بازگشت

عدم تنافي نظم الشعر و منزلة الامامة


ان أول شبهة يمكن طرحها هي أن القرآن لا يعتبر نظم الشعر لائقا بمقام النبوة: (و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له) [1] و بما أن امامة أهل البيت عليهم السلام استمرار لنبوة النبي الخاتم صلي الله عليه و آله، فلا يليق نظم الشعر بمقام الامامة أيضا.

يمكننا الاجابة علي هذا الاشكال: بأن الشعر - كما مر ذكره - علي صنفين: الشعر الممزوج بخيالات الشاعر الكاذبة حتي يستلذ به المستمع و يستأنس به، و قد قيل عنه «أحسن الشعر أكذبه» [2] ، و هو ما لا يليق بمقام النبوة و الامامة، بل حتي بالمؤمن النزيه.

أما الصنف الآخر من الشعر، و الذي سماه الرسول صلي الله عليه و آله بالحكمة، فلا يتعارض مبدئيا مع مقام النبوة أو الامامة.

نعم! عدم نظم الشعر من قبل الرسول صلي الله عليه و آله أمر مطلوب، فلو نظم الشعر، صدق الناس اشاعة المشركين بأن القرآن شعر. بعبارة اخري، نظم الشعر كالكتابة لا يتنافي مع مقام الامامة، كما كان الائمة يكتبون في حين لم يكتب الرسول؛ لردع


شائعة تلقيه العلم من الآخرين. فنظم الأئمة للشعر لا اشكال عليه من الناحية الثبوتية، لكن يجب تحققه من الناحية الاثباتية.

ان الأدلة التي تثبت تمتع أئمة أهل البيت بجميع العلوم [3] ، تستطيع أن تثبت تمتعهم بقابلية نظم الشعر، فهناك مستندات كثيرة تدل علي ان الامام علي عليه السلام كان ينشد الشعر، لكن ليس بامكاننا التسليم بأن كل ما نسب اليه من الشعر [4] صادر عنه حقيقة.

نفس الكلام مطروح بالنسبة للامام الحسين عليه السلام و الاشعار المنسوبة اليه، و لتبيين الموضوع، نقدم الايضاحات التالية:


پاورقي

[1] يس 69.

[2] ربما قالوا: «أحسن الشعر أکذبه»، کقول النابغة:«يقد السلوقي المضاعف نسجه - و يوقدن بالصفاح نار الحباحب» (اعجاز القرآن للباقلاني: ص 114).

[3] راجع: أهل البيت في الکتاب و السنة: ص 175 (علم أهل البيت).

[4] راجع: موسوعة الامام علي بن أبي‏طالب: ج 6 ص 270 (الامام و فن الشعر).