بازگشت

شهادة عباس بن علي


74 - فلما رأي العباس بن علي كثرة القتلي، في أهله قال لأخوته من امه و هم عبدالله و جعفر، و عثمان: يا بني أمي تقدموا حتي أراكم قد نصحتم لله و لرسوله فانه لا ولد لكم، فتقدم عبدالله رحمة الله عليه، فقاتل قتالا شديدا، فاختلف هو و هاني بن ثبيت الحضرمي ضربتين، فقتله هاني، و تقدم بعده جعفر بن علي عليه السلام فقتله أيضا هاني، و تعمد خولي بن يزيد الاصبحي لعنة الله عليه عثمان بن علي عليه السلام


و قد قام مقام اخوته فرماه بسهم فصرعه و شد عليه رجل من بني دارم فاجتز رأسه و حملت الجماعة علي الحسين عليه السلام فغلبوه علي عسكره و اشتد به العطش.

فركب المسناة يزيد الفرات و بين يديه العباس أخوه فاعترضه خيل ابن سعد لعنه الله، و فيهم رجل من بني دارم، فقال لهم ويلكم حولوا بينه و بين الفرات و لا تمكنوه من الماء فقال الحسين عليه السلام: اللهم اظمأه فغضب الدارمي و رماه بسهم فأثبته في حنكه فانتزع الحسين عليه السلام السهم و بسط يده تحت حنكه فامتلأت راحتاه من الدم فرمي به، ثم قال:

اللهم اني أشكوا اليك بما يفعل بابن بنت نبيك، ثم رجع الي مكانه و قد اشتد به العطش و أحاط القوم بالعباس فاقطعوه عنه فجعل يقاتلهم وحده حتي قتل رحمة الله عليه، و كان المتولي لقتله زيد بن ورقا الحنفي، و حكيم بن الطفيل السنبسي بعد أن اثخن بالجراح فلم يستطع حراكا، و لما رجع الحسين عليه السلام من المسناة الي فسطاطه تقدم اليه شمر بن ذي الجوشن في جماعة من أصحابه فأحاطوا به فأسرع منهم رجل يقال له مالك بن اليسر الكندي.

فشتم الحسين عليه السلام و ضربه علي رأسه بالسيف و كان عليه قلنسوة فقطعها، حتي وصل الي رأسه فأدماه فامتلأت القلنسوة دما فقال له الحسين عليه السلام لا اكلت بيمينك و لا شربت بها و حشرك الله مع القوم الظالمين، ثم ألقي القلنسوة و دعي بخرقة فشد بها رأسه و استدعي قلنسوة أخري فلبسها، واعتم عليها و رجع عنه شمر بن ذي الجوشن و من كان معه الي مواضعهم، فمكث هنيئة ثم عاد و عادوا اليه و أحاطوا به.

75 - قال ابن شهرآشوب: و كان عباس السقا قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين عليه السلام، و هو أكبر الاخوان مضي يطلب الماء فحملها عليه و حمل هو عليهم،


و جعل يقول:



لا أرهب الموت اذا الموت رقي

حتي أو اري في المصاليت لقاء



نفسي لنفس المصطفي الطهر وقاء

أني أنا العباس أغدوا بالسقاء



ففرقهم، فكمن له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة و عاونه حكيم بن طفيل السنبسي فضربه علي يمينه فأخذ السيف بشماله و حمل عليهم و هو يرتجز:



و الله ان قطعتم يميني

اني أحامي أبدا عن ديني



و عن امام صادق اليقين

نجل النبي الطاهر الأمين



فقاتل حتي ضعف، فكمن له الحكيم بن الطفيل الطاعي من وراء نخلة فضربه علي شماله فقال:



يا نفس لا تخشي من الكفار

و أبشري برحمة الجبار



مع النبي سيد المختار

قد قطعوا ببغيهم يساري



فأصلهم يا رب حر النار

فقتله الملعون بعمود من حديد، فلما رآه الحسين عليه السلام مصروعا علي شط الفرات بكي و أنشأ يقول:



تعديتم يا شر قوم بفعلكم

و خالفتم قول النبي محمد



أما كان خير الرسل وصاكم بنا

أما نحن من نسل النبي المسدد



أما كانت الزهراء امي دونكم

أما كان من خير البرية أحمد



لعنتم و أخزيتم بما قد جنيتم

فسوف تلاقوا حر نار توقد [1] .



76 - قال أبوالفرج: العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام، يكني أباالفضل،


أمه أم البنين و هو أكبر ولدها و هو آخر من قتل من اخوته لامه و أبيه، لانه كان له عقب، و لم يكن لهم فقدمهم بين يديه، فقتلوا جميعا [2] .

77 - عنه قال جرمي بن العلاء، عن الزبير عن عمه، ولد العباس بن علي عليه السلام يسمونه السقا، و يكنونه أبا قربة و ما رأيت أحدا من ولده و لا سمعت عمن تقدم منهم هذا عليه السلام و في العباس بن علي عليه السلام يقول الشاعر:



أحق الناس أن يبكي عليه

فتي أبكي الحسين بكربلاء



أخوه و ابن والده علي

أبوالفضل المضرج بالدماء



و من و اساه لا يثنيه شي ء

و جادله علي عطش بماء



و فيه يقول الكميت بن زيد:



و أبوالفضل ان ذكرهم الحلو

شفاء النفوس من أسقام



قتل الأدعياء اذ قتلوه

أكرم الشاربين صوت الغمام



و كان العباس رجلا و سيما جميلا، يركب الفرس المطهم و رجلاه تخطان في الأرض، و كان يقال له، قمر بني هاشم، و كان لواء الحسين بن علي عليهماالسلام معه يوم قتل [3] .

78 - عنه حدثني أحمد بن سعيد، قال حدثني يحيي بن الحسين، قال: حدثنا بكر بن عبدالوهاب، قال: حدثني ابن أبي أويس، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، قال: عبأ الحسين بن علي أصحابه فأعطي رايته أخاه العباس بن علي عليه السلام [4] .

79 - عنه حدثني أحمد بن عيسي، قال: حدثني حسين بن نصر، قال: حدثنا


أبي قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر، أن زيد بن رقاد الجنبي و حكيم بن الطفيل الطائي قتلا العباس بن علي عليه السلام [5] .

80 - عنه - كانت أم البنين أم هؤلاء الأربعة الاخوة القتلي تخرج الي البقيع فتندب بنيها أشجي ندبة و أحرقها فيجتمع الناس اليها يسمعون منها، فكان مروان يجي ء فيمن يجي ء لذلك، فلا يزال يسمع ندبتها و يبكي، ذكر ذلك علي بن محمد بن حمزة، عن النوفلي، عن حماد بن عيسي الجهني عن معاوية بن عمار، عن جعفر بن محمد [6] .

81 - الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن يونس بن عبدالرحمن، عن ابن أسباط، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية قال: قال علي بن الحسين عليهماالسلام: رحم الله العباس يعني ابن علي فلقد آثر و أبلي و فدي أخاه بنفسه حتي قطعت يداه.

فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، و ان للعباس عند الله تبارك و تعالي لمنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.

قال الصدوق: و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، و قد أخرجته بتمامه مع ما رويته في فضائل العباس بن علي عليهماالسلام في كتاب مقتل الحسين بن علي عليهماالسلام [7] .


82 - قال الدينوري: قالوا: و لما رأي ذلك العباس بن علي قال لاخوته عبدالله، و جعفر، و عثمان، بني علي، عليه و عليهم السلام، و أمهم جميعا أم البنين العامرية من آل الوحيد: تقدموا، بنفسي أنتم، فحاموا عن سيدكم حتي تموتوا دونه، فتقدموا جميعا. فصاروا أمام الحسين عليه السلام، يقونه بوجوههم و نحورهم، فحمل هاني بن ثويب الحضرمي علي عبدالله بن علي، فقتله، ثم حمل علي أخيه جعفر بن علي، فقتله أيضا، و رمي يزيد الاصبحي عثمان بن علي بسهم، فقتله.

ثم خرج اليه، فاحتز رأسه، فأتي عمر بن سعد، فقال له: أثبني فقال عمر: عليك بأميرك - يعني عبيدالله بن زياد - فسله أن يثيبك، و بقي العباس بن علي قائما أمام الحسين يقاتل دونه، و يميل معه حيث مال، حتي قتل، رحمة الله عليه [8] .

83 - قال المقرم: و لم يستطع العباس صبرا علي البقاء بعد أن تفاني صحبه و أهل بيته و يري حجة الوقت مكثورا قد انقطع عنه المدد و مل ء مسامعه عويل النساء و صراخ الأطفال من العطش، فطلب من أخيه الرخصة، و لما كان عليه السلام أنفس الذخائر عند السبط الشهيد عليه السلام، لأن الأعداء تحذر صولته و ترهب اقدامه، و الحرم مطمئنة بوجوده مهما تنظر اللواء مرفوعا، فلم تسمح نفس أبي الضيم القدسية بمفارقته فقال له: يا أخي أنت صاحب لوائي قال العباس: قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين و أريد أن آخذ ثاري منهم.

فأمره الحسين عليه السلام أن يطلب الماء للأطفال، فذهب العباس الي القوم و وعظهم و حذرهم غضب الجبار، فلم ينفع، فنادي بصوت عال: يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه و أهل بيته و هؤلاء عياله و


أولاده عطاشي، فاسقوهم من الماء الظمأ قلوبهم و هو مع ذلك يقول: دعوني أذهب الي الروم أو الهند و أخلو لكم الحجاز و العراق فأثر كلامه في نفوس القوم حتي بكي بعضهم ولكن الشمر صاح بأعلي صوته، يا ابن أبي تراب لو كان وجه الارض كله ماء و هو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة الا أن تدخلوا في بيعة يزيد.

فرجع الي أخيه يخبره فسمع الاطفال يتصارخون من العطش، فلم تتطا من نفسه علي هذا الحال و ثارت به الحمية الهاشمية، ثم انه ركب جواده و أخذ القربة فأحاط به أربعة آلاف و رموه بالنبال فلم ترعه كثرتهم و أخذ يطرد أولئك الجماهير وحده و لواء الحمد يرف علي رأسه و لم يشعر القوم أهو العباس يجدل الأبطال أم أن الوصي يزار في الميدان فلم تثبت له الرجال و نزل الي الفرات مطمئنا غير مبال بذلك الجمع، و لما اغترف من الماء ليشرب تذكر عطش الحسين و من معه فرمي الماء و قال:



يا نفس من بعد الحسين هوني

و بعده لاكنت أن تكوني



هذا الحسين وارد المنون

و تشربين بارد العين



تالله ما هذا فعال ديني

ثم ملأ القربة و ركب جواده و توجه نحو المخيم فقطع عليه الطريق و جعل يضرب حتي أكثر القتل فيهم و كشفهم عن الطريق و هو يقول:



لا أرهب الموت اذا الموت زقا

حتي أواري في المصاليت لقي



نفسي لنفس المصطفي الطهروقي

اني أنا العباس أغد بالسقا



و لا أخاف الشر يوم الملتقي

فكمن له زيد بن الرقاد الجهني من وراء نخلة و عاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه علي يمينه فبراها فقال عليه السلام:






و الله ان قطعتم يميني

اني أحامي أبدا عن ديني



و عن امام صادق اليقين

نجل النبي الطاهر الأمين



فلم يعبأ بيمينه بعد ان كان همه ايصال الماء الي أطفال الحسين، و عياله لكن حكيم بن الطفيل كمن له من وراء نخلة فلما مر ضربه علي شماله فقطعها و تكاثروا عليه و أمه السهام، كالمطر فأصاب القربة سهم و أريق ماؤها و سهم أصاب صدره و ضربه رجل بالعمود علي رأسه ففلق هامته: و سقط علي الأرض ينادي: عليك مني السلام يا أباعبدالله.

فأتاه الحسين عليه السلام، ثم رجع الي المخحيم منكسرا حزينا باكيا يكفف دموعه بكمه و قد تدافعت الرجال علي مخيمه، فنادي: أما من مغيث يغيثنا أما من مجير يجيرنا أما من طالب حق ينصرنا أما من خائف من النار فيذب عنا فأتته سكينة و سألته عن عمها فأخبرها بقتله و سمعته زينب فصاحت: وا أخاه وا عباساه وا ضيعتنا بعدك، و بكين النسوة و بكي الحسين معهن و قال: واضيعتنا بعدك [9] .


پاورقي

[1] المناقب: 221:2.

[2] مقاتل الطالبيين: 55.

[3] مقاتل الطالبيين: 55.

[4] مقاتل الطالبيين: 56.

[5] مقاتل الطالبيين: 56.

[6] مقاتل الطالبيين: 56.

[7] الخصال: 68.

[8] الاخبار الطوال: 257.

[9] مقتل الحسين: 314 - 309.