بازگشت

مكارم أخلاقه، و جمل أحواله، و تاريخه و أحوال أصحابه


1 شي: عن مسعدة قال: مر الحسين بن علي عليهما السلام بمساكين قد بسطوا كساء لهم وألقوا عليه كسرا فقالوا: هلم يا ابن رسول الله! فثني وركه فأكل معهم ثم تلا " إن الله لا يحب المستكبرين " ثم قال: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم يا ابن رسول الله، فقاموا معه حتي أتوا منزله، فقال للجارية: أخرجي ما كنت تدخرين [1] .

2 قب: عمرو بن دينار قال: دخل الحسين عليه السلام علي اسامة بن زيد وهو مريض، وهو يقول: واغماه، فقال له الحسين عليه السلام: واما غمك يا أخي؟ قال: ديني وهو ستون ألف درهم فقال الحسين: هو علي قال: إني أخشي أن أموت، فقال الحسين لن تموت حتي أقضيها عنك، قال: فقضاها قبل موته.

وكان عليه السلام يقول: شر خصال الملوك: الجبن من الاعداء، والقسوة علي الضعفاء والبخل عند الاعطاء.

وفي كتاب أنس المجالس أن الفرزدق أتي الحسين عليه السلام لما أخرجه مروان من المدينة فأعطاه عليه السلام أربعمائة دينار، فقيل له: إنه شاعر فاسق منتهر [2] فقال عليه السلام إن خير مالك ما وقيت به عرضك، وقد أثاب رسول الله صلي الله عليه وآله كعب بن زهير، وقال


في عباس بن مرداس: اقطعوا لسانه عني.

وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها، فدل علي الحسين عليه السلام فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بازائه وأنشأ:



لم يخب الآن من رجاك ومن

حرك من دون بابك الحلقه



أنت جواد وأنت معتمد

أبوك قد كان قاتل الفسقه



لولا الذي كان من أوائلكم

كانت علينا الجحيم منطبقه



قال: فسلم الحسين وقال: يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شئ؟ قال: نعم أربعة آلاف دينار، فقال: هاتها قد جاء من هو أحق بها منا، ثم نزع برديه ولف الدنانير فيها وأخرج يده من شق الباب حياء من الاعرابي وأنشأ:



خذها فاني إليك معتذر

واعلم بأني عليك ذو شفقه



لو كان في سيرنا الغداة عصا

أمست سمانا عليك مندفقه



لكن ريب الزمان ذو غير

والكف مني قليلة النفقه



قال: فأخذها الاعرابي وبكا فقال له: لعلك استقللت ما أعطيناك، قال: لا، ولكن كيف يأكل التراب جودك، وهو المروي عن الحسن بن علي عليهما السلام [3] بيان: قوله: " عصا؟ لعل العصا كناية عن الامارة والحكم، قال الجوهري قولهم: لا ترفع عصاك عن أهلك، يراد به الادب وإنه لضعيف العصا أي الترعية ويقال أيضا: إنه للين العصا، أي رفيق حسن السياسة لما ولي انتهي، أي لو كان لنا في سيرنا في هذه الغداة ولاية وحكم أو قوة لامست يد عطائنا عليك صابة، والسماء كناية عن يد الجود والعطاء، والاندفاق الانصباب، وريب الزمان حوادثه، وغير الدهر كعنب أحداثه، أي حوادث الزمان تغير الامور، قوله: كيف يأكل التراب جودك أي كيف تموت وتبيت تحت التراب فتمحي وتذهب جودك.

3 قب: شعيب بن عبدالرحمن الخزاعي قال: وجد علي ظهر الحسين بن علي يوم الطف أثر فسألوا زين العابدين عليه السلام عن ذلك فقال: هذا مما كان ينقل


الجراب علي ظهره إلي منازل الارامل واليتامي والمساكين.

وقيل: إن عبدالرحمن السلمي علم ولد الحسين عليه السلام " الحمد " فلما قرأها علي أبيه أعطاه ألف دينار، وألف حلة، وحشافاه درا، فقيل له في ذلك فقال: وأين يقع هذا من عطائه يعني تعليمه وأنشد الحسين عليه السلام:



إذا جادت الدنيا عليك فجد بها

علي الناس طرا قبل أن تتفلت



فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت

ولا البخل يبقيها إذا ما تولت



ومن تواضعه عليه السلام أنه مر بمساكين وهم يأكلون كسرا لهم علي كساء فسلم عليهم، فدعوه إلي طعامم فجلس معهم، وقال: لولا أنه صدقة لاكلت معكم، ثم قال: قوموا إلي منزلي، فأطمعهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.

وحدث الصولي عن الصادق عليه السلام في خبر أنه جري بينه وبين محمد بن الحنفية كلام فكتب ابن الحنفية إلي الحسين عليه السلام: أما بعد يا أخي فان أبي وأباك علي: لا تفضلني فيه ولا أفضلك، وامك فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله، ولو كان ملء الارض ذهبا ملك أمي ما وفت بامك، فاذا قرأت كتابي هذا فصر إلي حتي تترضاني فانك أحق بالفضل مني والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، ففعل الحسين عليه السلام ذلك فلم يجر بعد ذلك بينهما شئ [4] .

بيان: بامك أي بفضلها.

4 قب: ومن شجاعته عليه السلام أنه كان بين الحسين عليه السلام وبين الوليد بن عقبة منازعة في ضيعة فتناول الحسين عليه السلام عمامة الوليد عن رأسه وشدها في عنقه وهو يومئذ وال علي المدينة، فقال مروان: بالله ما رأيت كاليوم جرأة رجل علي أميره، فقال الوليد: والله ما قلت هذا غضبا لي ولكنك حسدتني، علي حملي عنه، وإنما كانت الضيعة له، فقال الحسين: الضيعة لك يا وليد وقام.

وقيل له يوم الطف: انزل علي حكم بني عمك، قال: لا والله لا اعطيكم [ب] يدي إعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد، ثم نادي يا عباد الله! إني عذت بربي


وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.

وقال عليه السلام: موت في عز خير من حياة في ذل، وأنشأ عليه السلام يوم قتل:



الموت خير من ركوب العار

والعار أولي من دخول النار



والله ما هذا وهذا جاري ابن نباته:



الحسين الذي رأي القتل في العز

حياة والعيش في الذل قتلا



الحلية روي محمد بن الحسن أنه لما نزل القوم بالحسين وأيقن أنهم قاتلوه قال لاصحابه: قد نزل ما ترون من الامر وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها واستمرت [5] حتي لم يبق منها إلا كصبابة الاناء، وإلا خسيس عيش كالمرعي الوبيل ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهي عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، وإني لا أري الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما وأنشأ متمثلا لما قصد الطف:



سأمضي فما بالموت عار علي الفتي

إذا ما نوي خيرا وجاهد مسلما



وواسي الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مذموما وخالف مجرما



اقدم نفسي لا اريد بقاءها

لنلقي خميسا في الهياج عرمرما



فان عشت لم اذمم وإن مت لم الم

كفي بك ذلا أن تعيش فترغما [6] .



توضيح: الصبابة بالضم البقية من الماء في الاناء، والوبلة بالتحريك الثقل والوخامة، وقد وبل المرتع بالضم وبلا ووبالا فهو وبيل أي وخيم ذكره الجوهري والبرم بالتحريك السأمة والملال والخميس الجيش لانهم خمس فرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساق ويوم الهياج يوم القتال والعرمرم: الجيش الكثير، وعرام الجيش: كثرته.

5 قب: ومن زهده عليه السلام أنه قيل له ما أعظم خوفك من ربك؟ قال: لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا.


إبانة ابن بطة قال عبدالله بن عبيد أبوعمير: لقد حج الحسين بن علي عليهما السلام خمسة وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه.

عيون المحاسن: إنه ساير أنس بن مالك فأتي قبر خديجة فبكي ثم قال: اذهب عني قال أنس: فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا:



يا رب يا رب أنت مولاه

فارحم عبيدا إليك ملجاه



يا ذا المعالي عليك معتمدي

طوبي لمن كنت أنت مولاه



طوبي لمن كان خادما أرقا

يشكو إلي ذي الجلال بلواه



وما به علة ولا سقم

أكثر من حبه لمولاه



إذا اشتكي بثه وغصته

أجابه الله ثم لباه



إذا ابتلا بالظلام مبتهلا

أكرمه الله ثم أدناه



فنودي:



لبيك عبدي وأنت في كنفي

وكلما قلت قد علمناه



صوتك تشتاقه ملائكتي

فحسبك الصوت قد سمعناه



دعاك عندي يجول في حجب

فحسبك الستر قد سفرناه



لو هبت الريح من جوانبه

خر صريعا لما تغشاه



سلني بلا رغبة ولا رهب

ولا حساب إني أنا الله [7]



بيان: الارق بكسر الراء من يسهر بالليل، قوله: " قد سفرناه " أي حسبك أنا كشفنا الستر عنك، قوله: " لو هبت الريح من جوانبه " الضمير إما راجع إلي الدعاء كناية عن أنه يجول في مقام لو كان مكانه رجل لغشي عليه مما يغشاه من أنوار الجلال، ويحتمل إرجاعه إليه عليه السلام علي سبيل الالتفات، لبيان غاية خضوعه وولهه في العبادة بحيث لو تحركت ريح لاسقطته.

6 قب: وله عليه السلام:



يا أهل لذة دنيا لا بقاء لها

إن اغترارا بظل زائل حمق




ويروي للحسين عليه السلام:



سقت العالمين إلي المعالي

بحسن خليقة وعلو همة



ولاح بحكمتي نور الهدي في

ليال في الضلالة مدلهمة



يريد الجاحدون ليطفؤه

ويأبي الله إلا أن يتمه [8]



7 قب: حفص بن غياث، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله كان في الصلاة وإلي جانبه الحسين فكبر رسول الله صلي الله عليه وآله فلم يحر الحسين التكبير ثم كبر رسول الله فلم يحر الحسين التكبير، ولم يزل رسول الله صلي الله عليه وآله يكبر ويعالج الحسين التكبير، فلم يحر حتي أكمل رسول الله صلي الله عليه وآله سبع تكبيرات فأحار الحسين عليه السلام التكبير في السابعة.

فقال أبوعبدالله عليه السلام: فصارت سنة.

وروي عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال: صح عندي قول النبي صلي الله عليه وآله: أفضل الاعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه، فاني رأيت غلاما يواكل كلبا فقلت له في ذلك، فقال يا ابن رسول الله إني مغموم أطلب سرورا بسروره لان صاحبي يهودي اريد افارقه، فأتي الحسين إلي صاحبه بمائتي دينار ثمنا له، فقال اليهودي: الغلام فداء لخطاك، وهذا البستان له، ورددت عليك المال، فقال عليه السلام: وأنا قد وهبت لك المال، قال: قبلت المال ووهبته للغلام، فقال الحسين عليه السلام: أعتقت الغلام ووهبته له جميعا، فقالت امرأته قد أسلمت ووهبت زوجي مهري، فقال اليهودي: وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار.

الترمذي في الجامع: كان ابن زياد يدخل قضيبا في أنف الحسين عليه السلام ويقول: ما رأيت مثل هذا الرأس حسنا فقال أنس: إنه أشبههم برسول الله صلي الله عليه وآله.

وروي أن الحسين عليه السلام كان يقعد في المكان المظلم فيهتدي إليه ببياض جبينه ونحره [9]


8 كشف: قال أنس: كنت عند الحسين عليه السلام، فدخلت عليه جارية فحيته بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقلت: تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال: كذا أدبنا الله، قال الله " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها " [10] وكان أحسن منها عتقها.

وقال يوما لاخيه عليهما السلام: يا حسن وددت أن لسانك لي وقلبي لك.

وكتب إليه الحسن عليه السلام يلومه علي إعطاء الشعراء فكتب إليه: أنت أعلم مني بأن خير المال ما وقي العرض [11] .

بيان: لعل لومه عليه السلام ليظهر عذره للناس.

9 كشف: ودعاه عبدالله بن الزبير وأصحابه فأكلوا ولم يأكل الحسين عليه السلام فقيل له: ألا تأكل؟ قال: إني صائم ولكن تحفة الصائم، قيل: وما هي؟ قال: الدهن والمجمر.

وحني غلام له جناية توجب العقاب عليه فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي " والكاظمين الغيظ " قال: خلوا عنه، فقال: يا مولاي " والعافين عن الناس " قال: قد عفوت عنك، قال: يا مولاي " والله يحب المحسنين " [12] قال: أنت حر لوجه الله، ولك ضعف ما كنت اعطيك.

وقال الفرزدق: لقيني الحسين عليه السلام في منصرفي من الكوفة فقال: ما وراك يا بافراس؟ قلت: أصدقك؟ قال: الصدق اريد، قلت: أما القلوب فمعك، وأما السيوف فمع بني امية والنصر من عند الله، قال: ما أراك إلا صدقت، الناس عبيد المال والدين لغو [13] علي ألسنتهم، يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصوا للابتلاء قل الديانون.

وقال عليه السلام: من أتانا لم يعدم خصلة من أربع: آية محكمة، وقضية عادلة وأخا مستفادا، ومجالسة العلماء.


وكان عليه السلام يرتجز يوم قتل عليه السلام ويقول:



الموت خير من ركوب العار

والعار خير من دخول النار



والله من هذا وهذا جاري وقال عليه السلام: صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك، فأكرم وجهك عن رده [14] .

10 تم: ذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد أنه قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام ما أقل ولد أبيك؟ فقال: العجب كيف ولد [ت] كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة.

11 جع: في أسانيد أخطب خوارزم أورده في كتاب له في مقتل آل الرسول أن أعرابيا جاء إلي الحسين بن علي عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائه، فقلت في نفسي: أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله.

فقال الحسين: يا أخا العرب أسألك عن ثلاث مسائل، فان أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكل أعطيتك الكل.

فقال الاعرابي: يا ابن رسول الله أمثلك يسأل عن مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟ فقال الحسين عليه السلام: بلي سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه وآله يقول ظ المعروف بقدر المعرفة، فقال الاعرابي: سل عما بدا لك، فان أجبت وإلا تعلمت منك، ولا قوة إلا بالله.

فقال الحسين عليه السلام: أي الاعمال أفضل؟ فقال الاعرابي: الايمان بالله، فقال الحسين عليه السلام: فما النجاة من المهلكة؟ فقال الاعرابي: الثقة بالله، فقال الحسين عليه السلام: فما يزين الرجل؟ فقال الاعرابي: علم معه حلم، فقال: فإن أخطأه ذلك؟ فقال: مال معه مروءة، فقال: فإن أخطأه ذلك؟ فقال: فقر معه صبر، فقال


الحسين عليه السلام: فان أخطأه ذلك؟ فقال الاعرابي: فصاعقة تنزل من السماء و تحرقه فانه أهل لذلك.

فضحك الحسين عليه السلام ورمي بصرة إليه فيه ألف دينار، وأعطاه خاتمه، وفيه فص قيمته ما ئتا درهم وقال: يا أعرابي أعط الذهب إلي غرمائك، واصرف الخاتم في نفقتك، فأخذ الاعرابي وقال: " الله أعلم حيث يجعل رسالاته " الآية [15] .

12 أقول: روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن أبي سلمة قال: حججت مع عمر ابن الخطاب، فلما صرنا بالابطح فاذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال: يا أمير المؤمنين إني خرجت وأنا حاج محرم، فأصبت بيض النعام، فاجتنيت وشويت وأكلت، فما يجب علي؟ قال: ما يحضرني في ذلك شئ، فاجلس لعل الله يفرج عنك ببعض أصحاب محمد صلي الله عليه وآله.

فإذا أمير المؤمنين عليه السلام قد أقبل والحسين عليه السلام يتلوه، فقال عمر: يا أعرابي هذا علي بن أبي طالب عليه السلام فدونك ومسألتك، فقام الاعرابي وسأله فقال علي عليه السلام: يا أعرابي سل هذا الغلام عندك يعني الحسين عليه السلام.

فقال الاعرابي: إنما يحيلني كل واحد منكم علي الآخر، فأشار الناس إليه: ويحك هذا ابن رسول الله فاسأله، فقال الاعرابي: يا ابن رسول الله إني خرجت مني بيتي حاجا وقص عليه القصة فقال له الحسين: ألك إبل؟ قال: نعم قال: خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا فاضربها بالفحولة، فما فصلت فاهدها إلي بيت الله الحرام.

-بحار الانوار مجلد: 40 من ص 197 سطر 19 الي ص 205 سطر 18 فقال عمر: يا حسين النوق يزلقن، فقال الحسين: يا عمر إن البيض يمرقن فقال: صدقت وبررت، فقام علي عليه السلام وضمه إلي صدره وقال: " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " [16] .


13 كنز: محمد بن العباس، عن ابي الازهر، عن الزبير بن بكار، عن بعض أصحابه قال: قال رجل للحسين عليه السلام: إن فيك كبرا فقال: كل الكبر لله وحده ولا يكون في غيره، قال الله تعالي: " فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين " [17] .

14 كا: محمد بن يحيي، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لم يرضع الحسين عليه السلام من فاطمة عليها السلام ولا من انثي، كان يؤتي به النبي صلي الله عليه وآله فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث، فنبت لحما للحسين عليه السلام [18] من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسي بن مريم، والحسين بن علي عليهم السلام.

وفي رواية اخري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن النبي كان يؤتي به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجترئ به ولم يرضع من انثي.

15 قب: ولد الحسين عليه السلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلثا لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوما.

وروي أنه لم يكن بينه وبين أخيه إلا الحمل، والحمل ستة أشهر.

عاش مع جده ستة سنين وأشهرا وقد كمل عمره خمسين، ويقال: كان عمره سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر ويقال: ستة وخمسون سنة، وخمسة أشهر، ويقال: ثمان وخمسون.

ومدة خلافته خمس سنين وأشهر في آخر ملك معاوية وأول ملك يزيد.

قتله عمر بن سعد بن أبي وقاص وخولي بن يزيد الاصبحي واجتز رأسه سنان ابن أنس النخعي وشمر بن ذي الجوشن، وسلب جميع ما كان عليه إسحاق بن حيوة الحضرمي وأمير الجيش عبيد الله بن زياد، وجه به يزيد بن معاوية.

ومضي قتيلا يوم عاشورا، وهو يوم السبت العاشر من المحرم قبل الزوال


ويقال: يوم الجمعة بعد صلاة الظهر، وقيل: يوم الاثنين بطف كربلا، بين نينوي والغاضرية من قري النهرين بالعراق، سنة ستين من الهجرة، ويقال: سنة إحدي وستين ودفن بكربلا من غربي الفرات.

قال الشيخ المفيد: فأما أصحاب الحسين عليه السلام فانهم مدفونون حوله، ولسنا نحصل لهم أجداثا والحائر محيط بهم.

وذكر المرتضي في بعض مسائله: أن رأس الحسين عليه السلام رد إلي بدنه بكربلا من الشام وضم إليه، وقال الطوسي: ومنه زيارة الاربعين.

وروي الكليني [19] في ذلك روايتين إحداهما عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام أنه مدفون بجنب أمير المؤمنين، والاخري عن يزيد بن عمرو بن طلحة عن الصادق عليه السلام أنه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين عليه السلام [20] .

ومن أصحابه عبدالله بن يقطر رضيعه، وكان رسوله رمي به من فوق القصر بالكوفة، وأنس بن الحارث الكاهلي، وأسعد الشامي، عمرو بن ضبيعة، رميث بن عمرو زيد بن معقل، عبدالله بن عبد ربه الخزرجي، سيف بن مالك، شبيب بن عبدالله النهشلي، ضرغامة بن مالك، عقبة بن سمعان، عبدالله بن سليمان، المنهال بن عمرو الاسدي، الحجاج بن مالك، بشر بن غالب، عمران بن عبدالله الخزاعي [21] .

16 أقول: قال أبوالفرج في المقاتل: كان مولده عليه السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم، سنة إحدي وستين، وله ست وخمسون سنة وشهور، وقيل: قتل يوم السبت.

روي ذلك عن أبي نعيم الفضل بن دكين والذي ذكرناه أولا أصح.

فأما ما تقوله العامة من أنه قتل يوم الاثنين فباطل، هو شئ قالوه بلا رواية وكان أول المحرم الذي قتل فيه يوم الاربعاء أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من


سائر الزيجات، وإذا كان ذلك كذلك، فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر من المحرم يوم الاثنين.

قال أبوالفرج: وهذا دليل صحيح واضح تنضاف إليه الرواية.

وروي سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عليه السلام: أن الحسين بن علي عليهما السلام قتل وله ثمان وخمسون سنة [22] .

17 ختص: أصحاب الحسين عليه السلام: جميع من استشهد معه ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حبيب بن مظهر، ميثم التمار، رشيد الهجري، سليم بن قيس الهلالي: أبوصادق، أبوسعيد عقيصا [23] .

18 عم: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الثلاثا، وقيل: يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان، وقيل: لخمس خلون منه سنة أربع من الهجرة، وقيل: ولد آخر شهر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة، وعاش سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر، كان مع رسول الله صلي الله عليه وآله سبع سنين، ومع أمير المؤمنين عليه السلام سبعا وثلاثين سنة، ومع أخيه الحسن عليه السلام سبعا وأربعين سنة، وكانت مدة خلافته عشر سنين وأشهرا.

19 كشف: قال كمال الدين ابن طلحة: ولد عليه السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، علقت البتول عليها السلام به بعد أن ولدت أخاه الحسن عليه السلام بخمسين ليلة، وكذلك قال الحافظ الجنابذي [24] .

وقال كمال الدين: كان انتقاله إلي دار الآخرة في سنة إحدي وستين من الهجرة، فتكون مدة عمره ستا وخمسين سنة وأشهرا، كان منها مع جده رسول الله صلي الله عليه وآله ست سنين وشهورا، وكان مع أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاثين سنة بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وكان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عليهم السلام عشر سنين، وبقي بعد وفاة أخيه الحسن عليه السلام إلي وقت مقتله عشر سنين.


[و] قال ابن الخشاب: حدثنا حرب باسناده عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: مضي أبوعبدالله الحسين بن علي امه فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام الستين من الهجرة، في يوم عاشورا، كان مقامه مع جده رسول الله صلي الله عليه وآله سبع سنين إلا ما كان بينه وبين أبي محمد، وهو سبعة أشهر وعشرة أيام، وأقام مع أبيه عليه السلام ثلاثين سنة، وأقام مع أبي محمد عشر سنين وأقام بعد مضي أخيه الحسن عليه السلام عشر سنين، فكان عمره سبعا وخمسين سنة إلا ما كان بينه وبين أخيه من الحمل، وقبض في يوم عاشورا في يوم الجمعة في سنة إحدي وستين، ويقال: في يوم عاشورا يوم الاثنين، وكان بقاؤه بعد أخيه الحسن عليه السلام أحد عشر سنة.

وقال الحافظ عبدالعزيز: الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وامه فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله، ولد في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقتل بالطف يوم عاشورا سنة إحدي وستين، وهو ابن خمس وخمسين سنة وستة أشهر [25] .

أقول: الاشهر في ولادته صلوات الله عليه، أنه ولد لثلاث خلون من شعبان لما رواه الشيخ في المصباح: أنه خرج إلي القاسم بن العلا الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام أن مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس، لثلاث خلون من شعبان فصم وادع فيه بهذا الدعاء وذكر الدعاء.

ثم قال رحمه الله بعد الدعاء الثاني المروي عن الحسين: قال ابن عياش: سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري يقول: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يدعو به في هذا اليوم وقال: هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان وهو مولد الحسين عليه السلام.

وقيل: إنه عليه السلام ولد لخمس ليال خلون من شعبان، لما رواه الشيخ أيضا في المصباح عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: ولد الحسين بن علي عليهما السلام لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع خلون من الهجرة.


وقال رحمه الله في التهذيب: ولد عليه السلام آخر شهر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة.

وقال الكليني قدس الله روحه: ولد عليه السلام سنة ثلاث.

وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: ولد عليه السلام بالمدينة آخرشهر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: يوم الخميس ثلاث عشر شهر رمضان.

وقال المفيد: لخمس خلون من شعبان سنة أربع.

وقال الشيخ ابن نما في مثير الاحزان: ولد عليه السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقيل الثالث منه، وقيل: أواخر شهر ربيع الاول سنة ثلاث وقيل: لخمس خلون من جمادي الاولي سنة أربع من الهجرة، وكانت مدة حمله ستة أشهر، ولم يولد لستة سواه وعيسي وقيل يحيي عليهم السلام.

وأقول: إنما اختار الشيخ رحمه الله كون ولادته عليه السلام في آخر شهر ربيع الاول مع مخالفته لما رواه من الروايتين السالفتين اللتين تدلان علي الثالث والرواية الاخري التي تدل علي الخامس من شعبان، ليوافق ما ثبت عنده، واشتهر بين الفريقين من كون ولادة الحسن عليه السلام في منتصف شهر رمضان، وما مر في الرواية الصحيحة في باب ولادتهما عليهما السلام من أن بين ولادتيهما لم يكن إلا ستة أشهر وعشرا، لكن مع ورود هذه الاخبار، يمكن عدم القول بكون ولادة الحسن عليه السلام في شهر رمضان، لعدم استناده إلي خبر علي ما عثرنا عليه، والله يعلم.

20 كا: العدة عن سهل، وعلي، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن زياد بن عيسي، عن عامر بن السمط، عن أبي عبدالله عليه السلام أن رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين بن علي عليهما السلام يمشي معه، فلقيه مولي له، فقال له الحسين: أين تذهب يا فلان؟ قال: فقال له مولاه، أفر من جنازة هذا المنافق أن اصلي عليها، فقال له الحسين عليه السلام: انظر أن تقوم علي يميني فما تسمعني أقول فقل مثله.

فلما أن كبر عليه وليه، قال الحسين عليه السلام: الله أكبر اللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك، وأصله


حر نارك، وأذقه أشد عذابك، فانه كان يتولي أعداءك، ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك [26] .

21 كا: العدة، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن مثني الحناط، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان الحسين بن علي عليهما السلام جالسا فمرت عليه جنازة، فقام الناس حين طلعت الجنازة [27] فقال الحسين عليه السلام: مرت جنازة يهودي فكان رسول الله صلي الله عليه وآله علي طريقها جالسا فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي فقام لذلك [28] 22 كا: علي، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل، جميعا عن ابن أبي عمير وصفوان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الحسين ابن علي صلوات الله عليه خرج معتمرا فمرض في الطريق، فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا [29] وهو مريض بها، فقال: يا بني ما تشتكي؟ فقال: أشتكي رأسي، فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلي المدينة فلما برأ من وجعه اعتمر [30] .

23 كا: أبوالعباس، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن عبدالحميد، عن سيف ابن عميرة، عن أبي شيبة الاسدي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خضب الحسين عليه السلام بالحناء والكتم [31] .


24 كا: العدة، عن البرقي، عن عدة من أصحابه، عن ابن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: قتل الحسين عليه السلام وهو مختضب بالوسمة.

وعنه، عن أبيه، عن يونس، عن الحضرمي عنه عليه السلام مثله [32] .



پاورقي

[1] تفسير العياشي ج 2 ص 257، والاية في النحل: 22 ولفظها " إنه لايحب المستکبرين ".

[2] يقال: انتهره: استقبله بکلام يزجره به وفي المصدر: " مشهر " فلو صح کان معناه أنه يشهر الناس بالفضائح ويهجوهم، ويحتمل أن يکون تصحيف " متهتر " أي مولع في تمزيق أعراض الناس بالفضائح والقبائح.

[3] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 65 و 66.

[4] المصدر ص 66.

[5] ولعله من المرارة أي صارت مرة ضد الحلوة.

[6] المصدر ج 4 ص 68.

[7] المصدر: ج 4 ص 69.

[8] المصدر: ج 4 ص 69 وص 72.

[9] مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 73 وص 75.

[10] النساء: 86.

[11] کشف الغمة: ج 2 ص 206.

[12] آل عمران: 134.

[13] لعق ظ.

[14] کشف الغمة: ج 2 ص 207 و 208.

[15] الانعام: 124.

[16] قد مر نظيرها في اخيه الحسن عليه السلام ج 43 ص 354 عن کتاب المناقب نقلا عن القاضي النعمان في شرح الاخبار وفيه: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: سل أي الغلامين شئت فقال الحسن الخ، راجع مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 10.

[17] الجمعة 8.

[18] کذا في الاصل نسخة المصنف وفي الکافي ج 1 ص 465 وهکذا نسخة الکمباني " فنبت لحم الحسين عليه السلام ".

[19] في المصدر: وروي الکلبي، وهو تصحيف.

[20] تري الحديثين في الکافي: ج 4 ص 571 و 572 باب موضع رأس الحسين.

[21] مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 77 و 78.



[22] مقاتل الطالبيين: ص 54.

[23] الاختصاص: ص 7.

[24] کشف الغمة: ج 2 ص 170 مع اختلاف.

[25] المصدر: ج 2 ص 216 و 217.

[26] الکافي: ج 3 ص 189 باب الصلاة علي الناصب الرقم 2، ومثله تحت الرقم 3.

[27] يعني ولم يقم الحسين عليه السلام.

[28] الکافي: ج 3 ص 192.

[29] بالضم: موضع بين المدينة ووادي الصفراء.

[30] الکافي: ج 4 ص 369 باب المحصور والمصدود الرقم 3 والحديث مختصر.

[31] الکافي: کتاب الزي والتجمل باب الخضاب الرقم 9 راجع ج 6 ص 481.

والحناء کقثاء نبات يزرع ويکبر حتي يقارب الشجر الکبار، ورقه کورق الرمان وعيدانه کعيدانه، له زهر أبيض کالعناقيد يتخذ من ورقه الخضاب الاحمر، والکتم بالتحريک نبت قوهي ورقه کورق الاس يخضب به مدقوقا.

[32] الکافي: ج 6 ص 483.