بازگشت

المعروف بقدر المعرفة


525. مقتل الحسين: ان أعرابيا جاء الي الحسين بن علي عليه السلام فقال له: يابن رسول الله، اني قد ضمنت دية كاملة و عجزت عن أدائها، فقلت في نفسي: أسأل أكرم الناس، و ما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله.

فقال الحسين عليه السلام: يا أخا العرب، أسألك عن ثلاث مسائل: فان أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، و ان أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال، و ان أجبت عن كل أعطيتك المال كله.

قال الاعرابي: يابن رسول الله، أمثلك يسأل من مثلي و أنت من أهل العلم و الشرف؟

فقال الحسين عليه السلام: بلي، سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: المعروف بقدر المعرفة.

فقال الاعرابي: سل عما بدا لك، فان أجبت و الا تعلمت الجواب منك، و لا قوة الا بالله.


فقال الحسين عليه السلام: أي الأعمال أفضل؟

فقال: الايمان بالله.

قال عليه السلام: فما النجاة من الهلكة؟

قال: الثقة بالله.

قال عليه السلام: فما يزين الرجل؟

قال: علم معه حلم.

قال عليه السلام: فان أخطأه ذلك؟

قال: فمال معه مروءة.

قال عليه السلام: فان أخطأه ذلك؟

قال: فقر معه صبر.

قال عليه السلام: فان أخطأه ذلك؟

قال: فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه!

فضحك الحسين عليه السلام و رمي بصرة اليه فيها ألف دينار، و أعطاه خاتمه و فيه فص قيمته مئتا درهم، و قال له: يا أعرابي، أعط الذهب لغرمائك، و اصرف الخاتم في نفقتك.

فأخذ الاعرابي ذلك منه و مضي و هو يقول: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) [1] [2] .

526. مكارم الاخلاق عن محمد بن علي عن شيخ من قريش: بينا أبان بن عثمان و عبدالله بن الزبير


جالسان، اذ وقف عليها أعرابي فسألهما فلم يعطياه شيئا، و قالا: اذهب الي ذينك الفتيين و أشارا الي الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما جالسان.

فجاء الاعرابي حتي وقف عليهما فسألهما، فقالا: ان كنت تسأل في دم موجع، أو فقر مدقع [3] ، أو أمر مفظع؛ فقد وجب حقك.

فقال: أسأل و أخذني الثلاث.

فأعطاه كل واحد منهما خمسمئة خمسمئة.

فانصرف الاعرابي، فمر علي ابن الزبير و أبان و هما جالسان، فقالا: ما أعطاك الفتيان؟ فأنشأ الاعرابي يقول:



أعطياني و أقنياني [4] جميعا

اذ تواكلتما فلم تعطياني



جعل الله من وجوهكما نعلين

سبتا [5] يطاهما الفتيان



حسن و الحسين خير بني حواء

صيغا من الأغر [6] الهجان [7] .



فدعا سنة المكارم و المجد

فما منكما لها من مدان [8] .



527. الكافي عن عبدالرحمن العزرمي عن أبي عبدالله عليه السلام: جاء رجل الي الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما جالسان علي الصفا، فسألهما فقالا: ان الصدقة لا تحل الا في دين موجع، أو


غرم [9] مفظع، أو فقر مدقع، ففيك شي ء من هذا؟ قال: نعم. فأعطياه.

و قد كان الرجل سأل عبدالله بن عمر، و عبدالرحمن بن أبي بكر، فأعطياه و لم يسألاه عن شي ء. فرجع اليهما فقال لهما: ما لكما لم تسألاني عما سألني عنه الحسن و الحسين عليهماالسلام؟ و أخبرهما بما قالا، فقالا: انهما غذيا بالعلم غذاء [10] .

528. الخصال عن يونس بن عبدالرحمن عمن حدثه من أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام: ان رجلا مر بعثمان بن عفان و هو قاعد علي باب المسجد، فسأله، فأمر له بخمسة دراهم. فقال له الرجل: أرشدني، فقال له عثمان: دونك الفتية التي تري، و أومأ بيده الي ناحية من المسجد فيها الحسن و الحسين عليهماالسلام و عبدالله بن جعفر.

فمضي الرجل نحوهم حتي سلم عليهم و سألهم. فقال له الحسن و الحسين عليهماالسلام: يا هذا، ان المسألة لا تحل الا في احدي ثلاث: دم مفجع، أو دين مقرح، أو فقر مدقع، ففي أيها تسأل؟

فقال: في واحدة من هذه الثلاث.

فأمر له الحسن عليه السلام بخمسين دينارا، و أمر له الحسين عليه السلام بتسعة و أربعين دينارا، و أمر له عبدالله بن جعفر بثمانية و أربعين دينارا.

فانصرف الرجل فمر بعثمان، فقال له: ما صنعت؟

فقال: مررت بك فسألتك فأمرت لي بما أمرت و لم تسألني فيما أسأل، و ان صاحب الوفرة [11] لما سألته قال لي: يا هذا فيما تسأل؟ فان المسألة لا تحل الا في


احدي ثلاث، فأخبرته بالوجه الذي أسأله من الثلاثة، فأعطاني خمسين دينارا، و أعطاني الثاني تسعة و أربعين دينارا، و أعطاني الثالث ثمانية و أربعين دينارا.

فقال عثمان: و من لك بمثل هؤلاء الفتية؟! اولئك فطموا العلم فطما [12] ، و حازوا الخير و الحكمة [13] .

529. المعجم الاوسط عن مجاهد: جاء رجل الي الحسن و الحسين عليهماالسلام فسألهما، فقالا: ان المسألة لا تصلح الا لثلاثة: لحاجة مجحفة، أو حمالة [14] مثقلة، أو دين فادح؛ و أعطياه.

ثم أتي ابن عمر فأعطاه و لم يسأله، فقال له الرجل: أتيت ابني عمك فسألاني و أنت لم تسألني؟

فقال ابن عمر: ابنا رسول الله صلي الله عليه و آله، انما كانا يغران [15] العلم غرا [16] .


پاورقي

[1] الانعام: 124.

[2] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 157؛ جامع الاخبار: ص 381 ح 1069، بحارالأنوار: ج 44 ص 196 ح 11.

[3] مدقع: أي شديد يقضي بصابه الي الدقعاء [و هو التراب]. و قيل: هو سوء احتمال الفقر (النهاية: ج 2 ص 127 «دقع»).

[4] قني الرجل يقني: مثل غني يغني (لسان العرب: ج 15 ص 201 «قنا»).

[5] السبت - بالکسر -: جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال (النهاية: ج 2 ص 330 «سبت»).

[6] رجل أغر: أي شريف (الصحاح: ج 2 ص 767 «غرر»).

[7] امرأة هجان: کريمة (الصحاح: ج 6 ص 2216 «هجن»).

[8] مکارم الاخلاق لابن أبي الدنيا: ص 286 ح 454.

[9] غرم: أي حاجة لازمة من غرامة مثقلة (النهاية: ج 3 ص 363 «غرم»).

[10] الکافي: ج 4 ص 47 ح 7، بحارالأنوار: ج 43 ص 320 ح 4 و راجع: شرح الاخبار: ج 3 ص 77 ح 1004 و تحف العقول: ص 246.

[11] الوفرة: الشعر الي شحمة الاذن (مجمع البحرين: ج 3 ص 1954 «وفر»).

[12] قال الصدوق رحمه الله: معني قوله: «فطموا العلم فطما» اي قطعوه عن غيرهم قطعا، و جمعوه لأنفسهم جمعا. انتهي. و يحتمل أن يقرأ: «فطموا» علي بناء المجهول؛ أي فطموا بالعلم، علي الحذف و الايصال (بحارالأنوار: ج 43 ص 333). و هذا الاحتمال هو الاقرب.

[13] الخصال: ص 135 ح 149، بحارالأنوار: ج 43 ص 332 ح 4.

[14] الحمالة - بالفتح -: ما يتحمله الانسان عن غيره من دية أو غرامة، مثل أن يقع حرب بين فريقين تسفک فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلي ليصلح ذات البين (النهاية: ج 1 ص 425 «حمل»).

[15] کان النبي يغر عليا بالعلم، أي: يلقمه اياه، يقال: غر الطائر فرخه اذا زقه (النهاية: ج 3 ص 357 «غرر»).

[16] المعجم الاوسط: ج 4 ص 91 ح 3690، المعجم الصغير: ج 1 ص 184، تاريخ بغداد: ج 9 ص 366 ح 4936 و فيه «أنبأنا» بدل «ابنا»، مکارم الاخلاق لابن ابي‏الدنيا: ص 286 ح 453، تاريخ دمشق: ج 14 ص 174.