حديث أميرالمؤمنين و الدنيا
644. كشف الريبة عن عبدالله بن سليمان النوفلي عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: حدثني محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، قال: لما تجهز الحسين عليه السلام الي الكوفة، أتاه ابن عباس فنا شده الله و الرحم أن يكون هو المقتول بالطف، فقال: [أنا أعرف] [1] بمصرعي منك و ما وكدي [2] من الدنيا الا فراقها، ألا اخبرك يابن عباس بحديث أميرالمؤمنين عليه السلام و الدنيا؟
فقال له: بلي لعمري، اني لاحب أن تحدثني بأمرها.
فقال أبي: قال علي بن الحسين عليهماالسلام: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: حدثني أميرالمؤمنين عليه السلام قال: اني كنت بفدك في بعض حيطانها [3] ، و قد صارت
لفاطمة عليهاالسلام، قال: فاذا أنا بامرأة قد قحمت علي و في يدي مسحاة و أنا أعمل بها، فلما نظرت اليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها، فشبهتها ببثينة [4] بنت عامر الجمحي، و كانت من أجمل نساء قريش.
فقالت: يابن أبي طالب، هل لك أن تتزوج بي فاغنيك عن هذه المسحاة، و أدلك علي خزائن الأرض، فيكون لك الملك ما بقيت و لعقبك من بعدك؟
فقال لها علي عليه السلام: من أنت حتي أخطبك من أهلك؟
فقالت: أنا الدنيا.
قال [: قلت] [5] لها: فارجعي و اطلبي زوجا غيري، و أقبلت علي مسحاتي و أنشأت أقول:
لقد خاب من غرته دنيا دنية
و ما هي ان غرت قرونا بنائل
أتتنا علي زي العزيز بثينة
و زينتها في مثل تلك الشمائل
فقلت لها: غري سواي فانني
عزوف [6] عن الدنيا و لست بجاهل
و ما أنا و الدنيا فان محمدا
احل صريعا بين تلك الجنادل [7] .
و هبها أتتني بالكنوز و درها
و أموال قارون و ملك القبائل
أليس جميعا للفناء مصيرها
و يطلب من خزانها بالطوائل
فغري سواي انني غير راغب
بما فيك من ملك و عز و نائل
فقد قنعت نفسي بما قد رزقته
فشأنك يا دنيا و أهل الغوائل [8] .
فاني أخاف الله يوم لقائه
و أخشي عذابا دائما غير زائل [9] [10] .
پاورقي
[1] ما بين المعقوفين سقط من الصمدر و أثبتناه من بحارالأنوار.
[2] وکدي: أي دأبي و قصدي (النهاية: ج 5 ص 219 «وکد»).
[3] الحائط: البستان، و الجمع حيطان (المصباح المنير: ص 157 «حاط»).
[4] في المصدر: «بثنية» و التصويب من بحارالأنوار.
[5] الزيادة من بحارالأنوار.
[6] عزفت نفسي عن الدنيا: أي عافتها و کرهتها (النهاية: ج 3 ص 230 «عزف»).
[7] الجندل: الحجر (تاج العروس: ج 14 ص 125 «جندل»).
[8] الغوائل: أي المهالک، جمع غائلة (النهاية: ج 3 ص 397 «غول»).
[9] وقع تصحيف في بعض کلمات هذه الابيات، و صححناها من بحارالأنوار.
[10] کشف الريبة: ص 89، بحارالأنوار: ج 75 ص 362 ح 77 و راجع: المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 102.