بازگشت

شهادة الحر بن يزيد


1 - قال الصدوق: فضرب الحر بن يزيد فرسه و جاز عسكر عمر بن سعد لعنه الله الي عسكر الحسين عليه السلام واضعا يده علي رأسه و هو يقول: اللهم اليك أنبت فتب علي فقد ارعبت قلوب أوليائك و أولاد نبيك، يابن رسول الله هل لي من توبة


قال نعم تاب الله عليك، قال يابن رسول الله اتأذن لي فأقاتل عنك، فأذن له فبرز و هو يقول:



أضرب في أعناقكم بالسيف

عن خير من حل بلاد الخيف



فقتل منهم ثمانية عشر رجلا، ثم قتل فاتاه الحسين عليه السلام و دمه يشخب، فقال بخ بخ يا حر أنت حر كما سميت في الدنيا و الآخرة، ثم انشأ الحسين يقول:



لنعم الحر حر بني رياح

و نعم الحر عند مختلف الرماح



و نعم الحر اذ نادي حسينا

فجاد بنفسه عند الصباح [1] .



2 - قال المفيد: فلما رأي الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا علي قتال الحسين عليه السلام، قال لعمر بن سعد: أي عمرأ مقاتل أنت هذا الرجل قال: أي والله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤس و تطيح الأيدي قال: أفمالكم فيما عرضه عليكم رضي قال عمر: اما لو كان الأمر الي لفعلت، و لكن أميرك قد أبي، فأقبل الحر حتي وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس فقال له يا قرة هل سقيت فرسك اليوم، قال لا قال: فما تريد أن تسقيه قال قرة و ظننت والله انه يريد أن يتنحي فلا يشهد القتال:

فكره أن أراه حين يصنع ذلك له لم أسقه و أنا منطلق لأسقيه، فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه، فوالله لو انه اطلعني علي الذي بريد لخرجت معه الي الحسين عليه السلام، فاخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا، فقال له المهاجرين أوس ما تريد يابن يزيد تريد أن تحمل فلم يجبه و أخذه مثل الا فكل و هي الرعدة فقال له المهاجر ان أمرك لمريب و الله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا و لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الذي أري منك.


فقال له الحر: اني والله اخير نفسي بين الجنة و النار، فوالله لا اختار علي الجنة شيئا، و لو قطعت و حرقت، ثم ضرب فرسه و لحق بالحسين عليه السلام، فقال له جعلت فداك يابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سايرتك في الطريق و جعجعت بك في هذا المكان، و ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم و لا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علمت أنهم ينتهون بك الي ما أري ما ركبت مثل الذي ركبت، فاني تائب لي الله مما صنعت فتري لي من ذلك توبة.

فقال له الحسين عليه السلام نعم يتوب الله عليك فانزل، قال فأنا لك فارسا خير مني راجلا اقاتلهم لك علي فرسي ساعة و الي النزول آخر ما يصير أمري، فقال له الحسين عليه السلام فاصنع يرحمك الله، ما بدالك، فاستقدم أمام الحسين عليه السلام، فقال يا أهل اكوفة لامكم الهبل و العبر أدعوتم هذا العبد الصالح، حتي اذا جائكم أسلمتوه زعمتم انكم قالوا أنفسكم دونه، ثم عدوتم عليه لتقتلوه و أمسكتم بنفسه و أخذتم بكظمه و احطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة.

فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا و لا تدفع عنها ضرا و جلأتموه و نسآئه و صبيته و أهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود و النصاري و المجوس و تمرغ فيه خنازير السواد، و كلابه، فهاهم قد صرعهم العطش بئس ما خلفتم محمدا في ذريته لا سقاكم الله يوم الظماء، فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل، فاقبل حتي وقف أمام الحسين عليه السلام [2] .

3 - قال ابن شهرآشوب: فحرك الحر دابته حتي استامن الي الحسين و قال له: بأبي و أمي ما ظنت أن الامر ينتهي بهؤلاء القوم الي ما أري، فاما الان جئتك


تائبا و مواسيا لك حتي أموت بين يديك، أتري الي ذلك توبة قال: نعم يتوب الله عليك و يغفر لك. ثم برز و هو يرتجز:



اني انا الحر و مأوي الضيف

أضرب في أعناقكم بالسيف



عن خير من حل بلاد الخيف

أضربكم و لا أري من حيف



فقتل نيفا و أربعين رجلا [3] .

4 - قال ابن طاووس: فمضي الحر و وقف موقفا من أصحابه و أخذه مثل الافكل، فقال له المهاجرين بن أوس: والله ان أمرك لمريب، و لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذي أري منك، فقال والله اني أخير نفسي بين الجنة و النار، فوالله لا اختار علي الجنة شيئا، و لو قطعت و احرقت، ثم ضرب فرسه قاصدا الي الحسين عليه السلام و يده علي رأسه هو يقول: اللهم اليك أنبت، فتب علي فقد أرعبت قلوب أوليائك و أولاد بنت نبيك.

قال للحسين عليه السلام جعلت فداك أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع و جعجع بك و ما ظننت أن القوم يبلغون منك ما أري و أنا تائب الي الله تعالي، فهل تري لي من توبة، فقال الحسين عليه السلام: نعم يتوب الله عليك فنزل فقال أنا لك فارسا خير مني لك راجلا و الي النزول يصير آخر أمري.

ثم قال فاذا كنت أول من خرج عليك، فأذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك لعلي أكون ممن يصافح جدك محمدا صلي الله عليه و آله غذا في القيامة و انما أراد أول قتيل من الان، لأن جماعة قتلوا قبله، كما ورد، فأذن له فجعل يقاتل أحسن قتال حتي قتل جماعة من شجعان و أبطال، ثم استشهد فحمل الي الحسين عليه السلام فجعل يمسح التراب عن وجهه يقول أنت الحر كما سمتك أمك حرا في الدنيا و الأخرة [4] .


5 - قال الطبري: قال أبومخنف: عن أبي جناب الكلبي، عن عدي بن حرملة قال: ثم ان الحر بن يزيد لما زحف عمر بن سعد، قال له: أصلحك الله! أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: اي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤس و تطيح الأيدي قال: أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضا؟ قال عمر بن سعد، أما و الله لو كان الأمر الي لفعلت، ولكن أميرك قد أبي ذلك، قال: فأقبل حتي وقف من الناس موقفا، و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس.

فقال: يا قرة، هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: انما تريد أن تسقيه؟ قال: فظننت و الله أنه يريد أن يتنحي فلا يشهد القتال، و كره أن أراه حين يصنع ذلك، فيخاف أن أرفعه عليه، فقلت له، لم أسقه، و أنا منطلق فساقيه، قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي، كان فيه، قال: فو الله لو أنه أطلعني علي الذي يريد لخرجت معه الي الحسين، قال: فأخذ يدنو من حسين قليلا قليلا.

فقال له رجل من قومه يقال له المهاجرين بن أوس: ما تريد يابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت و أخذه مثل العرواء، فقال له يابن يزيد، و الله ان أمرك لمريب، و الله ما رأيت منك في موقف قط مثل شي ء أراه الآن، و لو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك، فما هذا الذي أري منك! قال: اني والله أخير نفسي بين الجنة و النار، و والله لا أختار علي الجنة شيئا و لو قطعت و حرقت، ثم ضرب فرسه فلحق بحسين عليه السلام.

فقال له: جعلني الله فداك يابن رسول الله! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، و سايرك في الطريق، و جعجعت بك في هذا المكان، و الله الذي لا اله الا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا، و لا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي، لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم، و لا يرون أني المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم، و لا يرون أني خرجت من طاعتهم، و أما هم فيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم.


و الله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، و اني قد جئتك تائبا مما كان مني الي ربي، و مواسيا لك بنفسي حتي أموت بين يديك، أفتري ذلك لي توبة؟ قال: نعم يتوب الله عليك، و يغفر لك، ما اسمك؟ قال: أنا الحر بن يزيد، قال: أنت الحر كما سمتك أمك، أنت الحر ان شاء الله في الدنيا و الآخرة، انزل، قال: انا لك فارسا خير مني راجلا، أقاتلهم علي فرسي ساعة، و الي النزول ما يصير آخر أمري قال الحسين: فاصنع يرحمك الله ما بدالك. فاستقدم أمام أصحابه ثم قال:

أيها القوم، ألا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه و قتاله؟ قالوا: هذا الأمير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه بمثل ما كلمه به قبل، و بمثل ما كلم به أصحابه، قال عمر: قد حرصت، لو وجدت الي ذلك سبيلا فعلت، فقال: يا أهل الكوفة، لامكم الهبل و العبر اذ دعوتموه حتي اذا أتاكم أسلمتموه، و زعمتم أنكم قاتلو أنفسكم دونه.

ثم عدوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه، و أخذتم بكظمه، و أحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتي يأمن و يأمن أهل بيته، و أصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا، و لا يدفع ضرا، و حلأتموه و نساءه و صبيته و أصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي و المجوسي و النصراني، و تمرغ فيه خنازير السواد و كلابه، و ها هم أولاء قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته! لا سقاكم الله يوم الظماء ان لم تتوبوا و تنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه، فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل، فأقبل حتي وقف أمام الحسين [5] .

6 - قال الدينوري: و انحاز الحر بن يزيد الذي كان جعجع بالحسين الي


الحسين، فقال له: قد كان مني الذي كان، و قد أتيتك مواسيا لك بنفسي، أفتري ذلك لي توبة مما كان مني؟ قال الحسين: نعم، انها لك توبة، فابشر، فأنت الحر في الدنيا، و أنت الحر في الآخرة، ان شاء الله [6] .


پاورقي

[1] أمالي الصدوق: 97.

[2] الارشاد: 218.

[3] المناقب: 217 - 216 :2.

[4] اللهوف: 44.

[5] تاريخ الطبري: 427:5.

[6] الاخبار الطوال: 256.