بازگشت

اخبار الله تعالي أنبياءه و نبينا بشهادته


1 ج: سعد بن عبدالله قال: سألت القائم عليه السلام عن تأويل كهيعص قال عليه السلام: هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها علي محمد عليه وآله السلام، وذلك أن زكريا سأل الله ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل عليه السلام فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن عليهم السلام سري عنه همه، وانجلي كربه، وإذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة، فقال عليه السلام ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالي عن قصته فقال: كهيعص، فالكاف اسم كربلا، والهآء هلاك العترة الطاهرة، والياء يزيد وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره.

فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، ومنع فيهن الناس من الدخول عليه، وأقبل علي البكاء والنحيب وكان يرثيه: إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟ إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما.

ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقربه عيني علي اكبر، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه، ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده، فرزقه الله يحيي وفجعه به، وكان حمل يحيي ستة أشهر، وحمل الحسين عليه السلام كذلك الخبر [1] .

بيان: سري عنه همه بضم السين وكسر الراء المشددة: انكشف والبهرة بالضم تتابع النفس، وزفر: أخرج نفسه بعد مده إياه، والزفرة ويضم


التنفس كذلك.

2 لي: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن ابن عيسي، عن علي بن الحكم، عن عمر بن حفص، عن زياد بن المنذر، عن سالم بن أبي جعدة قال: سمعت كعب الاحبار يقول: إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول الله يقتل ولا يجف عرق دواب أصحابه حتي يدخلوا الجنة فيعانقوا الحور العين، فمر بنا الحسن عليه السلام فقلنا: هو هذا؟ قال: لا، فمر بنا الحسين فقلنا: هو هذا؟ قال: نعم [2] .

3 لي: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن أبي شعيب التغلبي، عن يحيي بن يمان، عن إمام لبني سليم، عن أشياخ لهم قالوا: غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا:



أيرجو معشر قتلوا حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



قالوا: فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟ قالوا: قبل أن يبعث نبيكم بثلاث مائة عام [3] .

4 أقول: قال عفر بن نما في مثير الاحزان: روي النطنزي، عن جماعة، عن سليمان الاعمش قال: بينا أنا في الطواف أيام الموسم إذا رجل يقول: اللهم اغفر لي وأنا أعلم أنك لا تغفر، فسألته عن السبب فقال: كنت أحد الاربعين الذين حملوا رأس الحسين إلي يزيد علي طريق الشام، فنزلنا أول مرحلة رحلنا من كربلا علي دير للنصاري والرأس مركوز علي رمح، فوضعنا الطعام ونحن نأكل إذا بكف علي حائط الدير يكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم.



أترجوا امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



فجزعنا جزعا شديدا وأهوي بعضنا إلي الكف ليأخذه فغابت، فعاد أصحابي.

وحدث عبدالرحمان بن مسلم، عن أبيه أنه قال: غزونا بلاد الروم فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من القسطنطينية وعليها شئ مكتوب فسألنا اناسا من أهل الشام يقرؤن بالرومية فاذا هو مكتوب هذا البيت.


وذكر أبوعمرو الزاهد في كتاب الياقوت قال: قال عبدالله بن الصفار صاحب أبي حمزة الصوفي: غزونا غزاة وسبينا سبيا وكان فيهم شيخ من عقلاء النصاري فأكرمناه وأحسنا إليه فقال لنا: أخبرني أبي، عن آبائه أنهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل أن يبعث [محمد] العربي بثلاث مائة سنة فأصابوا حجرا عليه مكتوب بالمسند هذا البيت:



أترجو عصبة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



والسند كلام أولاد شيث عليه السلام.

5 لي: أبي، عن حبيب بن الحسين التغلبي، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود، عن أبي عبدالله عليه السلام [4] قال: كان النبي صلي الله عليه وآله في بيت ام سلمة فقال لها: لا يدخل علي أحد فجاء الحسين عليه السلام وهو طفل فما ملكت معه شيئا حتي دخل علي النبي فدخلت ام سلمة علي أثره فاذا الحسين علي صدره وإذا النبي يبكي وإذا في يده شئ يقلبه.

فقال النبي: يا ام سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول وهذه التربة التي يقتل عليها فضعيه عندك، فاذا صارت دما فقد قتل حبيبي، فقالت ام سلمة: يا رسول الله سل الله أن يدفع ذلك عنه؟ قال: قد فعلت فأوحي الله عزوجل إلي أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين، وأن له شيعة يشفعون فيشفعون، وأن المهدي من ولده فطوبي لمن كان من أولياء الحسين وشيعته هم والله الفائزون يوم القيامة [5] .

6 ن، لي: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن الفضل قال: سمت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله عزوجل إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمني إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلي قلبه ما يرجع إلي قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب.


فأوحي الله عزوجل إليه: يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد، فأوحي الله إليه: أفهو أحب إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحب إلي من نفسي، قال: فولده أحب إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده، قال: بذبح ولده ظلما علي أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه علي أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال: يا إبراهيم فان طائفة تزعم أنها من امة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم لذلك وتوجع قلبه وأقبل يبكي، فأوحي الله عزوجل: يا إبراهيم قد فديت جزعك علي ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك علي الحسين وقتله، وأو جبت لك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب وذلك قول الله عزوجل " وفديناه بذبح عظيم " [6] .

بيان؟ أقول: قد اورد علي هذا الخبر إعضال وهو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين عليه السلام لا يكون المفدي عنه أجل رتبة من المفدي به فان أئمتنا صلوات الله عليهم أشرف من اولي العزم عليهم السلام فكيف من غيرهم؟ مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء، التعويض عن الشئ بما دونه في الخطر والشرف.

واجيب بأن الحسين عليه السلام لما كان من أولاد إسماعيل فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا وكذا سائر الائمة وسائر الانبياء عليهم السلام من ولد إسماعيل عليه السلام فإذا عوض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين عليه السلام فكأنه عوض عن ذبح الكل وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الاجزاء بخصوصه ولا شك في أن مرتبة كل السلسة أعظم وأجل من مرتبة الجزء بخصوصه.

وأقول: ليس في الخبر أنه فدي إسماعيل بالحسين، بل فيه أنه فدي جزع إبراهيم علي إسماعيل، بجزعه علي الحسين عليه السلام، وظاهر أن الفداء علي


هذا ليس علي معناه بل المراد التعويض، ولما كان أسفه علي مافات منه من ثواب الجزع علي ابنه، عوضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثوابا، وهو الجزع علي الحسين عليه السلام.

والحاصل أن شهادة الحسين عليه السلام كان أمرا مقررا ولم يكن لرفع قتل إسماعيل حتي يرد الاشكال، وعلي ما ذكرنا فالآية تحتمل وجهين: الاول أن يقدر مضاف، أي " فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن " والثاني أن يكون الباء سببية أي " فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه " وعلي التقديرين لا بد من تقدير مضاف أو تجوز في إسناد في قوله " فديناه " والله يعلم.

7 ع: ابن الوليد: عن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن إسماعيل الذي قال الله عزوجل في كتابه " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " [7] لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الانبياء، بعثه الله عزوجل إلي قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه، فأتاه ملك فقال: إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي اسوة بما يصنع بالحسين عليه السلام.

مل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي وابن أبي الخطاب وابن يزيد جميعا عن محمد بن سنان مثله.

8 ع: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام أن إسماعيل كان رسولا نبيا سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له: ربك يقرئك السلام ويقول: قد رأيت ما صنع بك، وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت، فقال: يكون لي بالحسين بن علي اسوة [8] .

مل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، وابن أبي الخطاب وابن يزيد جميعا، عن


محمد بن سنان مثله.

مل: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن علي بن مهزيار، عن محمد ابن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله.

9 ما: ابن حشيش، عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن علي بن معمر عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: بينا الحسين عند رسول الله صلي الله عليه وآله إذ أتاه جبرئيل فقال: يا محمد أتحبه؟ قال: نعم، قال: أما إن امتك ستقتله فحزن رسول الله لذلك حزنا شديدا فقال جبرئيل: أيسرك أن اريك التربة التي يقتل فيها؟ قال: نعم، قال: فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول الله إلي كربلا حتي التقت القطعتان هكذا وجمع بين السبابتين فتناول بجناحيه من التربة فناولها رسول الله صلي الله عليه وآله ثم دحيت الارض اسرع من طرف العين، فقال رسول الله: طوبي لك من تربة، وطوبي لمن يقتل فيك.

مل: محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان مثله [9] .

بيان: أقول قد بينت معني التقاء القطعتين في باب أحوال بلقيس في كتاب النبوة [10] .

10 ما: عنه، عن أبي المفضل، عن ابن عقدة، عن إبراهيم بن عبدالله النحوي


عن محمد بن مسلمة، عن يونس بن أرقم، عن الاعمش، عن سالم بن أبي الجعد عن أنس بن مالك أن عظيما من عظاماء الملائكة استأذن ربه عزوجل في زيارة النبي فأذن له فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين فقبله النبي وأجلسه في حجره فقال له الملك: أتحبه؟ قال: أجل أشد الحب إنه ابني، قال له: إن امتك ستقتله قال: امتي تقتل ولدي؟ قال: نعم، وإن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها قال: نعم، فأراه تربة حمراء طيبة الريح، فقال: إذا صارت هذه التربة دما عبيطا فهو علامة قتل ابنك هذا.

قال سالم بن أبي الجعد: اخبرت أن الملك كان ميكائيل عليه السلام.

11 ما عنه: عن أبي المفضل، عن هاشم بن نقية الموصلي، عن جعفر ابن محمد بن جعفر المدائني، عن زياد بن عبدالله المكاري، عن ليث بن أبي سليم، عن حدير أوحد مر بن عبدالله المازني، عن زيد مولي زينب بنت جحش قالت: كان رسول الله ذات يوم عندي نائما فجاء الحسين فجعلت اعلله مخافة أن يوقظ النبي فغفلت عنه فدخل وأتبعته فوجدته قد قعد علي بطن النبي صلي الله عليه وآله فوضع زبيته في سرة النبي فجعل يبول عليه.

فأردت أن آخذه عنه فقال رسول الله: دعي ابني يا زينب حتي يفرغ من بوله، فلما فرغ توضأ النبي صلي الله عليه وآله وقام يصلي فلما سجد ارتحله الحسين فلبث النبي صلي الله عليه وآله حتي نزل فلما قام عاد الحسين فحمله حتي فرغ من صلاته.

فبسط النبي يده وجعل يقول: أرني أرني يا جبرئيل، فقلت: يا رسول الله

-بحار الانوار مجلد: 40 من ص 229 سطر 19 الي ص 237 سطر 18 لقد رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك صنعته قط قال: نعم، جاءني جبرئيل فعزاني في ابني الحسين وأخبرني أن امتي تقتله وأتاني بتربة حمراء.

قال زياد بن عبدالله: أنا شككت في اسم الشيخ حدير أوحد مر بن عبدالله [11] وقد أثني عليه ليث خيرا وذكر من فضله.


12 يج: من تاريخ محمد النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية باسناد مرفوع إلي أنس بن مالك، عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال: لما أراد الله أن يهلك قوم نوح أوحي إليه أن شق ألواح الساج، فلما شقها لم يدر ما يصنع بها.

فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت بها مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار فسمر بالمسامير كلها السفينة إلي أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلي مسمار فأشرق بيده، وأضاء كما يضيئ الكوكب الدري في افق السماء فتحير نوح، فأنطق الله المسمار بلسان طلق ذلق: أنا علي اسم خير الانبياء محمد بن عبدالله صلي الله عليه وآله.

فهبط جبرئيل فقال له: يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟ فقال: هذا باسم سيد الانبياء محمد بن عبدالله اسمره علي أولها علي جانب السفينة الايمن، ثم ضرب بيده إلي مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح: وما هذا المسمار؟ فقال: هذا مسمار أخيه وابن عمه سيد الاوصياء علي بن أبي طالب فأسمره علي جانب السفينة الايسر في أولها، ثم ضرب بيده إلي مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال جبرئيل: هذا مسمار فاطمة فأسمره إلي جانب مسمار أبيها، ثم ضرب بيده إلي مسمار رابع فزهر وأنار، فقال جبرئيل: هذا مسمار الحسن فأسمره إلي جانب مسمار أبيه، ثم ضرب بيده إلي مسمار خامس فزهر وأنار وأظهر النداوة فقال جبرئيل: هذا مسمار الحسين فأسمره إلي جانب مسمار أبيه، فقال نوح: يا جبرئيل ما هذه النداوة؟ فقال: هذا الدم فذكر قصة الحسين عليه السلام وما تعمل الامة به، فلعن الله قاتله وظالمه وخاذله.

13 ما: عنه عن أبي المفضل، عن العباس بن خليل، عن محمد بن هاشم، عن سويدف بن عبدالعزيز، عن داود بن عيسي الكوفي، عن عمارة بن عرية، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن عائشة أن رسول الله صلي الله عليه وآله أجلس حسينا علي فخذه وجعل يقبله، فقال جبرئيل: أتحب ابنك هذا؟ قال: نعم، قال: فان امتك ستقتله بعدك، فدمعت عينا رسول الله فقال له: إن شئت أريتك من تربته التي يقتل عليها؟ قال: نعم، فأراه جبرئيل ترابا من تراب الارض التي يقتل عليها


وقال: تدعي الطف.

14 ما: عنه، عن الحسين بن الحسن بن عامر، عن محمد بن دليل بن بشر عن علي بن سهل، عن مؤمل، عن عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس أن ملك المطر استأذن أن يأتي رسول الله فقال النبي صلي الله عليه وآله لام سلمة: املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد فجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب حتي دخل فجعل يثب علي منكبي رسول الله صلي الله عليه وآله ويقعد عليهما.

فقال له الملك: أتحبه؟ قال: نعم، قال، فان امتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فمد يده فاذا طين حمراء.

فأخذتها ام سلمة فصيرتها إلي طرف خمارها قال ثابت: فبلغنا أنه المكان الذي قتل به بكربلا.

15 مل: محمد بن جعفر الرزاز، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان عن سعيد بن يسار أو غيره قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام: يقول: لما أن هبط جبرئيل علي رسول الله صلي الله عليه وآله بقتل الحسين، أخذ بيد علي فخلابه مليا من النهار فغلبتهما عبرة فلم يتفرقا حتي هبط عليهما جبرئيل أو قال: رسول الله رب العالمين، فقال لهما: ربكما يقرئكما السلام ويقول: قد عزمت عليكما لما صبرتما قال: فصبرا [12] .

مل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسي، عن محمد بن سنان، عن سعيد مثله.

مل: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن سنان، عن سعيد مثله.

16 مل أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ عن سالم بن مكرم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما حملت فاطمة بالحسين عليه السلام جاء جبرئيل إلي رسول الله فقال: إن فاطمة ستلد ولدا تقتله امتك من بعدك، فلما حملت فاطمة الحسين كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ثم قال أبوعبدالله عله السلام: هل رأيتم في الدنيا اما تلد غلاما فتكرهه ولكنها كرهته لانها علمت أنه سيقتل قال: وفيه نزلت هذه الآية " ووصينا الانسان بوالديه حسنا حملته امه كرها و


وضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " [13] .

بيان: قوله عليه السلام " لما حلمت " لعل المعني قرب حملها أو المراد بقوله " جاء جبرئيل " مجيئه قبل ذلك أو بقوله حملت ثانيا شعرت به ولعله علي هذا التأويل الباء في قوله بوالديه للسببية، وحسنا مفعول وصينا وفي بعض القراءات حسنا بالتحريك فهو صفة لمصدر محذوف أي إيصاء حسنا، فعلي هذا يحتمل أن يكون المراد بقوله " وصينا " جعلناه وصيا قال في مجمع البيان: قرأ أهل الكوفة إحسانا والباقون حسنا وروي عن علي عليه السلام وأبي عبدالرحمان السلمي حسنا بفتح الحاء والسين انتهي.

والوالدان رسول الله وأمير المؤمنين كما في سائر الاخبار ويحتمل الظاهر أيضا.

17 مل: محمد بن جعفر الرزاز، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن عمرو ابن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام أن جبرئيل نزل علي محمد صلي الله عليه وآله فقال: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام، ويبشرك بمولود يولد من فاطمة عليها السلام تقتله امتك من بعدك، فقال: يا جبرئيل وعلي ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله امتي من بعدي، قال: فعرج جبرئيل ثم هبط فقال له مثل ذلك فقال: يا جبرئيل وعلي ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله امتي من بعدي فعرج جبرئيل إلي السماء ثم هبط فقال له: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك أنه جاعل في ذريته الامامة والولاية والوصية فقال: قد رضيت.

ثم أرسل إلي فاطمة: أن الله يبشرني بمولود يولد منك تقتله امتي من بعدي فأرسلت إليه: أن لا حاجة لي في مولود يولد مني تقتله امتك من بعدك فأرسل إليها أن الله جاعل في ذريته الامامة والولاية والوصية فأرسلت إليه أني قد رضيت " فحملته كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتي إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أو زعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي


وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي " [14] فلو أنه قال: أصلح لي ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة.

ولم يرضع الحسين عليه السلام من فاطمة ولا من انثي ولكنه كان يؤتي به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاثة، فينبت لحم الحسين من لحم رسول الله، ودمه، ولم يولد مولود لستة أشهر إلا عيسي بن مريم والحسين ابن علي عليهم السلام.

مل: أبي، عن سعد، عن علي بن إسماعيل بن عيسي، عن محمد بن عمرو بن سعيد بإسناده مثله.

18 مل: أبي، عن سعد، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد، عن محمد بن عبدالله، عن أبيه قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: أتي جبرئيل رسول الله فقال له: السلام عليك يا محمد ألا أبشرك بغلام تقتله امتك من بعدك؟ فقال: لا حاجة لي فيه [قال: فانقض إلي السماء ثم عاد إليه الثانية فقال مثل ذلك فقال: لا حاجة لي فيه فانعرج إلي السماء ثم انقض عليه الثالثة فقال له مثل ذلك فقال: لا حاجة لي فيه] [15] فقال: إن ربك جاعل الوصية في عقبه فقال: نعم.

ثم قام رسول الله فدخل علي فاطمة فقال لها: إن جبرئيل أتاني فبشرني بغلام تقتله امتي من بعدي فقالت: لا حاجة لي فيه، فقال لها: إن ربي جاعل الوصية في عقبه فقالت: نعم، إذن.

قال: فأنزل الله تبارك وتعالي عند ذلك هذه الآية فيه " حملته امه كرها ووضعته كرها " لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله، فحملته كرها بأنه مقتول، و وضعته كرها لانه مقتول.

19 مل: أبي وابن الوليد معا، عن الصفار، عن ابن عيسي، عن ابن فضال عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دخلت فاطمة علي


رسول الله صلي الله عليه وآله وعيناه تدمع فسألته مالك؟ فقال: إن جبرئيل أخبرني أن امتي تقتل حسينا، فجزعت وشق عليها، فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها وسكنت.

20 مل: ابن الوليد، عن سعد، عن اليقطيني، عن صفوان، عن الحسين ابن أبي غندر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: زارنا رسول الله صلي الله عليه وآله وقد أهدت لنا ام أيمن لبنا وزبدا وتمرا [ف] قدمنا منه فأكل ثم قام إلي زاوية البيت فصلي ركعات فلما كان في آخر سجوده بكي بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا إجلالا وإعظاما له.

فقام الحسين في حجره وقال له: يا أبه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمنا فما أبكاك؟ فقال: يا بني أتاني جبرئيل عليه السلام آنفا فأخبرني أنكم قتلي، وأن مصارعكم شتي فقال: يا أبه فما لمن يزور قبورنا، علي تشتتها؟ فقال: يا بني اولئك طوائف من امتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتي اخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ويسكنهم الله الجنة [16]

ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبيش عن ا لعباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان مثله.

21 مل: ابن الوليد، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن عبيد بن يحيي الثوري، عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: زارنا رسول الله ذات يوم فقدمنا إليه طعاما وأهدت إلينا ام أيمن صحفة من تمر وقعبا من لبن وزبد، فقدمنا إليه فأكل منه فلما فرغ قمت فسكبت علي يده ماء فلما غسل يده مسح وجهه ولحيته ببلة يديه ثم قام إلي مسجد في جانب البيت فخر ساجدا فبكي فأطال البكاء ثم رفع رأسه


فما اجترئ منا أهل البيت أحد يسأله عن شئ.

فقام الحسين يدرج حتي يصعد علي فخذي رسول الله فأخذ برأسه إلي صدره ووضع ذقنه علي رأس رسول الله صلي الله عليه وآله ثم قال: يا أبه ما يبكيك؟ فقال: يا بني إني نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم مثله قط، فهبط إلي جبرئيل فأخبرني أنكم قتلي، وأن مصارعكم شتي، فحمدت الله علي ذلك، وسألته لكم الخيرة.

فقال له: يا أبه! فمن يزور قبورنا ويتعاهدها علي تشتتها؟ قال: طوائف من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي، أتعاهدهم في الموقف وآخذ بأعضادهم فانجيهم من أهواله وشدائده [17] .

22 مل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن الاهوازي، عن النضر، عن يحيي الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن جبرئيل أتي رسول الله والحسين يلعب بين يدي رسول الله صلي الله عليه وآله فأخبره أن امته ستقتله، قال: فجزع رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: ألا اريك التربة التي يقتل فيها؟ قال: فخسف ما بين مجلس رسول الله إلي المكان الذي قتل فيه حتي التقت القطعتان فأخذ منها ودحيت في أسرع من طرفة العين فخرج [18] وهو يقول: طوبي لك من تربة وطوبي لمن يقتل حولك.

قال: وكذلك صنع صاحب سليمان تكلم باسم الله الاعظم فخسف ما بين سرير سليمان وبين العرش من سهولة الارض وحزونتها حتي التقت القطعتان فاجتر العرش قال سليمان: يخيل إلي أنه خرج من تحت سريري قال: ودحيت في أسرع من طرفة العين [19] .


23 مل: أبي، عن سعد، عن محمد بن عبدالحميد، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: نعي جبرئيل عليه السلام الحسين عليه السلام إلي رسول الله صلي الله عليه وآله في بيت ام سلمة فدخل عليه الحسين وجبرئيل عنده، فقال: إن هذا تقتله امتك فقال رسول الله: أرني من التربة التي يسفك فيها دمه، فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة فاذا هي تربة حمراء.

24 مل: أبي، عن سعد، عن علي بن إسماعيل وابن أبي الخطاب وابن هاشم جميعا، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله وزاد فيه: فلم تزل عند ام سلمة حتي ماتت رحمها الله.

25 مل: أبي، عن سعد، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن حماد بن عثمان عن عبدالملك بن أعين قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن رسول الله كان في بيت ام سلمة وعنده جبرئيل فدخل عليه الحسين فقال له جبرئيل: إن امتك تقتل ابنك هذا، ألا اريك من تربة الارض التي يقتل فيها؟ فقال رسول الله: نعم، فأهوي جبرئيل بيده وقبض قبضة منها فأراها النبي صلي الله عليه وآله.

26 مل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلي رسول الله فقال له: إن امتك تقتل الحسين من بعدك، ثم قال: ألا اريك من تربتها؟ فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراها إياه ثم قال: هذه التربة التي يقتل عليها.

27 مل: أحمد بن عبدالله بن علي، عن جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن عبدالرحمان الغنوي، عن سليمان قال: وهل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلي رسول الله يعزيه في ولده الحسين؟ ويخبره بثواب الله إياه، ويحمل إليه تربته مصروعا عليها، مذبوحا مقتولا، طريحا مخذولا، فقال رسول الله: اللهم اخذل من خذله، واقتل، واذبح من ذبحه، ولا تمتعه بما طلب.

قال عبدالرحمان: فوالله لقد عوجل الملعون يزيد، ولم يتمتع بعد قتله


ولقد اخذ مغافصة بات سكرانا وأصبح ميتا متغيرا، كأنه مطلي بقار، اخذ علي أسف وما بقي أحد ممن تابعه علي قتله أو كان في محاربته إلا أصابه جنون أو جذام أو برص وصار ذلك وراثة في نسلهم لعنهم الله.

مل: عبيدالله بن الفضل، عن جعفر بن سليمان مثله.

28 مل: الحسين بن علي الزعفراني، عن محمد بن عمرو الاسلمي، عن عمرو بن عبدالله بن عنبسة، عن محمد بن عبدالله بن عمرو، عن أبيه، عن ابن عباس قال: الملك الذي جاء إلي محمد صلي الله عليه وآله يخبره بقتل الحسين كان جبرئيل الروح الامين منشور الاجنحة، باكيا صارخا قد حمل من تربته، وهو يفوح كالمسك فقال رسول الله: وتفلح ام تقتل فرخي؟ أو قال: فرخ ابنتي؟ قال جبرئيل: يضربها الله بالاختلاف فيختلف قلوبهم.

مل: عبيد الله بن الفضل بن هلال، عن محمد بن عمرة الاسلمي، عن عمر بن عبدالله بن عنبسة مثله.

28 مل: محمد بن جعفر الرزاز، عن ابن أبي الخطاب، وأحمد بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن فضال، عن مروان بن مسلم، عن بريد العجلي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول: " واذكر في الكتاب إسمعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " [20] أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فان الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم.

فقال عليه السلام: إن إسماعيل مات قبل إبراهيم وإن إبراهيم كان حجة لله قائدا

-بحار الانوار مجلد: 40 من ص 237 سطر 19 الي ص 245 سطر 18 صاحب شريعة فالي من ارسل إسماعيل إذن؟ قلت: فمن كان جعلت فداك؟ قال ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي بعثه الله إلي قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا وجهه فغضب الله عليهم [له] فوجه إليه سطاطائيل ملك العذاب فقال له: يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب وجهني رب العزة إليك لاعذب قومك بأنواع العذاب إن شئت فقال له إسماعيل: لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل.


فأوحي الله إليه فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال إسماعيل: يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية، ولمحمد بالنبوة، ولاوصيائه بالولاية، وأخبرت خلقك بما تفعل امته بالحسين بن علي عليهما السلام من بعد نبيها، وإنك وعدت الحسين أن تكره إلي الدنيا حتي ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به، فحاجتي إليك يا رب أن تكرني إلي الدنيا حتي أنتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل، كما تكر الحسين فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك، فهو يكر مع الحسين بن علي عليهما السلام [21] 29 مل: أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: بينا رسول الله صلي الله عليه وآله في منزل فاطمة والحسين في حجره إذ بكي وخر ساجدا ثم قال: يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي الاعلي تراء الي في بيتك هذا ساعتي هذه في أحسن صورة وأهيأ هيئة وقال لي: يا محمد أتحب الحسين؟ فقلت: نعم قرة عيني، وريحانتي، وثمرة فؤادي، وجلدة ما بين عيني، فقال لي: يا محمد ووضع يده علي رأس الحسين بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي علي من قتله وناصبه وناواه ونازعه، أما إنه سيد الشهداء من الاولين والآخرين في الدنيا والآخرة وسيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين وأبوه أفضل منه وخير فأقرئه السلام وبشره بأنه راية الهدي، ومنار أوليائي وحفيظي وشهيدي علي خلقي وخازن علمي وحجتي علي أهل السماوات وأهل الارضين والثقلين الجن والانس [22] .

بيان: " إن العلي الاعلي " أي رسوله جبرئيل أو يكون الترائي كناية عن غاية الظهور العلمي، وحسن الصورة كناية عن ظهور صفات كماله تعالي له، ووضع اليد كناية عن إفاضة الرحمة.

30 شا: روي الاوزاعي، عن عبدالله بن شداد، عن ام الفضل بنت الحارث أنها دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله فقالت: يارسول الله رأيت الليلة حلما منكرا


قال: وما هو؟ قالت: إنه شديد، قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قد قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله: خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة عليها السلام الحسين عليه السلام قالت: وكان في حجري كما قال رسول الله فدخلت به يوما علي النبي فوضعته في حجر رسول الله صلي الله عليه وآله ثم حانت مني التفاتة، فاذا عينا رسول الله تهرقان بالدموع، فقلت: بأبي أنت وامي يا رسول الله مالك؟ قال: أتاني جبرئيل فأخبرني أن امتي يقتل ابني هذا وأتاني بتربة حمراء من تربته [23] .

31 شا: روي سماك، عن ابن المخارق، عن ام سلمة قالت: بينا رسول الله ذات يوم جالسا والحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع، فقلت [له] يا رسول الله ما لي أراك تبكي جعلت فداك؟ قال: جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين وأخبرني أن طائفة من امتي تقتله، لا أنا لها الله شفاعتي.

وروي بإسناد آخر عن ام سلمة رضي الله عنها أنها قالت: خرج رسول الله من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا، ثم جاءنا وهو أشعث أغبر، ويده مضمومة فقلت له: يا رسول الله ما لي أراك شعثا مغبرا؟ فقال: اسري بي في هذا الوقت إلي موضع من العراق يقال له كربلا فاريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي فلم أزل ألقط دماءهم فها هو في يدي وبسطها إلي فقال: خذيها فاحفظي بها فأخذتها فاذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها.

فلما خرج الحسين عليه السلام من مكة متوجها نحو العراق كنت اخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة وأشمها وأنظر إليها ثم أبكي لمصابه، فلما كان [في] اليوم العاشر من المحرم وهو اليوم الذي قتل فيه عليه السلام أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فاذا هي دم عبيط فصحت في بيتي وبكيت وكظمت


غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرعوا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتي جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت [24] .

32 قب: قال سعد بن أبي وقاص: إن قس بن ساعدة الايادي [25] قال قبل مبعث النبي:



تخلف المقدار منهم عصبة

ثاروا بصفين وفي يوم الجمل



والتزم الثار الحسين بعده

واحتشدوا علي ابنه حتي قتل [26] .



بيان: " تخلف المقدار " أي جازوا قدرهم وتعدوا طورهم، أو كثروا حتي لا يحيط بهم مقدار وعدد، قوله: ثاروا من الثوران أو من الثأر من قولهم ثأرت القتيل أي قتلت قاتله، فانهم كانوا يدعون طلب دم عثمان ومن قتل منهم في غزوات الرسول صلي الله عليه وآله ويؤيده قوله: والتزم الثار أي طلبوا الثأر بعد ذلك من الحسين عليه السلام لاجل من قتل منهم في الجمل وصفين وغير ذلك، أو المعني أنهم قتلوه حتي لزم ثأره.

33 فر: باسناده عن حذيفة، عن النبي صلي الله عليه وآله قال: لما اسري بي أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة، وأنا مسرور فاذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور، في أصلها


ملكان يطويان الحلي والحلل إلي يوم القيامة، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحا هو أعظم منه، فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت علي منها حوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة النسور، فقلت: لمن أنت؟ فبكت وقال: لابنك المقتول ظلما الحسين بن علي بن أبي طالب.

ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأحلي من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها وأنا أشتهيها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي، فلما هبطت إلي الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فاذا اشتقت إلي رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة [27] .

أقول: قد مضي كثير من الاخبار في ذلك في باب ولادته صلوات الله عليه [28] .

34 وروي في بعض كتب المناقب المعتبرة، عن الحسن بن أحمد الهمداني عن أبي علي الحداد، عن محمد بن أحمد الكاتب، عن عبدالله بن محمد، عن أحمد بن عمرو، عن إبراهيم بن سعيد، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن عبدالرحمن بن محمد ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن جده، عن ام سلمة قالت: جاء جبرئيل إلي النبي صلي الله عليه وآله فقال: إن امتك تقتله يعني الحسين بعدك ثم قال: ألا اريك من تربته؟ قالت: فجاء بحصيات فجعلهن رسول الله في قارورة فلما كان ليلة قتل الحسين قالت ام سلمة: سمعت قائلا يقول:



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب والتنكيل



قد لعنتم علي لسان داود

وموسي وصاحب الانجيل



قالت: فبكيت ففتحت القارورة فاذا قد حدث فيها دم.

35 وروي في مؤلفات بعض الاصحاب عن ام سلمة قالت: دخل رسول الله ذات يوم ودخل في أثره الحسن والحسين عليهما السلام وجلسا إلي جانبيه فأخذ الحسن علي ركبته اليمني، والحسين علي ركبته اليسري، وجعل يقبل هذا تارة وهذا اخري


وإذا بجبرئيل قد نزل وقال: يا رسول الله إنك لتحب الحسن والحسين؟ فقال: وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي من الدنيا وقرتا عيني.

فقال جبرئيل: يا نبي الله إن الله قد حكم عليهما بأمر فاصبر له، فقال: وما هو يا أخي؟ فقال: قد حكم علي هذا الحسن أن يموت مسموما، وعلي هذا الحسين أن يموت مذبوحا وإن لكل نبي دعوة مستجابة، فان شئت كانت دعوتك لولديك الحسن والحسين فادع الله أن يسلمهما من السم والقتل، وإن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من امتك يوم القيامة.

فقال النبي صلي الله عليه وآله: يا جبرئيل أنا راض بحكم ربي لا اريد إلا ما يريده، وقد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من امتي ويقضي الله في ولدي ما يشاء.

36 وروي أن رسول الله كان يوما مع جماعة من أصحابه مارا في بعض الطريق، وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق، فجلس النبي صلي الله عليه وآله عند صبي منهم وجعل يقبل ما بين عينيه ويلاطفه، ثم أقعده علي حجره وكان يكثر تقبيله، فسئل عن علة ذلك، فقال صلي الله عليه وآله: إني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين ورأيته يرفع التراب من تحت قدميه، ويمسح به وجهه وعينيه، فأنا احبه لحبه لولدي الحسين، ولقد أخبرني جبرئيل أنه يكون من أنصاره في وقعة كربلا.

37 وروي مرسلا أن آدم لما هبط إلي الارض لم يرحوا فصار يطوف الارض في طلبها فمر بكربلا فاغتم، وضاق صدره من غير سبب، وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين، حتي سال الدم من رجله، فرفع رأسه إلي السماء وقال: إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به؟ فاني طفت جميع الارض، وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الارض.

فأوحي الله إليه يا آدم ما حدث منك ذنب، ولكن يقتل في هذه الارض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه، فقال آدم: يا رب أيكون الحسين نبيا قال: لا، ولكنه سبط النبي محمد، فقال: ومن القاتل له؟ قال: قاتله يزيد لعين


أهل السماوات والارض، فقال آدم: فأي شئ أصنع يا جبرئيل؟ فقال: العنه يا آدم فلعنه أربع مرات ومشي خطوات إلي جبل عرفات فوجد حوا هناك.

38 وروي أن نوحا لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا فلما مرت بكربلا أخذته الارض، وخاف نوح الغرق فدعا ربه وقال: إلهي طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الارض فنزل جبرئيل وقال: يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمد خاتم الانبياء، وإبن خاتم الاوصياء فقال: ومن القاتل له يا جبرئيل؟ قال: قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين، فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتي بلغت الجودي واستقرت عليه.

39 وروي أن إبراهيم عليه السلام مر في أرض كربلا وهو راكب فرسا فعثرت به وسقط إبراهيم وشج رأسه وسال دمه، فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي أي شئ حدث مني؟ فنزل إليه جبرئيل وقال: يا إبراهيم ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الانبياء، وابن خاتم الاوصياء، فسال دمك موافقة لدمه.

قال: يا جبرئيل ومن يكون قاتله؟ قال: لعين أهل السماوات والارضين والقلم جري علي اللوح بلعنه بغير إذن ربه، فأوحي الله تعالي إلي القلم إنك استحققت الثناء بهذا اللعن.

فرفع إبراهيم عليه السلام يديه ولعن يزيد لعنا كثيرا وأمن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه: أي شئ عرفت حتي تؤمن علي دعائي؟ فقال: يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله تعالي.

40 وروي أن إسماعيل كانت أغنامه ترعي بشط الفرات، فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربه عن سبب ذلك فنزل جبرئيل وقال: يا إسماعيل سل غنمك فانها تجيبك عن سبب ذلك؟ فقال لها: لم لا تشربين من هذا الماء؟ فقالت بلسان فصيح؟ قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه السلام سبط محمد يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه، فسألها عن قاتله


فقالت يقتله لعين أهل السماوات والارضين والخلائق أجمعين، فقال إسماعيل: اللهم العن قاتل الحسين عليه السلام.

41 وروي أن موسي كان ذات يوم سائرا ومعه يوشع بن نون، فلما جاء إلي أرض كربلا انخرق نعله، وانقطع شراكه، ودخل الخسك في رجليه، وسال ممه، فقال: إلهي أي شئ حدث مني؟ فأوحي إليه أن هنا يقتل الحسين عليه السلام وهنا يسفك دمه، فسال دمك موافقة لدمه فقال: رب ومن يكون الحسين؟ فقيل له: هو سبط محمد المصطفي، وابن علي المرتضي، فقال: ومن يكون قاتله؟ فقييل: هو لعين السمك في البحار، والوحوش في القفار، والطيرفي الهواء، فرفع موسي يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمن يوشع بن نون علي دعائه ومضي لشأنه.

42 وروي أن سليمان كان يجلس علي بساطه ويسير في الهواء، فمر ذات يوم وهو سائر في أرض كربلا فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتي خاف السقوط فسكنت الريح، ونزل البساط في أرض كربلا.

فقال سليمان للريح: لم سكنتي؟ فقالت: إن هنا يقتل الحسين عليه السلام فقال ومن يكون الحسين؟ فقالت: هو سبط محمد المختار، وابن علي الكرار، فقال: ومن قاتله؟ قالت: لعين أهل السماوات والارض يزيد، فرفع سليمان يديه ولعنه ودعا عليه وأمن علي دعائه الانس والجن، فهبت الريح وسار البساط.

43 وروي أن عيسي كان سائحا في البراري، ومعه الحواريون، فمروا بكربلا فرأوا أسدا كاسرا [29] قد أخذ الطريق فتقدم عيسي إلي الاسد، فقال له: لم جلست في هذا الطريق؟ وقال: لا تدعنا نمر فيه؟ فقال الاسد بلسان فصيح: إني لم أدع لكم الطريق حتي تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه السلام فقال عيسي عليه السلام: ومن يكون الحسين؟ قال: هو سبط محمد النبي الامي وابن علي الولي قال: ومن قاتله؟ قال: قاتله لعين الوحوش والذباب والسباع أجمع خصوصا أيام عاشورا فرفع عيسي يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمن الحواريون علي دعائه فتنحي الاسد


عن طريقهم ومضوا لشأنهم.

44 وروي صاحب الدر الثمين في تفسير قوله تعالي: " فتلقي آدم من ربه كلمات " [30] أنه رأي ساق العرش وأسماء النبي والائمة عليهم السلام فلقنه جبرئيل قل: يا حميد بحق محمد، يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الاحسان.

فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه، وقال: يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر ولا معين، ولو تراه يا آدم وهو يقول: واعطشاه واقلة ناصراه، حتي يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه أحد إلا بالسيوف، وشرب الحتوف، فيذبح ذبح الشاة من قفاه، وينهب رحله أعداؤه وتشهر رؤسهم هو وأنصاره في البلدان، ومعهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنان، فبكي آدم وجبرئيل بكاء الثكلي.

45 وروي عن بعض الثقات الاخيار أن الحسن والحسين عليهما السلام دخلا يوم عيد إلي حجرة جدهما رسول الله صلي الله عليه وآله فقالا: يا جداه، اليوم يوم العيد، وقد تزين أولاد العرب بألوان اللباس، ولبسوا جديد الثياب، وليس لنا ثوب جديد وقد توجهنا لذلك إليك، فتأمل النبي حالهما وبكي، ولم يكن عنده في البيت ثياب يليق بهما، ولا رأي أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فدعا ربه وقال: إلهي

-بحار الانوار مجلد: 40 من ص 245 سطر 19 الي ص 253 سطر 18 اجبر قلبهما وقلب امهما.

فنزل جبرئيل ومعه حلتان بيضاوان من حلل الجنة، فسر النبي صلي الله عليه وآله وقال لهما: يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة علي قدر طولكما، فلما رأيا الخلع بيضا قالا: يا جداه كيف هذا وجميع صبيان العرب لا بسون ألوان الثياب، فأطرق النبي ساعة متفكرا في أمرهما.


فقال جبرئيل: يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة الله عزوجل يقضي لهما هذا الامر ويفرح قلوبهما بأي لون شاءا، فأمر يا محمد باحضار الطست والابريق فاحضرا فقال جبرئيل: يا رسول الله أنا أصب الماء علي هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأي لون شاءا.

فوضع النبي حلة الحسن في الطست فأخذ جبرئيل يب الماء ثم أقبل النبي علي الحسن وقال له: يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟ فقال: اريدها خضراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فائقا كالزبرجد الاخضر، فأخرجها النبي وأعطاها الحسن، فلبسها.

ثم وضع حلة الحسين في الطست وأخذ جبرئيل يصب الماء فالتفت النبي إلي نحو الحسين، وكان له من العمر خمس سنين وقال له: يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟ فقال الحسين: يا جدا اريدها حمراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الاحمر فلبسها الحسين فسر النبي بذلك وتوجه الحسن والحسين إلي امهما فرحين مسرورين.

فبكي جبرئيل عليه السلام لما شاهد تلك الحال فقال النبي: يا أخي جبرئيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن؟ فبالله عليك إلا ما أخبرتني فقال جبرئيل: اعلم يا رسول الله أن اختيار ابنيك علي اختلاف اللون، فلا بد للحسن أن يسقوه السم ويخضر لون جسده من عظم السم ولابد للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه، فبكي النبي وزاد حزنه لذلك.

46 أقول: وروي الشيخ جعفر بن نما في مثير الاحزان بإسناده عن زوجة العباس بن عبدالمطلب وهي ام الفضل لبابة بنت الحارث قالت: رأيت في النوم قبل مولد الحسين عليه السلام كأن قطع من لحم رسول الله قطعت ووضعت في حجري، فقصصت الرؤيا علي رسول الله، فقال: إن صدقت رؤياك فان فاطمة ستلد غلاما وأدفعه إليك لترضعيه، فجري الامر علي ذلك، فجئت به يوما فوضعته في حجري فبال، فقطرت منه قطرة علي ثوبه صلي الله عليه وآله فقرصته فبكي.


فقال كالمغضب: مهلا يا ام الفضل فهذا ثوبي يغسل وقد أوجعت ابني، قالت: فتركته ومضيت لآتيه بماء، فجئت فوجدته صلي الله عليه وآله يبكي فقلت: مم بكاؤك يا رسول الله فقال: إن جبرئيل أتاني وأخبرني أن امتي تقتل ولدي هذا [31] .

قال: وقال أصحاب الحديث فلما أتت علي الحسين سنة كاملة، هبط علي النبي اثنا عشر ملكا علي صور مختلفة أحدهم علي صورة بني آدم يعزونه ويقولون إنه سينزل بولدك الحسين ابن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل، وسيعطي مثل أجر هابيل، ويحمل علي قاتله مثل وزر قابيل، ولم يبق ملك إلا نزل إلي النبي يعزونه والنبي يقول: اللهم اخذل خاذله، واقتل قاتله، ولا تمتعه بما طلبه.

وعن أشعث بن عثمان، عن أبيه، عن أنس بن أبي سحيم قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: إن ابني هذا يقتل بأرض العراق، فمن أدركه منكم فلينصره فحضر أنس مع الحسين كربلا وقتل معه.

ورويت عن عبدالصمد بن أحمد بن أبي الجيش، عن شيخه أبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي، عن رجاله، عن عائشة قالت: دخل الحسين علي النبي وهو غلام يدرج فقال: أي عائشة ألا اعجبك لقد دخل علي آنفا ملك ما دخل علي قط فقال: إن ابنك هذا مقتول، وإن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها فتناول ترابا أحمر فأخذته ام سلمة فخزنته في قارورة فأخرجته يوم قتل وهو دم.

وروي مثل هذا عن زينب بنت جحش.

وعن عبدالله بن يحيي قال: دخلنا مع علي إلي صفين فلما حاذي نينوي نادي صبرا يا عبدالله، فقال: دخلت علي رسول الله وعيناه تفيضان فقلت: بأبي أنت وامي يا رسول الله ما لعينيك تفيضان؟ أغضبك أحد؟ قال: لا، بل كان عندي جبرئيل فأخبرني أن الحسين يقتل بشاطئ الفرات، وقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم فمد يده فأخذ قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن


فاضتا، واسم الارض كربلا.

فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلي سفر فوقف في بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال: هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلا يقتل فيها ولدي الحسين وكأني أنظر إليه وإلي مصرعه ومدفنه بها، وكأني أنظر علي السبايا علي أقتاب المطايا وقد اهدي رأس ولدي الحسين إلي يزد لعنه الله، فوالله ما ينظر أحد إلي رأس الحسين ويفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه، وعذبه الله عذابا أليما.

ثم رجع النبي من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا فصعد المنبر وأصعد معه الحسن والحسين وخطب ووعظ الناس فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمني علي رأس الحسن ويده اليسري علي رأس الحسين، وقال: اللهم إن محمدا عبدك ورسولك وهذان أطائب عترتي، وخيار ارومتي، وأفضل ذريتي ومن اخلفهما في امتي وقد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مقتول بالسم والآخر شهيد مضرج بالدم اللهم فبارك له في قتله، واجعله من سادات الشهداء اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله وأصله حر نارك، واحشره في أسفل درك الجحيم.

قال: فضج الناس بالبكاء والعويل، فقال لهم النبي: أيها الناس أتبكونه ولا تنصرونه، اللهم فكن أنت له وليا وناصرا، ثم قال: ياقوم إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي وارومتي ومزاج مائي، وثمرة فؤادي، ومهجتي، لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم عنه، أسألكم عن المودة في القربي، واحذروا أن تلقوني غدا علي الحوض وقد آذيتم عترتي، وقتلتم أهل بيتي وظلمتموهم.

ألا إنه سيرد علي يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامة: الاولي راية سوداء مظلمة قد فزعت منها الملائكة فتقف علي فأقول لهم: من أنتم؟ فينسون ذكري، ويقولون: نحن أهل التوحيد من العرب، فأقول لهم: أنا أحمد نبي العرب والعجم، فيقولون:


نحن من امتك، فأقول: كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي وعترتي وكتاب ربي؟ فيقولون: أما الكتاب فضيعناه، وأما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الارض فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي، فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية اخري أشد سوادا من الاولي، فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين كتاب الله وعترتي؟ فيقولون: أما الاكبر فخالفناه، وأما الاصغر فمزقناهم كل ممزق، فأقول: إليكم عني فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوي من امة محمد المصطفي، ونحن بقية أهل الحق، حملنا كتاب ربنا وحللنا حلاله وحرمنا حرامه وأحببنا ذرية نبينا محمد، ونصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا، وقاتلنا معهم من ناواهم، فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد ولقد كنتم في الدنيا كما قلتم، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين مستبشرين ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين.



پاورقي

[1] الاحتجاج ص 239.

[2] أمالي الصدوق المجلس 29 الرقم 4.

[3] المصدر المجلس 27 تحت الرقم 6.

[4] في المصدر: عن أبي جعفر عليه السلام.

[5] المصدر المجلس 29 تحت الرقم 3.

[6] الصافات: 107 والحديث في عيون أخبار الرضا عليه السلام باب 17 ج 1 ص 209.

[7] مريم: 54، والحديث في المصدر ج 1 ص 73.

[8] علل الشرائع ج 1 ص 73 و 74.

[9] راجع المصدر ص 60.

[10] قال قدس سره في باب قصة سليمان مع بلقيس تحت الرقم 11، ج 14 ص 115 من الطبعة الحديثة: ظاهر اکثر تلک الاخبار ان الارض التي کانت بينه وبين السرير انخسفت وتحرکت الارض التي کان السرير عليها، حتي أحضرته عنده.

فان قيل: کيف انخسفت الابنية التي کانت عليها؟ قلنا: يحتمل أن تکون تلک الابنية تحرک بأمره تعالي يمينا وشمالا، وکذا ما عليها من الحيوانات والاشجار وغيرها.

ويمکن أن يکون حرکة السرير من تحت الارض بأن غار في الارض وطويت وتکاثفت الطبقة التحتانية حتي خرج من تحت سريره ثم دحيت تلک الطبقة من تحت الارض.

[11] لم نر في کتب الرجال من يسمي حدمر نعم في القاموس: الحذمر بالکسر القصير، ولعل الصواب هو الاول حدير بالتصغير کما في الاصابة، ولعله أبوفوزة السلمي فراجع.

[12] المصدر ص 55 وهکذا ما يليه.

[13] الاحقاف: 15 والحديث في کامل الزيارات ص 55 و 56.

[14] الاحقاف: 15 والحديث في المصدر ص 57.

[15] ما بين العلامتين ساقط عن نسخة الکمباني.راجع المصدر ص 56.

[16] المصدر ص 58.

[17] کامل الزيارات ص 58.

[18] کذا في نسخة الاصل نسخة المصنف وهکذا المصدر ص 59 وفي نسخة کمباني: فجزع وهو تصحيف.

[19] راجع الاحاديث التالية في المصدر ص 60 الباب 17 تحت الرقم 1 9.

[20] مريم: 54.

[21] المصدر ص 64.

[22] المصدرص 67.

[23] ارشاد المفيد ص 234.

[24] المصدر ص 234 و 235.

[25] هو قس بن ساعدة بن جذامة بن زفر بن اياد بن نزار الايادي، البليغ الخطيب المشهور، مات قبل البعثة وذکره أبو حاتم السجستاني في المعمرين وقال انه عاش ثلاث مائة وثمانين سنة، وقيل انه عاش ستمائة سنة وهو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأول من کتب من فلان إلي فلان وأول من توکأ علي عصا في الخطبة، وأول من قال أما بعد، وفي رواية ابن الکلبي انه قال في خطبة له: لو علي الارض دين افضل من دين قد أظلکم زمانه وأدرککم أوانه، فطوبي لمن أدرکه فاتبعه، وويل لمن خالفه، وفيه قال رسول الله " يرحم الله قسا اني لارجو يوم القيامة أن يبعث أمة وحده ".

[26] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 62.

[27] تفسير فرات ص 10 والحديث مختصر

[28] راج ج 43 ص 235 260.

[29] أسد کاسر: اي قوي يکسر فريسته.

[30] البقرة: 37.

[31] تري الحديث في تذکرة خواص الامة ص 133 نقلا عن ابن سعد في الطبقات وقد ترک ذيل الخبر.