بازگشت

تفسير الاذان


333. معاني الاخبار باسناده عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام: كنا جلوسا في المسجد اذ صعد المؤذن المنارة فقال: «الله أكبر الله أكبر» فبكي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و بكينا لبكائه، فلما فرغ المؤذن قال: أتدرون ما يقول المؤذن؟ قلنا: الله و رسوله و وصيه أعلم! قال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا! فلقوله:«الله اكبر» معان كثيرة:

منها: أن قول المؤذن: «الله اكبر» يقع علي قدمه و أزليته و أبديته و علمه و قوته و قدرته و حلمه و كرمه و جوده و عطائه و كبريائه، فاذا قال المؤذن:«الله أكبر» فانه يقول: الله الذي له الخلق و الأمر و بمشيته كان الخلق، و منه كل شي ء للخلق، و اليه يرجع الخلق، و هو الاول قبل كل شي ء لم يزل، و الآخرة بعد كل شي ء لا يزال، و الظاهر فوق كل شي ء لا يدرك، و الباطن دون كل شي ء لا يحد، و هو الباقي و كل شي ء دونه فان.


و المعني الثاني: «الله أكبر» أي العليم الخبير عليهم [1] بما كان و يكون قبل أن يكون.

و الثالث: «الله اكبر» أي القادر علي كل شي ء، يقدر علي ما يشاء، القوي لقدرته، المقتدر علي خلقه، القوي لذاته، قدرته قائمة علي الاشياء كلها، اذا قضي أمرا فانما يقول له: كن، فيكون.

و الرابع:«الله أكبر» علي معني حلمه و كرمه، يحلم كأنه لا يعلم، و يصفح كأنه لا يري، و يستر كأنه لا يعصي، لا يعجل بالعقوبة كرما و صفحا و حلما.

و الوجه الآخر في معني «الله أكبر»؛ أي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال [2] .

و الوجه الآخر:«الله اكبر» فيه نفي صفته و كيفيته؛ كأنه يقول: الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته الذي هو موصوف به، و انما يصفه الواصفون علي قدرهم لا علي قدر عظمته و جلاله، تعالي الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوا كبيرا.

و الوجه الآخر:«الله أكبر» كأنه يقول: الله أعلي و أجل، و هو الغني عن عباده، لا حاجة به الي أعمال خلقه.

و أما قوله:«أشهد أن لا اله الا الله» فاعلام بأن الشهادة لا تجوز الا بمعرفته من القلب، كأنه يقول: أعلم أنه لا معبود الا الله، و أن كل معبود باطل سوي الله، و اقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا اله الا الله، و أشهد انه لا ملجأ من الله الا اليه، و لا منجي من شر كل ذي شر و فتنة كل ذي فتنة الا بالله.

و في المرة الثانية:«أشهد أن لا اله الا الله» معناه: أشهد أن لا هادي الا الله،


و لا دليل لي الي الدين الا الله، و اشهد الله بأني أشهد أن لا اله الا الله، و اشهد سكان السماوات و سكان الأرضين و ما فيهن من الملائكة و الناس أجمعين، و ما فيهن من الجبال و الاشجار و الدواب و الوحوش و كل رطب و يابس، بأني أشهد أن لا خالق الا الله، و لا رازق و لا معبود و لا ضار و لا نافع و لا قابض و لا باسط و لا معطي و لا مانع و لا ناصح و لا كافي و لا شافي و لا مقدم و لا مؤخر الا الله، له الخلق و الأمر، و يبده الخير كله، تبارك الله رب العالمين.

و أما قوله: «أشهد أن محمدا رسول الله» يقول: اشهد الله انه لا اله الا هو، و أن محمدا عبده و رسوله و نبيه و صفيه و نجيه، أرسله الي كافة الناس أجمعين بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله و لو كره المشركون، و اشهد من في السماوات و الارض من النبيين و المرسلين و الملائكة و الناس أجمعين أن محمدا سيد الاولين و الآخرين.

و في المرة الثانية: «أشهد أن محمدا رسول الله» يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد الي أحد الا الي الله الواحد القهار الغني عن عباده و الخلائق و الناس أجمعين، و انه أرسل محمدا الي الناس بشيرا و نذيرا و داعيا الي الله باذنه و سراجا منيرا، فمن أنكره و جحده و لم يؤمن به أدخله الله نار جهنم خالدا مخلدا لا ينفك عنها أبدا.

و أما قوله: «حي علي الصلاة» أي هلموا الي خير أعمالكم و دعوة ربكم، و سارعوا الي مغفرة من ربكم، و اطفاء ناركم التي أوقدتموها، و فكاك رقابكم التي رهنتموها، ليكفر الله عنكم سيئاتكم، و يغفر لكم ذنوبكم و يبدل سيئاتكم حسنات، فانه ملك كريم ذو الفضل العظيم، و قد أذن لنا معاشر المسلمين بالدخول في خدمته، و التقدم الي بين يديه.

و في المرة الثانية: «حي علي الصلاة» أي قوموا الي مناجاة الله ربكم، و عرض


حاجاتكم علي ربكم، و توسلوا اليه بكلامه و تشفعوا به، و أكثروا الذكر و القنوت و الركوع و السجود و الخضوع و الخشوع، و ارفعوا اليه حوائجكم، فقد أذن لنا في ذلك.

و أما قوله:«حي علي الفلاح» فانه يقول: أقبلوا الي بقاء لا فناء معه، و نجاة لا هلاك معها، و تعالوا الي حياة لا موت معها، و الي نعيم لا نفاد له، و الي ملك لا زوال عنه، و الي سرور لا حزن معه، و الي انس لا وحشة معه، و الي نور لا ظلمة معه، و الي سعة لا ضيق معها، و الي بهجة لا انقطاع لها، و الي غني لا فاقة معه، و الي صحة لا سقم معها، و الي عز لا ذل معه، و الي قوة لا ضعف معها، و الي كرامة يالها من كرامة، و اعجلوا الي سرور الدنيا و العقبي، و نجاة الآخرة و الاولي.

و في المرة الثانية: «حي علي الفلاح» فانه يقول: سابقوا الي ما دعوتكم اليه، و الي جزيل الكرامة و عظيم المنة و سني النعمة [3] و الفوز العظيم، و نعيم الابد في جوار محمد صلي الله عليه و آله في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

و أما قوله:«الله اكبر» فانه يقول: الله أعلي و أجل من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد أجابه و أطاعه، و أطاع أمره و عبده، و عرف و عيده و اشتغل به و بذكره، و أحبه و آمن به، و اطمأن اليه و وثق به، و خافه و رجاه، و اشتاق اليه و وافقه في حكمه و قضائه و رضي به.

و في المرة الثانية:«الله اكبر» فانه يقول: الله اكبر و أعلي و أجل من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه، و عقوبته لأعدائه، و مبلغ عفوه و غفرانه و نعمته لمن أجابه و أجاب رسوله، و مبلغ عذابه و نكاله [4] و هو انه لمن أنكره و جحده.


و أما قوله: «لا اله الا الله» معناه: لله الحجة البالغة عليهم بالرسول و الرسالة و البيان و الدعوة، و هو أجل من أن يكون لأحد منهم عليه حجة، فمن أجابه فله النور و الكرامة، و من أنكره فان الله غني عن العالمين، و هو أسرع الحاسبين.

و معني «قد قامت الصلاة» في الاقامة؛ أي حان وقت الزيارة و المناجاة و قضاء الحوائج و درك المني و الوصول الي الله و الي كرامته و عفوه و رضوانه و غفرانه [5] [6] .


پاورقي

[1] کذا في المصدر، و في المصادر الاخري:«علم ما کان» بدل «عليهم بما کان».

[2] في بعض نسخ المصدر: «النوال».

[3] السني: الرفيع «الصحاح: ج 6، ص 2384 «سنا»).

[4] نکل به تنکيلا: صنع به صنيعا يحذر غيره. و النکال: ما نکلت به غيرک کائنا ما کان (القاموس المحيط: ج 4 ص 60 «نکل»).

[5] قال الصدوق رحمه الله: انما ترک الراوي لهذا الحديث ذکر «حي علي خير العمل» للتقية (معاني الأخبار: ص 41).

[6] معاني الاخبار: ص 38 ح 1، التوحيد: ص 238 ح 1 کلاهما عن يزيد بن الحسن عن الامام الکاظم عن آبائه عليهم‏السلام، فلاح السائل: ص 262 ح 156 عن زيد بن الحسن عن الامام الکاظم عن آبائه عليهم‏السلام، بحارالأنوار: ج 84 ص 131 ح 24.