بازگشت

فينا


وهذه قضية ثالثة في دعوة الحسين (ع) فهو يريد اوّلاً من الناس ان يضحّوا بمهجهم .

و يطلب منهم ثانياً ان تكون هذه التضحية عن اختيار و بصيرة و بذل .

و يطلب منهم ثالثاً ان يكون هذا الجهد و هذه التضحية (فيهم ) (ع)،وهي مسالة الانتماء والولاء، لا في جهة أخري و لغاية أخري من الغايات التي يعمل لها الناس .

و هذه مسالة في غاية الاهمية فإن قيمة العمل ليس في حجمه و نوعه و شكله فقط وإنما في انتمائه ايضاً.

فقد خرج كثيرون علي بني امية و نقموا عليهم ، و نشروا مثالبهم ،و قاتلوهم ، و تحمّلوا العذاب و المطاردة و الخوف و الرعب في سبيل ذلك ،وضحوا بأنفسهم في ذلك ، ولكن لغايات شخصية او سياسية او قبلية و عشائرية . وليس علي خط الولاء السياسي و العقائدي الذي فرضه اللهتعالي في قوله تعالي : (إنّما وليكم الله و رسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون ).

لقد خرج عليهم عبدالله بن الزبير، و خرج عليهم الخوارج ، و خرج عليهم ابو مسلم الخراساني وآخرون من الناس ، وليس بإمكاننا ان نستهين بالجهد و التضحية التي بذلوها في هذا السبيل ، ولكن كان ينقصهم الانتماء و الولاء و الذي يعبر عنه الإمام (ع) بهذه الكلمة : (فينا).

و لا قيمة للعمل اذا فقد حالة (الانتماء) و الارتباط و الولاء، علي الخط الذي يحدده الله ورسوله .

و هذه المقولة خاصة بهذا الدين ، وليس في الانظمة الفكرية و السياسية الاخري قيمة لارتباط العمل و انتمائه ، وانما يقيّم العمل بنوعه و حجمه وصفته . و اما في الإسلام فالامر يختلف اختلافاً كبيراً، و يكتسب العمل قيمته الحقيقية بنوعية العمل و ارتباطه و انتمائه . و لمحاور الولاء حلقات يتصل بعضها ببعض ، وينتهي الي الله تعالي و هو مبدا الولاء و اساسه في الاسلام .

و الحسين (ع) حلقة في هذه السلسة ؛ ولذلك فهو يشترط في هذه الدعوة ان تكون التضحية و البذل (فيه ).