بازگشت

ماجري لاهل بيته في دمشق


1 - قال الصدوق: أمر ابن زياد بالسبايا و رأس الحسين فحملوا الي الشام فلقد حدث جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة انهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن علي الحسين عليه السلام الي الصباح و قالوا فلما دخلنا دمشق ادخل بالنساء و السبايا بالنهار مكتشفات الوجوه، فقال أهل الشام الجفاة مارأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم فقالت سكينة ابنة الحسين نحن سبايا آل محمد فاقيموا علي درج المسجد حيث يقام السبايا و فيهم علي بن الحسين عليهماالسلام و هو يومئذ فتي شاب فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم: الحمدلله الذي قتلكم و أهلكم و قطع قرن الفتنة فلم يألوا عن شتمهم.

فلما انقضي كلامه قال له علي بن الحسين عليه السلام: أما قرأت كتاب الله عزوجل قال نعم قال: أما قرأت هذه الاية «قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربي» قال بلي قال: فنحن أولئك ثم قال اما قرأت «و آت ذاالقربي حقه» قال بلي قال فنحن هم، فهل قرأت هذه الاية «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا» قال بلي قال فنحن هم فرفع الشامي يده الي السماء ثم قال: اللهم اني أتوب اليك ثلاث مرات، اللهم اني أبرء اليك من عدو آل محمد و من قتلة أهل بيت محمد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم.

ثم ادخل نساء الحسين عليه السلام علي يزيد بن معاوية فصحن نساء آل يزيد و بنات معاوية و أهله و ولولن و أقمن الماتم و وضع رأس الحسين بين يديه فقالت سكينة و الله ما رأيت أقسي قلبا من يزيد و لا رأيت كافرا و لا مشركا شرا منه و لا


أجفأ منه و أقبل يقول و ينظر الي الرأس:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل



ثم امر برأس الحسين فنصب علي باب مسجد دمشق فروي عن فاطمة بنت علي عليه السلام، انها قالت لما اجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا أول شي و ألطفا ثم ان رجلا من أهل الشام أحمر، قام اليه فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية تعينني، و كنت جارية و ضيئة فارعبت و فزعت و ظننت انه يفعل ذلك فاخذت بثياب اختي و هي اكبر مني، و أعقل فقالت كذبت و الله و لعنت ماذاك لك و لا له فغضب يزيد فقال بل كذبت و الله لو شئت لفعلته قالت لا و الله ما جعل الله ذلك لك الا ان تخرج من ملتنا و تدين بغير ديننا.

فغضب يزيد ثم قال اياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك و أخوك فقالت بدين الله و دين أبي و اخي و جدي اهتديت أنت و جدك و أبوك قال كذبت يا عدوة الله قالت أمير يشتم ظالما و يقهر بسلطانه قالت فكانه لعنه الله استحيي فسكت فأعاد الشامي فقال يا أميرالمومنين هب لي هذه الجارية فقال له اعزب وهب الله لك حتفا قاضيا [1] .

2 - حدثني محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن لوط بن يحيي، عن الحرث بن كعب، عن فاطمة بنت علي صلوات الله عليهما ان يزيد لعنه الله أمر بنسآء الحسين عليه السلام فحبس مع علي بن الحسين عليه السلام في محبس لايكنهم من حر و لا قر حتي تقشرت وجوههم و لم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض الا وجد تحته دم عبيط و أبصر الناس الشمس علي الحطيان حمراء كأنه الملاحف المعصفرة الي ان خرج علي بن الحسين عليه السلام بالنسوة و رد رأس الحسين الي كربلاء [2] .


3 - قال المفيد: لما اصبح عبيدالله بن زياد بعث برأس الحسين عليه السلام فدير به في سكك الكوفة كلها و قبايلها فروي عن زيد بن أرقم انه قال مربه علي و هو علي رمح و أنا في غرفة لي، فلما حاذاني سمعته يقرأ «ام حسبت أن اصحاب الكهف و الرقيم كانوا من اياتنا عجبا» فقف و الله شعري، و ناديت رأسك و الله يابن رسول الله أعجب و أعجب و لما فرغ القوم من الطواف به في الكوفة ردوه الي باب القصر، فدفعه، ابن زياد الي زحر بن قيس و دفع اليه رؤس أصحابه و سرحه الي يزيد بن معاوية و أنفذ معه ابابردة بن عوف الأزدي و طارق بن أبي ظبيان في جماعة من أهل الكوفة حتي وردوا بها علي يزيد بن معاوية بدمشق. [3] .

4 - عنه روي عبدالله بن ربيعة الحميري قال اني لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذا أقبل زحر بن قيس حتي دخل عليه فقال له يزيد ويلك ما ورائك و ما عندك فقال أبشر يا أميرالمومنين بفتح الله و نصره، و رد علينا الحسين بن علي عليهماالسلام في ثمانية عشر رجلا من أهل بيته و ستين من شيعته فسرنا اليهم، فسئلناهم ان يتسلموا أو ينزلوا علي حكم الأمير عبيدالله بن زياد أو القتال فاختار و القتال علي الاستسلام فعدونا عليهم مع شروق الشمس فأحطنا بهم من كل ناحية حتي اذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم و جعلوا يهربون الي غير وزر و يلوذون منا بالآكام و الحفر لوذا كما لا ذالحمام من صقر.

فوالله يا أميرالمؤمنين ما كانوا الا جزر جزور أو نومة قائل حتي أتينا علي آخرهم فهاتيك أجسادهم مجردة و ثيابهم مرملة و خدودهم معفرة تصهرهم الشموس و تسفي عليهم الرياح زوارهم العقبان و الرخم، فأطرق يزيد هنيئة ثم رفع رأسه فقال قد كنت أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين عليه السلام، أما لو أني صاحبه لعفوت عنه [4] .


5 - عنه ثم ان عبيدالله بن زياد بعد انفاذه برأس الحسين عليه السلام أمر بنسائه و صبيانه فجهزوا و أمر بعلي بن الحسين عليهماالسلام فغل الي عنقه ثم سرح بهم في أثر الرؤس مع محفر بن ثعلبة العائذي و شمر بن ذي الجوشن فانطلقوا بهم حتي لحقوا بالقوم الذين معهم الرأس و لم يكن علي بن الحسين يكلم أحدا من القوم الذين معهم الراس في الطريق كلمة حتي بلغوا فلما انتهوا الي باب يزيد رفع محفر بن ثعلبة صوته، فقال هذا محفر بن ثعلبة أتي أميرالمؤمنين باللئام الفجرة فأجابه علي بن الحسين عليهماالسلام ما ولدت ام محفر أشر و ألأم، قال و لما وضعت الرؤس بين يدي يزيد و فيها رأس الحسين عليه السلام قال يزيد:



ففلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



فقال يحيي بن الحكم أخو مروان بن الحكم و كان جالسا مع يزيد:



لهام بأدني الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل



أمية امسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل



فضرب يزيد في صدر يحيي بن الحكم يده و قال اسكت ثم قال لعلي بن الحسين عليهماالسلام يا ابن حسين أبوك قطع رحمي و جهل حقي و نازعني سلطاني فصنع الله به ما قدر رأيت فقال علي بن الحسين عليهماالسلام: «ما أصاب من مصيبة في الارض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك علي الله يسير» فقال يزيد لأبنه خالد اردد عليه فلم يدر خالد ما يرد عليه فقال له يزيد قل «ما أصابكم من مصيبة فمما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير».

ثم دعي بالنساء و الصبيان فاجلسوا بين يديه فراي هيئة قبيحة فقال قبح الله ابن مرجانة لو كانت بينه و بينكم قرابة و رحم ما فعل هذا بكم، و لا بعث بكم علي هذه الحالة فقالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام، فلما جلسنا بين يدي يزيد رق لنا، فقام اليه رجل من أهل الشام أحمر، فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية


يعنيني و كنت جارية و ضيئة فارعدت و ظننت ان ذلك جائزلهم، فاخذت بثياب عمتي زينب و كانت تعلم ان ذلك لا يكون، فقالت عمتي للشامي كذبت و الله ما ذاك لك و لاله.

فغضب يزيد و قال كذبت ان ذلك لي و لو شئت أن أفعل لفعلت قالت كلا و الله ما جعل الله لك ذلك الا ان تخرج من ملتنا و تدين بغيرها فاستطار يزيد غضبا و قال اياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك و أخوك قالت: بدين الله و دين أبي و دين أخي اهتديت أنت و جدك و أبوك، ان كنت مسلما قال كذبت يا عدوة الله قالت له أنت أمير تشتم ظالما و تقهر بسلطانك فكانه استحيي و سكت، فعاد الشامي فقال هب لي هذه الجارية فقال له يزيد أعزب و هب الله لك حتفا قاضيا، ثم أمر بالنسوة ان ينزلن في دار عليحدة معهن أخوهن علي بن الحسين عليهماالسلام فأفرد لهم دار تتصل بدار يزيد فأقاموا أياما [5] .

6 - قال الطبرسي: فلما فرغ القوم من الطواف به ردوه الي باب القصر، فدفعه ابن زياد الي زحر بن قيس و دفع اليه رؤوس أصحابه، و سرحه الي يزيد بن معاوية و أنفذ معه جماعة من أهل الكوفة حتي و ردوا بها الي يزيد بن معاوية بدمشق، فقال يزيد: قد كنت أقنع و أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين، أما لو أني كنت صاحبه لعفوت عنه.

ثم ان عبيدالله بن زياد بعد انفاذه برأس الحسين أمر بنسائه و صبيانه فجهزوا و أمر بعلي بن الحسين أن يغل بغل في عنقه ثم سرح به الي أثر الرأس مع محفر بن ثعلبة العائذي و شمر بن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتي لحقوا بالقوم الذين معهم الرأس، و لم يكن علي بن الحسين عليهماالسلام يكلم أحدا من القوم في الطريق كلمة حتي بلغوا باب يزيد بن معاوية فرفع محفر بن ثعلبة صوته فقال: أتي محفر بن ثعلبة


أميرالمؤمنين باللنام الفجرة، فأجابه علي بن الحسين عليه السلام: ما ولدت ام محفر أشر و الأم، و لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد و فيها رأس الحسين عليه السلام قال يزيد:



ففلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



فقال يحيي بن الحكم أخو مروان بن الحكم و كان جالسا مع يزيد:



لهام بأدني الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل



أمية أمسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل



فضرب يزيد في صدر يحيي بن الحكم و قال: اسكت، ثم قال لعلي بن الحسين عليه السلام: أبوك قطع رحمي و جهل حقي و نازعني سلطاني فصنع الله به ما قد رأيت، فقال علي بن الحسين:«ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير» فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه، فلم يدر خالد ما يرد عليه فقال له يزيد: قل «ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير» ثم دعا بالنساء و الصبيان فأجلسوا بين يدي فرأي هيئة قبيحة.

فقال: قبح الله ابن مرجانة لو كانت بينكم و بينه قرابة و رحم ما فعل هذابكم و لا بعث بكم علي هذا، قالت فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام: فلما جلسنا بين يديه رق لنا فقام رجل من أهل الشام فقال: يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية يعنيني و كنت جارية و ضيئة فارعدت و ظننت أن ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب عمتي زينب و كانت تعلم أن ذلك لا يكون فقالت عمتي للشامي: كذبت و لؤمت ما ذلك لك و لاله فغضب يزيد و قال: كذبت ان ذلك لي و لو شئت لفعلت، قالت: كلا و الله ما جعل الله ذلك لك الا أن تخرج من ملتنا و تدين بغيرها.

فاستطار يزيد غضبا و قال: اياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك و أخوك، قالت زينب بدين الله و بدين أبي و أخي اهتديت أنت و جدك و أبوك ان كنت مسلما، قال: كذبت يا عدوة الله، قالت: أنت أمير تشتم ظالما و تقهر


بسلطانك، فأنه استحيي و سكت، فعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية فقال له يزيد: اعزب و هب الله لك حتفا قاضيا، ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في دار عليحدة، معهن علي بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام فأنزلوهم دارا تتصل بدار يزيد فأقاموا أياما [6] .

7 - قا الفتال ثم أمر ابن زياد بالسبايا و رأس الحسين فحملوا الي الشام، و لقد حدث جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة انهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن علي الحسين عليه السلام الي الصباح و قالوا: لما دخلنا دمشق ادخل بالنساء و السبايا بالنهار مكشفات الوجوه، فقال أهل الشام الجفاة، ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم فقالت سكينة بنت الحسين عليه السلام نحن سبايا آل محمد فأقيموا علي درج المسجد حيث يقام السبايا و فيهم علي بن الحسين عليه السلام، و هو يومئذ فتي شاب فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم: الحمدلله الذي قتلكم و أهلككم و قطع قرن الفتنة فلم يأل عن شتمهم.

فلما انقضي كلامه فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام أما قرات كتاب الله عزوجل قال نعم قال أما قرات هده الاية «قل لا أسئلكم عليه أجر الا المودة في القربي» قال بلي قال فنحن اولئك ثم قال أما قرأت «آت ذالقربي حقه» قال بلي قال فنحن هم ثم قال فهل قرات هذه الاية «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا» قال بلي قال فنحن هم فرفع الشامي يده الي السماء ثم قال.

اللهم اني أتوب اليك ثلث مرات، اللهم اني أبرأ اليك من عدو آل محمد و من قتل أهل بيت محمد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم، ثم ادخل نساء الحسين عليه السلام علي يزيد بن معوية لعنهما الله و أخزاهما فصحن نساء أهل يزيد و بنات معاوية و أهله و ولو لن و أقمن الماتم و وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه لعنه


الله فقالت سكينة و الله ما رأيت أقسي قلبا من يزيد و لا أريت كافرا و لا مشركا أشر منه و لا أجفا منه و وضع الرأس بين يديه و أقبل يزيد و يقول و ينظر الي الراس:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



لاستهلوا و استطار و افرحا

و لقالوا يا يزيد لاتشل



ما أبالي بعد فعلي بهم

نزل الويل عليهم أم رحل



لست من خندف ان لم انتقم

من بني أحمد ما كان فعل



قد قتلنا الشيب من أبنائهم

و عدلناه ببدر فاعتدل



فبذالك الشيخ أوصاني به

فاتبعت الشيخ في قصد سبل



لعبت هاشم بالملك فلا

خبرجاء و لا وحي نزل



ثم امر برأس الحسين عليه السلام فنصب علي باب مسجد دمشق فروي عن فاطمة بنت علي عليه السلام انها قالت لما أجلسنا بين يدي يزيد لعنه الله رق لنا اول شي و الطفنا، ثم ان رجلا من أهل الشام أحمر، قام اليه فقال له يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية، يعنيني و كنت جارية و ضيئة فارعبت و فزعت و ظننت أنه يفعل ذلك فاخذت بثياب أختي و هي اكبر مني و أعقل فقالت كذبت و الله و لعنت ما ذاك لك و لا له فغضب يزيد لعنه الله و قال بل كذبت و الله لو شئت لفعلته.

قالت و الله ما جعل الله ذلك لك الا ان تخرج من ملتنا و تدين بغير ديننا، فغضب يزيد لعنه الله قال اياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك و أخوك فقالت بدين الله و دين جدي و أبي و اخي اهتديت أنت و جدك و أبوك قال كذبت يا عدوة الله قالت أمير يشتم ظالما و يقهر بسلطانه قالت فكانه لعنه الله استحيا فسكت فعاد الشامي لعنه الله فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية فقال اعزب و هبك الله حتفا قاضيا ثم ان يزيد لعنه الله امر بنساء الحسين عليه السلام فحبسن مع علي بن


الحسين عليهماالسلام في مجلس لا يكنهم من حر و لا برد حين تقشرت وجوههن [7] .

8 - قال ابن شهرآشوب: قال الطبري و البلاذري و الكوفي لما وضعت الرؤس بين يدي يزيد جعل يضرب بقضيبه علي ثنيته ثم قال يوم بيوم بدر و جعل يقول:



تفلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



قال يحيي بن الحكم أخو مروان:



لهام بجنب الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل



سميئة أمسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله أمست بلانسل



فضرب يزيد في صدر يحيي و قال اسكت لا ام لك، فقال ابوبرزة ادفع قضيبك يا فاسق فوالله رايت شفتي رسول الله صلي الله عليه و آله مكان قضيبك يقبله فرفع و هو يتدمر مغضبا علي الرجل و زاد غيرهم في الرواية انه جعل يتمثل بقول ابن الزبعري يوم احد:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



لأهلوا و استطاروا فرحا

و لقالوا يا يزيد لاتشل



قد قتلنا السبط من أسباطهم

و عدلناه ببدر فاعتدل



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



لعبت هاشم بالدين فلا

خبر جاء و لا وحي نزل [8] .



9 - قال ابن طاووس: قال الراوي و كتب عبيدالله بن زياد الي يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين عليه السلام و خبر أهل بيته و كتب أيضا ألي عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك أما عمرو فحيث وصله الخبر صعد المنبر و خطب الناس و أعلمهم ذلك فعظمت و اعية بني هاشم و أقاموا المصائب و الماتم و كانت


زينب بنت عقيل بن ابي طالب عليه السلام تندب الحسين عليه السلام و تقول:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الامم



بعترتي و باهلي بعد مفتقدي

منهم اساري و منهم ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي



فلما جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفا ينادي:



أيها القاتلون جهلا حسينا

ابشروا بالعذاب و التنكيل



كل أهل السماء يدعو عليكم

من نبي و ما لك و قبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داود

و موسي و صاحب الانجيل



أما يزيد بن معاوية فانه لما وصله كتاب عبيدالله بن زياد و وقف عليه أعاد الجواب اليه يأمره فيه بحمل رأس الحسين عليه السلام و رؤس من قتل معه و بحمل أثقاله و نسائه و عياله فاستدعي ابن زياد بمحفر بن ثعلبة العائذي فسلم اليه الرؤس و الأسري و النساء فصاربهم محفر الي الشام كما ياسر بسبايا الكفار يتصفح وجوهن أهل الاقطار [9] .

10 - عنه، روي ابن لهيعة و غيره حديثا أخذنا منه موضع الحاجة قال كنت أطوف بالبيت فاذا برجل يقول اللهم اغفرلي و ما أريك فاعلا فقلت له يا عبدالله اتق الله و لا تقل مثل ذلك فان ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمطار و ورق الأشجار فاستغفرت الله غفرها لك فانه غفور رحيم، قال فقال لي تعالي حتي أخبرك بقصتي، فاتيته فقال اعلم أنا كنا خمسين نفرا ممن سار مع رأس الحسين عليه السلام الي الشام فكنا اذا أمسينا وضعنا الراس في تابوت و شربنا الخمر حول التابوت فشرب أصحابي ليلة حتي سكروا و لم أشرب معهم.

فلما جن الليل سمعت رعدا و رأيت برقا فاذا أبواب السماء قد فتحت و نزل


آدم عليه السلام و نوح و ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و نبينا محمد عليه السلام أجمعين و معهم جبرئيل و خلق من الملائكة فدنا جبرئيل من التابوت و أخرج الرأس و ضمه الي نفسه و قبله ثم كذلك فعل الأنبياء كلهم و بكي النبي صلي الله عليه و آله علي رأس الحسين عليه السلام و عزاه الأنبياء و قال له جبرئيل عليه السلام يا محمد ان الله تبارك و تعالي أمرني أن اطيعك في امتك فان أمرتني زلزلت بهم الأرض و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط.

فقال النبي صلي الله عليه و آله لا يا جبرئيل فان لهم معي موقفا بين يدي الله يوم القيامة، ثم جاء الملائكة نحونا ليقتلونا فقلت الأمان يا رسول الله فقال اذهب فلا غفر الله لك [10] .

11 - عنه رأيت في تذييل محمد بن النجار شيخ المحدثين ببغداد في ترجمة علي ابن نصر الشبوكي باسناده زيادة في هذا الحديث ما هذا لفظه قال لما قتل الحسين بن علي و حملوا برأسه جلسوا يشربون و يجي بعضهم بعضا بالرأس فخرجت يد و كتبت بقلم الحديد علي الحائط:



أترجوا امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



فال فلما سمعوا بذلك تركوا الرأس و هزموا [11] .

12 - عنه قال الراوي و سار القوم برأس الحسين و نسائه و الأسري من رجاله فلما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر و كان من جملتهم فقالت له لي اليك حاجة فقال ما حاجتك قالت اذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة و تقدم اليهم أن يخرجوا هذه الرؤس من بين المحامل و ينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا و نحن في هذه الحال فأمر في جواب سؤالها أن يجعل الرؤوس علي الرماح في المحامل بغيا منه و كفرا و سلك بهم بين النظارة علي تلك


الصفة حتي اتي بهم باب دمشق فوقفوا علي درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي [12] .

13 - عنه روي أن بعض فضلاء التابعين لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام أخفي نفسه شهرا من جميع أصحابه فلما وجدوه بعد اذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك فقال: ألا ترون ما نزل بنا و انشأ يقول:



جاؤا برأسك يا ابن بنت محمد

مترملا بدماءه ترميلا



و كأنما بك يا ابن بنت محمد

قتلوا جهارا عامدين رسولا



قتلوك عطشانا و لم يترقبوا

في قتلك التأويل و التنزيلا



و يكبرون بأن قتلت و انما

قتلوا بك التكبير و التهليلا [13] .



14 - عنه قال الراوي و جاء شيخ و دنا من نساء الحسين عليه السلام و عياله و هم في ذلك الموضع، فقال الحمدلله الذي قتلكم و أهلككم و أراح البلاد عن رجالكم، و أمكن أميرالمؤمنين منكم فقال له علي بن الحسين عليه السلام يا شيخ هل قرأت القرآن قال نعم، قال فهل عرفت هذه الآية «لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربي» قال الشيخ نعم قد قرأت ذلك فقال علي عليه السلام له فنحن القربي يا شيخ فهل قرأت في بني اسرائيل «و آت ذالقربي حقه» فقال الشيخ قد قرأت فقال علي بن الحسين فنحن القربي، يا شيخ فهل قرأت هذه الاية (و اعلموا انما غنمتم من شي فأن لله خمسه و للرسول و لذي القربي) قال نعم فقال له علي عليه السلام فنحن القربي يا شيخ فهل قرأت هذه الآية «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا». قال الشيخ قد قرأت ذلك فقال علي عليه السلام: فنحن أهل البيت الذين خصصنا الله باية الطهارة يا شيخ.

قال الراوي فبقي الشيخ ساكتا نادما علي ما تكلم به و قال بالله انكم هم،


فقال علي بن الحسين عليهماالسلام تالله انا لنحن هم من غير شك و حق جدنا رسول الله صلي الله عليه و آله انا لنحن هم فبكي الشيخ و رمي عمامته ثم رفع رأسه الي السماء و قال: اللهم أنا نبرأ اليك من عدو آل محمد صلي الله عليه و آله من جن و انس، ثم قال: هل لي توبة فقال له نعم ان تبت تاب الله عليك و أنت معنا، فقال: أنا تائب فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فأمربه فقتل.

قال الراوي ثم ادخل ثقل الحسين عليه السلام و نسائه و من تخلف من أهل بيته علي يزيد بن معاوية لعنهما الله، و هم مقرنون في الحبال، فلما وقفوا بين يديه و هم علي تلك الحال قال علي بن الحسين عليه السلام: انشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلي الله عليه و آله لورآنا علي هذه الصفة، فامر يزيد بالحبال فقطعت، ثم وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه و أجلس النساء خلفه لئلا ينظرن اليه فرآه علي بن عليهماالسلام عليهماالسلام فلم يأكل بعد ذلك أبدا و أما زينب فانها لما رأته أهوت الي جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يفزع القلوب يا حسيناه يا حبيب رسول الله يا ابن مكة و مني يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يابن بنت المصطفي.

قال الراوي فأبكت و الله كل من كان في المجلس و يزيد عليه لعائن الله ساكت، ثم جعلت امرأة من بني هاشم كانت في دار يزيد لعنه الله تندب علي الحسين عليه السلام و تنادي يا حبيباه اي سيد أهل بيتاه يا ابن محمد يا ربيع الأرامل و اليتامي، يا قتل أولاد الأدعياء.

قال الراوي فأبكت كل من سمعها ثم دعا يزيد عليه اللعنة بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين فأقبل عليه أبوبرزة الأسلمي و قال ويحك يا يزيد اتنكت بقضيبك ثغر الحسين عليه السلام ابن فاطمة صلوات الله عليها أشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه و آله يرشف ثناياه أخيه الحسن عليهماالسلام و يقول: أنتما سيدا شباب أهل الجنة فقتل الله قاتلكما و لعنه و أعد له جهنم و سائت مصيرا، قال الراوي فغضب


يزيد و أمر باخراجه فأخرج سحبا، قال و جعل يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري:



ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



لاهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



قد قتلنا القوم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل



لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



قال الراوي فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، فقالت الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي رسوله و آله أجمعين صدق الله سبحانه، كذلك يقول «ثم كان عاقبة الذين أساؤا السؤي أن كذبوا بايات الله و كانوا بها يستهزؤن» أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، و آفاق السماء فاصبحنا نساق كما تساق الأسراء أن بنا هوانا علي الله، و بك عليه كرامة و ان ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بانفك و نظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت الدنيا لك مستوثقة و الامور متسقة و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا.

فمهلا مهلا أنسيت قول الله تعالي «و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين» أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك و امائك و سوقك بنات رسول الله صلي الله عليه و آله سبايا قد هتكت ستورهن و أبديت وجوههن تحدوبهن الاعداء من بلد الي بلد و يستشرفهن أهل المناهل و المناقل و يتصفح وجوههن القريب و البعيد و الدني و الشريف، ليس معهن من رجالهن ولي، و لا من حماتهم حمي.

كيف يرتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الازكياء و نبت لحمه من دماء الشهداء و كيف و يستبطأ في بغضاء أهل البيت من نظر الينا بالشنف و الشنان و الاحن و الأضغان ثم تقول غير متأثم و لا مستعظم.




لأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



منتحيا علي ثنايا أبي عبدالله عليه السلام، سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك و كيف لا تقول ذلك و قد نكأت القرحة و استأصلت الشأفة باراقتك دماء ذرية محمد صلي الله عليه و آله و نجوم الأرض من آل عبدالمطلب، و تهتف بأشياخك زعمت انك تناديهم فلتردن و شيكاموردهم، و لتودن انك شللت و بكمت و لم تكن قلت ما قلت و فعلت ما فعلت.

اللهم خذلنا بحقنا و انتقم ممن ظلمنا و احلل غضبك بمن سفك دمائنا و قتل حماتنا فوالله ما فريت الا جلدك و لا حزرت الا لحمك، و لتردن علي رسول الله صلي الله عليه و آله بما تحملت من سفك دماء ذريته و انتهكت من حرمته في عترته و لحمته و حيث يجمع الله شملهم و يلم شعثهم و يأخذ بحقهم «و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون»

حسبك بالله حاكما و بمحمد صلي الله عليه و آله خصيما، و بجبرئيل ظهيرا و سيعلم من سول لك و مكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا و أيكم شر مكانا و أضعف جندا و لئن جرت علي الدواهي، مخاطبتك اني لأستصغر قدرك و استعظم تقريعك و استكثر توبيخك لكن العيون عبري و الصدور حري، الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء فهذه الأيدي تنطف من دمائنا و الأفواه تتحلب من لحومنا و تلك الجثث الواهر الزواكي تنتابها العواسل و تعفرها امهات الفراعل.

لئن اتخذتنا مغنما لتجدنا و شيكا مغرما حين لا تجد الا ما قدمت يداك، و ما ربك بظلام للعبيد، فالي الله المشتكي و عليه المعول فكدكيدك واسع سعيك، و ناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا و لا تميت و حينا، و لا تدرك أمدنا و لا ترحض عنك عارها و هل رأيك الافند و ايامك الاعدد و جمعك الا بدد، يوم ينادي


المنادي ألالعنة الله علي الظالمين، فالحمدلله رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة و المغفرة، و لآخرنا بالشهادة و الرحمة و نسأل الله أن يكمل الثواب و يوجب لهم المزيد و يحسن علينا الخلافة انه رحيم و دود، و حسبنا الله و نعم الوكيل فقال يزيد لعنه الله



يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون الموت علي النوائح



قال الراوي ثم استشار أهل الشام فيما يصنع بهم فقالوا لا تتخذن من كلب سوء جروا فقال له النعمان بن بشير انظر ما كان الرسول يصنع بهم فاصنعه بهم، فنظر رجل من أهل الشام الي فاطمة بنت الحسين عليه السلام فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية فقال لعمتها يا عمتاه او تمت و استخدم، فقالت زينب لاولا كرامة لهذا الفاسق فقال الشامي من هذه الجارية فقال يزيد هذه فاطمة بنت الحسين عليه السلام و تلك زينب علي بن أبي طالب فقال الشامي الحسين بن فاطمة عليهماالسلام و علي بن أبي طالب عليه السلام قال نعم.

فقال الشامي لعنك الله يا يزيد أتقتل عتره نبيك و تسبي ذريته و الله ما توهمت الا انهم سبي الروم فقال يزيد و الله لألحقنك بهم ثم امر به فضربت عنقه، قال الراوي و دعا يزيد بالخاطب و أمره ان يصعد المنبر فيذم الحسين و أباه صلوات الله عليهما، فصعد و بالغ في ذم أميرالمؤمنين و الحسين الشهيد صلوات الله و سلامه عليهما و المدح لمعاوية و يزيد عليهما لعائن الله فصاح بن علي بن الحسين عليه السلام ويلك أيها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، قتبؤ مقعدك من النار و لقد أحسن ابن سنان الخفاجي في وصف أميرالمؤمنين صلوات الله عليه تقول:



اعلي المنابر تعلنون بسبه

و بسيفه نصبت لك أعوادها



قال الراوي: و وعد يزيد لعنه الله تعالي علي بن الحسين عليهماالسلام في ذلك اليوم انه يقضي له ثلاث حاجات ثم أمر بهم الي منزل لا يكنهم من حر و لا برد، فاقاموا


به حتي تقشرت وجوههم كانوا مدة اقامتهم في البلد المشار اليه ينوحون علي الحسين عليه السلام، قالت سكينة فلما كان في اليوم الرابع من مقامنا رأيت في المنام رؤيا و ذكرت مناما طويلا تقول في آخره رأيت امرأة راكبة في هودج و يدها موضوعة علي رأسها فسئلت عنها فقيل لي فاطمة ينت محمد صلي الله عليه و آله ام أبيك.

فقلت و الله لأنطلقن اليها و لأخبرن ما صنع بنا فسعيت مبادرة نحوها حتي لحقت بها، فوقفت بين يديها أبكي و أقول يا اماه جحدوا و الله حقنا يا اماه بددوا و الله شملنا يا أماه استباحوا و الله حريمنا، يا اماه قتلوه و الله الحسين عليه السلام أبانا فقالت لي كفي صوتك يا سكينة فقد قطعت نياط قلبي هذا قميص أبيك الحسين عليه السلام لا يفارقني حتي ألقي الله به [14] .

15 - عنه روي ابن لهيعة عن أبي الأسود محمد بن عبدالرحمن، قال لقيني رأس الجالوت فقال والله ان بيني و بين داود لسبعين أبا و ان اليهود تلقاني فتعظمني و أنتم ليس بين ابن نبيكم و بنيه الا اب واحد قتلتم ولده [15] .

16 - عنه روي عن زين العابدين عليه السلام قال لما أتي برأس الحسين عليه السلام الي يزيد كان يتخذ مجالس الشرب و يأتي برأس الحسين عليه السلام و يضعه بين يديه و يشرف عليه فحضر ذات يوم في مجلسه رسول ملك الروم و كان من أشراف الروم و عظمائهم فقال يا ملك العرب هذا راس من فقال له يزيد مالك و لهذا الرأس فقال: اني اذا رجعت الي ملكنا يسئلني عن كل شي رأيته فأحببت ان أخبره بقصة هذا الرأس و صاحبه حتي يشاركك في الفرح و السرور.

فقال يزيد عليه اللعنة هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال الرومي و من أمه فقال فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال النصراني أف لك ولدينك لي دين أحسن من دينكم ان أبي من حوافد داود عليه السلام، و بيني و بينه آباء


كثيرة، و النصاري يعظموني و يأخذون من تراب قدمي تبركا بأني من حوافد داود صلي الله عليه و آله و أنتم تقتلون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و ما بينه و بين نبيكم الا ام واحدة فاي دين دينكم.

ثم قال ليزيد هل سمعت حديث كنيسة الحافر فقال له قل حتي أسمع فقال بين عمان و الصين بحر مسيرة سنة ليس فيها عمران الا بلدة واحدة في وسط الماء طوله ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا ما علي وجه الارض بلدة أكبر منها و منها يحمل الكافور و الياقوت أشجارهم العود و العنبر و هي في أيدي النصاري لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم، و في تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر في محرابها حقة ذهب معلقة فيها حافر يقولون ان هذا حافر حمار كان يركبه عيسي عليه السلام.

قد زينوا حول الحقة بالديباج يقصدها في كل عام من النصاري و يطوفون حولها و يقبلونها و يرفعون حوائجهم الي الله تعالي عندها هذا شأنهم و رأيهم بحافر حمار يزعمون انه حافر حمار كان يركبه عيسي عليه السلام نبيهم و أنتم تقتلون ابن بنت نبيكم فلا بارك الله تعالي فيكم و لا في دينكم فقال يزيد لعنه الله اقتلوا هذا النصراني لئلا يفضحني في بلاده فلما أحس النصراني بذلك قال له أتريد ان تقتلني قال نعم.

قال أعلم اني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول يا نصراني أنت من أهل الجنة فتعجبت من كلامه و أشهد أن لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله وثب الي رأس الحسين عليه السلام فضمه الي صدره و جعل يقبله و يبكي حتي قتل [16] .

17 - عنه باسناده قال و خرج زين العابدين عليه السلام يوما يمشي في أسواق دمشق فاستقبله المنهال بن عمرو فقال له أمسيت يا ابن رسول الله قال أمسينا


كمثل بني اسرائيل في آل فرعون يذبحون أبنائهم و يستحيون نسائهم يا منهال امست العرب تفتخر علي العجم بان محمدا عربي و أمست قريش تفتخر علي سائر العرب بان محمدا منها و أمسينا معشرا أهل بيته و نحن مغصوبون مقتولون مشردون، فانا الله و انا اليه راجعون، مما أمسينا فيه يا منهال و لله در مهيار حيث قال:



يعظمون له أعواد منبره

و تحت أرجلهم أولاده و ضعوا



باي حكم بنوه يتبعونكم

و فخركم انكم صحب له تبع



دعا يزيد عليه لعائن الله يوما بعلي بن الحسين عليه السلام و عمرو بن الحسين عليه السلام و كان عمرو صغيرا يقال ان عمره احدي عشرة سنة فقال له أتصارع هذا يعني ابنه خالدا فقال له عمرو لا ولكن اعطني سكينا و أعطه سكينا ثم اقاتله فقال يزيد لعنه الله:



شنشة أعرفها من أخزم

هل تلد الحية الا الحية



قال لعلي بن الحسين عليه السلام اذكر ما جائك الثلاث اللاتي وعدتك بقضائهن فقال له الا الاولي أن تريني وجه سيدي و مولاي و ابي الحسين عليه السلام فاتزود منه و الثانية ان ترد علينا منا أخذمنا، و الثالثة ان كنت عزمت علي قتلي أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن الي حرم جدهن صلي الله عليه و آله، فقال أما وجه أبيك فلا تراه أبدا، و أما قتلك فقد عفوت عنك و اما النساء فما يردهن غيرك الي المدينة و أما ما اخذ منكم فانا اعوضكم عنه أضعاف قيمته.

فقال أما ما لك فلا نريده و هو موفر عليك و انما طلبت ما أخذمنا لان فيه مغزل فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله و مقنعتها و قلادتها و قميصها فأمر برد ذلك و زاد فيه من عنده مأتي دينار فأخذها زين العابدين عليه السلام و فرقها في الفقراء ثم أمر برد الأساري و سبايا الحسين عليه السلام الي أوطانهن بمدينة الرسول صلي الله عليه و آله، فأما رأس


الحسين عليه السلام، فروي انه اعيد فدفن بكربلا مع جسده الشريف عليه السلام [17] .

18 - قال علي بن ابراهيم،: أما قوله: «و من عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه» فهو رسول الله صلي الله عليه و آله لما أخرجته قريش من مكة و هرب منهم الي الغار، و طلبوه ليقتلوه فعاقبهم الله يوم بدر، فقتل عتبة و شيبة و الوليد و أبوجهل و حنظلة بن أبي سفيان و غيرهم، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه و آله طلب بدمائهم فقتل الحسين و آل محمد بغيا و عدوانا و هو قول يزيد حين تمثل بهذا الشعر:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل



لأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



قد قلتنا القوم من ساداتهم

و عدلناه ببدر فاعتدل



و قال الشاعر في مثل ذلك:



و كذاك الشيخ أوصاني به

فاتبعت الشيخ فيما قد سأل



و قال يزيد ايضا يقول و الرأس مطروح يقلبه:



يا ليت أشياخنا الماضين بالحضر

حتي يقيسوا قياسا لا يقاس به



أيام بدر لكان الوزن بالقدر [18]

19 - عنه قال الصادق عليه السلام: لما أدخل علي بن الحسين عليه السلام علي يزيد نظر اليه، ثم قال: يا علي بن الحسين «و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم» فقال علي بن الحسين عليهماالسلام كلا! ما فينا هذه نزلت و انما نزلت فينا «ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تاسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم» فنحن الذين لا نأسوا علي مافاتنا




من أمر الدنيا و لا نفرح بما أو تينا [19] .

20 - عنه قال الصادق عليه السلام: لما أدخل رأس الحسين بن علي عليهماالسلام علي يزيد لعنه الله و أدخل عليه علي بن الحسين و بنات أميرالمؤمنين عليه السلام، و كان علي بن الحسين عليه السلام مقيدا مغلولا، فقال يزيد: يا علي بن الحسين الحمدلله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين: لعن الله من قتل أبي، قال فغضب يزيد و أمر بضرب عنقه عليه السلام، فقال علي بن الحسين فاذا قتلتني فبنات رسول الله صلي الله عليه و آله من يردهم الي منازلهم و ليس لهم محرم غيري.

فقال أنت تردهم الي منازلهم ثم دعا بمبرد فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده ثم قال له: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي اريد بذلك؟ قال بلي تريد أن لا يكون لأحد علي منة غيرك، فقال يزيد هذا و الله ما أردت أفعله ثم قال يزيد يا علي بن الحسين «ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم» فقال علي بن الحسين عليه السلام كلا، ما هذه فينا نزلت، انما نزلت فينا «ما أصاب من مصيبة في الأرض - الي قوله - لا تفرحوا بما أتاكم» فنحن الذين لا نأسو علي مافاتنا و لا نفرح بما أتانا منها [20] .

21 - قال أبوالفرج: وضع الرأس بين يدي يزيد - لعنه الله - في طست فجعل ينكته علي ثناياه بالقضيب و هو يقول:



تفلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



و قد قيل ان ابن زياد - لعنه الله - فعل ذلك. و قيل: انه تمثل أيضا و الرأس بين يديه بقول عبدالله بن الزبعري:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



قد قتلنا القرن من أشياخهم

و عدلناه ببدر فاعتدل



ثم دعا يزيد - لعنه الله - بعلي بن الحسين عليه السلام فقال: ما اسمك؟ فقال علي


ابن الحسين، قال: أولم يقتل الله علي بن الحسين قال: قد كان لي أخ اكبر مني يسمي عليا فقتلتموه. قال: بل الله قتله قال علي: (الله يتوفي الأنفس حين موتها) قال له يزيد: (و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) فقال علي: (ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير - لكيلا تأسوا علي مافاتكم و لا تفرحوا بما أتاكم و الله لا يحب كل مختار فخور).

قال فوئب رجل من أهل الشام فقال: دعني أقتله فألقت زينب نفسها عليه. فقام رجل آخر فقال: يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية أتخذها أمة قال: فقالت له زينب: لا و لا كرامة، ليس لك ذلك و لا له الا ان يخرج من دين الله، فصاح به يزيد. اجلس فجلس و أقبلت زينب عليه و قالت: يا يزيد حسبك من دمائنا، و قال علي بن الحسين عليه السلام ان كان لك بهؤلاء النسوة رحم، و أردت قتلي فابعث معهن أحدا يؤديهن.

فرق له و قال: لا يؤديهن غيرك. ثم أمره أن يصعد المنبر، فحمدلله و أثني عليه و قال: أيها الناس من عرفني فقد و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا علي بن الحسين أنا ابن البشير النذير، أنا ابن الداعي الي الله بأذنه، أنا ابن السراج المنير. و هي خطبة طويلة كرهت الاء كثار بذكرها و ذكر نظائرها. [21] .

22 - قال الدينوري: قالوا: ثم ان ابن زياد جهز علي بن الحسين و من كان معه من الحرم، و وجه بهم الي يزيد بن معاوية مع زحر بن قيس و محقن بن ثعلبة، و شمر بن ذي الجوشن، فساروا حتي قدموا الشام، و دخلوا علي يزيد بن معاويه بمدينة دمشق، و أدخل معهم رأس الحسين، فرمي بين يديه، ثم تكلم شمر بن ذي الجوشن، فقال: يا أميرالمؤمنين، ورد علينا هذا في ثمانية عشر رجلا من أهل بيته، و ستين رجلا من شيعته، فصرنا اليهم، فسألنا هم النزول علي حكم أميرنا عبيدالله بن


زياد، أو القتال.

فعدونا عليهم عند شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل جانب، فلما أخذت السيوف منهم مأخذها جعلوا يلوذون الي غير وزر، لوذان الحمام في الصقور، فما كان الا مقدار جزر جزور، أو نوم قائل حتي أتينا علي آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، و ثيابهم مرملة، و خدودهم معفرة، تسفي عليهم الرياح، زوارهم العقبان، و وفودهم الرخم.

فلما سمع ذلك يزيد دمعت عينه و قال: ويحكم، قد كنت أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله بن مرجانة، أما و الله لو كنت صاحبه لعفوت عنه، رحم الله أباعبدالله ثم تمثل:



تفلق هاما من رجال أعزة

علينا، و هو كانوا أعق و أظلما



ثم أمر بالذرية فأدخلوا دار نسائه. و كان يزيد اذا حضر غذاؤه دعا علي بن الحسين و أخاه عمر فيأكلون معه، فقال ذات يوم لعمر بن الحسين: «هل تصارع ابني هذا؟» يعني خالدا، و كان من أقرانه. فقال عمر: بل اعطني سيفا، واعظه سيفا حتي أقاتله، فتنظر أينا أصبر. فضمه يزيد اليه، و قال



شنشنة أعرفها من أخزم

هل تلد الحية الا حية [22] .



23 - قال سبط ابن الجوزي قال الواقدي: ثم دعا ابن زياد زحر بن قيس الجعفي و سلم اليه الرؤس و السبايا و جهزه الي دمشق، فحكي ربيعة بن عمرو قال كنت جالسا عند يزيد بن معاوية في بهوله اذ قيل هذا زحر بن قيس بالباب فاستوي جالسا مذعورا و أذن له في الحال فدخل فقال: ما وراك فقال ما تحب أبشر بفتح الله و نصره، ورد علينا الحسين في سبعين راكبا من أهل بيته و شيعته فعرضنا عليهم الأمان و النزول علي حكم ابن زياد فابوا و اختارو القتال، فما كان الا كنومة


القايل أو جزر جزور حتي أخذت السيوف مأخذها من هام الرجال جعلوا يلوذون بالآكام فهاتيك أجسامهم مجردة و هم صرعي في الفلاة.

قال: فدمعت عينا يزيد و قال لعن الله ابن مرجانة و رحم الله أباعبدالله لقد كنا نرضي منكم يا أهل العراق بدون هذا قبح الله ابن مرجانة لو كان بينه و بينه رحم ما فعل بن هذا، فلما حضرت الرؤس عنده قال: فرقت سمية بيني و بين أبي عبدالله و انقطع الرحم، لو كنت صاحبه لعفوت عنه ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا، رحمك الله يا حسين، لقد قتلك رجل لم يعرف حق الأرحام، و في رواية: لعن الله ابن مرجانة لقد اضطره الي القتل سأله ان يلحق ببعض البلاد أو الثغور فمنعه.

لقد زرع لي ابن زياد في قلب البر و الفاجر و الصالح و الطالح العداوة ثم تنكر لأبن زياد و لم يصل زحر بن قيس بشي. ثم بعث بالرأس الي ابنته عاتكة فغسلته و طيبته، قلت: و هكذا وقعت هذه الرواية رواها هشام بن محمد. و أما المشهور عن يزيد في جميع الروايات: انه لما حضر الرأس بين يديه جمع أهل الشام و جعل ينكت عليه بالخيزران و يقول: أبيات ابن الزبعري:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

وقعة الخزرج من وقع الأسل



قد قتلنا القرن من ساداتهم

و عدلنا قتل بدر فاعتدل [23] .



24 - قال ابن قتيبة: ذكروا أن أبا معشر قال: حدثني محمد بن الحسين بن علي [24] قال: دخلنا علي يزيد، و نحن اثنا عشر غلاما مغللين في الحديد و علينا قمص. فقال يزيد: أخلصتم أنفسكم بعبيد أهل العراق؟ و ما عملت بخروج أبي عبدالله حين خرج، و لا بقتله حين قتل، قال: فقال علي بن الحسين، (ما أصاب من مصيبة في


الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها، ان ذلك علي الله يسير. ليكلا تأسوا علي مافاتكم، و لا تفرحوا بما آتاكم، و الله لا يحب كل مختال فخور) قال: فغضب يزيد، و جعل يعبث بلحيته، و قال: (و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، و يعفو عن كثير) يا أهل الشام ما ترون في هولاء؟

فقال رجل من أهل الشام لا تتخذن من كلب سوء جروا، فقال النعمان بن بشير: يا أميرالمؤمنين! اصنع بهم ما كان يصنع بهم رسول الله صلي الله عليه و آله لو رآهم بهذه الحال، فقالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد بنات رسول الله صلي الله عليه و آله قال: فبكي يزيد حتي كادت نفسه تفيض، و بكي أهل الشام حتي علت أصواتهم، ثم قال: خلوا عنهم، و اذهبوا بهم الي الحمام، اغسلوهم، و اضربوا عليهم القباب، ففعلوا، و أمال عليهم المطبخ و كساهم، و أخرج لهم الجوائز الكثيرة من الأموال و الكسوة ثم قال: لو كان بينهم و بين عاض بظر أمه نسب ما قتلهم، ارجعلوا بهم الي المدينه. قال: فبعث بهم من صاربهم الي المدينة [25] .

25 - روي ابن عبدربه، عن روح بن زنباع، عن أبيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي، قال: اني لعند يزيد بن معاوية اذا أقبل زحر بن قيس الجعفي حتي وقف بين يدي يزيد، فقال: ماوراءك يا زحر! فقال: أبشرك يا أميرالمؤمنين بفتح الله و نصره، قدم علينا الحسين في سبعة عشر رجلا من أهل بيته و ستين رجلا من شيعته، فبرزنا اليهم و سألناهم أن يستسلموا و ينزلوا علي حكم الأمير أو القتال، فأبوا الا القتال، فغدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية، حتي أخذت السيوف مأخذها من هام الرجال.

فجعلوا يلوذون منا بالآكام و الحفر، كما يلوذ الحمام من الصقر، فلم يكن الا نحر جزور أو نوم نائم حتي أتينا علي آخرهم، فهاتيك أجسامهم مجزرة، و هامهم


مرملة، و خدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، و تسفي عليهم الريح بقاع سبسب، زوارهم العقبان و الرخم، قال: فدمعت عينا يزيد و قال: لقد كنت أقنع من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية! أما و الله لو كنت صاحبه لتركته، رحم الله أباعبدالله و غفر له [26] .

26 - عنه، عن علي بن عبدالعزيز، عن محمد بن الضحاك بن عثمان الخزاعي، عن أبيه، قال: خرج الحسين الي الكوفة ساخطا لولاية يزيد بن معاوية، فكتب يزيد الي عبيدالله بن زياد، و هو و اليه بالعراق: انه بلغني أن حسينا سار الي الكوفة، و قد ابتلي به زمانك بين الأزمان، و بلدك بين البلدان، و ابتليت به من بين العمال، و عنده تعتق أو تعود عبدا، فقتله عبيدالله و بعث برأسه و ثقله برأسه و ثقله الي يزيد، فلما وضع الرأس بين يديه تمثل بقول حصين بن الحمام المري:



نفلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



فقال له علي بن الحسين، و كان في السبي: كتاب الله اولي بك من الشعر، يقول الله: «ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها، ان ذلك علي الله يسير. لكي لا تأسوا علي مافاتكم و لا تفرحوا، بما آتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور»، فغضب يزيد و جعل يعبث بلحيته، ثم قال: غير هذا من كتاب الله أولي بك و بأبيك، قال الله: «و ما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير».

ما ترون يا أهل الشام في هؤلاء؟ فقال له رجل منهم: لا تتخذ من كلب سوء جروا، قال النعمان بن بشير الأنصاري: انظر ما كان يصنعه رسول الله صلي الله عليه و آله بهم لورآهم في هذه الحالة فاصنعه بهم، قال: صدقت، خلوا عنهم و اضربوا عليهم القباب و أمال عليهم المطبخ و كساهم و أخرج اليهم جوائز كثيرة. و قال: لو كان


بين ابن مرجانة و بينهم نسب ما قتلهم. ثم ردهم الي المدينة [27] .

27 - عنه، عن الرياشي قال: أخبرني محمد بن أبي رجاء قال: أخبرني أبومعشر عن يزيد بن زياد، عن محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: أتي بنا يزيد بن معاوية بعد ما قتل الحسين، و نحن اثنا عشر غلاما، و كان أكبرنا يومئذ علي ابن الحسين، فأدخلنا عليه، و كان كل واحد منا مغلولة يده الي عنقه، فقال لنا: أحرزت أنفسكم عبيد أهل العراق! و ما عملت بخروج أبي عبدالله و لا بقتله [28] .

28 - عنه، عن أبي الحسن المدائني عن اسحاق عن اسماعيل بن سفيان، عن أبي موسي عن الحسن البصري، قال: قتل مع الحسين ستة عشر من أهل بيته. و الله ما كان علي الأرض يومئذ أهل بيت يشبهون بهم، و حمل أهل الشام بنات رسول الله صلي الله عليه و آله سبايا علي أحقاب الابل، فلما ادخلن علي يزيد، قالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد، أبنات رسول الله صلي الله عليه و آله سبايا! قال: بل حرائر كرام، ادخلي علي بنات عمك تجديهن، قد فعلن ما فعلت. قالت فاطمة: فدخلت اليهن فما وجدت فيهن سفيانية الا ملتدمة تبكي. و قالت بنت عقيل بن أبي طالب ترثي الحسين و من أصيب معه:



عيني ابكي بعبرة و عويل

و اندبي ان ندبت آل الرسول



ستة كلهم الصلب علي

قد أصيبوا و خمسة لعقيل [29] .



29 - قال الطبري: فجهزهم و حملهم الي يزيد، فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشام، ثم أدخلوهم، فهنئوه بالفتح، قال رجل منهم أزرق أحمر و نظر الي و صيفة من بناتهم فقال: يا أميرالمؤمنين، هب لي هذه، فقالت زينب: لا و الله و لا كرامة و لا له الا أن يخرج من دين الله، قال: فأعادها الأزرق، فقال له


يزيد: كف عن هذا: ثم أدخلهم علي عياله، فجهزهم و حملهم الي المدينة، فلما دخلوها خرجت امرأة من بني عبدالمطلب ناشرة شعرها، واضعة كمها علي رأسها تلقاهم و هي تبكي و تقول:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم أساري و قتلي ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذا نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي [30] .



30 - عنه قال أبومخنف: ثم ان عبيدالله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يداربه في الكوفة، ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين و رؤس أصحابه الي يزيد بن معاوية، و كان مع زحر أبوبردة بن عوف الأزدي، و طارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتي قدموا بها الشام علي يزيد بن معاوية [31] .

31 - عنه قال هشام: فحدثني عبدالله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي، عن أبيه، عن الغاز بن ربيعة الجرشي، من حمير، قال: و الله انا لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذ أقبل زحر بن قيس حتي دخل علي يزيد بن معاوية، فقال له يزيد: ويلك! ما وراءك؟ و ما عندك؟ فقال أبشر يا أميرالمؤمنين بفتح الله و نصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته و ستين من شيعته، فسرنا اليهم، فسألناهم أن يستسلموا و ينزلوا علي حكم الأمير عبيدالله بن زياد أو القتال.

فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس،


فأحطنابهم من كل ناحية، حتي اذا أخذت السيوف، مأخذها من هام القوم، يهربون الي غير وزر، و يلوذون منا بالآكام و الحفر، لو اذا كما لاذا الحمائم من صقر، فوالله يا أميرالمؤمنين ما كان الا جزر جزور أو نومة قائل حتي أتينا علي آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، و ثيابهم مرملة، و خدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، و تسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان و الرخم بقي سبسب قال: فدمعت عين يزيد، و قال: فد كنت أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين! و لم يصله يشي [32] .

32 - عنه قال: ثم ان عبيدالله أمر بنساء الحسين و صبيانه فجهزن، و أمر بعلي ابن الحسين فغل بغل الي عنقه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي، عائذة قريش و مع شمر بن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتي قدموا علي يزيد، فلم يكن علي ابن الحسين يكلم احدا منهما في الطريق كلمة حتي بلغوا، فلما انتهوا الي باب يزيد رفع محفز بن ثعلبة صوته، فقال هذا محفز بن ثعلبة أتي أميرالمؤمنين باللئام الفجرة، قال: فاجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت أم محفز شر و الأم [33] .

33 - عنه قال أبومخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن القاسم بن عبدالرحمن مولي يزيد بن معاوية، قال: لما وضعت الرؤس بين يدي يزيد رأس الحسين و أهل بيته و أصحابه - قال يزيد:



يفلقن هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



أما و الله يا حسين، لو أنا صاحبك ما قتلتك [34] .

34 - عنه قال أبومخنف: حدثني أبوجعفر العبسي، عن أبي عمارة العبسي، قال فقال يحيي بن الحكم أخو مروان بن الحكم.




لهام بجنب الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل



سمية أمسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل



قال: فضرب يزيد بن معاوية في صدر يحيي بن الحكم و قال: اسكت، قال و لما جلس يزيد بن معاوية دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين و صبيان الحسين و نسائه، فأدخلوا عليه و الناس ينظرون، فقال يزيد لعلي: يا علي، أبوك الذي قطع رحمي، و جهل حقي، و نازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت! قال: فقال علي: (ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها).

فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه، قال: فما دري خالد ما يرد عليه، فقال له يزيد: قل: «و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير» ثم سكت عنه، قال: ثم دعا بالنساء و الصبيان فأجلسوا بين يديه، فرأي هيئة قبيحة، فقال: قبح الله ابن مرجانة! لو كانت بينه و بينكم رحم أو قرابة ما فعل هذابكم، و لا بعث بكم هكذا [35] .

35 - عنه قال أبومخنف، عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي، قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا، و أمر لنا بشي، و ألطفنا، قالت: ثم ان رجلا من أهل الشام أحمر قال الي يزيد فقال: يا أميرالمؤمنين، هب لي هذه - يعنيني، و كنت جارية و ضيئة - فأرعدت و فرقت، و ظننت أن ذلك جائزلهم، و أخذت بثياب أختي قالت: و كانت أختي أكبر مني و أعقل، و كانت تعلم أن ذلك لا يكون، فقالت: كذبت و الله و لؤمت ما ذلك لك و له.


فغضب يزيد، فقال: كذبت و الله ان ذلك لي، و لو شئت أن أفعله لفعلت، قالت: كلا و الله، ما جعل الله ذلك لك الا أن تخرج من ملتنا، و تدين بغير ديننا، قالت: فغضب يزيد و استطار، ثم قال: اياي تستقبلين بهذا! انما خرج من الدين أبوك و أخوك، فقالت زينب: بدين الله و دين أبي و دين أخي و جدي اهتديت أنت و أبوك و جدك، قال: كذبت يا عدوة، الله قالت: أنت أمير مسلط، تشتم ظالما، و تقهر بسلطانك، قالت: فوالله لكأنه استحيا، فسكت، ثم عاد الشامي فقال: يا أميرالمؤمنين، هب لي هذه الجارية.

قال: اعزب، وهب الله لك حتفا قاضيا! قالت: ثم قال يزيد بن معاوية: نعمان بن بشير، جهزهم بما يصلحهم، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا، وابعث معه خيلا و أعوانا فيسير بهم الي المدينه، ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في دار علي حدة، معهن ما يصلحهن و أخوهن علي بن الحسين، معهن في الدار التي هن فيها، قال: فخرجن حتي دخلن دار يزيد فلم تبق من آل معاوية امرأة الا استقبلتهن تبكي و تنوح علي الحسين، فأقاموا عليه المناحة ثلاثا، و كان يزيد لا يتغدي و لا يتعشي الا دعا علي بن الحسين اليه.

قال: فدعاه ذات يوم، و دعا عمر بن الحسين بن علي و هو غلام صغير، فقال لعمر بن الحسين: أتقاتل هذا الفتي؟ يعني خالدا ابنه، قال: لا، ولكن أعطني سكينا و أعطه سكينا، ثم أقاتله، فقال له يزيد، و أخذه فضمه اليه ثم قال:



شنشنة أعرفها من أخزم

هل تلد الحية الا حية!



قال: و لما أرادوا أن يخرجوا دعا يزيد علي بن الحسين ثم قال: لعن الله ابن مرجانة، أما و الله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبدا الا أعطيتها اياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت و لو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله ما رأيت، كاتبني و أنه كل حاجة تكون لك، قال: و كساهم و أوصي بهم ذلك الرسول، قال: فخرج بهم و كان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفة.


فاذا نزلوا تنحي عنهم و تفرق هو و أصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، و ينزل منهم بحيث اذا أراد انسان منهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا، و يسألهم عن حوائجهم، و يلطفهم حتي دخلوا المدينة، و قال الحارث بن كعب: فقالت لي فاطمة بنت علي: قلت لأختي زينب [36] : يا أخية، لقد أحسن هذا الرجال الشامي الينا في صحبتنا، فهل لك أن تصله؟

فقالت: و الله ما معنا شي نصله به الا حلينا، قالت لها: فنعطيه حلينا، قالت: فأخذت سواري و دملجي و أخذت أختي سوارها و دملجها، فبعثنا بذلك اليه، و اعتذرنا اليه، و قلنا له: هذا جزاؤك بصحبتك ايانا بالحسن من الفعل، قال: فقال: لو كان الذي صنعت انما هو للدنيا كان في حليكن ما يرضيني و دونه، و لكن و الله ما فعلته الا لله، و لقرابتكم من رسول الله صلي الله عليه و آله [37] .

36 - عنه قال هشام: و أما عوانة بن الحكم الكلبي فانه قال: لما قتل الحسين و جي بالأثقال و الأساري، حتي و ردوا بهم الكوفة الي عبيدالله، فبينا القوم محتبسون اذا وقع حجر في السجن، معه كتاب مربوط، و في الكتاب خرج البريد بأمركم في يوم كذا و كذا الي يزيد بن معاوية، و هو سائر كذا و كذا يوما، و راجع في كذا، فان سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل، و ان لم تسمعوا تكبيرا فهو الأمان ان شاء الله، قال: فلما كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة اذا حجر قد ألقي في السجن، و معه كتاب مربوط و موسي، و في الكتاب: أوصوا واعهدوا فانما ينتظر البريد يوم كذا و كذا.

فجاء البريد و لم يسمع التكبير، و جاء كتاب بأن سرح الأساري الي فدعا عبيدالله بن زياد محفز بن ثعلبة و شمر بن ذي الجوشن فقال: انطلقوا الي أميرالمؤمنين يزيد بن معاوية، قال: فخرجوا حتي قدموا علي يزيد، فقام محفز بن ثعلبة فنادي بأعلي صوته: جئنا برأس أحمق الناس و ألأمهم، فقال يزيد: ما ولدت أم محفر ألأم و أحمق، ولكنه قاطع ظالم، قال: فلما نظر يزيد الي رأس الحسين، قال:




يفلقن هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



ثم قال: أتدرون من أين أتي هذا؟ قال: أبي علي خير من أبيه، و أمي فاطمة خمير من أمه، و جدي رسول الله خير من جده، و أنا خير منه و أحق بهذالأمر منه، فأما قوله: «أبوه خير من أبي» فقد حاج أبي أباه، و علم الناس أيهما حكم له: و أما قوله: «أمي خير من أمه»، فلعمري فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه و آله خير من أمي، و أما قوله: «جدي خير من جده» فلعمري ما أحد يؤمن بالله و اليوم الآخر يري لرسول الله فينا عدلا و ندا، ولكنه انما أتي من قبل فقهه، و لم يقرأ: «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير انك علي كل شي قدير».

ثم أدخل نساء الحسين علي يزيد، فصاح نساء آل يزيد و بنات معاوية و أهله و ولولن، ثم انهن أدخلن علي يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين - و كانت أكبر من سكينة أبنات رسول الله سبايا يا يزيد! فقال يزيد: يا ابنة أخي، أنا لهذا كنت أكره، قالت: و الله ما ترك لنا خرص، قال: يا ابنة أخي ما آت اليك أعظم مما أخذ منك، ثم أخرجن فأدخلن دار يزيد بن معاوية، فلم تبق امرأة من آل يزيد الا أتتهن، و أقمن المأتم.

أرسل يزيد الي كل امرأة ماذا أخذ لك؟ و ليس منهم امرأة تدعي شيئا بالغا ما بلغ الا قد أضعفه لها ثم أدخل الأساري اليه و فيهم علي بن الحسين، فقال له يزيد: ايه يا علي! فقال علي: «ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير. لكيلا تأسوا علي مافاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور» فقال يزيد: (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير) ثم جهزه و أعطاه مالا، و سرحه الي المدينة [38] .

37 - عنه قال هشام، عن أبي مخنف، قال: حدثني أبوحمزة الثمالي، عن


عبدالله الثمالي، عن القاسم بن بخيت، قال: لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق، فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا: ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا، فأتينا و الله علي آخرهم، و هذه الرؤس و السبايا، فوثب مروان فانصرف، و أتاهم أخوه يحيي بن الحكم، فقال: ما صنعتم، فأعادوا عليه الكلام، فقال: حجبتم عن محمد يوم القيامة، لن أجامعكم علي أمر أبدا ثم قام فانصرف، و دخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه، و حدثوه الحديث.

فقال: فسمعت دور الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز - و كانت تحت يزيد بن معاوية - فتقنعت يثوبها، و خرجت فقالت: يا أميرالمؤمنين، أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله! قال: نعم فأعولي عليه، و حدي علي ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و صريحة قريش، عجل عليه ابن زياد فقتله قتله الله! ثم أذن للناس فدخلوا و الرأس بين يديه، و مع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره، ثم قال ان هذا و ايانا كما قال الحصين بن الحمام المري:



يفلقن هاما من رجال أحبة

الينا و هم كانوا أعق و أظلما



قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله يقال له أبوبرزة الأسلمي: أتنكت يقضيبك في ثغر الحسين أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا، لربما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله يرشفه، أما انك يا يزيد تجي يوم القيامة و ابن زياد شفيعك، و يجي هذا يوم القيامة و محمد صلي الله عليه و آله شفيعه، ثم قام فولي [39] .

38 - الهيتمي عن الليث يعني ابن سعد قال أبي الحسين بن علي أن يستأسر فقاتلوه فقتلوه، و قتلوا ابنيه و أصحابه الذين قاتلوا معه بمكان يقول له الطف و انطلق بعلي بن حسين و فاطمة بنت حسين و سكينة بنت حسين الي عبيدالله بن زياد و علي يومئذ غلام قد بلغ فبعث بهم الي يزيد بن معاوية فأمر بسكينة فجعلها خلف سريره لئلا تري رأس أبيها و ذوي قرابتها و علي بن حسين في غل فوضع


رأسه فضرب علي ثنيتي الحسين فقال:



نفلق هاما من رجال أحبة

الينا و هم كانوا أعق و أظلما



فقال علي بن الحسين: (ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير) فثقل علي يزيد أن يتمثل ببيت شعر و تلا علي ابن الحسين آية من كتاب الله عزوجل فقال يزيد «بل بما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير» فقال علي أما و الله لورآنا رسول الله صلي الله عليه و آله مغلولين لأحب أن يخلينا من الغل فقال: صدقت فخلوهم من الغل فقال و لو وقفنا بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله بعد لاحب أن يقربنا قال صدقت ففربوهم فجعلت فاطمة و سكينة يتطاولان لتريا رأس أبيهما و جعل يزيد يتطاول في مجلسه ليستر رأسه ثم أمربهم فجهزوا و أصلح اليهم و أخرجوا الي المدينة [40] .

39 - عنه عن محمد بن الحسن المخزومي قال لما أدخل ثقل الحسين بن علي، علي يزيد بن معاوية و وضع رأسه بين يديه بكي يزيد و قال:



نفلق هاما من رجال أحبة

الينا و هم كانوا أعق و أظلما



أما و الله لو كنت صاحبك ما قتلتك أبدا فقال علي بن الحسين ليس هكذا قال يزيد كيف يا ابن ام قال (ما أصاب من مصيبة في الارض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير) و عنده عبدالرحمن بن أم الحكم فقال عبدالرحمن يعني ابن أم الحكم:



لهام بجنب الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي النسب الوغل



سمية أمسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل



فرفع يزيد يده فضرب صدر عبدالرحمن و قال اسكت [41] .

40 - قال محمد بن سعد: ثم أتي يزيد بن معاوية بثقل الحسين عليه السلام و من بقي من أهله و نسائه، فأدخلوا عليه قد قرنوا في الجبال فوقفوا بين يديه، فقال له علي بن


الحسين: أنشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلي الله عليه و آله لو رآنا مقرنين في الجبال، أما كان يرق لنا؟، فأمر يزيد بالجبال فقطعت، و عرف الأنكسار فيه! و قالت له سكينة بنت حسين: يا يزيد بنات رسول الله صلي الله عليه و آله سبايا!.

فقال: يا بنت أخي، هو و الله علي أشد منه عليك و قال: أقسمت بالله لو ان بين ابن زياد و بين حسين قرابة ما أقدم عليه، ولكن فرقت بينه و بينه سمية! و قال: قد كنت أرضي من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين، فرحم الله أباعبدالله عجل عليه ابن زياد، أما و الله لو كنت صاحبه ثم لم أقدر علي دفع القتل عنه الا بنقص بعض عمري لأحببت أن أدفع عنه! و لوددت اني أتيت به سلما، ثم أقبل علي علي بن حسين، فقال: أبوك قطع رحمي، و نازعني سلطاني، فجزاه الله جزاء القطيعة و الأثم! فقام رجل من أهل الشام فقام: ان سباءهم لنا حلال!

فقال علي بن حسين: كذبت و لؤمت، ماذاك لك الا أن تخرج من ملتنا و تأتي بغير ديننا، فاطرق يزيد مليا، ثم قال للشامي: اجلس، ثم أمر بالنساء فأدخلن علي نسائه، و أمر نساء آل أبي سفيان فأقمن المأتم علي الحسين ثلاثة أيام، فما بقيت منهن امرأة الا تلقتنا تبكي و تنتحب، و تحن علي حسين ثلاثا، و بكت ام كلثوم بنت عبدالله بن عامر بن كزيز علي الحسين و هي يومئذ عند يزيد بن معاوية، فقال يزيد: حق لها أن تعول علي كبير قريش و سيدها.

قالت فاطمة بنت علي لامرأة يزيد: ما ترك لنا شي، فأبلغت يزيد ذلك، فقال يزيد: ما آتي اليهم أعظم، ثم ما ادعوا شيئا ذهب لهم الا أضعفه ثم دعا بعلي بن حسين و حسن بن حسن، و عمرو بن حسن، فقال لعمرو ابن حسن - و هو يومئذ ابن احدي عشرة سنة - أتصارع هذا؟ - يعني خالد بن يزيد قال: لا، ولكن أعطني سكينا حتي أقاتله، فضمه اليه يزيد و قال:



شنشنة أعرفها من أخزم

هل تلد الحية الا حية [42] .





پاورقي

[1] أمالي الصدوق: 100.

[2] امالي الصدوق: 100.

[3] الارشاد: 229.

[4] الارشاد: 229.

[5] الارشاد: 230.

[6] اعلام الوري: 248.

[7] روضة الواعظين: 164.

[8] المناقب: 225:2.

[9] اللهوف: 74.

[10] اللهوف: 74.

[11] اللهوف: 75.

[12] اللهوف: 76.

[13] اللهوف: 76.

[14] اللهوف: 82 - 76.

[15] اللهوف: 83.

[16] اللهوف: 83.

[17] اللهوف: 84.

[18] تفسير القمي: 86:2.

[19] تفسير القمي: 277:2.

[20] تفسير القمي: 352:2.

[21] مقاتل الطالبيين: 80.

[22] الاخبار الطوال: 260.

[23] تذکرة الاخواص: 260.

[24] کذا و الظاهر محمد بن علي بن الحسين.

[25] الامامة و السياسة: 6:2.

[26] العقد الفريد: 381:4.

[27] العقد الفريد: 382:4.

[28] العقد الفريد: 382:4.

[29] العقد الفريد: 383:4.

[30] تاريخ الطبري: 390:5.

[31] تاريخ الطبري: 459:5.

[32] تاريخ الطبري: 459:5.

[33] تاريخ الطبري: 460:5.

[34] تاريخ الطبري: 460:5.

[35] تاريخ الطبري: 461:5.

[36] کذا في الأصل.

[37] تاريخ الطبري: 461:5.

[38] تاريخ الطبري: 463:5.

[39] تاريخ الطبري: 465:5.

[40] مجمع الزوائد: 195:9.

[41] مجمع الزوائد: 198:9.

[42] ترجمة الامام الحسين من الطبقات.