بازگشت

اتمام الحجة علي اعدائه


279. الملهوف: و ركب أصحاب عمر بن سعد، فبعث الحسين عليه السلام برير بن حصين (خضير) فوعظهم فلم يسمعوا، و ذكرهم فلم ينتفعوا، فركب الحسين عليه السلام ناقته - و قيل فرسه - فاستنصتهم فأنصتوا، فحمد الله و أثني عليه و ذكره بما هو أهله، و صلي علي محمد صلي الله عليه و آله و علي الملائكة و الانبياء و الرسل و أبلغ في المقال، ثم قال:

تبا لكم أيتها الجماعة و ترحا [1] ، حين استصرختمونا و الهين فأصرخناكم موجفين [2] ، سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، وحششتم [3] علينا نارا اقتدحناها علي


عدونا و عدوكم، فأصبحتم اولياء لأعدائكم علي أوليائكم؛ بغير عدل أفشوه فيكم، و لا أمل أصبح لكم فيهم، فهلا - لكم الويلات - تركتمونا و السيف مشيم [4] و الجأش [5] ضامر، و الرأي لما يستحصف [6] و لكن أسرعتم اليها كطير الدبا [7] و تداعيتم اليها كتهافت [8] الفراش! فسحقا لكم يا عبيد الامة، و شرار الاحزاب، و نبذة الكتاب، و محرفي الكلم، و عصبة الآثام، و نفثة الشيطان، و مطفئي السنن، أهؤلاء تعضدون [9] و عنا تتخاذلون؟! أجل والله، غدر فيكم قديم، و شجت [10] عليه اصولكم، و تأزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث شجا للناظر، و اكلة [11] للغاصب [12] .

280. الأمالي عن عبدالله بن منصور عن جعفر بن محمد عليه السلام: حدثني أبي عن ابيه قال:.... ثم وثب الحسين عليه السلام متوكئا علي سيفه، فنادي بأعلي صوته فقال: أنشدكم الله، هل تعرفوني؟

قالوا: نعم، أنت ابن رسول الله و سبطه.


قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن امي فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب عليه السلام؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الامة اسلاما؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن سيد الشهداء حمزة عم أبي؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن جعفرا الطيار في الجنة عمي؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله صلي الله عليه و آله و أنا متقلده؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله صلي الله عليه و آله أنا لابسها؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن عليا كان أولهم اسلاما، و أعلمهم علما، و أعظمهم حلما، و أنه ولي كل مؤمن و مؤمنة؟

قالوا: اللهم نعم.


قال: فبم تستحلون دمي، و أبي الذائد عن الحوض غدا، يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادي [13] عن الماء، و لواء الحمد في يدي جدي يوم القيامة؟!

قالوا: قد علمنا ذلك كله! و نحن غير تاركيك حتي تذوق الموت عطشا.

فأخذ الحسين عليه السلام بطرف لحيته و هو يومئذ ابن سبع و خمسين سنة، ثم قال:

اشتد غضب الله علي اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، و اشتد غضب الله علي النصاري حين قالوا: المسيح ابن الله، و اشتد غضب الله علي المجوس حين عبدوا النار من دون الله، و اشتد غضب الله علي قوم قتلوا نبيهم، و اشتد غضب الله علي هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم [14] .

281. تاريخ الطبري عن الضحاك المشرقي: كان مع الحسين عليه السلام فرس له يدعي: لا حقا، حمل عليه ابنه علي بن الحسين، قال: فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها، ثم نادي بأعلي صوته دعاء يسمع جل الناس:

أيها الناس، اسمعوا قولي، و لا تعجلوني حتي أعظكم بما لحق [15] لكم علي، و حتي أعتذر اليكم من مقدمي عليكم، فان قبلتم عذري و صدقتم قولي و أعطيتموني النصف، كنتم بذلك أسعد و لم يكن لكم علي سبيل، و ان لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم (فأجمعوا أمركم و شركآء كم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا الي و لا تنظرون) [16] ،(ان وليي الله الذي نزل الكتب و هو يتولي


الصالحين) [17] .

قال: فو الله ما سمعت متكلما قط قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه.

ثم قال: أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثم ارجعوا الي أنفسكم و عاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟

ألست ابن بنت نبيكم صلي الله عليه و آله و ابن وصيه و ابن عمه، و أول المؤمنين بالله، و المصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟

أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟

أو ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟

أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم: أو رسول الله صلي الله عليه و آله قال لي و لأخي:«هذان سيدا شباب أهل الجنة»!

فان صدقتموني بما أقول - و هو الحق - فو الله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، و يضر به من اختلقه، و ان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم؛ سلوا جابر بن عبدالله الانصاري، أو أباسعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، أو زيد بن أرقم، أو أنس بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لأخي. أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟

فقال له شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله علي حرف [18] ان كان يدري ما يقول!

فقال له حبيب بن مظاهر: و الله اني لأراك تعبد الله علي سبعين حرفا، و أنا أشهد أنك صادق، ما تدري ما يقول، قد طبع الله علي قلبك.


ثم قال لهم الحسين عليه السلام: فان كنتم في شك من هذا القول، أفتشكون أثرا ما أني [19] ابن بنت نبيكم؟ فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري منكم و لا من غيركم، أنا ابن بنت نبيكم خاصة.

أخبروني! أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص من جراحة؟

قال: فأخذوا لا يكلمونه.

قال فنادي: يا شبث بن ربعي، و يا حجار بن أبجر، و يا قيس بن الأشعث، و يا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا الي أن قد أينعت الثمار، و اخضر الجناب [20] ، و طمت [21] الجمام [22] ، و انما تقدم علي جند لك مجند، فأقبل؟!

قالوا له: لم نفعل.

فقال: سبحان الله! بلي و الله، لقد فعلتم.

ثم قال: ايها الناس! اذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم الي مأمني من الأرض.

قال: فقال له قيس بن الاشعث: أولا تنزل علي حكم بني عمك، فانهم لن يروك الا ما تحب، و لن يصل اليك منهم مكروه؟


فقال الحسين عليه السلام: أنت أخو أخيك [23] ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا و الله لا أعطيهم بيدي اعطاء الذليل، و لا أقر اقرار العبيد.

عباد الله! اني عذت بربي و ربكم أن ترجمون [24] ، أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب [25] .

قال: ثم انه أناخ راحلته، و أمر عقبة بن سمعان فعقلها، و أقبلوا يزحفون نحوه [26] .

راجع: ص 177 (اتمام الحجة علي أعدائه).

282. مقتل الحسين: تقدم الحسين عليه السلام حتي وقف قبالة القوم... فقال:... أراكم قد اجتمعتم علي أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، فأعرض بوجهه الكريم عنكم، و أحل بكم نقمته، و جنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، و بئس العبيد أنتم! أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد صلي الله عليه و آله، ثم انكم زحفتم الي ذريته تريدون قتلهم! لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبا [27] لكم ولما [28] تريدون انا لله و انا اليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم، فبعدا للقوم الظالمين [29] .



پاورقي

[1] الترح: ضد الفرح، يقال: ترحة تتريحا: أي حزنه (الصحاح: ج 1 ص 357 «ترح»).

[2] الايجاف: سرعة السير، و قد أوجف دابته: اذا حثها (النهاية: ج 5 ص 157 «وجف»).

[3] حششت النار: أو قدتها (الصحاح: ج 3 ص 1001 «حشش»).

[4] شمت السيف: أغمدته و شمته: سللته و هو من الأضداد (الصحاح: ج 5 ص 1963 «شيم»).

[5] الجأش: رواع القلب عند الفزع، و قد لا يهمز. و جاش البحر و القدر و غيرهما: غلي (القاموس المحيط: ج 2 ص 264 «جأش» و ص 266 «جاش».

[6] احصاف الأمر: احکامه. و استحصف الشي‏ء: أي استحکم (الصحاح: ج 4 ص 1344 «حصف»).

[7] الدبا: الجراد قبل أن يطير، و قيل: هو نوع يشبه الجراد، واحدته دباة (النهاية: ج 2 ص 100 «دبا»).

[8] هفت الشي‏ء: خف و تطاير، و تهافت الفراش في النار من ذلک، اذا تطاير اليها (المصباح المنير: ص 638 «هفت»).

[9] عضدته اعضده: اعنته (الصحاح: ج 2 ص 509 «عضد»).

[10] في المصدر: «وشحت» و التصويب من بعض المصادر الاخري. و وشجت العروق و الأغصان، اذا اشتبکت، و وشج بينها أي: خلط و ألف (النهاية: ج 5 ص 187 «وشج»).

[11] الاکلة - بالضم -: اللقمة (النهاية: ج 1 ص 57 «أکل»).

[12] الملهوف: ص 155، الاحتجاج: ج 2 ص 97، تحف العقول: ص 240، مثير الاحزان: ص 54 کلها نحوه، بحارالأنوار: ج 45 ص 8؛ تاريخ دمشق: ج 14 ص 218، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 6 کلاهما نحوه.

[13] صدي: عطش فهو صاد (المصباح المنير: ص 336 «صدي»).

[14] الأمالي للصدوق: ص 222 ح 239، روضة الواعظين: ص 205، الملهوف: ص 158 - 145 کلاهما نحوه، بحارالأنوار: ج 44 ص 318.

[15] هکذا في المصدر، و في الکامل في التاريخ:«بما يجب».

[16] يونس: 71.

[17] الاعراف: 196.

[18] تلميح الي الآية 11 من سورة الحج (و من الناس من يعبدالله علي حرف فان أصابه خير اطمأن به و ان أصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا و الأخرة ذلک هو الخسران المبين).

[19] هکذا في المصدر، و في الکامل في التاريخ:«أو تشکون في أني...».

[20] الجناب: الفناء و الناحية (القاموس المحيط: ج 1 ص 49 «جنب»).

[21] طم: کل شي‏ء کثر حتي علا و غلب فقد طم «الصحاح: ج 5 ص 1976 «طمم»).

[22] الجمام و الجمام و الجمام: الکيل الي رأس المکيال. و قيل: جمامه: طفافه (لسان العرب: ج 12 ص 106 «جمم»).

[23] يشير عليه‏السلام الي محمد بن الاشعث أخو قيس، الذي ساهم في قتل مسلم بن عقيل. راجع: تاريخ الطبري: ج 5 ص 170.

[24] تلميح الي الآية 20 من سورة الدخان.

[25] تلميح الي الآية 27 من سورة غافر.

[26] تاريخ الطبري: ج 5 ص 424، الکامل في التاريخ: ج 2 ص 561؛ الارشاد: ج 2 ص 97، اعلام الوري: ج 1 ص 458 و فيهما «لا أفر فرار» بدل «اقر اقرار» و کلها نحوه، بحارالأنوار: ج 45 ص 6 و راجع: أنساب الأشراف: ج 3 ص 396 و تذکرة الخواص: ص 251.

[27] التب: الهلاک (النهاية: ج 1 ص 178 «تبب»).

[28] في المصدر:«و ما»، و الاصح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.

[29] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 252، تسلية المجالس: ج 2 ص 273، المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 100 نحوه، بحارالأنوار: ج 45 ص 6.