بازگشت

في جواب الاعرابي


ان أعرابيا دخل المسجد الحرام، فوقف علي الحسن عليه السلام و حوله حلقة، فقال لبعض جلساء الحسن عليه السلام: من هذا الرجل؟

فقال له: الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال الاعرابي: اياه أردت.

فقال له: و ما تصنع به يا أعرابي؟

فقال: بلغني انهم يتكلمون فيعربون في كلامهم، و اني قطعت بواديا و قفارا و أودية و جبالا، و جئت لاطارحه الكلام و أسأله عن عويص [1] العربية.

فقال له جليس الحسن عليه السلام: ان كنت جئت لهذا فأبدا بذلك الشاب - و اومي الي الحسين عليه السلام -.


فوقف عليه و سلم، [فرد عليه السلام] [2] ، ثم قال: و ما حاجتك يا أعرابي؟

فقال: اني جئتك من الهرقل [3] و الجعلل [4] و الأينم [5] ، والمهمهم.

فتبسم الحسين عليه السلام و قال: يا أعرابي، لقد تكلمت بكلام ما يعقله الا العالمون.

فقال الاعرابي: و أقول أكثر من هذا، فهل تجيبني علي قدر كلامي؟

فقال له الحسين عليه السلام: قل ما شئت، فاني مجيبك عنه.

فقال الاعرابي: اني بدوي و أكثر مقالي الشعر، و هو ديوان العرب.

فقال له الحسين عليه السلام: قل ما شئت فاني مجيبك عليه.

فأنشأ يقول:



هفا قلبي الي اللهو

و قد ودع شرخيه [6] .



و قد كان أنيقا عصر

تجراري ذيليه



علالات و لذات

فيا سقيا لعصريه



فلما عمم الشيب

من الراس نطاقيه



و أمسي قد عناني منه

تجديد خضابيه



تسليت عن اللهو

و ألقيت قناعيه



و في الدهر أعاجيب

لمن يلبس حاليه






فلو يعمل ذو رأي

أصيل فيه رأييه



لألفي عبرة منه

له في كل عصريه



فقال له الحسين عليه السلام [7] : يا أعرابي، قد قلت فاسمع مني: [8] :



فما رسم شجاني أن

محا آية رسميه



سفور درح [9] الذيلين

في بوغاء [10] قاعيه



ومود [11] حرجف تتري

علي تلبيد ثوبيه



و دلاح [12] من المزن

دنا نوء سماكيه [13] .



أتي مثعنجر [14] الودق [15]

يجود من خلاليه



و قد أحمد برقا

فلا ذم لبرقيه



و قد جلل رعداه

فلا ذم لرعديه



ثجيج [16] الرعد ثجاج

اذا أرخي نطاقيه






فأضحي دارسا قفرا

لبينونة أهليه.



فقال الاعرابي لما سمعها: ما رأيت كاليوم قط مثل هذا الغلام أعرب منه كلاما، و أذرب لسانا، و أفصح منه منطقا!

فقال له الحسن عليه السلام: يا اعرابي:



هذا غلام كرم الرحمن

بالتطهير جديه



كساه القمر القمقام

من نور سناءيه



و لو عدد طماح

نفحنا عن عداديه



و قد أرضيت [17] من شعري

و قومت عروضيه.



فلما سمع الاعرابي قول الحسن عليه السلام قال: بارك الله عليكما، مثلكما بخلته الرجال، و عن مثلكما قامت النساء، فو الله لقد انصرفت و انا محب لكما، راض عنكما، فجزاكما الله خيرا. و انصرف [18] .


پاورقي

[1] العوص: ضد الامکان و اليسر؛ شي‏ء أعوص و عويص، و کلام عويص (لسان العرب: ج 7 ص 58 «عوص»).

[2] لم تذکر في المصدر، و أثبتناها لاقتضاء السياق لها.

[3] اسم لأحد سلاطين الروم (لغت نامه‏ي دهخدا).

[4] الجعلل: النخل القصار «هامش ديوان الامام الحسين عليه‏السلام».

[5] الأينم: الينمة، نبتة تنبت في السهل و دکادک الارض، لها ورق طوال لطاف محدب الاطراف عليها و بر أغبر کانه قطع الفراء (انظر: لسان العرب: ج 12 ص 648 «ينم»).

[6] شرح الشباب: أوله، و قيل: نضارته و قوته (النهاية: ج 2 ص 457 «شرخ»).

[7] في المصدر: «الحسن عليه‏السلام»، و الصحيح ما أثبتناه.

[8] الابيات الآتيه التي أنشدها الامام عليه‏السلام لم تذکر هنا في المصدر، حيث قال المؤلف: «ثم انه عليه‏السلام قال أبياتا سيأتي ذکرها في الباب المختص به المعقود لمناقبه ان شاء الله»، ثم ذکرها في ص 73. و قد أوردناها هنا کي يتم الکلام و يکتمل السياق.

[9] درح: دفع (القاموس المحيط: ج 1 ص 220 «درح»). و في الصراط المستقيم: «سفود درج...».

[10] البوغاء: التراب الناعم (النهاية: ج 1 ص 162 «بوغ»).

[11] في ديوان الامام الحسين عليه‏السلام: «هتوف».

[12] سحابة دلوح: أي کثيرة الماء (الصحاح: ج 1 ص 361 «دلح»).

[13] السماک: نجم في السماء معروف، و هما سما کان: رامح و أعزل و رامح لا نوء له (النهاية: ج 2 ص 403 «سمک»).

[14] ثعجرت الدم: أي صببته فانصب (الصحاح: ج 2 ص 605 «ثعجر»).

[15] الودق: المطر (النهاية: ج 5 ص 168 «ودق»).

[16] مطر ثجاج: اذا نصب جدا (الصحاح: ج 1 ص 302 «ثجج»).

[17] کذا في المصدر، و في ديوان الامام الحسين عليه‏السلام: «أرصنت» بدل «أرضيت» و الظاهر أنه الصواب.

[18] مطالب السؤول: ص 69؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 172 نحوه.