بازگشت

مقارنة بين الحر الرياحي و عبيدالله بن الحر الجعفي


وليس كل ّ الناس كانوا يفهمون حقيقة دعوة الحسين (ع) يومئذٍ، و قد أدرك ناس من الجبهة الاخري المواجهة والمناوأة للحسين (ع) جوهرهذه الدعوة ، و جهلها آخرون من موقع المتخلّفين ، وموقع التخلف اهون علي كل حال من موقع المواجهة علي خارطة الصراع .

ولنذكر علي ذلك مثالاً عن هذا الموقع و ذاك :

لقد ادرك الحر بن يزيد الرياحي ؛ ـ و هو يشغل يومئذٍ رسمياً موقع المواجهة من معسكر الحسين (ع) ـ حقيقة الدعوة الحسينية ، وعلم ان الحسين لا يطلب من الناس مالاً و لا زعامة و لا سلطاناً وإنما يطلب منهم مهجهم و أفئدتهم ، بينما لم يعرف عبيدالله بن الحر الجعفي هذه الحقيقة في دعوة الحسين ، فلما دعاه الحسين (ع) الي ان ينصره ويقف معه اعتذرعن الاستجابة ، و قال : ما عسي ان اغني عنك ولم اخلّف لك بالكوفة ناصراً؟ فانشدك الله ان تحملني علي هذه الخطة فإن نفسي لا تسمح بالموت ، ولكن فرسي هذه (الملحقة ) والله ما طلبت عليها شيئاً قط إلاّ لحقته ، و لا طلبني احد وانا عليها إلاّ سبقته ، فخذها فهي لك .

فقال له الحسين (ع): «اما إذا رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا في فرسك ».

ولو كان يعي ابن الحر الجعفي ما يطلبه الحسين منه لم يكن يقدّم للحسين فرسه عوضاً عن نفسه ودمه ومهجته .

وهذا فارق في الوعي بين الحر وابن الحر، علماً بان عبيدالله بن الحر الجعفي لم يكن يومئذٍ في موقع المواجهة الرسمية و المعلنة مع الحسين (ع)، و إنما كان يحرص الاّ يلتقي بالحسين (ع) لئلا يُحرجه الإمام ويطلب منه النصرة ، ثم لمّا طلب منه الإمام (ع) النصرة اعتذر و تخلف و كان في عداد (المتخلّفين ) عن نصرة الإمام ، وندم بعد ذلك علي تخلفه عن الحسين (ع)، فلم ينفعه ندمه .

و موقع عبيدالله بن الحر الجعفي ، مهما كان اهون من موقع الحر الرياحي ، ولكن هذا قد ادرك من الحسين (ع) مالم يدركه ذاك ، و هذا هو فارق الوعي .

و الفارق الآخر بين الحرّين ، أن الحر الرياحي اعطي للحسين (ع) مايريد، اما عبيدالله بن الحر الجعفي فقد اعتذر الي الإمام عن النصرة ، و قال للإمام بصراحة : (إن نفسي لا تسمح بالموت ).

و هذا فارق في (العطاء).

و الانسان (وعي ) و (عطاء).

و هذا هو الفارق بين الحر وابن الحر.