بازگشت

موطنا علي لقاء الله نفسه


وهذه هي النقطة الرابعة والخامسة في الخطاب الحسيني ، فالإمام (ع) في هذه الفقرة يشير الي قضيتين أُخريين في دعوته و هما (الإخلاص ) و (التوطين ).

و لابد منهما معاً في مثل هذا المشروع الثوري الضخم الذي ينهض به الحسين (ع).

و الإمام (ع) يشير الي (الإخلاص ) بقوله : «موطّناً علي لقاء الله نفسه »،و يطلب ممّن يصحبه في هذه الرحلة ان يوطّنوا أنفسهم فقط للقاء الله،و ليس لايّة غاية أخري . وأيّة غاية أخري غير لقاء الله لا قيمة لها في هذه الرحلة .

و هذا النص هو أول رواية يذكرها البخاري في كتابه (الجامع الصحيح ) عن رسول الله(ص):

«إنّما الاعمال بالنبيات ، و إنما لكل امري ما نوي ؛ فمن كانت هجرته الي دنيا يصيبها او الي امراة ينكحها فهجرته الي ماهاجر اليه ).

و الارتباط به (ع) الذي عبّر عنه بكلمة (فينا)، والذي شرحناه من قبل انتماء وليس غاية ، وإنما هو واسطة للارتباط بالله. وإبتغاء وجه الله و مرضاته هو الغاية ، و في نفس الوقت هو المبدأ في تسلسل حلقات الولاء، و إذا انقطعت أية حلقة من حلقات الولاء من الله تعالي سقطت ،وفقدت كل قيمتها.

و محاور الولاء، و منها الحسين (ع) جسور، وسبل الي لله، و الي هذا المعني تشير الفقرات الواردة في زيارة (الجامعة الكبيرة ) المعروفة :

السلام علي محال ّ معرفة الله، و مساكن بركة الله و معادن حكمة الله.السلام علي الدعاة الي الله و الادلاّء علي مرضاة الله و المستقرين في امرالله.

ولكيلا نتصور أن كلمة (فينا) الواردة في هذه الدعوة الحسينية غاية في حدّ ذاتها، يتدارك الإمام (ع) سريعاً و يقول : «و موطّناً علي لقاء الله نفسه »و هذا هو معني الإخلاص و التوحيد في (الولاء).