بازگشت

احتجاجات الامام علي معاوية


244. تاريخ اليعقوبي: قال معاوية للحسين بن علي عليه السلام: يا أباعبدالله! علمت أنا قتلنا شيعة أبيك، فحنطناهم و كفناهم و صلينا عليهم و دفناهم؟

فقال الحسين عليه السلام: حججتك [1] و رب الكعبة! لكنا و الله ان قتلنا شيعتك ما كفناهم و لا حنطناهم و لا صلينا عليهم و لا دفناهم [2] .

245. نثر الدر: لما قتل معاوية حجر بن عدي و أصحابه، لقي في ذلك العام الحسين عليه السلام فقال: أباعبدالله، هل بلغك ما صنعت بحجر و أصحابه من شيعة أبيك؟

فقال: لا.

قال: انا قتلناهم و كفناهم و صلينا عليهم.

فضحك الحسين عليه السلام، ثم قال: خصمك القوم يوم القيامة يا معاوية، أما و الله لو ولينا مثلها من شيعتك ما كفناهم و لا صلينا عليهم. و قد بلغني وقوعك بأبي حسن، و قيامك و اعتراضك بني هاشم بالعيوب، و ايم الله لقد أو ترت غير قوسك [3] ، و رميت غير غرضك [4] ، و تناولتها بالعداوة من مكان قريب، و لقد أطعت امرءا ما قدم ايمانه،


و لا حدث نفاقه، و ما نظر لك، فانظر لنفسك أو دع - يريد: عمرو بن العاص - [5] .

246. الامامة و السياسة - في ذكر قدوم معاوية الي المدينة حاجا و أخذه البيعة ليزيد، و خطبته التي يمدح فيها يزيد الطاغية و وصفه بالعلم بالسنة و قراءة القرآن و الحلم -: فقام الحسين عليه السلام فحمد الله و صلي علي الرسول صلي الله عليه و آله، ثم قال:

أما بعد يا معاوية! فلن يؤدي القائل و ان أطنب [6] في صفة الرسول صلي الله عليه و آله من جميع جزءا، و قد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله صلي الله عليه و آله من ايجاز الصفة، و التنكب عن استبلاغ النعت، و هيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجي، و بهرت الشمس أنوار السرج، و لقد فضلت حتي أفرطت، و استأثرت حتي أجحفت، و منعت حتي محلت، و جزت حتي جاوزت، ما بذلت لذي حق من اسم حقه بنصيب، حتي أخذ الشيطان حظه الاوفر، و نصيبة الأكمل.

و فهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله، و سياسته لامة محمد صلي الله عليه و آله، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنك تصف محجوبا، أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص، و قد دل يزيد من نفسه علي موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ فيه من استقرائه الكلاب المهارشة [7] عند التهارش، و الحمام السبق لأترابهن، و القيان ذوات المعازف، و ضرب الملاهي تجده باصرا، ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقي الله من وزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فو الله ما برحت تقدح باطلا في جور، و حنقا في ظلم، حتي ملأت الأسقية، و ما بينك و بين الموت الا غمضة، فتقدم علي عمل محفوظ في يوم مشهود، و لات حين مناص.


و رأيتك عرضت بنا بعد هذا الامر و منعتنا عن آبائنا تراثا، و لقد - لعمر الله - أورثنا الرسول عليه الصلاة و السلام ولادة، و جئت لنا بها، أما حججتم به القائم عند موت الرسول، فأذعن للحجة بذلك، ورده الايمان الي النصف، فركبتم الأعاليل، و فعلتم الأفاعيل، و قلتم: كان و يكون، حتي أتاك الامر يا معاوية! من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولي الابصار... [8] .

247. الفتوح - في ذكر قدوم معاوية الي مكة و أخذه البيعة ليزيد -: أقام معاوية بمكة لا يذكر شيئا من أمر يزيد، ثم أرسل الي الحسين عليه السلام فدعاه، فلما جاءه و دخل اليه قرب مجلسه ثم قال: أباعبدالله! اعلم أني ما تركت بلدا الا و قد بعثت الي أهله فأخذت عليهم البيعة ليزيد، و انما أخرت المدينة لاني قلت: هم أصله و قومه و عشيرته و من لا أخافهم عليه، ثم اني بعثت الي المدينة بعد ذلك فأبي بيعته من لا أعلم أحدا هو أشد بها منهم، و لو علمت أن لامة محمد صلي الله عليه و آله خيرا من ولدي يزيد لما بعثت له.

فقال له الحسين عليه السلام: مثلا يا معاوية! لا تقل هكذا، فانك قد تركت من هو خير منه اما و أبا و نفسا.

فقال معاوية: كأنك تريد بذلك نفسك أباعبدالله!

فقال الحسين عليه السلام: فان أردت نفسي فكان ماذا؟!

فقال معاوية: اذا اخبرك أباعبدالله! أما امك فخير من ام يزيد، و أما أبوك فله سابقة و فضل، و قرابته من رسول الله صلي الله عليه و آله ليست لغيره من الناس، غير أنه قد حاكم أبوه أباك، فقضي الله لأبيه علي أبيك، و أما أنت و هو فهو و الله خير لامة محمد صلي الله عليه و آله


فقال الحسين عليه السلام: من خير لأمة محمد؟! يزيد الخمور الفجور؟

فقال معاوية: مهلا أباعبدالله! فانك لو ذكرت عنده لما ذكر منك الا حسنا.

فقال الحسين عليه السلام: ان علم مني ما أعلمه منه أنا فليقل في ما أقول فيه.

فقال له معاوية: أباعبدالله! انصرف الي أهلك راشدا، واتق الله في نفسك، و احذر أهل الشام أن يسمعوا منك ما قد سمعته؛ فانهم أعداؤك و أعداء أبيك.

قال: فانصرف الحسين عليه السلام الي منزله [9] .


پاورقي

[1] في الطبعة المعتمدة:«حجرک» و التصويب من طبعة النجف.

[2] تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 231.

[3] أو ترت القوس: شددت وترها (المصباح المنير: ص 647 «وتر»).

[4] الغرض: الهدف الذي يرمي اليه (المصباح المنير: ص 445 «غرض»).

[5] نثر الدر: ج 1 ص 335، نزهة الناظر: ص 82 ح 7، کشف الغمة: ج 2 ص 242، الاحتجاج: ج 2 ص 88 ح 163 عن صالح بن کيسان نحوه، بحارالأنوار: ج 44 ص 129 ح 19.

[6] أطنب في الکلام: بالغ فيه (الصحاح: ج 1 ص 172 «طنب»).

[7] المهارشة بالکلاب: و هو تحريش بعضها علي بعض (الصحاح: ج 3 ص 1027 «هرش».

[8] الامامة و السياسة: ج 1 ص 208.

[9] الفتوح: ج 4 ص 339 و راجع: الامامة و السياسة: ج 1 ص 211.