرة ينفعهم عندما لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.