بازگشت

ماجري في ليلة عاشوراء


بسم الله الرحمن الرحيم

1 - قال الصدوق: فقام الحسين عليه السلام في أصحابه خطيبا فقال اللهم اني لا أعرف أهل بيت أبر و لا أزكي و لا أطهر من أهل بيتي، و لا أصحابا هم خير من أصحابي، و قد نزل بي ما قد ترون، و أنتم في حل من بيعتي ليست لي في أعناقكم بيعة، و لا لي عليكم ذمة، و هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملا و تفرقوا في سواده فان القوم انما يطلبوني و لو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.

فقام اليه عبدالله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، فقال يابن رسول الله ماذا يقول لنا الناس ان نحن خذلنا شيخنا و كبيرنا و سيدنا و ابن سيد الاعمام و ابن نبينا سيد الانبياء، لم نضرب معه بسيف و لم نقاتل معه برمح لا و الله أونرد موردك و نجعل أنفسنا دون نفسك و دماءنا دون دمائك فاذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا و خرجنا مما لزمنا.

و قام اليه رجل يقال له زهير بن القين البجلي، فقال يابن رسول الله وددت أني قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت، فيك و في الدين معك


مائة قتله و أن الله دفع بي عنكم أهل البيت، فقال له و لاصحابه جزيتم خيرا [1] .

2 - قال المقيد: فجمع الحسين عليه السلام أصحابه عند قرب المساء، قال علي بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام فدنوت منه لا سمع ما يقول لهم، و أنا اذ ذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه: أثني علي الله أحسن الثناء و أحمده علي السرآء و الضرآء، اللهم اني أحمدك علي أن كرمتنا بالنبوة، و علمتنا القرآن و فقهتنا في الدين و جعلت لنا أسماء و أبصارا و أفئده فاجعلنا من الشاكرين.

أما بعد فاني لا أعلم أصحابا أوفي و لا خيرا من أصحابي، و لا أهل بيت أبر و لا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرا ألا و اني لا أظن يوما لنا من هؤلاء الا و اني قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملا، فقال له اخوته و ابناؤه و بنوا أخيه و ابنا عبدالله ابن جعفر لم نفعل ذلك لنبقي بعدك لا أرانا الله ذلك أبدا، بدأهم بهذا القول العباس ابن علي عليهماالسلام و اتبعه الجماعة عليه فتكلموا بمثله و نحوه.

فقال الحسين عليه السلام يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم، قالوا سبحان الله فما يقول الناس يقولون: انا تركنا شيخنا و سيدنا و بني عمومتنا خير الأعمام، و لم نرم معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح، و لم نضرب معهم بسيف، و لا ندري ما صنعوا لا والله ما نفعل، و لكن نفديك بأنفسنا و أموالنا و أهلينا و نقاتل معك حتي نرد موردك فقبح الله العيش بعدك و قام اليه مسلم بن عوسجة.

فقال أنحن نخلي عنك و بما نعتذر الي الله في أداء حقك، أما والله حتي أطعن


في صدورهم برمحي و أضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي و لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم و لقذفتهم بالحجارة و الله لا نخليك حتي يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسوله فيك، أما و الله لو قد علمت أني اقتل نم أحيي ثم أحرق ثم أحيي ثم اذري يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي ألقي حمامي دونك، و كيف لا أفعل ذلك و انما هي فتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا، و قام زهير ابن القين رحمة الله عليه.

فقال و الله لوددت اني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي اقتل هكذا ألف مرة، و ان الله عز و جل يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن أنفس هؤلاء، الفتيان من اهل بيتك، و تكلم جماعة من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد فجزاهم الحسين عليه السلام خيرا و انصرف الي مضربه.

قال علي بن الحسين عليهماالسلام: اني جالس في تلك العشية التي قتل أبي في صبيحتها و عندي عمتي زينب تمرضني اذا عتزل أبي في خبآء له و عنده جون مولي أبي ذر الغفاري و هو يعالج سيفه و يصلحه و أبي يقول:



يا دهر اف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الأصيل



من صاحب أو طالب قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و انما الأمر الي الجليل

و كل حي سالك سبيل



فاعادها مرتين أو ثلثا فهمتها و عرفت ما أراد، فخنقتني العبرة، فرددتها لزمت السكوت و علمت أن البلاء قد نزل، و أما عمتي، فانها سمعت ما سمعت و هي امرأة و من شان النسآء الرقة و الجزع، فلم تملك نفسها أن و ثبت تجر ثوبها و انها لحاسرة حتي انتهت اليه فقالت و اثكلاه ليت الموت أعدمني الحيوة، اليوم ماتت امي فاطمة و أبي علي و أخي الحسن عليهم السلام يا خليفة الماضين و ثمال


الباقين.

فنظر اليها الحسين عليه السلام فقال لها يا أخية لا يذهبن حملك الشيطان، و ترقرقت عيناه بالدموع، و قال لو ترك القطا لنام، فقالت يا ويلتاه افتغتصب نفسك اغتصابا، فذالك أقرح لقلبي و أشد علي نفسي، ثم لطمت وجهها، و هوت الي جيبها فشقته و خرت مغشيا عليها، فقام اليها الحسين عليه السلام فصب علي وجهها الماء و قال لها أليها.

يا أختاه اتقي الله و تغري بعزاء الله و اعلمي أن أهل الأرض يموتون و أهل السماء لا يبقون، و أن كل شي ء هالك الا وجه الله الذي خلق الخلق بقدرته، و بيعث الخلق و يعيدهم، و هو فرد وحده، جدي خير مني و أبي خير مني و امي خير مني، و أخي خير مني، ولي و لكل مسلم برسول الله صلي الله عليه و آله أسوة فعزاها بهذا و نحوه و قال لها يا أخية اني اقسمت عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا و لا تخمشي علي وجها و لا تدعي علي بالويل و الثبور اذا أنا هلكت.

ثم جاء بها حتي أجلسها عندي، ثم خرج الي اصحابه فأمرهم أن يقرب بعضهم بيوتهم من بعض و أن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض و أن يكونوا بين البيوت فيستقبلون القوم من وجه واحد، و البيوت من ورائهم، و عن ايمانهم، و عن شمالهم، قد حفت بهم الا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم، و رجع عليه السلام الي مكانه فقام الليل كله يصلي و يستغفر و يدعو و يتضرع و قام أصحابه كذلك يصلون و يدعون و يستغفرون.

قال الضحاك بن عبدالله و مر بنا خيل لابن سعد تحرسنا و ان حسينا عليه السلام ليقرأ «و لا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين، ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عيله حتي يميز الخبيث من


الطيب» فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له عبدالله بن سمير و كان مضحاكا، شجاعا بطلا فارسا فاتكا فقال نحن و رب الكعبة الطيبون، ميزنا منكم فقال له: برير بن خضير: يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين، فقال من أنت، ويلك فقال له أنا برير بن خضير فتسابا [2] .

3 - قال ابن شهرآشوب: فجمع الحسين عليه السلام أصحابه، و حمدالله و اثني عليه ثم قال بعد دعاء و كلام كثير، و اني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل، ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، و ليأخذ كل رجل بيد رجل من أهل بيتي، و تفرقوا في سوادكم و مدائنكم، فان القوم انما يطلبونني و لو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري، فأبوا ذلك كلهم.

فقال مسلم بن عوسجة الأسدي: والله لو علمت اني اقتل ثم أحيي ثم أحرق، ثم اذري يفعل بي ذلك سبعين مرة، ما تركتك، فكيف و انما هي قتلة واحدة ثم الكرامة الي الأبد، و تكلم سعد بن عبدالله الحنفي و زهير بن القين و جماعة من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا.

فاوصي الحسين عليه السلام أن لا يشقوا عليه جيبا و لا يخمشوا وجها و لا يدعي بالويل و الثبور، و باتوا قارئين راكعين ساجدين، قال علي بن الحسين عليهماالسلام اني لجالس في تلك الليلة التي قتل في صبيحتها و كان يقول:



يا دهر اف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الأصيل



من صاحب و طالب قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و انما الأمر الي الجليل

و كل حي فالي سبيل




ما اقرب الوعد من الرحيل

قالت زينب كأنك تخبر أنك تغصب نفسك اغتصابا، فقال لو ترك القطا ليلا لنام، فلما اصبحوا عبي الحسين عليه السلام أصحابه و أمر بأطناب البيوت فقربت حتي دخل بعضها في بعض، و جعلوها وراء ظهورهم، ليكون الحرب من وجه واحد، و أمر بحطب و قصب كانوا أجمعوه وراء البيوت فطرح ذلك في خندق جعلوه و ألقوا فيه النار و قال لاتؤتي من ورائنا [3] .

4 - قال ابن طاووس: قال الراوي و جلس الحسين عليه السلام فرقد ثم استيقظ، فقال: يا اختاه اني رأيت الساعة جدي محمد صلي الله عليه و آله و أبي عليا و أمي فاطمة و أخي الحسن و هم يقولون يا حسين انك رائح الينا عن قريب و في بعض الروايات غدا، قال الراوي فلطمت زينب وجهها و صاحت و بكت، فقال لها الحسين مهلا لا تشمتي القوم بنا ثم جاء الليل فجمع الحسين عليه السلام أصحابه الله و اثني عليه ثم أقبل عليهم فقال:

أما بعد فاني لا أعلم أصحابا أصلح منكم، و لا أهل بيت أبر و لا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعا عني خيرا و هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملا، و ليأخذ كل رجل منك بيد رجل من أهل بيتي و تفرقوا في سواد هذا الليل و ذروني و هؤلاء القوم، فانهم لا يريدون غيري، فقال له اخوته أبناؤه و ابناء عبدالله بن جعفر، و لم نفعل ذلك لنبقي بعدك، لا أرانا الله ذلك أبدا، بدأهم بذلك القول العباس ابن علي عليه السلام ثم تابعوه.

قال الراوي ثم نظر الي بني عقيل فقال: حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم


اذهبوا فقد أذنت لكم [4] .

5 - عنه روي من طريق آخر، قال فعندها تكلم اخوته و جميع أهل بيته و قالوا: يا ابن رسول الله فما يقول الناس لنا و ماذا نقول لهم انا تركنا شيخنا و كبيرنا و ابن بنت نبينا لم نرم معه بسهم، و لم نطعن معه برمح، و لم نضرب بسيف، لا والله يا ابن رسول الله لا نفارقك أبدا ولكنا نقيك بأنفسنا حتي نقتل بين يديك، و نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.

ثم قام مسلم بن عوسجة و قال: نحن نخليك هكذا و ننصرف عنك، و قد أحاط بك هذا العدو لا والله لا يراني الله أبدا و أنا أفعل ذلك حتي اكسر في صدورهم رمحي و أضاربهم بسيفي، ما ثبت قائمه بيدي، و لو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، و لم أفارقك أو أموت معك، قال و قام سعيد بن عبدالله الحنفي.

فقال: لا والله يا ابن رسول الله نخليك أبدا حتي يعلم الله أنا قد حفظنا فيك وصية رسوله محمد صلي الله عليه و آله و لو علمت اني اقتل فيك، ثم أحيي ثم أخرج حيا ثم أذري يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي القي حمامي دونك و كيف لا أفعل ذلك و انما هي قتلة واحده ثم أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا.

ثم قام زهير بن القين و قال و الله يا ابن رسول الله لوددت اني قتلت ثم نشرت ألف مرة، و أن الله تعالي قد دفع القتل عنك و عن هؤلاء الفتية، من اخوانك و ولدك، و أهل بيتك و تكلم جماعة من أصحابه بنحو ذلك و قالوا: أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا و وجوهنا فاذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربنا و قضينا ما علينا.


قيل لمحمد بن بشير الحضرمي في تلك الحال قد اسر ابنك بثغر الري، فقال عندالله احتسبه و نفسي ما كنت أحب أن يوسر و أنا أبقي بعده، فسمع الحسين عليه السلام قوله، فقال: رحمك الله أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك، فقال اكلتني السباع حيا ان فارقتك، قال فأعط ابنك هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.

قال الراوي: و بات الحسين عليه السلام و أصحابه تلك الليلة و لهم دودي كدوي النحل، ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد، فعبر عليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان و ثلاثون رجلا و كذا كانت سجية الحسين عليه السلام في كثرة صلاته و كمال صفاته [5] .

6 - قال الفتال: فجمع الحسين عليه السلام أصحابه عند قرب المساء قال علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: فدنوت منهم لأسمع ما يقول لهم، و أنا إذ ذالك مريض، فسمعت أبي عليه السلام يقول لأصحابه: اثني علي الله أحسن الثناء و أحمده علي السراء و الضراء، اللهم اني أحمدك علي أن أكرمتنا بالنبوة، و علمتنا القرآن و فهمتنا في الدين، و جعلت لنا أسماعا و أبصارا و أفئدة، فاجعلنا من الشاكرين.

أما بعد فاني لا أعلم أصحابا و لا أهل بيت أبر و لا أوصل من أصحابي، و أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرا ألا و اني لأظن يوما لنا من هؤلاء، الا و قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم من ذمام، هذا الليل، قد غشيكم فاتخذوه جملا، فقال أخوته و أبناءه و بني أخيه و ابنا عبدالله بن جعفر لم نفعل لنبقي بعدك لا أرانا الله ذلك اليوم أبدا بدأهم بهذا القول العباس بن علي رضي الله عنه، و اتبعته


الجماعة عليه فتكلموا بمثله و نحوه.

فقال الحسين عليه السلام: يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم، فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم، قالو سبحان الله ما نقول للناس نقول انا تركنا شيخنا و سيدنا و بني عمومتنا خير الأعمام، و لم نرم معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح، و لم نضرب معهم بسيف، و لا ندري ما صنعوا لا و الله لانفعل و لكن نفديك أنفسنا و أموالنا و أهلينا و نقاتل معك حتي نرد موردك فقبح الله العيش بعدك.

قال مسلم بن عوسجة والله لو عملت أني اقتل ثم أحيا ثم احرق ثم أحيا ثم احرق ثن اذرا، يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك، حتي ألقي حمامي من دونك، و كيف لا أفعل ذلك، و انما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضا لها ابدا، و قام زهير بن القين رحمه الله.

فقال والله لوددت اني قتلت حتي أقتل، هكذا ألف مرة، و ان الله يدفع بذلك القتل عن نفسك، و عن أنفس هؤلاء الفتيان، من أهل بيتك، و تكلم بعض أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد، فجزاهم الحسين خيرا و انصرف الي مضربه، قال علي بن الحسين عليهماالسلام بينا أني جالس في تلك العشية التي قتل في صبيحتها أبي، و عندي عمتي زينب تمرضني اذا اعتزل أبي في خباء و عنده فلان مولي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه و هو يعالج سيفه و يصلحه و أبي يقول:



يا دهر اف لك من خليل

كم لك في الاشراق و الأصيل



من صاحب و طالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل



و انما الامر الي الجليل

و كل حي سالك سبيل



فأعادها مرتين أو ثلثا حتي فهمتها و علمت ما أراد فخنقتني العبرة فرددتها و لزمت السكوت، و علمت ان البلاء قد نزل، قال الضحاك بن عبدالله و مر بنا


خيل لابن سعد، يحرسنا و أن حسينا عليه السلام ليقرأ «و لا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم و انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين، ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب» [6] .

7 - قال أبوالفرج: كان عبيدالله بن زياد - لعنه الله - قد ولي عمر بن سعد الري فلما بلغه الخبر وجه اليه أن سر الي الحسين أولا فاقتله فاذا قتلته رجعت و مضيت الي الري فقال له: اعفني أيها الأمير قال: قد أعفيتك من ذلك و من الري، قال: اتركني أنظر في أمري فتركه، فلما كان من الغد غدا عليه فوجه معه بالجيوش، لقتال الحسين، فلما قاربه و توافقوا قام الحسين في أصحابه خطيبا فقال:

اللهم انك تعلم اني لا أعلم أصحابا خيرا من أصحابي، و لا أهل بيت خيرا من أهل بيتي فجزاكم الله خيرا، فقد آزرتم و عاونتم و القوم لا يريدون غيري و لو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدا، فاذا جنكم الليل فتفرقوا سواده و انجوا بأنفسكم فقام اليه العباس بن علي أخوه و علي ابنه و بنوعقيل فقالوا له: معاذ الله و الشهر الحرام، فما ذا نقول للناس اذا تركنا سيدنا و ابن سيدنا و عمادنا و تركناه غرضا للنبل و دريئة للرماح و جزرا للسباع، و فررنا عنه رغبة في الحياة معاذ الله بل نجيا بحياتك و نموت معك فبكي و بكوا عليه، و جزاهم ثم نزل صلوات الله عليه [7] .

8 - عنه حدثني عبدالله بن زيدان البجلي، قال حدثنا محمد بن زيد التميمي، قال حدثنا نصر بن مزاحم، عن أبي مخنف، عن الحرث بن كعب، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: اني والله لجالس مع أبي في تلك الليلة و أنا عليل و هو يعالج سهاما و بين يديه جون مولي أبي ذر الغفاري اذار تجز الحسين عليه السلام:




يا دهر أف لك من خليل

كم لك في الاشراق و الأصيل



من صاحب و ما جد قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و انما الأمر الي الجليل

و كل حي سالك السبيل



قال: و أما أنا فسمعته و رددت عبرتي، و أما عمتي فسمعته دون النساء فلزمتها الرقة و الجزع فشقت ثوبها و لطمت وجهها، و خرجت حاسرة تنادي: واثكلاه و احزناه، ليت الموت أعدمني الحياة يا حسيناه يا سيداه يا بقية أهل بيتاه استقلت و يئست من الحياة، اليوم مات جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و أمي فاطمة الزهرا و أبي علي و أخي الحسن يا بقية الماضين و ثمال الباقين.

فقال لها الحسين يا اختي، لو ترك القطا لنام، قالت: فانما تغتصب نفسك اغتصابا، فذالك اطول لحزني و أشجي لقلبي و خرت مغشيا عليها فلم يزل يناشدها و احتملها حتي أدخلها الخباء [8] .

9 - قال اليعقوبي: فروي عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: أني جالس في العشية التي قتل أبي الحسين بن علي في صبيحتها و عمتي زينب تمرضني اذ دخل أبي و هو يقول:



يا دهر أف لك من خليل

كم لك في الاشراق و الاصيل



من صاحب و ما جد قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل



و انما الأمر الي الجليل

و كل حي سالك السبيل



ففهمت ما قال و عرفت ما أراد و خنقتني عبرتي و رددت، دمعي و عرفت أن البلاء قد نزل بنا فأما عمتي زينب فانها لما سمعت ما سمعت و النساء من شأنهن


الرقة و الجزع، فلم تملك أن و ثبت تجر ثوبها حاسرة و هي تقول و اثكلاه ليت الموت أعد مني الحياة اليوم ماتت فاطمة و علي و الحسن بن علي أخي فنظر اليها فردد غصته، ثم قال أختي اتقي الله فان الموت نازل لا محالة فلطمت وجهها و خرت مغشيا عليها و صاحت و اويلاه واثكلاه.

فتقدم اليها فصب علي وجهها الماء و قال لها يا أختاه تغري بعزاء الله فان لي و لكل مسلم أسوة برسول الله صلي الله عليه و آله، ثم قال: اني أقسم عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا و لا تخمشي علي وجها و لا تدعي علي بالويل و الثبور، ثم جاء بها حتي أجلسها عندي و اني لمريض مدنف و خرج الي أصحابه، فلما كان من الغد خرج فكلم القوم و عظم عليهم حقه و ذكرهم الله عز و جل و رسوله و سألهم أن يخلوا بينه و بين الرجوع.

فأبوا الا قتاله أو أخذه حتي يأتوا به عبيدالله بن زياد، فجعل يكلم القوم بعد القوم و الرجل بعد الرجل فيقولون ما ندري ما تقول، فأقبل علي أصحابه، فقال: ان القوم ليسوا يقصدون غيري و قد قضيتم ما عليكم، فانصرفوا فأنتم في حل فقالوا لا والله يا ابن رسول الله حتي تكون أنفسنا قبل نفسك فجزاهم الخير [9] .

10 - قال الطبري: قال أبومخنف: حدثني عبدالله بن عاصم الفائشي، عن الضحاك بن عبدالله المشرقي بطن من همدان، أن الحسين بن علي عليهماالسلام جمع أصحابه، قال أبومخنف: و حدثني أيضا الحارث بن حصيرة، عن عبدالله بن شريك العامري، عن علي بن الحسين قالا: جمع الحسين أصحابه بعد مارجع عمر بن سعد و ذلك عند، قرب المساء قال علي بن الحسين: فدنوت منه لأسمع و أنا مريض


فسمعت أبي و هو يقول لأصحابه.

أثني علي الله تبارك و تعالي أحسن الثناء و أحمده علي السراء و الضراء اللهم اني أحمدك علي أن أكرمتنا بالنبوة و علمتنا القرآن و فقهتنا في الدين و جعلت لنا أسماعا و أبصارا و أفئدة، و لم تجعلنا من المشركين، أما بعد، فاني لاأعلم أصحابا أوفي و لا خيرا من أصحابي و لا أهل بيت أبر و لا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا ألا و اني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ألا و اني قد رأيت لكم فانطلقوا جميعا في حل، ليس عليكم مني ذمام هذا ليل قد غشيكم فاتخذوه جملا [10] .

11 - عنه قال أبومخنف: حدثنا عبدالله بن عاصم الفائشي - بطن من همدان - عن الضحاك بن عبدالله المشرقي، قال: قدمت و مالك بن النضر الأرحبي علي الحسين فسلمنا عليه، ثم جلسنا اليه فرد علينا و رحب بنا، و سألنا عما جئناله فقلنا: جئنا لنسلم عليك، و ندعوا الله لك بالعافية و نحدث بك عهدا و نخبرك خبر الناس و انا نحدثكم أنهم قد جمعوا علي حربك فرأيك.

فقال الحسين عليه السلام: حسبي الله و نعم الوكيل قال: فتذممنا و سلمنا عليه و دعونا الله له قال: فمايمنعكما من نصرتي، فقال مالك ابن النضر: علي دين ولي عيال، فقلت له: ان علي دينا و ان لي لعيالا، ولكنت ان جعلتني في حل من الانصراف، اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا و عنك دافعا.

قال: فأنت في حل، فأقمت معه فلما كان الليل قال: هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منك بيد رجل من أهل بيتي تفرقوا في سوادكم و مدائنكم حتي يفرج الله، فان القوم انما يطلبوني و لو قد أصابوني لهوا، عن طلب


غيري، فقال له اخوته و أبناؤه و بنو أخيه و ابنا عبدالله بن جعفر: لم نفعل لنبقي بعدك، لا أرانا الله ذلك أبدا، بدأهم بهذا القول العباس بن علي، ثم انهم تكلموا بهذا و نحوه.

فقال الحسين عليه السلام: يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا قد أذنت لكم قالوا: فما يقول الناس! يقولون انا تركنا شيخنا و سيدنا و بني عمومتنا، خير الأعمام، و لم نرم معهم بسهم، و لم نطعن معهم برمح، و لم نضرب معهم بسيف، و لا ندري ما صنعوا! لا والله لا نفعل، و لكن نفديك أنفسنا و أموالنا و أهلونا، و نقاتل معك حتي نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك [11] !

12 - عنه قال أبومخنف: حدثني عبدالله بن عاصم، عن الضحاك بن عبدالله المشرقي، قال: فقام اليه مسلم بن عوسجة الأسدي، فقال: أنحن نخلي عنك و لما نعذر الي الله في أداء حقك! أما و الله حتي أكسر في صدورهم رمحي، و أضربهم بسيفي، ما ثبت قائمه في يدي، و لا أفارقك، و لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، دونك حتي أموت معك.

قال: و قال سعيد بن عبدالله الحنفي: والله لا نخليك حتي يعلم الله أنا حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه و آله فيك، و الله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ثم أذر، يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك، حتي ألقي حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك! و انما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا.

قال: و قال زهير بن القين: والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي أقتل كذا ألف قتلة، و أن الله يدفع بذلك القتل، عن نفسك و عن أنفس هؤلاء الفتية


من أهل بيتك، قال: و تكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد، فقالوا: والله لا نفارقك، ولكن أنفسنا لك الفداء، نقيك بنحورنا و جباهنا و أيدينا، فاذا نحن قتلنا كنا و فينا، و قضينا ما علينا [12] .

13 - عنه قال أبومخنف: حدثني الحارث بن كعب، عن الضحاك، عن علي ابن الحسين بن علي قال: اني جالس في تلك العشية التي قتل أبي في صبيحتها، و عمتي زينب تمرضني، اذ اعتزل أبي بأصحابه في خباء له، و عنده حوي، مولي أبي ذر الغفاري، و هو يعالج سيفه و يصلحه و أبي يقول:



يا دهر أف لك من خليل

كم لك في الاشراق و الأصيل



من صاحب و ما جد قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل



و انما الأمر الي الجليل

و كل حي سالك السبيل



قال: فأعادها مرتين أو ثلاثا حتي فهمتها، فعرفت ما أراد، فخنقتني عبرتي، فرددت دمعي و لزمت السكون، فعلمت أن البلاء قد نزل، فأما عمتي فانها سمعت ما سمعت، و هي امرأة، و في النساء الرقة و الجزع، فلم تلك نفسها أن و ثبت تجر ثوبها، و انها لحاسرة حتي انتهت اليه، فقالت: واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! اليوم ماتت فاطمة أمي و علي أبي، و حسن أخي، يا خليفة الماضي، و ثمال الباقي، قال: فنظرا اليها الحسين عليه السلام فقال:

يا أخية، اتقي الله و تغزي بعزاء الله، و اعلمي أن أهل الأرض يموتون، و أن أهل السماء لا يبقون، و أن كل شي ء هالك الا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته، و يبعث الخلق فيعودون، و هو فرد وحده، أبي خير مني، و أمي خير مني، و أخي


خير مني، ولي لهم و لكل مسلم برسول الله أسوة، قال: فعزاها بهذا و نحوه، و قال لها:

يا أخية، اني أقسم عليك فأبري قسمي، لا تشقي علي، جيبا، و لا تخمشي علي وجها، و لا تدعي علي بالويل و الثبور اذا أنا هلكت، قال: ثم جاء بها حتي أجلسها عندي، و خرج الي أصحابه فأمرهم أن يقربوا بعض بيوتهم من بعض، و أن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض، و أن يكونوا هم بين البيوت الا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم [13] .

14 - عنه قال أبومخنف: عن عبدالله بن عاصم، عن الضحاك بن عبدالله المشرقي، قال: فلما أمسي حسين و أصحابه قاموا الليل كله يصلون و يستغفرون و يدعون و يتضرعون قال: فتمر بنا خيل لهم تحرسنا، و ان حسينا ليقرأ: «و لا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين، ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب» فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا، فقال: نحن و رب الكعبة الطيبون، ميزنا منكم.

قال: فعرفته فقلت لبرير بن خضير: تدري من هذا؟ قال: لا: قلت هذا أبوحرب السبيعي عبدالله بن شهر - و كان مضحاكا بطالا، و كان شريفا شجاعا فاتكا، و كان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية - فقال له برير بن خضير: يا فاسق، أنت يجعلك الله في الطيبين! فقال له من أنت؟ قال: أنا برير بن خضير، قال: انا لله! عز علي! هلكت والله هلك والله يا برير!

قال: يا أبا حرب، هل لك أن تتوب الي الله من ذنوبك العظام! فوالله انا لنحن الطيبون، و لكنكم لأنتم الخبيثون، قال: و أنا علي ذلك من الشاهدين، قلت:


و يحك! أفلا ينفعك معرفتك! قال: جعلت فداك! فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل! قال: ها هو ذا معي، قال: قبح الله رأيك علي كل حال! أنت سفيه، ثم انصرف عنا [14] .

15 - قال عبدالرزاق المقرم: و في هذا الحال قيل لمحمد بن بشير الحضرمي، قد أسرا ابنك بثغر الري فقال: ما أحب أن يؤسر و أنا أبقي بعده حيا فقال له الحسين: أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ولدك، قال: لا والله لا أفعل ذلك أكلتني السباع حيا ان فارقتك، فقال عليه السلام: اذا اعط ابنك هذه الأثواب الخمسة ليعمل في فكاك أخيه و كان قيمتها ألف دينار.

و لما عرف الحسين منهم صدق النبية و الاخلاص في المفاداة دونة أوقفهم علي غامض القضاء فقال: اني غذا اقتل و كلكم تقتلون معي و لا يبقي منكم أحد حتي القاسم و عبدالله الرضيع الا ولدي علي زين العابدين لأن الله لم يقطع نسلي منه، و هو أبوأئمة ثمانية.

فقالوا بأجمعهم الحمد الله أكرمنا بنصرك و شرفنا بالقتل معك أولاد ترضي أن نكون معك في درجتك يا ابن رسول الله، فدعا لهم بالخير و كشف عن أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان، و عرفهم منازلهم فيها و ليس ذلك في القدرة الألهية بعزيز، و لا في تصرفات الامام بغريب، فان سحرة فرعون لما آمنوا بموسي عليه السلام و أراد فرعون قتلهم أرادهم النبي موسي منازلهم في الجنة.

في حديث أبي جعفر الباقر عليه السلام قال لأصحابه: ابشروا بالجنة فوالله انا نمكث ما شاء الله بعد ما يجري علينا ثم يخرجنا الله و اياكم حتي يظهر قائمنا فينتقم من


الظالمين، و أنا و أنتم نشاهدهم في السلاسل و الأغلال و أنواع العذاب فقيل له من قائمكم يا ابن رسول الله قال: السابع من ولد ابني محمد بن علي الباقر و هو الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي ابني و هو الذي يغيب مدة طويلة ثم يظهر و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا [15] .

16 - عنه خرج عليه السلام في جوف الليل الي خارج الخيام، يتفقد التلاع و العقبات فتبعه نافع بن هلال البجلي، فسأله الحسين عما أخرجه، قال: يا ابن رسول الله أفزعني خروجك الي جهة معسكر هذا الطاغي، فقال الحسين: اني خرجت أتفقد التلاع و الروابي، مخافة أن تكون مكمنا لهجون الخيل يوم تحملون و يحملون ثم رجع عليه السلام و هو قابض علي يد نافع و يقول: هي هي والله وعد الا خلف فيه.

ثم قال له: ألا تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل، و تنحو بنفسك فوقع نافع علي قدميه يقبلها و يقول: ثكلتني امر ان سيفي بألف و فرسي مثله، فوالله الذي من بك علي لا فارقتك حتي يكلأ عن فري و جري، ثم دخل الحسين خيمة زيبن و وقف نافع بازاء الخيمة ينتظره فسمع زينب تقول له: هل استعلمت من أصحابك نياتهم، فاني أخشي أن يسلموك عند الوثبة، فقال لها: والله لقد بلوتهم فما وجدت فيهم الا الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنية دوني استيناس الطفل الي محالب امه.

قال نافع: فلما سمعت هذا منه بكيت و أتيت حبيب بن مظاهر و حكيت ما سمعت منه، و من اخته زينب.

قال حبيب: و الله لو لا انتظار أمره لعاجلت بسيفي هذه الليلة، قلت: اني


خلفته عند اخته و أظن النساء أفقن و شاركنها في الحسرة، فهل لك أن تجمع أصحابك و تواجهوهن بكلام يطيب قلوبهن فقام حبيب و نادي يا أصحاب الحمية و ليوث الكريهة فتطالعوا من مضاربهم كالا سود الضارية.

فقال لبني هاشم ارجعوا الي مقركم لا سهرت عيونكم، ثم التفت الي أصحابه و حكي لهم ما شاهده و سمعه نافع، فقالوا بأجمعهم: والله الذي من علينا بهذا الموقف، لو لا انتظار أمره لعاجلناهم بسيوفنا الساعة فطب نفسا و قر عينا فجزاهم خيرا، و قال هلموا معي لنواجه النسوة، و نطيب خاطرهن فجاء حبيب و معه أصحابه و صاح يا معشر حرائر رسول الله، هذه صوارم فتيانكم آلوا ألا يغمدوها الا في رقاب من يريد السوء فيكم، و هذه أسنة غلمانكم أقسموا ألا يركزوها الا في صدور من يفرق ناديكم.

فخرجن النساء اليهم ببكاء و عويل، و قلن أيها الطيبون حاموا عن بنات رسول الله و حرائر أميرالمؤمنين. فضج القوم بالبكاء حتي كأن الأرض تميد بهم، و في السحر من هذه الليلة حفق الحسين خفقة ثم استيقظ و أخبر أصحابه بأنه رأي في منامه كلابا شدت عليه تنهشه و أشدها عليه كلب أبقع و ان الذي يتولي قتله من هؤلاء رجل أبرص. و انه رأي رسول الله صلي الله عليه و آله بعد ذلك و معه جماعة من أصحابه و هو يقول له:

أنت شهيد هذه الامة و قد استبشر بك أهل السموات و أهل الصفيح الأعلي وليكن افطارك عندي الليلة عجل و لا تؤخر فهذا ملك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء [16] .



پاورقي

[1] أمالي الصدوق 95.

[2] الارشاد: 214.

[3] المناقب: 216:2.

[4] اللهوف: 39.

[5] اللهوف: 40.

[6] روضة الواعظين: 157.

[7] مقاتل الطابيين: 74.

[8] مقاتل الطالبيين: 75.

[9] تاريخ اليعقوبي: 230:2.

[10] تاريخ الطبري: 418:5.

[11] تاريخ الطبري: 418:5

[12] تاريخ الطبري: 419:5.

[13] تاريخ الطبري: 420:5.

[14] تاريخ الطبري: 421:5.

[15] مقتل الحسين: 235.

[16] مقتل الحسين: 240.