بازگشت

الرؤيا 13


شَفتي ضفَّةٌ من الموتِ،

مسَّتهُ رماداً وعانقتهُ ترابا



ما بها غيرُ رجفةِ الظمإِ المخبوءِ

في القلبِ حرقةً وعذابا



كلَّما لَملَمتْ من الماءِ طيفاً

ماتَ في كفِّها، وعادَ سرابا



شَفتي عالَمٌ من الغضبِ المصلوبِ

مسَّ الموتي، فهبَّت غِضابا



وصلاتي همسٌ معَ الله كانَ

القلبُ صحواً، والكونُ كانَ ضبابا



وأنا أصهرُ السيوفَ بقلبي

وبأُنشودتي أُذيبُ الحرابا!



اَلسحابُ استضافَ كفِّي ولكنْ

نَهَشَ الملحُ في يَديَّ السحابا



كانَ للماءِ وجهُ عصفورة بيضاءِ

أغري الوادي عليها الذئابا



ألفُ سيف يفاجيءُ الجرحَ

والجرحُ يلفُّ الردي ويطوي الغيابا



لا الرمالُ الشوهاءُ تقدرُ أنْ تغتالَ

خطوي، مسافةً.. واغترابا



لا ولا الليلُ وهوَ سورٌ من القارِ

المدمّي حطَّمتُ منهُ البابا



فأطلّت قوافلٌ تنهبُ المجدَ

وتُعطي جماجماً.. ورقابا



شَفتي جمرةٌ تشظَّتْ فقدْ تخطفُ

برقاً، وقدْ تجيءُ شهابا



تغمرُ الشاطيءَ الفراتيَّ بالضوءِ

وتُؤوي لجرفِهِ الأسرابا



وتُغطّي بالدفءِ ما عرَّتِ الريحُ

وترفو من رمشِها الأثوابا



شَفتي والغبارُ رشَّ عليها

النوحَ حزناً.. فجاذبتهُ الربابا



ثمَّ أنّت فاستيقظَ الخصبُ،

والنخلُ يصلّي، يلثمُ المحرابا



يا جراحي للوردِ أسئلةٌ حيري

تَلَظَّت بهِ فكوني الجوابا



كيفَ أضحت للماءِ رائحةُ الجمرِ

وصارت مواسمُ اللفحِ غابا؟