بازگشت

احوال عشائره و أهل زمانه و ما جري بينهم و بين يزيد من الاحتجاج


و قد مضي أكثرها في الابواب السابقة و سيأتي بعضها) 1 - روي في بعض كتب المناقب القديمة [1] عن علي بن أحمد العاصمي، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي، عن أحمد بن الحسين البيهقي، عن أبي الحسين بن الفضل القطان، عن عبد الله بن جعفر، عن يعقوب بن سفيان، عن عبد الوهاب بن الضحاك، عن عيسي بن يونس، عن الاعمش، عن شقيق بن سلمة قال: لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام أتي عبد الله بن الزبير فدعا ابن عباس إلي بيعته فامتنع ابن عباس و ظن يزيد بن معاوية عليهما اللعنة أن امتناع ابن عباس تمسكا منه ببيعته فكتب إليه: أما بعد فقد بلغني أن الملحد ابن الزبير دعاك إلي بيعته و الدخول في طاعته، لتكون له علي الباطل ظهيرا، و في المأثم شريكا، وإنك اعتصمت ببيعتنا وفاء منك لنا و طاعة لله لما عرفك من حقنا، فجزاك الله عن ذي رحم خير ما يجزي الواصلين بأرحامهم، الموفين بعهودهم، فما أنسي من الاشياء فلست بناس برك، و تعجيل صلتك بالذي أنت له أهل من القرابة من الرسول، فانظر من طلع عليك من الآفاق ممن سحرهم ابن الزبير بلسانه و زخرف قوله، فأعلمهم برأيك، فانهم منك أسمع و لك أطوع للمحل للحرم المارق


فكتب إليه ابن عباس أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلي بيعته، و الدخول في طاعته، فان يكن ذلك كذلك فاني و الله ما أرجو بذلك برك و لا حمدك، و لكن الله بالذي أ نوي به عليم، و زعمت أنك ناس بري و تعجيل صلتي، فاحبس أيها الانسان برك و تعجيل صلتك، فاني حابس عنك ودي، فلعمري ماتؤتينا مما لنا قبلك من حقنا إلا اليسير، وإنك لتحبس عنا منه العريض الطويل، و سألت أن أحث الناس إليك، و أن أخذلهم من ابن الزبير فلا ولاء و لا سرورا و لاحباء إنك تسألني نصرتك، و تحثني علي ودك، و قد قتلت حسينا و فتيان عبد المطلب مصابيح الهدي، و نجوم الاعلام، غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد، مرملين بالدماء، مسلوبين بالعراء، لا مكفنين و لا موسدين تسفي عليهم الرياح، و تنتابهم عرج الضباع حتي أتاح الله بقوم لم يشركوا في دمائهم كفنوهم و أجنوهم، و جلست مجلسك الذي جلست فما أنسي من الاشياء فلست بناس إطرادك حسينا من حرم رسول الله إلي حرم الله، و تسييرك إليه الرجال لتقتله الحرم، فما زلت في بذلك و علي ذلك، حتي أشخصته من مكة إلي العراق فخرج خائفا يترقب، فزلزلت به خيلك، عداوة منك لله و لرسوله و لاهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، أولئك لاكآبائك الجلاف الجفاة أكباد (الابل و) الحمير، فطلب إليكم الموادعة، و سألكم الرجعة فاغتنمتم قلة أنصاره، و استئصال أهل بيته، تعاونتم عليه كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك فلا شئ أعجب عندي من طلبتك ودي و قد قتلت ولد أبي و سيفك يقطر من دمي، و أنت أحد ثأري فانشاء الله لا يبطل لديك دمي و لا تسبقني بثأري، و إن سبقتني في الدنيا فقبل ذلك ما قتل النبيون و آل النبيين فيطلب الله بدمائهم فكفي بالله للمظلومين ناصرا، و من الظالمين منتقما، فلا يعجبك إن ظفرت بنا اليوم، فلنظفرن بك يوما و ذكرت وفائي و ما عرفتني من حقك، فان يكن ذلك كذلك فقد و الله بايعتك و من قبلك، وإنك لتعلم أني و ولد أبي أحق بهذا الامر منك، و لكنكم معشر


قريش كابرتمونا حتي دفعتمونا عن حقنا، و وليتم الامر دوننا، فبعدا لمن تحري ظلمنا، و استغوي السفهاء علينا، كما بعدت ثمود، و قوم لوط و أصحاب مدين، ألا و إن من أعجب الاعاجيب و ما عسي أن أعجب حملك بنات عبد المطلب و أطفالا صغارا من ولده إليك بالشام كالسبي المجلوبين، تري الناس أنك قهرتنا، و أنت تمن علينا، و بنا من الله عليك، و لعمرو الله فلئن كنت تصبح آمنا من جراحة يدي إني لارجو أن يعظم الله جرحك من لساني، و نقضي و إبرامي، و الله ما أنا بآيس من بعد قتلك ولد رسول الله صلي الله عليه و آله أن يأخذك أخذا أليما و يخرجك من الدنيا مذموما مدحورا، فعش لا أبا لك ما استطعت، فقد و الله ازددت عند الله أضعافا و اقترفت مآثما و السلام علي من اتبع الهدي (ذكر كتاب يزيد لعنه الله إلي محمد ابن الحنفية و مصيره إليه و أخذ جائزته) كتب يزيد لعنه الله إلي محمد بن علي ابن الحنفية و هو يومئذ بالمدينة أما بعد فاني أسأل الله لنا و لك عملا صالحا يرضي به عنا، فاني ما أعرف اليوم في بني هاشم رجلا هو أرجح منك حلما و علما و لا أحضر فهما و حكما، و لا أبعد من كل سفه و دنس و طيش، و ليس من يتخلق بالخير تخلقا و ينتحل الفضل تنحلا كمن جبله الله علي الخير جبلا، و قد عرفنا ذلك منك قديما و حديثا شاها و غائبا أني قد أحببت زيارتك و الاخذ بالحظ من رؤيتك فإذا نظرت في كتابي هذا فاقبل إلي آمنا مطمئنا أرشدك الله أمرك، و غفر لك ذنبك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته قال: فلما ورد الكتاب علي محمد بن علي و قرأه أقبل علي ابنيه جعفر و عبد الله أبي هاشم، فاستشارهما في ذلك فقال له ابنه عبد الله: يا أبة اتق الله في نفسك و لا تصر إليه فاني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين و لا يبالي، فقال محمد: يا بني و لكني لا أخاف ذلك منه، فقال له ابنه جعفر: يا أبة إنه قد ألطفك في كتابه إليك و لا أظنه يكتب إلي أحد من قريش بأن أرشدك الله أمرك، و غفر لك ذنبك و أنا أرجو أن يكف الله شره عنك، قال: فقال محمد بن علي: يا بني إني توكلت علي الله الذي يمسك السماء أن تقع علي الارض إلا باذنه، و كفي بالله وكيلا


قال: ثم تجهز محمد بن علي و خرج من المدينة و سار حتي قدم علي يزيد بن معاوية بالشام، فلما استأذن أذن له و قربه و أدناه و أجلسه معه علي سريره، ثم أقبل عليه بوجهه فقال: يا أبا القاسم آجرنا الله و إياك في أبي عبد الله الحسين بن علي فو الله لئن كان نقصك فقد نقصني، و لئن كان أو جعلك فقد أوجعني، و لو كنت أنا المتولي لحربه لما قتلته، و لدفعت عنه القتل و لوبحز أصابعي و ذهاب بصري، و لفديته بجميع ما ملكت يدي، و إن كان قد ظلمني و قطع رحمي و نازعني حقي، و لكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي في ذلك فعجل عليه بالقتل فقتله، و لم يستدرك ما فات، و بعد فانه ليس يجب علينا أن نرضي بالدنية في حقنا و لم يكن يجب علي أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا، و عزيز علي ما ناله و السلام فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم قال: فتكلم محمد بن علي فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: إني قد سمعت كلامك فوصل الله رحمك، و رحم حسينا و بارك له فيما صار إليه من ثواب ربه، و الخلد الدائم الطويل، في جوار الملك الجليل، و قد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك، و ما عراك فقد عرانا من فرح و ترح، و كذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي و العمل، و لجانبت أسوء الفعل و الخطل، و الآن فان حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره، فانه أخي و شقيقي و ابن أبي، و إن زعمت أنه قد كان ظلمك و كان عدوا لك كما تقول قال: فقال له يزيد: إنك لن تسمع مني إلا خيرا، و لكن هلم فبايعني و اذكر ما عليك من الدين حتي أقضيه عنك، قال: فقال له محمد بن علي رضي الله عنه: أما البيعة فقد بايعتك و أما ما ذكرت من أمر الدين nفما علي دين و الحمد لله، و إني من الله تبارك و تعالي في كل نعمة سابغة، لا أقوم بشكرها قال: فالتفت يزيد لعنه الله إلي ابنه خالد فقال: يا بني إن ابن عمك هذا بعيد من الخب و اللؤم و الدنس و الكذب، و لو كان غيره كبعض من عرفت لقال علي من الدين كذا و كذا، ليستغنم أخذ أموالنا قال: ثم أقبل عليه يزيد فقال: بايعتني يا أبا القاسم؟


فقال: نعم يا أمير المؤمنين قال: فاني قد أمرت لك بثلاثمائة ألف درهم فابعث من يقبضها، فإذا أردت الانصراف عنا و صلناك إنشاء الله، قال: فقال له محمد بن علي: لا حاجة لي في هذا المال و لا له جئت قال يزيد: فلا عليك أن تقبضه و تفرقه فيمن أحببت من أهل بيتك، قال: فاني قد قبلت يا أمير المؤمنين قال: فأنزله في بعض منازله، و كان محمد بن علي يدخل عليه في كل يوم صباحا و مساء قال: و إذا وفد أهل المدينة قد قدموا علي يزيد و فيهم منذر بن الزبير و عبد الله ابن عمرو بن حفص بن مغيرة المخزومي و عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الانصاري فأقاموا عند يزيد لعنه الله أياما فأجازهم يزيد لكل رجل منهم بخمسين ألف درهم و أجاز المنذر بن الزبير بمائة ألف درهم، فلما أرادوا الانصراف إلي المدينة أقبل محمد بن علي حتي دخل علي يزيد فاستأذنه في الانصراف معهم إلي المدينة فأذن له في ذلك و وصله بمائتي ألف درهم، و أعطاه عروضا بمائة ألف درهم ثم قال: يا أبا القاسم إني لا أعلم في أهل بيتك اليوم رجلا، هو أعلم منك بالحلال و الحرام، و قد كنت احب أن لا تفارقني و تأمرني بما فيه حظي و رشدي فو الله ما احب أن تنصرف عني و أنت ذام لشيء من أخلاقي، فقال له محمد بن علي رضي الله عنه: أماما كان منك إلي الحسين بن علي فذاك شيء لا يستدرك، و أما الآن فاني ما رأيت منك مذقدمت عليك إلا خيرا و لو رأيت منك خصلة أكرهها لماوسعني السكوت دون أن أنهاك عنها، و أخبرك بما يحق لله عليك منها، للذي أخذ الله تبارك و تعالي علي العلماء في علمهم أن يبينوه للناس و لا يكتموه، و لست مؤديا عنك إلي من ورائي من الناس إلا خيرا، أني أنهاك عن شرب هذا المسكر فانه رجس من عمل الشيطان، و ليس من ولي امور الامة و دعي له بالخلافة علي رؤوس الاشهاد علي المنابر كغيره من الناس، فاتق الله في نفسك، و تدارك ما سلف من ذنبك و السلام قال: فسر يزيد بما سمع من محمد بن علي سرورا شديد ا ثم قال: فاني قابل منك ما أمرتني به و أنا احب أن تكاتبني في كل حاجة تعرض لك من صلة أو تعاهد


و لا تقصرن في ذلك، فقال محمد بن علي: أفعل ذلك إنشاء الله، و لا أكون إلا عند ما تحب قال: ثم ودعه محمد بن علي و رجع إلي المدينة ففرق ذلك المال كله في أهل بيته، و سائر بني هاشم و قريش حتي لم يبق من بني هاشم و قريش: من الرجال و النساء و الذرية و الموالي إلا صار إليه شيء من ذلك المال، ثم خرج محمد بن علي رضي الله عنه من المدينة إلي مكة فأقام بها مجاورا لا يعرف شيئا الصوم و الصلاة وصلي الله علي محمد و آله و رضي عنهم و رزقنا شفاعتهم بحوله و منه و فضله و كرمه إنشاء الله تعالي أقول: قال العلامة - رحمه الله - روي البلاذري قال: لما قتل الحسين عليه السلام كتب عبد الله بن عمر إلي يزيد بن معاوية: أما بعد فقد عظمت الرزية وجلت المصيبة و حدث في الاسلام حدث عظيم و لا يوم كيوم الحسين فكتب إليه يزيد أما بعد يا أحمق فاننا جئنا إلي بيوت منجدة، و فرش ممهدة، و وسائد منضدة، فقاتلنا عنها فان يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا، و إن كان الحق لغيرنا فأبوك أول من سن هذا و ابتز و استأثر بالحق علي أهله أقول: قد سبق في كتاب الفتن خبر طويل أخرجناه من كتاب دلائل الامامة باسناده عن سعيد بن المسيب أنه لما ورد نعي الحسين عليه السلام المدينة، و قتل ثمانية عشر من أهل بيته و ثلاث و خمسين رجلا من شيعته، و قتل علي ابنه بين يديه بنشابة و سبي ذراريه، خرج عبد الله بن عمر إلي الشام منكرا لفعل يزيد و مستنفرا للناس عليه حتي أتي يزيد و أغلظ له القول فخلا به يزيد و أخرج إليه طومارا طويلا كتبه عمر إلي معاوية و أظهر فيه أنه علي دين آبائه من عبادة الاوثان و أن محمدا كان ساحرا غلب علي الناس بسحره، و أوصاه بأن يكرم أهل بيته ظاهرا و يسعي في أن يجتثهم عن جديد الارض و لا يدع أحدا منهم عليها في أشياء كثيرة، قد مر ذكرها فلما قرأه ابن عمر رضي بذلك و رجع، و أظهر للناس أنه محق فيما أتي به، و معذور فيما فعله، و لنعم ما قيل ما قتل الحسين إلا في يوم السقيفة فلعنة الله علي من أسس أساس الظلم و الجور علي أهل بيت النبي صلوات الله عليهم أجمعين



پاورقي

[1] قال سبط ابن الجوزي: في التذکرة ص 155: ذکر الواقدي و هشام و ابن إسحاق و غيرهم قالوا لما قتل الحسين، و ذکر القصة بغير هذا اللفظ.