بازگشت

سللتم علينا سيفا في ايمانكم


الناس علي خارطة الصراع ثلاث طوائف :

الاولي والثانية طرفا الصراع والثالثة الفئة المتفرّجة علي ساحة الصراع ، المتخلّفة عن الحق ، وهي شريحة واسعة من المجتمع .

امّا الاولي والثانية فهما يدفعان ضريبة الصراع ، و ضريبة الصراع ان تتساقط الايدي والرؤوس ، وهي تعم ّ طرفي الصراع علي نحو سواء، و لايختص بجانب (الحق ) او (الباطل )، وهذه سنّة الله تعالي في كل صراع ،يقول تعالي : (إن تكونوا تالمون فإنهم يالمون كما تالمون ، وترجون من الله ما لايرجون ).

و يقول تعالي : (إن يمسسكم قرح فقد مس ّ القوم قرح مثله ، و تلك الايام نداولها بين الناس ).

و يتميّز جانب الحق في هذا الصراع ، بتاييد الله تعالي و إسناده تعالي و نصره لهم في الصراع ، وقد وعد الله تعالي المؤمنين بذلك ، يقول تعالي :(إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ) (كتب الله لاغلبن انا و رسلي ).

و هو ما يرجوه المؤمنون من الله في ساحة الصراع (و ترجون من الله مالا يرجون ).

و لهذا الرجاء اثر في تطمين ودعم نفوس المؤمنين في ساحة المعركة . امّا النصر الإلهي فهو الذي يقرّر نتيجة الصراع لصالح المؤمنين .

هذا عن الفئتين المتقاتلتين .

وأمّا الفئة الثالثة فهي فئة معقّدة ، شديدة التعقيد، سهلة الانزلاق الي جانب الباطل مكشوفة للعدو.

وهذه الخصائص تجعل هذه الفئة معرّضة للانزلاق الي جانب الباطل في كل حال .

وهؤلاء هم الذين يخاطبهم الحسين (ع) في يوم عاشوراء، فقد غمد هؤلاء سيوفهم في ايام علي (ع) والحسن (ع)، وتخاذلوا عن نصرة علي (ع) في صفين ، و عن نصرة الحسن (ع) بعد ذلك ، حتي التجا الإمام الحسن (ع)،لان يهادن معاوية للإبقاء علي من تبقي من شيعة أبيه علي (ع).

فلمّا غمدوا سيوفهم عن نصرة علي (ع) والحسن (ع) سلّها معاوية ،و بعده يزيد في وجه الحسين (ع) يوم عاشوراء.

ولم يطل الغمد بهذه السيوف ، فإن ساحة الصراع ترفض المتفرجين و المتخلّفين ، ومن لم يقف مع الحق في ساحة الصراع ، وآثر العافية علي ضرّاء القتال لابد ان يقف الي جانب الباطل في وقت قريب ، فإن مواقف انصار الحق ثابتة وحصينة لا ينال منها العدو، و مواقف المتخلفين سهلة الانزلاق الي جانب العدو، ومكشوفة لهم ، يسهل لهم ، الوصول اليها،و إغراؤهم و استمالتهم اليهم ، أو إرهابهم و إرعابهم علي مثل هذا الانقلاب الي جهة الباطل .

ومن هنا نقول : إن مواقع الناس في ساحة الصراع تؤول الي موقعين في النتيجة النهائية : اما الوقوف الي جانب الحق ، ولاءً، و براءة ً، واما الوقوف الي جانب الباطل من الولاء والبراءة ، كذلك .

هؤلاء هم الذين يخاطبهم الحسين (ع) في كربلاء:

غمدوا سيوفهم عن اخيه الحسن (ع) من قبل ، وها هم يسلّون سيوفهم عليه اليوم في كربلاء.

فيقول لهم :

سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم ..

و السيف : القوة ، وقد كان العرب قبل الإسلام امّة معزولة في الصحراء عن العالم ، ضعيفة ، لا قوة لها و لا سلطان و لا مال ، فمكّنهم الإسلام من القوة و المال ، و حمّلهم رسالة التوحيد، وفتح لهم مشارق الارض و مغاربها، و جعلهم سادة و أئمة و حكّاماً علي وجه الارض .

و الشام كانت يومئذٍ مركزاً لهذا السلطان الذي جاء به الإسلام الي العرب ، وكانت الشام تبسط نفوذها السياسي و العسكري علي أجزاء واسعة من آسيا و أفريقيا.

فيقول لهم الحسين (ع) في كربلا، يوم عاشوراء:

إن الله هداكم بجدّي رسول الله و رزقكم به (ص) هذا السلطان الواسع علي وجه الارض . وجعلكم به أئمة وسادة في الارض .. فهذا السلطان (السيف ) لنا في أيمانكم ،ولكنكم تخاذلتم من نصرة ابي و اخي من قبل وغمدتم سيوفكم عن نصرتهم ، وها أنتم اليوم تسلّون السيف الذي جعله رسول الله (ص) في أيمانكم ، بوجه ابن بنت رسول الله و تقاتلونه به .

و قد كان أحري بكم ان تقاتلوا بهذا السيف معاوية بن ابي سفيان من قبل الي جانب ابي واخي ، ويزيد بن معاوية اليوم الي جانبي .