بازگشت

النص عليه بخصوصه، و وصية الحسن اليه


1 - عم: الكليني، عن علي، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن هارون بن الجهم قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام يقول: لما احتضر الحسن عليه السلام قال للحسين: يا أخي إني اوصيك بوصية إذا أنا مت فهيئني ووجهني إلي رسول الله صلي الله عليه وآله لاحدث به عهدا، ثم اصرفني إلي امي فاطمة عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع إلي آخر الخبر [1] .

2 عم: الكليني بإسناده، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما حضرت الحسن الوفاة قال: يا قنبر انظر هل تري وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد، فقال: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، قال: امض فادع لي محمد بن علي، قال: فأتيته فلما دخلت عليه قال: هل حدث إلا خير؟ قلت: أجب أبا محمد، فعجل عن شسع نعله فلم يسوه، فخرج معي يعدو.


فلما قام بين يديه سلم فقال له الحسن: اجلس فليس يغيب مثلك عن سماع كلام يحيي به الاموات، ويموت به الاحياء كونوا أوعية العلم، ومصابيح الدجي فان ضوء النهار بعضه أضوء من بعض أما علمت أن الله عزوجل جعل ولد إبراهيم أئمة وفضل بعضهم علي بعض، وآتي داود زبورا، وقد علمت بما استأثر الله محمدا صلي الله عليه وآله.

يا محمد بن علي إني لا أخاف عليك الحسد، وإنما وصف الله تعالي به الكافرين فقال: " كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " [2] ولم يجعل الله للشيطان عليك سلطانا، يا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك عليه السلام فيك؟ قال: بلي، قال: سمعت أباك يقول يوم البصرة: من أحب أن يبرني في الدنيا والآخرة فليبر محمدا، يا محمد بن علي لو شئت أن اخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لاخبرتك يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله في الكتاب الماضي وراثة النبي أصابها في وراثة أبيه وامه علم الله أنكم خير خلقه، فاصطفي منكم محمدا واختار محمد عليا واختارني علي للامامة واخترت أنا الحسين.

فقال له محمد بن علي: أنت إمامي [وسيدي] [3] وأنت وسيلتي إلي محمد والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا وإن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء، ولا تغيره بعد الرياح [4] كالكتاب المعجم، في الرق المنمنم، أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل، وما جاءت به الرسل وإنه لكلام يكل به لسان الناطق، ويد الكاتب [5] ولا يبلغ فضلك، وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله.


الحسين أعلمنا علما، وأثقلنا حلما، وأقربنا من رسول الله رحما، كان إماما قبل أن يخلق، وقرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم الله أن أحدا خير منا [6] ما اصطفي محمدا صلي الله عليه وآله فلما اختار محمدا واختار محمد عليا إماما، واختارك علي بعده واخترت الحسين بعدك، سلمنا ورضينا بمن هو الرضا، وبمن نسلم به من المشكلات [7] .

بيان: قوله: " فقال: الله " أي لا تحتاج إلي أن أذهب وأري فانك بعلومك الربانية أعلم بما اخبرك بعد النظر، ويحتمل أن يكون المراد بالنظر النظر بالقلب، بما علموه من ذلك، فانه كان من أصحاب الاسرار فلذا قال: أنت أعلم به مني من هذه الجهة، ولعل السؤال لانه كان يريد أولا أن يبعث غير قنبر لطلب ابن الحنفية فلما لم يجد غيره بعثه.

ويحتمل أن يكون أراد بقوله " مؤمنا " ملك الموت عليه السلام، فانه كان يقف ويستأذن للدخول عليهم فلعله أتاه بصورة بشر فسأل قنبرا عن ذلك ليعلم أنه يراه أم لا، فجوابه حينئذ أني لا أري أحدا وأن أعلم بما تقول، وتري مالا أري فلما علم أنه الملك بعث إلي أخيه.

" فعجل عن شسع نعله " أي صار تعجيله مانعا عن عقد شسع النعل، قوله: " عن سماع كلام " أي النص علي الخليفة، فان السامع إذا أقر فهو حي بعد وفاته، وإذا أنكر فهو ميت في حياته، أو المعني أنه سبب لحياة الاموات بالجهل والضلالة بحياة العلم والايمان، وسبب لموت الاحياء بالحياة الظاهرية أو بالحياة المعنوية إن لم يقبلوه، وقيل يموت به الاحياء أي بالموت الارادي عن لذات هذه النشأة الذي هو حياة اخروية في دار الدنيا وهو بعيد.

" كونوا أوعية العلم " تحريص علي استماع الوصية، وقبولها ونشرها، أو


علي متابعة الامام والتعلم منه، وتعليم الغير، قوله عليه السلام " فان ضوء النهار " أي لا تستنكفوا عن التعلم وإن كنتم علماء فان فوق كل ذي علم عليم، أو عن تفضيل بعض الاخوة علي بعض.

والحاصل أنه قد استقر في نفوس الجهلة بسبب الحسد أن المتشعبين من أصل واحد في الفضل سواء، ولذا يستنكف بعض الاخوة والاقارب عن متابعة بعضهم وكان الكفار يقولوه للانبياء: " ما أنتم إلا بشر مثلنا " [8] .فأزال عليه السلام تلك الشبهة بالتشبيه بضوء النهار في ساعاته المختلفة فان كله من الشمس، لكن بعضه أضوء من بعض كأول الفجر، وبعد طلوع الشمس، وبعد الزوال وهكذا، فباختلاف الاستعداد والقابليات تختلف إفاضة الانوار علي المواد.

وقوله: " أما علمت أن الله " تمثيل لما ذكر سابقا وتأكيد له، وقوله: " فجعل ولد إبراهيم أئمة " إشارة إلي قوله تعالي: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين - وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " [9] .وقوله " وفضل " الخ إشارة إلي قوله سبحانه " وفضلنا بعض النبيين علي بعض وآتينا داود زبورا " [10] .

" وقد علمت بما استأثر " أي علمت بأي جهة استأثر الله محمدا أي فضله، إنما كان لوفور علمه، ومكارم أخلاقه، لا بنسبه وحسبه، وأنت تعلم أن الحسين أفضل منك بجميع هذه الجهات، ويحتمل أن تكون " ما " مصدرية والباء لتقوية التعدية أي علمت استيثار الله إياه.

قوله " إني لا أخاف " فيما عندنا من نسخ الكافي " إني أخاف " ولعل ما هنا أظهر.

قوله عليه السلام: " ولم يجعل الله " الظاهر أن المراد قطع عذره في ترك ذلك، أي ليس للشيطان عليك سلطان يجبرك علي الانكار، ولا ينافي ذلك قوله تعالي " إنما سلطانه علي الذين يتولونه " [11] لان ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل الله، أو السلطان في الآية محمول علي ما لا يتحقق معه الجبر، أو المعني أنك من عباد الله الصالحين


وقد قال تعالي " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " [12] ويحتمل أن تكون جملة دعائية.

قوله عليه السلام " وعندالله " في الكافي: " وعند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلي الله عليه وآله أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه وامه صلي الله عليهما، فعلم الله " أي كونه إماما مثبت عند الله في اللوح أو في القرآن، وقد ذكر الله وراثته مع وراثة أبيه وامه كما سبق في وصية النبي صلي الله عليه وآله، فيكون " في " بمعني " إلي " أو " مع " ويحتمل أن تكون " في " سببية كما أن الظاهر مما في فضائلك ومناقبك " لا تنزفه الدلاء " أي لا تفنيه كثرة البيان، من قولك نزفت ماء البئر، إذا نزحت كله، " ولا تغيره بعد الرياح " كناية عن عذوبته وعدم تكدره بقلة ذكره، فان ما لم تهب عليه الرياح تتغير، وفي الكافي " نغمة الرياح " وإن ذلك أيضا قد يصير سببا للتغير أي لا يتكرر ولا يتكدر بكثرة الذكر ومرور الازمان، أو كني بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحق كما قال تعالي " يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم " [13]

قوله كالكتاب المعجم: من الاعجام بمعني الاغلاق يقال: أعجمت الكتاب خلاف أعربته، وباب معجم كمكرم مقفل، كناية عن أنه من الرموز والاسرار، أومن التعجيم، أو الاعجام بمعني إزالة العمجمة بالنقط والاعراب، أشار به إلي إبانته عن المكنونات " والرق " ويكسر جلد رقيق يكتب فيه، والصحيفة البيضاء، ويقال: نمنه أي زخرفه، ورقشه، والنبت المنمنم الملتف المجتمع، وفي بعض نسخ الكافي المنهم من النهمة بلوغ الهمة في الشئ كناية عن كونه ممتلئا أو من قولهم: انهم البرد والشحم، أي ذابا كناية عن إغلاقه كأنه قد ذاب ومحي.

قوله: فأجدني: أي كلما أهم أن أذكر من فضائلك شيئا أجده مذكورا في كتاب الله وكتب الانبياء، وقيل: أي سبقتني إليه أنت وأخوك لذكره في القرآن


وكتب الانبياء، وعلمها عندكما، والظاهر أن " سبق " مصدر ويحتمل أن يكون فعلا ماضيا علي الاسيتناف، وعلي التقديرين سبقت علي صيغة المجهول و " إنه " أي ما في رأسي.

وفي بعض نسخ الكافي بعد قوله ويد الكاتب: " حتي لا يجد قلما ويؤتي بالقرطاس حمما " وضمير يجد للكاتب وكذا ضمير يؤتي أي يكتب حتي تفني الاقلام وتسود جميع القراطيس، والحمم بضم الحاء وفتح الميم جمع الحممة كذلك أي الفحمة يشبه بها الشئ الكثير السواد، وضمير يبلغ للكاتب.

أعلمنا علما: علما تميز للنسبة علي المبالغة والتأكيد.

كان إماما، وفي الكافي كان فقيها قبل أن يخلق: أي بدنه الشريف كما مر أن أرواحهم المقدسة قبل تعلقا بأجسادهم المطهرة كانت عالمة بالعلوم اللدنية ومعلمة للملائكة.

قبل أن ينطق: أي بين الناس كما ورد أنه عليه السلام أبطأ عن الكلام أو مطلقا إشارة إلي علمه في عالم الارواح وفي الرحم.

وفي الكافي في آخر الخبر " من بغيره يرضي ومن كنا نسلم به من مشكلات أمرنا " فقوله " من بغيره يرضي " الاستفهام للانكار، والظرف متعلق بما بعده وضمير يرضي راجع إلي من، وفي بعض النسخ بالنون وهو لا يستقيم إلا بتقدير الباء في أول الكلام أي بمن بغيره نرضي، وفي بعضها من بعزه نرضي أي هو من بعزه وغلبته نرضي، أو الموصول مفعول رضينا " ومن كنا نسلم به " أيضا إما استفهام إنكار بتقدير غيره، ونسلم إما بالتشديد فكلمة من تعليلية أو بالتخفيف أي نصير به سالما من الابتلاء بالمشكلات، وعلي الاحتمال الاخير في الفقرة السابقة معطوف علي الخبر أو علي المفعول ويؤيد الاخير فيهما ما هنا.



پاورقي

[1] رواه في الکافي ج 1 ص 300.

[2] البقرة: 109.

[3] کذا في نسخة الاصل نسخة المصنف قدس سره وفي الکافي وأنت امام وأنت وسيلتي.

[4] في المصدر: نغمة الرياح.

[5] زاد في المصدر: حتي لا يجد قلما ويؤتوا بالقرطاس حمما.

[6] في هامش نسخة المصنف نقلا عن الکافي: ولو علم الله في احد غير محمد خيرا لما اصطفي.

[7] الکافي ج 1 ص 301 و 302 مع اختلاف يسير.

[8] يس: 15.

[9] الانبياء: 73.

[10] اسري: 55.

[11] النحل: 100.

[12] الحجر: 42.

[13] الصف: 8.