بازگشت

احتجاجه علي معاوية، و أوليائه و ما جري بينه و بينهم


1 قب، ج: عن موسي بن عقبة أنه قال: لقد قيل لمعاوية إن الناس قد رموا أبصارهم إلي الحسين، فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فان فيه حصرا وفي لسانه كلالة، فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلك بالحسن فلم يزل حتي عظم في أعين الناس وفضحنا، فلم يزالوا به حتي قال للحسين عليه السلام يابا عبدالله لو صعدت المنبر، فخطبت.

فصعد الحسين عليه السلام المنبر، فحمد الله وأثني عليه ثم صلي علي النبي صلي الله عليه وآله فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين عليه السلام: نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله الاقربون، وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين الذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله تبارك وتعالي الذي فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، والمعول علينا في تفسيره ولا يبطئنا تأويله، بل نتبع حقائقه.

قأطيعونا فان طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله عزوجل: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم، فان تنازعتم في شئ فردوه إلي الله والرسول " [1] وقال: " ولو ردوه إلي الرسول وإلي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان

-بحار الانوار مجلد: 40 من ص 205 سطر 19 الي ص 213 سطر 18 إلا قليلا " [2] .

واحذركم الاصغاء إلي هتوف الشيطان بكم، فانه لكم عدو مبين فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: " لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم


فلما تراءت الفئتان نكص علي عقبيه وقال إني برئ منكم " [3] فتلقون للسيوف ضربا، وللرماح وردا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، قال معاوية: حسبك يا با عبدالله فقد أبلغت [4] .

بيان: الضرب بالتحريك: المضروب والورد بالتحريك أي ما ترد عليه الرماح، وقد مر مثله في خطبة الحسن عليه السلام.

2 قب، ج: عن محمد بن السائب أنه قال: قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي عليهما السلام، لولا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا؟ فوثب الحسين عليه السلام وكان عليه السلام شديد القبضة، فقبض علي حلقه فعصره ولوي عمامته علي عنقه، حتي غشي عليه ثم تركه، وأقبل الحسين عليه السلام علي جماعة من قريش فقال: أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت، أتعلمون أن في الارض حبيبين كانا أحب إلي رسول الله مني ومن أخي؟ أو علي ظهر الارض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟ قالوا: لا، قال: وإني لا أعلم أن في الارض ملعون بن ملعون غير هذا وأبيه طريد رسول الله صلي الله عليه وآله.

والله ما بين جابرس وجابلق أحدهما بباب المشرق، والآخر بباب المغرب رجلان ممن ينتحل الاسلام أعدي لله ولرسوله ولاهل بيته منك ومن أبيك إذ كان وعلامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك، قال: فو الله ما قام مروان من مجلسه حتي غضب فانتقض، وسقط رداؤه عن عاتقه [5] 3 شي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دخل مروان بن الحكم المدينة قال: فاستلقي علي السرير، وثم مولي للحسين عليه السلام، فقال: " ردوا إلي الله موليهم الحق [ألا له الحكم] وهو أسرع الحاسبين " فقال: فقال الحسين لمولاه:


ماذا قال هذا حين دخل؟ قال: استلقي علي السرير، فقرأ " ردوا إلي الله [موليهم] إلي قوله الحاسبين ".

قال: فقال الحسين عليه السلام: نعم والله رددت أنا وأصحابي إلي الجنة، ورد هو وأصحابه إلي النار [6] .

4 قب: عبدالملك بن عمير، والحاكم، والعباس قالوا: خطب الحسن عليه السلام عائشة بنت عثمان فقال مروان: ازوجها عبدالله بن الزبير.

ثم إن معاوية كتب إلي مروان، وهو عامله علي الحجاز يأمره أن يخطب ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر لابنه يزيد، فأتي عبدالله بن جعفر فأخبره بذلك فقال عبدالله: إن أمرها ليس إلي إنما هو إلي سيدنا الحسين عليه السلام وهو خالها، فأخبر الحسين بذلك فقال: أستخير الله تعالي اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد.

فلما اجتع الناس في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله أقبل مروان حتي جلس إلي الحسين عليه السلام وعنده من الجلة، وقال: إن أمير المؤمنين أمرني بذلك وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه وأعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد؟ وهو كفو من لا كفو له، وبوجهه يستسقي الغمام، فرد خيرا يا أبا عبدالله! فقال الحسين عليه السلام: الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا علي خلقه إلي آخر كلامه ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا.

أما قولك: مهرها حكم ابيها بالغا ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله صلي الله عليه وآله في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو ثنتا عشرة اوقية يكون أربعمائة وثمانين درهما.

وأما قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتي كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا وأما صلح ما بين هذين الحيين، فانا قوم عاديناكم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب.


وأما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر؟ فقد استمهر من هو خير من يزيد، ومن أبي يزيد ومن جد يزيد، وأما قولك: إن يزيد كفو من لا كفو له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم، مازادته إمارته في الكفاءة شيئا.

وأما قولك: بوجهه يستسقي الغمام، فانما كان ذلك بوجه رسول الله صلي الله عليه وآله وأما قولك: من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا، فانما يغبطنا به أهل الجهل، ويغبطه بنا أهل العقل.

ثم قال بعد كلام: فاشهدوا جميعا أني قد زوجت ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر علي أربعمائة وثمانين درهما وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة أو قال أرضي بالعقيق، وإن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار، ففيها لهما غني إنشاء الله.

قال: فتغير وجه مروان وقال: غدرا يا بني هاشم؟ تأبون إلا العداوة فذكره الحسين عليه السلام خطبة الحسن عاشة وفعله، ثم قال: فأين موضع الغدر يا مروان فقال مروان:



أردنا صهركم لنجد ودا

قد أخلقه به حدث الزمان



فلما جئتكم فجبهتموني

وبحتم بالضمير من الشنان



فأجابه ذكوان مولي بني هاشم:



أماط الله منهم كل رجس

وطهرهم بذلك في المثاني



فمالهم سواهم من نظير

ولا كفو هناك ولا مداني



أتجعل كل جبار عنيد

إلي الاخيار من أهل الجنان



ثم إنه كان الحسين عليه السلام تزوج بعائشة بنت عثمان [7] .

بيان: قال الجوهري: مشيخة جلة أي مسان، وقال: باح بسره أظهره والشنآن بفتح النون وسكونها العداوة.


5 قب: محاسن البرقي: قال عمرو بن العاص للحسين عليه السلام: ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟ فقال عليه السلام:



بغاث الطير أكثرها فراخا

وام الصقر مقلات نزور [8]



فقال: ما بال الشيب إلي شواربنا أسرع منه إلي شواربكم؟ فقال عليه السلام: إن نساءكم نساء بخرة، فإذا دنا أحدكم من امرأته نهكنه في وجهه، فشاب منه شاربه، فقال: ما بال لحائكم أوفر من لحائنا؟ فقال عليه السلام: " والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا " [9] فقال معاوية: بحقي عليك إلا سكت فانه ابن علي بن أبي طالب، فقال عليه السلام:



إن عادت العقرب عدنا لها

وكانت النعل لها حاضرة



قد علم العقرب واستيقنت

أن لا لها دنيا ولا آخرة [10] .



ايضاح: قال الجوهري: ابن السكيت: البغاث طائر أبغث إلي الغبرة دوين الرخمة بطئ الطيران وقال الفراء: بغاث الطير شرارها ومالا يصيد منها وبغاث وبغاث وبغاث ثلاث لغات.

قوله: مقلات لعله من القلي [11] بمعني البغض أي لا تحب الولد، ولا تحب زوجها لتكثر الولد، أو من قولهم: قلا العير اتنه يقولها قلوا إذا طردها، والصواب أنه من قلت قال الجوهري: المقلات من النوق التي تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها والمقلات من النساء التي لا يعيش لها ولد.

وقال: النزور: المرأة القليلة الولد ثم استشهد بهذا الشعر.

ويقال نهكته الحمي إذا جهدته وأضنته ونهكه أي بالغ في عقوبته والاصوب نكهته قال الجوهري: استنكهت الرجل فنكه في وجهي ينكه وينكه نكها إذا


أمرته بأن ينكه لتعلم أشارب هو أم غير شارب.

6 قب: يقال: دخل الحسين عليه السلام علي معاوية وعنده أعرابي يسأله حاجة فأمسك وتشاغل بالحسين عليه السلام، فقال الاعرابي لبعض من حضر: من هذا الذي دخل؟ قالوا: الحسين بن علي فقال الاعرابي للحسين عليه السلام: أسألك يا ابن بنت رسول الله لما كلمته في حاجتي، فكلمه الحسين عليه السلام في ذلك فقضي حاجته، فقال الاعرابي:



أتيت العبشمي فلم يجد لي

إلي أن هزه ابن الرسول



هو ابن المصطفي كرما وجودا

ومن بطن المطهرة البتول



وإن لهاشم فضلا عليكم

كما فضل الربيع علي المحول



فقال معاوية؟ يا أعرابي اعطيك وتمدحه؟ فقال الاعرابي: يا معاوية أعطيتني من حقه، وقضيت حاجتي بقوله.

العقد عن الاندلسي دعا معاوية مروان بن الحكم فقال له: أشر علي في الحسين فقال: أري أن تخرجه معك إلي الشام، وتقطعه عن أهل العراق، وتقطعهم عنه فقال: أردت والله أن تستريح منه، وتبتليني به، فان صبرت عليه صبرت علي ما أكره، وإن أسأت إليه قطعت رحمه، فأقامه وبعث إلي سعيد بن العاص فقال له: يا أبا عثمان أشر علي في الحسين، فقال: إنك والله ما تخاف الحسين إلا علي من بعدك وإنك لتخلف له قرنا إن صارعه ليصرعنه، وإن سابقه ليسبقنه، فذر الحسين بمنبت النخلة، يشرب الماء، ويصعد في الهواء، ولا يبلغ إلي السماء [12] .

بيان: قوله: " يشرب الماء " الظاهر أنه صفة النخلة، أي كما أن النخلة في تلك البلاد تشرب الماء وتصعد في الهواء وكلما صعدت لا تبلغ السماء، فكذلك هو كلما تمني طلب والرفعة، لا يصل إلي شئ، ويحتمل أن يكون الضمائر راجعة إليه صلوات الله عليه.

7 فر: علي بن حمدون معنعنا، عن أبي الجارية والاصبغ بن نباتة الحنظلي


قالا: لما كان مروان علي المدينة خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: فلما نزل عن المنبر أتي الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فقيل له: إن مروان قد وقع في علي قال: فما كان في المسجد الحسن؟ قالوا: بلي، قال: فما قال له شيئا؟ قالوا: لا.

قال: فقام الحسين مغضبا حتي دخل علي مروان فقال له: يا ابن الزرقاء ويا ابن آكلة القمل أنت الواقع في علي؟ قال له مروان: إنك صبي لا عقل لك، قال: فقال له الحسين: ألا اخبرك بما فيك وفي أصحابك وفي علي فان الله تعالي يقول: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " [13] فذلك لعلي وشيعته، " فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين " [14] فبشر بذلك النبي العربي لعلي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

8 كا: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن عبدالرحمن ابن محمد العرزمي قال: استعمل معاوية مروان بن الحكم علي المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش، ففرض لهم، فقال علي بن الحسين عليهما السلام فأتيته فقال: ما اسمك؟ فقلت: علي بن الحسين، فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: علي، فقال علي وعلي؟ ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سماه عليا.

ثم فرض لي فرجعت إلي أبي عليه السلام فأخبرته، فقال: ويلي علي ابن الزرقاء دباغة الادم، لو ولد لي مائة لاحببت أن لا اسمي أحدا منهم إلا عليا [15] .

بيان: " ويلي علي ابن الزرقاء " أي ويل وعذاب وشدة مني عليه، قال الجوهري: ويل كلمة مثل ويح إلا أنها كلمة عذاب يقال: ويله وويلك وويلي وفي الندبة ويلاه قال الاعشي: ويلي عليك وويلي منك يا رجل [16] .


9 كش: روي أن مروان بن الحكم كتب إلي معاوية وهو عامله علي المدينة: أما بعد فان عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق، ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلي الحسين بن علي، وذكر أنه لا يأمن وثوبه، وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا والسلام.

فكتب إليه معاوية: أما بعد فقد بلغني وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين فاياك أن تعرض للحسين في شئ، واترك حسينا ما تركك، فانا لا نريد أن نعرض له في شئ ما وفي بيعتنا، ولم ينازعنا سلطاننا، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته والسلام.

وكتب معاوية إلي الحسين بن علي عليهما السلام: أما بعد فقد انتهت إلي امور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها، ولعمر الله إن من أعطي الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء، فان كان الذي بلغني باطلا فانك أنت أعزل الناس لذلك، وعظ نفسك، فاذكر، وبعهد الله أوف فانك متي ما تنكرني انكرك، ومتي ما تكدني أكدك، فاتق شق عصا هذه الامة وأن يردهم الله علي يديك في فتنة، فقد عرفت الناس وبلوتهم، فانظر لنفسك ولدينك ولامة محمد، ولا يستخفنك السفهاء والذين لا يعلمون.

فلما وصل الكتاب إلي الحسين صلوات الله عليه كتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني امور أنت لي عنها راغب، وأنا بغيرها عندك جدير فان الحسنات لا يهدي لها، ولا يسدد إليها إلا الله.

وأما ما ذكرت أنه انتهي إليك عني، فانه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤن بالنميم، وما اريد لك حربا ولا عليك خلافا، وأيم الله إني لخائف لله في ترك ذلك وما أظن الله راضيا بترك ذلك، ولا عاذرا بدون الاعذار فيه إليك، وفي اولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة، وأولياء الشياطين.

ألست القاتل حجرا أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم


ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بإحنة تجدها في نفسك.

أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فنحل جسمه، وصفرت لونه، بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة علي ربك واستخفافا بذلك العهد.

أو لست المدعي زياد بن سمية المولود علي فراش عبيد ثقيف، فزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله " الولد للفراش وللعاهر الحجر " فتركت سنة رسول الله تعمدا وتبعت هواك بغير هدي من الله، ثم سلطته علي العراقين: يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم ويصلبهم علي جذوع النخل، كأنك لست من هذه الامة، وليسوا منك.

أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا علي دين علي صلوات الله عليه فكتبت إليه أن: اقتل كل من كان علي دين علي فقتلهم ومثل بهم بأمرك، ودين علي عليه السلام والله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، به جلست مجلسك الذي جلست، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين [17] .

وقلت فيما قلت: " انظر لنفسك ولدينك ولامة محمد، واتق شق عصا هذه الامة وأن تردهم إلي فتنة " وإني لا أعلم فتنة أعظم علي هذه الامة من ولايتك

-بحار الانوار مجلد: 40 من ص 213 سطر 19 الي ص 221 سطر 18 عليها، ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد صلي الله عليه وآله علينا أفضل من أن اجاهدك فان فعلت فانه قربة إلي الله، وإن تركته فاني أستغفر الله لذنبي، وأسأله توفيقه لارشاد أمري.

وقلت فيما قلت " إني إن أنكرتك تنكرني وإن أكدك تكدني " فكدني ما بدا لك، فاني أرجو أن لا يضرني كيدك في، وأن لا يكون علي أحد أضر منه


علي نفسك، لانك قد ركبت جهلك، وتحرصت علي نقض عهدك، ولعمري ما وفيت بشرط، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا، وتعظيمهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص، واستيقن بالحساب، واعلم أن لله تعالي كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وليس الله بناس لاخذك بالظنة، وقتلك أولياءه علي التهم، ونفيك أولياءه من دورهم إلي دار الغربة، وأخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث: يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وبترت دينك وغششت رعيتك وأخزيت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لاجلهم والسلام.

فلما قرأ معاوية الكتاب قال: لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به فقال يزيد: يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه وتذكر فيه أباه بشر فعله، قال: ودخل عبدالله بن عمرو بن العاص فقال له معاوية: أما رأيت ما كتب به الحسين؟ قال: وما هو؟ قال: فأقرأه الكتاب، فقال: وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه، وإنما قال ذلك في هوي معاوية، فقال يزيد: كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي؟ فضحك معاوية فقال: أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك، قال عبدالله: فقد أصاب يزيد فقال معاوية: أخطأتما أريأتما لو أني ذهبت لعيب علي [18] محقا ما عسيت أن أقول فيه، ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل، وما لا يعرف، ومتي ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه، ولا يراه الناس شيئا وكذبوه، وما عسيت أن أعيب حسينا ووالله ما أري للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده أتهدده، ثم رأيت ان لا أفعل ولا أمحكه.


10 ج: أما بعد فقد بلغني كتابك أنه قد بلغك عني امور أن بي عنها غني وزعمت أني راغب فيها، وأنا بغيرها عنك جدير، وساق الحديث نحوا مما مر إلي قوله: وما أري فيه للعيب موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه وأتوعده وأتهدده واسفهه واجهله، ثم رأيت أن لا أفعل.

قال: فما كتب إليه بشئ يسوؤه ولا قطع عنه شيئا كان يصله به كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم، سوي عروض وهدايا من كل ضرب.

بيان: قوله " فقد أظنك تركتها " أي الظن بك أن تتركها رغبة في ثواب الله أو في بقاء المودة، أو أظنك تركتها لرغبتي عن فعلك ذلك، وعدم رضائي بذلك شفقة عليك، ويمكن أن يكون تركبها بالباء الموحدة أي أظنك ركبت هذه الامور للرغبة في الدنيا وملكها ورئاستها، ويؤيد الاخير ما في نسخة الاحتجاج في جواب ذلك، ويؤيد الوسط ما في رواية الكشي " أنت لي عنها راغب ".

وشق العصا: كناية عن تفريق الجمع، قوله عليه السلام: وما أظن الله راضيا بترك ذلك، أي بعد حصول شرائطه، والاحنة بالكسر الحقد والعداوة.

قوله عليه السلام الرحلتين أي رحلة الشتاء والصيف وفي الاحتجاج " ولولا ذلك لكان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا من الله عليكم فوضعهما عنكم، وفيه بعد قوله " وإن أكدك تكدني " وهل رأيك إلا كيد الصالحين منذ خلقت، فكدني ما بدالك إن شئت فاني أرجو أن لا يضرني كيدك، وأن لا يكون علي أحد أضر منه علي نفسك، علي أنك تكيد فتوقظ عدوك، وتوبق نفسك كفعلك بهؤلاء الذين قتلتهم ومثلت بهم بعد الصلح والعهد والميثاق.

وفيه " غلام من الغلمان يشرب الشراب ويلعب بالكعاب ".

قوله لعنه الله " لقد كان في نفسه صب " في أكثر النسخ بالصاد المهملة ولعله بالضم، قال الجزري: [19] وفيه لتعودن فيها أساود صبا؟ الاساود الحيات


والصب جمع صبوب علي أن أصله صبب كرسول ورسل، ثم خفف كرسل فادغم وهو غريب من حيث الادغام قال النضر: إن الاسود إذا أراد أن ينهش ارتفع ثم انصب علي الملدوغ انتهي.

أقول: الاظهر أنه بالضاد المعجمة، قال الجوهري: الضب الحقد تقول: أضب فلان علي غل في قلبه أي أضمره انتهي.

ويقال: لم يحفل بكذا: أي لم يبال به، وفي الاحتجاج لم يحفل به صاحبه ولعله أظهر، قوله " ولا أمحكه " من المحك اللجاج والمماحكة الملاجة، وفي بعض النسخ باللام ولعله من المحل بمعني الكيد والاول أظهر.



پاورقي

[1] النساء: 59.

[2] النساء: 83.

[3] الانفال: 48.

[4] الاحتجاج: ص 153 واللفظ له، مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 67.

[5] الاحتجاج: ص 153 واللفظ له، مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 51.

[6] تفسير العياشي: ج 1 ص 362 والاية في الانعام: 62.

[7] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 38 41، وقد مر في ب 21 تحت الرقم 13 أن المتکلم في ذلک هو الحسن بن علي عليهما السلام فراجع.

[8] القائل هو عباس بن مرداس السلمي.

[9] الاعراف: 58.

[10] المناقب ج 4 ص 67، وقد مر في ب 20 الرقم 13 ما يشبه ذلک في أخيه الحسن السبط عليه السلام.

[11] فيجب أن يکتب هکذا: مقلاة.

[12] المصدر ج 4 ص 81 و 82.

[13] مريم: 96.

[14] مريم: 97.والحديث في تفسير فرات ص 90.

[15] الکافي ج 6 ص 19 باب الاسماء والکني الرقم 7.

[16] وفي بعض نسخ الصحاح صدره: قالت هريرة لما جئت زائرها.

[17] يعني ما في قوله تعالي " لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف ".

[18] في الاحتجاج ص 153 أردت أن أعيب عليا.

[19] في جميع النسخ حتي نسخة الاصل للمصنف بخط يده الشريفة: قال الفيروز آبادي وهو من طغيان القلم، والصحيح ما في الصلب راجع النهاية مادة ص ب ب.