بازگشت

العلة التي من أجلها لم يكف الله قتلة الائمة ومن ظلمهم عن قتلهم و ظلمهم


1 ك، ج، ع: محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه مع جماعة فيهم علي بن عيسي القصري فقام إليه رجل فقال له: اريد أن أسألك عن شئ، فقال له: سل عما بدالك فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي عليهما السلام أهو ولي الله؟ قال: نعم، قال: أخبرني عن قاتله أهو عدو الله؟ قال: نعم، قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله عدوه علي وليه؟.

فقال له أبوالقاسم قدس الله روحه: افهم عني ما أقول لك اعلم أن الله عزوجل لا يخاطب الناس بشهادة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنه عزوجل بعث إليهم رسولا، من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم، فلو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم، ولم يقبلوا منهم، فلما جاؤهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام، ويمشون في الاسواق قالوا لهم: أنتم مثلنا فلا نقبل منكم حتي تأتونا بشي ء نعجز أن نأتي بمثله، فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عزوجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الانذار والاعذار فغرق جميع من طغي وتمرد، ومنهم من القي في النار، فكانت عليه بردا وسلاما ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة وأجري في ضرعها لبنا، ومنهم من فلق له البحر وفجر له من الحجر العيون، وجعل له العصا اليابسة ثعبانا فتلقف ما يأفكون ومنهم من أبرأ الاكمه والابرص وأحيي الموتي بإذن الله عزوجل وأنبأهم


بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، ومنهم من انشق له القمر وكلمه البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك.

فلما أتوا بمثل هذه المعجزات، وعجز الخلق من اممهم عن أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله عزوجل، ولطفه بعباده وحكمته، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين، وفي اخري مغلوبين، وفي حال قاهرين، وفي حال مقهورين، ولو جعلهم عزوجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عزوجل، ولما عرف فضل صبرهم علي البلاء والمحن الاختبار.

ولكنه عزوجل جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوي صابرين، وفي حال العافية والظهور علي الاعداء شاكرين ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين، غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام إلها هو خالقهم ومدبرهم، فيعبدوه ويطيعوا رسله وتكون حجة الله تعالي ثابتة علي من تجاوز الحد فيهم، وادعي لهم الربوبية، أو عاند وخالف وعصي وجحد بما أتت به الانبياء والرسل، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة.

قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق: فعدت إلي الشيخ أبي القاسم بن الحسين ابن روح قدس الله روحه من الغد وأنا أقول في نفسي: أتراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدأني فقال لي: يا محمد بن إبراهيم لان أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقول في دين الله تعالي ذكره برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الاصل، ومسموع عن الحجة صلوات الله عليه [1] .

بيان: فتخطفني: أي تأخذني بسرعة، والسحيق: البعيد.


2 ب: محمد بن الوليد، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " [2] قال: فقال: هو ويعفو عن كثير قال: قلت له: ما أصاب عليا وأشباهه من أهل بيته من ذلك؟ قال: فقال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله كان يتوب إلي الله عزوجل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب [3] .

3 ل: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: إن أيوب عليه السلام ابتلي سبع سنين من غير ذنب وإن الانبياء لا يذنبون لانهم معصومون مطهرون، لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا.

وقال عليه السلام: إن أيوب عليه السلام من جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة ولا قبحت له صورة، ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح، ولا استقذره أحد رآه ولا استوحش منه أحد شاهده، ولا تدود [4] شئ من جسده وهكذا يصنع الله عزوجل بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره، بجهلهم بما له عند ربه تعالي ذكره، من التأييد والفرج، وقد قال النبي صلي الله عليه وآله: أعظم الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل.

وإنما ابتلاه الله عزوجل بالبلاء العظيم الذي يهون معه علي جميع الناس لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهد واما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه تعالي متي شاهدوه، ليستدلوا بذلك علي أن الثواب من الله تعالي ذكره علي ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا لمرضه، وليعلموا أنه يسقم من يشاء، ويشفي من يشاء، متي شاء، كيف شاء بأي سبب شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن شاء، وشقاوة لمن شاء، وسعادة لمن شاء، وهو


عزوجل في جميع ذلك عدل في قضائه، وحكيم في أفعاله: لا يفعل بعباده إلا الاصلح لهم ولا قوة لهم إلا به.

4 مع: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته هو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصوصمون؟ فقال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله كان يتوب إلي الله عزوجل ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله عزوجل يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب [5] .

بيان: أي كما أن الاستغفار يكون في غالب الناس لحط الذنوب وفي الانبياء لرفع الدرجات، فكذلك المصائب.

5 ير: أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن ضريس قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول واناس من أصحابه حوله: وأعجب من قوم يتولوننا ويجعلوننا أئمة، ويصفون بأن طاعتنا عليهم مفترضة كطاعة الله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصون حقنا ويعيبون بذلك علينا من أعطاه الله برهان حق معرفتنا، والتسليم لامرنا، أترون أن الله تبارك وتعالي افترض طاعة أوليائه علي عباده، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والارض، ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم؟ فقال له حمران: جلعت فداك يا أبا جعفر أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين وخروجهم وقيامهم بدين الله وما اصيبوا به من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم، حتي قتلوا أو غلبوا؟ فقال أبوجعفر عليه السلام: يا حمران إن الله تبارك تبارك وتعالي قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه، ثم أجراه، فبتقدم علم من رسلو الله إليهم في ذلك قام علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وبعلم صمت من صمت منا.


ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من أمر الله وإظهار الطواغيت عليهم، سألوا الله دفع ذلك عنهم، وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت، إذا لاجابهم ودفع ذلك عنهم، ثم كان انقضاء مده الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد، وما كان الذي أصابهم من ذلك يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها فلا تذهبن فيهم المذاهب.



پاورقي

[1] راجع الاحتجاج ص 243.علل الشرائع ج 1 ص 230: باب 177 تحت الرقم 1، کمال الدين ج 2 ص 184.

[2] الشوري: 30.

[3] قرب الاسناد ص 103.

[4] يقال: داد الطعام يدادا دودا وتدود واداد: صار فيه الدود فهو مدود.

[5] معاني الاخبار ص 383 و 384.