بازگشت

مكاتبات الامام و معاوية


248. أنساب الأشراف: كتب معاوية الي الحسين بن علي عليه السلام:

أما بعد: فقد انتهت الي عنك امور أرغب بك عنها، فان كانت حقا لم اقارك [1] عليها، و لعمري ان من أعطي صفقة يمينه و عهد الله و ميثاقه لحري بالوفاء، و ان كانت باطلا فأنت أسعد الناس بذلك، و بحظ نفسك تبدأ، و بعهد الله توفي، فلا تحملني علي قطيعتك و الاساءة بك، فاني متي انكرك تنكرني، و متي تكدني أكدك، فاتق شق عصا هذه الامة و أن يرجعوا علي يدك الي الفتنة، فقد جربت الناس و بلوتهم، و أبوك كان أفضل منك، و قد كان اجتمع عليه رأي الذين يلوذون بك، و لا أظنه يصلح لك منهم ما كان فسد عليه، فانظر لنفسك و دينك (و لا يستخفنك الذين لا يوقنون) [2] .


فكتب اليه الحسين عليه السلام:

أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر انه بلغتك عني امور ترغب عنها، فان كانت حقا لم تقارني عليها، و لن يهدي الي الحسنات و يسدد لها الا الله، فأما ما نمي [3] اليك فانما رقاه [4] الملاقون [5] المشاؤون بالنمائم [6] ، المفرقون بين الجميع [7] ، و ما اريد حربا لك و لا خلافا عليك، و ايم الله لقد تركت ذلك و أنا أخاف الله في تركه، و ما أظن الله راضيا عني بترك محاكمتك اليه، و لا عاذري دون الاعذار اليه فيك و في أوليائك القاسطين الملحدين، حزب الظالمين و أولياء الشياطين.

ألست قاتل حجر بن عدي و أصحابه المصلين العابدين، الذين ينكرون الظلم و يستعظمون البدع، و لا يخافون في الله لومة لائم - ظلما و عدوانا -، بعد اعطائهم الأمان بالمواثيق و الايمان المغلظة؟

أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله، الذي أبلته العبادة و صفرت لونه و أنحلت جسمه؟!

أو لست المدعي زياد بن سمية المولود علي فراش عبيد عبدثقيف، و زعمت أنه ابن أبيك، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «الولد للفراش و للعاهر الحجر»، فتركت سنة رسول الله صلي الله عليه و آله و خالفت أمره متعمدا، و اتبعت هواك مكذبا، بغير هدي من الله، ثم سلطته علي العراقين فقطع أيدي المسلمين و سمل [8] أعينهم، وصلبهم علي جذوع النخل، كأنك لست من الامة و كأنها ليست منك، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله:«من ألحق


بقوم نسبا لهم فهو ملعون»!

أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب اليك ابن سمية أنهم علي دين علي عليه السلام، فكتبت اليه: اقتل من كان علي دين علي و رأيه، فقتلهم و مثل بهم بأمرك، و دين علي عليه السلام دين محمد صلي الله عليه و آله الذي كان يضرب عليه أباك، و الذي انتحالك اياه أجلسك مجلسك هذا، و لو لا هو كان أفضل شرفك تجشم الرحلتين في طلب الخمور!

و قلت: انظر لنفسك و دينك و الامة، و اتق شق عصا الالفة و أن ترد الناس الي الفتنة!

فلا أعلم فتنة علي الامة أعظم من ولايتك عليها! و لا أعلم نظرا لنفسي و ديني أفضل من جهادك! فان أفعله فهو قربة الي ربي و ان أتركه فذنب استغفر الله منه في كثير من تقصيري، و أسأل الله توفيقي لأرشد اموري.

و أما كيدك اياي، فليس يكون علي احد أضر منه عليك، كفعلك بهؤلاء النفر الذين قتلتهم و مثلت بهم بعد الصلح من غير أن يكونوا قاتلوك و لا نقضوا عهدك، الا مخافة أمر لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوه، أو ماتوا قبل أن يدركوه، فأبشر يا معاوية بالقصاص، و أيقن بالحساب، و اعلم ان لله كتابا لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا أحصاها، و ليس الله بناس لك أخذك بالظنة، و قتلك أولياءه علي الشبهة و التهمة، و أخذك الناس بالبيعة لابنك؛ غلام سفيه يشرب الشراب و يلعب بالكلاب!

و لا أعلمك الا خسرت نفسك، و أوبقت [9] دينك، و أكلت أمانتك، و غششت رعيتك و تبوأت مقعدك من النار ف (بعد للقوم الظالمين) [10] [11] .



پاورقي

[1] قارة مقارة: قر معه و سکن، و فلان قار: ساکن (تاج العروس: ج 7 ص 386 «قرر»).

[2] الروم: 60.

[3] نميت الحديث تنمية: اذا بلغته علي وجه النميمة و الافساد (الصحاح: ج 6 ص 2516 «نما»).

[4] رقي عليه کلاما: اذا رفع (الصحاح: ج 6 ص 2361 «رقي»).

[5] الملق: أن تعطي باللسان ما ليس في القلب (القاموس المحيط: ج 3 ص 284 «ملق»).

[6] النميمة: هي نقل الحديث من قوم الي قوم علي جهة الافساد و الشر (النهاية: ج 5 ص 120 «نمم»).

[7] هکذا في المصدر، و في الامامة و السياسة:«الجمع» بدل «الجميع».

[8] سملت عينه: فقاتها بحديدة محماة (المصباح المنير: ص 289 «سملت»).

[9] وبق: هلک و يتعدي بالهمزة، فيقال: أو بقته (المصباح المنير: ص 646 «وبق»).

[10] هود: 44.

[11] أنساب الاشراف: ج 5 ص 128، الامامة و السياسة: ج 1 ص 202 - 201؛ رجال الکشي: ج 1 ص 252 ح 98 و کلاهما نحوه، بحارالأنوار: ج 44 ص 212 ح 9.