بازگشت

فاصبحتم البا لاعدائكم علي اوليائكم


وهذه هي الردّة الثانية ، و هي اعظم من الاولي . و تحدّث الإمام (ع) عن الردّة الاولي في قوله (ع): «سللتم علينا سيفاً لنا في ايمانكم ...» في الردّة الاولي تحوّلت السيوف من جانب اهل بيت رسول الله الي جانب اعداء اهل البيت و خصومهم ، و قد حدّدها الفرزدق عندما التقي بالحسين (ع) في الطريق الي العراق بشكل دقيق حيث قال للإمام (ع): «قلوبهم معك و سيوفهم عليك ». وهو تشخيص دقيق للحالة النفسية والسياسية للناس يومئذٍ؛ فقدكانت قلوبهم مع الحسين (ع) حتي ذلك الوقت ، ولكن مواقفهم السياسية كانت لبني اُمية .. وهذه هي البداية ، وهي الردّة الاولي .

و الحالة السوية أن تتوافق القلوب و السيوف في جانب الحق ّ فإذا تخالفت السيوف والقلوب فتلك هي المحطة الاولي للردّة .

و المحطة الثانية للردّة ، هي أن تتوافق القلوب و السيوف علي عداءو قتال أهل البيت (ع).

و هذا هو الذي يحدّثنا عنه الإمام (ع) في هذه الفقرة :

«فأصبحتم إلباً لاعدائكم علي اوليائكم ».

والإلب : القوم يجمعهم عداء واحد.

ولابد من توضيح وشرح لهذه الكلمة :

إن (الاُمة ) مجموعة من الناس ، يجمعهم ولاء واحد و براءة واحدة ،و هذا هو اسلم وادق ّ تعبير للامة .

وهذه الامة يجمعها الولاء لله و لرسوله و لائمّة المؤمنين (إنّما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون ) فمن يقبل بهذا الولاء، فهو من هذه الاُمة ، ومن يرفض هذا الولاء او بعضه ،فليس من هذه الاُمة .

و تجمع هذه الاُمة براءة من الطاغوت الذي امرنا الله تعالي ان نكفربه ، و براءة من المشركين ؛ فمن تبرا منهما دخل في هذه الامة ، و من لم يتبرا منهما لم يدخل في هذه الاُمة : (ان اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت ).

فيقول لهم الإمام (ع) يوم عاشوراء: لقد كانت تجمعنا بكم براءة واحدة من اعداء الله، وعداء واحد لهم ، وولاء واحد لاولياء الله، و قد اصبحتم اليوم : (إلباً لاعدائكم علي اوليائكم ).

يجمعكم بأعدائكم العداء لاوليائكم ، بعكس ما يجب ان يكون تماماً. و الحالة السويّة ان يجمعكم باوليائكم العداء لاعدائكم ، و هذه ردّة كاملة بعد الردّة الاولي ، وهي المحطة الثانية من الردّة ، و هو تعبير دقيق جداً لحال الناس الذين خاطبهم الحسين (ع) في عاشوراء.

و هذا هو الانقلاب في بؤرتي (الحب والبغض ) او (الولاء و البراءة ).و هو أقصي درجات الردّة في شخصية الانسان .