بازگشت

مكارم أخلاق النبي


511. تاريخ دمشق عن موسي بن عمير عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده عليهم السلام: كان رسول الله صلي الله عليه و آله أحسن من خلق الله خلقا [1] .

512. عيون أخبار الرضا باسناده عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام: قال الحسين عليه السلام: سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول الله صلي الله عليه و آله، فقال:

كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فاذا أوي الي منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله تعالي، و جزء لأهله، و جزء لنفسه، ثم جزأ جزأه [2] بينه و بين الناس، فيرد ذلك بالخاصة علي العامة و لا يدخر عنهم منه شيئا.

و كان من سرته في جزء الامة ايثار اهل الفضل باذنه، و قسمه علي قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، و منهم ذو الحاجتين، و منهم ذو الحوائج، فيتشاغل و يشغلهم فيما أصلحهم و أصلح الامة من مسألته عنهم، و اخبارهم بالذي ينبغي، و يقول: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب، و أبلغوني حاجة من لا يقدر علي ابلاغ حاجته، فانه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر علي ابلاغها ثبت الله قدميه يوم


القيامة»، لا يذكر عنده الا ذلك، و لا يقبل من أحد غيره، يدخلون روادا [3] ، و لا يفترقون الا عن ذواق [4] ، و يخرجون أدلة فقهاء.

فسألته عن مخرج رسول الله صلي الله عليه و آله، كيف كان يصنع فيه؟

فقال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله يخزن لسانه الا عما يعنيه، و يؤلفهم و لا ينفرهم، و يكرم كريم كل قوم و يوليه عليهم، و يحذر الناس و يحترس منهم، من غير أن يطوي عن أحد بشره و لا خلقه، و يتفقد أصحابه، و يسأل الناس عما في الناس، و يحسن الحسن و يقويه، و يقبح القبيح و يوهنه، معتدل الامر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، و لا يقصر عن الحق و لا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم [5] نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة و مؤازرة.

قال: فسألته عن مجلسه.

فقال: كان صلي الله عليه و آله لا يجلس و لا يقوم الا علي ذكر، و لا يوطن الاماكن [6] و ينهي عن ايطانها، و اذا انتهي الي قوم جلس حيث ينتهي به الملجس، و يأمر بذلك، و يعطي كل جلسائه نصيبه حتي لا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتي يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع الا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه، و صار لهم أبا رحيما، و صاروا عنده


في الحق سواء.

مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة، لا ترفع فيه الأصوات، و لا تؤبن [7] فيه الحرم، و لا تنثي [8] فلتاته، متعادلين، متواصلين فيه بالتقوي متواضعين، يوقرون الكبير و يرحمون الصغير، و يؤثرون ذا الحاجة، و يحفظون الغريب.

فقلت: كيف كان سيرته في جلسائه؟

فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ [9] و لا غليظ، و لا ضخاب و لا فحاش و لا عياب، و لا مزاح و لا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه و لا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء [10] و الاكثار، و ما لا يعنيه، و ترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا، و لا يعيره، و لا يطلب عثراته و لا عورته، و لا يتكلم الا فيما رجا ثوابه، اذا تكلم أطرق جلساؤه كانما علي رؤوسهم الطير [11] ، و اذا سكت تكلموا، و لا يتنازعون عنده الحديث، و اذا تكلم عنده أحد أنصتوا له حتي يفرغ من حديثه، يضحك مما يضحكون منه، و يتعجب مما يتعجبون منه، و يصبر للغريب علي الجفوة في المسألة و المنطق، حتي ان كان أصحابه ليستجلبونهم، و يقول: اذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه [12] و لا يقبل الثناء الا من مكافي، و لا يقطع علي أحد كلامه حتي يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام.


قال: فسألته عن سكوت رسول الله صلي الله عليه و آله.

فقال عليه السلام: كان سكوته علي أربع: الحلم، و الحذر، و التقدير، و التفكر: فأما التقدير ففي تسوية النظر و الاستماع بين الناس، و أما تفكره ففيما يبقي و يفني، و جمع له الحلم في الصبر؛ فكان لا يغضبه شي ء و لا يستفزه، و جمع له الحذر في أربع: أخذه الحسن ليقتدي به، و تركه القبيح لينتهي عنه، و اجتهاده الرأي في اصلاح امته، و القيام فيما جمع لهم من خير الدنيا و الآخرة، صلوات الله عليه و آله الطاهرين [13] .

513. المستدرك علي الصحيحين باسناده عن الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام: ان يهوديا كان يقال له: جريجرة، كان له علي رسول الله صلي الله عليه و آله دنانير، فتقاضي النبي صلي الله عليه و آله.

فقال له: يا يهودي، ما عندي ما اعطيك.

قال: فاني لا افارقك يا محمد حتي تعطيني.

فقال صلي الله عليه و آله: اذا أجلس معك.

فجلس معه، فصلي رسول الله صلي الله عليه و آله في ذلك الموضع الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الغداة، و كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله يتهددونه و يتوعدونه، ففطن رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: ما الذي تصنعون به؟

فقالوا: يا رسول الله، يهودي يحبسك؟!

فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: منعني ربي أن أظلم معاهدا و لا غيره.


فلما ترحل النهار، قال اليهودي: أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، و قال: شطر [14] مالي في سبيل الله، أما و الله ما فعلت الذي فعلت بك الا لانظر الي نعتك في التوراة: محمد بن عبدالله، مولده بمكة، و مهاجره بطيبة [15] ، و ملكه بالشام، ليس بفظ و لا غليظ و لا سخاب في الأسواق، و لا متزي بالفحش و لا قول الخنا [16] ، أشهد ان لا اله الا الله و انك رسول الله، هذا مالي فاحكم فيه بما أراك الله. و كان اليهودي كثير المال [17] .



پاورقي

[1] تاريخ دمشق: ج 3 ص 384، کنز العمال: ج 7 ص 217 ح 18694.

[2] في المصدر: «ثم جزاء جزء»، و التصويب من سائر المصادر.

[3] يدخلون روادا: أي يدخلون عليه طالبين العلم و ملتمسين الحکم من عنده. و الرواد: جمع رائد: و أصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الکلا و مساقط الغيث (النهاية: ج 2 ص 275 «رود»).

[4] الذواق: المأکول و المشروب. يقال: ما ذقت ذواقا: أي شيئا. [و هنا] ضرب الذواق مثلا لما ينالون عنده من الخير؛ أي لا يتفرقون الا عن علم و أدب يتعلمونه (النهاية: ج 2 ص 172 «ذوق»).

[5] في المصدر: «و أعمهم»، و الصواب ما أثبتناه کما في المصادر الاخري.

[6] لا يوطن الأماکن: أي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به (النهاية: ج 5 ص 204 «وطن»).

[7] لا تؤبن فيه الحرم: أي لا يذکرن بقبيح (النهاية: ج 1 ص 17 «أبن»).

[8] في المصدر: «لا تثني»، و الصواب ما أثبتناه کما في سائر المصادر. و «لا تنثي فلتاته»: أي لا تشاع و لا تذاع. و الفلتات: جمع فلتة؛ و هي الزلة (النهاية: ج 5 ص 16 «نثا»).

[9] رجل فظ: شديد غليظ القلب (المصباح المنير: ص 478 «فظ»).

[10] المراء: الجدال (النهاية: ج 4 ص 322 «مرا»).

[11] کأنما علي رؤوسهم الطير: معناه أنهم کانوا الاجلالهم نبيهم عليه‏السلام لا يتحرکون، فکانت صفتهم صفة من علي رأسه طائر يريد أن يصيده و هو يخاف ان تحرک طار و ذهب (مجمع البحرين: ج 2 ص 1132 «طير»).

[12] الرفد: الاعانة (النهاية: ج 2 ص 241 «رفد»).

[13] عيون أخبار الرضا عليه‏السلام: ج 1 ص 317 ح 1، معاني الاخبار: ص 81 ح 1 کلاهما عن اسماعيل بن محمد بن اسحاق بن جعفر عن الامام الرضا عن آبائه عليهم‏السلام، مکارم الاخلاق: ج 1 ص 44 ح 1؛ المعجم الکبير: ج 22 ص 157 ح 414، الطبقات الکبري: ج 1 ص 423 کلاهما عن ابي لأبي هالة التميمي، تاريخ دمشق: ج 3 ص 340 عن علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عن آبائه عليهم‏السلام و کلها نحوه، کنز العمال: ج 7 ص 165 ح 18535.

[14] الشطر: النصف (النهاية: ج 2 ص 473 «شطر»).

[15] طيبة: المدينة [المنورة]، و طاب، و هما من الطب (النهاية: ج 3 ص 149 «طيب»).

[16] الخنا: الفحش في القول (النهاية: ج 2 ص 86 «خنا»).

[17] المستدرک علي الصحيحين: ج 2 ص 678 ح 4242، تاريخ دمشق: ج 1 ص 184 نحوه و کلاهما عن اسماعيل بن موسي بن جعفر عن أبيه الامام الکاظم عن آبائه عليهم‏السلام، کنز العمال: ج 12 ص 407 ح 35443.