بازگشت

محاصرة الحسين


1- قال الصدوق: فبلغ عبيدالله بن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسين عليه السلام و يحدثه و يكره قتاله فوجه اليه شمر بن ذي الجوشن، في أربعة آلاف فارس و كتب الي عمر بن سعد، اذا أتاك كتابي هذا، فلا تمهلن الحسين بن علي و خذ بكظمه و حل بين الماء و بينه، كما حيل بين عثمان و بين الماء يوم الدار، فلما وصل الكتاب الي عمر ابن سعد لعنه الله أمر مناديه فنادي انا قد أجلنا حسينا و أصحابه يومهم وليلتهم،


فشق ذلك علي الحسين عليه السلام و علي أصحابه [1] .

2- قال المفيد: لما رأي الحسين عليه السلام نزول العساكر مع عمر بن سعد لعنه الله بنينوي، و مددهم لقتاله عليه السلام، أنفذ الي عمر بن سعد، اني اريدان ألقاك و اجتمع معك، فاجتمعا ليلا فتناجيا طويلا، ثم رجع عمر بن سعد لعنه الله الي مكانه، و كتب الي عبيدالله بن زياد عليه اللعنة: أما بعد فان الله قد أطفي النائرة و جمع الكلمة و أصلح أمر الامة هذا حسين قد أعطاني عهدا أن يرجع الي مكان الذي هو منه أتي أو يسير الي ثغر من الثغور، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو يأت أميرالمؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيري فيما بينه و بينه و في هذا لك رضي و للأمة صلاح.

فلما قرأ عبيدالله الكتاب قال: هذا كتاب ناصح مشفق علي قومه، فقام اليه شمر بن ذي الجوشن لعنه الله فقال: أتقبل هذا منه و قد نزل بأرضك، و الي جنبك، والله لئن رحل من بلادك، و لم يضع يده في يدك ليكونن أولي بالقوة و لتكونن أولي بالضعف و العجز، فلا تعطه هذه المنزلة، فانها من الوهن و لكن لينزل علي حكمك هو و أصحابه، فان عاقبت فأنت أولي بالعقوبة و ان عفوت كان ذلك لك.

فقال له ابن زياد: نعم ما رأيت، الرأي رأيك اخرج بهذا الكتاب الي عمر بن سعد، فليعرض علي الحسين و أصحابه النزول علي حكمي، فان فعلوا فليبعث بهم الي سلما، و ان هم أبوا، فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له و أطع و ان أبي أن يقاتلهم فانت أمير الجيش واضرب عنقه و ابعث الي برأسه و كتب الي عمر بن سعد اني لم أبعثك الي الحسين لتكف عنه، و لا لتطاوله و لا لتمنيه السلامة و البقاء و لا لتعتذر عنه و لا لتكون له عندي شافعا.


انظرف فان نزل الحسين و أصحابه علي حكمي، و استسملوا فابعث بهم الي سلما و ان أبوا فازحف اليهم حتي تقتلهم، و تمثل بهم فانهم لذلك مستحقون، و ان قتل الحسين فاوطي ء الخيل صدره، و ظهره فانه عاق ظلوم و لست أري ان هذا يضر بعد الموت شيئا، و لكن علي قول قد قلته ان لو قتلته لفعلت هذا به، فان أنت مضيت لأمر نافيه جزيناك جزاء السامع المطيع، و ان أبيت فاعتزل عملنا و جندنا و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر، فانا قد أمرناه بأمرنا و السلام.

فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيدالله الي عمر بن سعد، فلما قدم عليه و قرأه، قال له عمر مالك ويلك لا قرب الله دارك، و قبح الله ما قدمت به علي، والله اني لأظنك انك نهيته أن يقبل عما كتبت به اليه و افسدت علينا أمرا كنا قد رجونا أن يصلح لا يستسلم والله حسين ان نفس أبيه لبين جنبيه فقال له شمر أخبرني بما أنت صانع أتمضي لأمر أميرك و تقاتل عدوه، و الا فخل بيني و بين الجند و العسكر.

قال لا و لا كرامة لك، و لكن أنا أتولي ذلك فدونك فكن أنت علي الرجالة و نهض عمر بن سعد الي الحسين عليه السلام، عشية يوم الخميس لتسع مضين من المحرم، و جاء شمر حتي وقف علي أصحاب الحسين عليه السلام، فقال أين بنو اختنا فخرج اليه العباس و جعفر و عبدالله و عثمان بنو علي بن أبي طالب عليه السلام، فقالوا ما تريد، فقال أنتم يا بني أختي آمنون، فقالت له الفتية لعنك الله و لعن أمانك أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له.

ثم نادي عمر بن سعد يا خيل الله اركبي و بالجنة ابشري، فركب الناس حتي زحف نحوهم بعد العصر، و حسين عليه السلام جالس امام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه علي ركبتيه فسمعت اخته الضجة، فدنت من أخيها فقالت يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت، فرفع الحسين عليه السلام، رأسه فقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله


الساعة في المنام، فقال لي انك تروح الينا، فلطمت اخته وجهها و نادت بالويل.

فقال لها الحسين عليه السلام، ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله، ثم قال له العباس بن علي عليه السلام يا أخي أتاك القوم فنهض، ثم قال يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتي تلقاهم و تقول لهم: مالكم و مابدالكم و تسئلهم عما جاء بهم، فأتاهم العباس في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين و حبيب بن مظاهر.

فقال لهم العباس: ما بدالكم و ما تريدون؟ قالوا قد جاء أمر الامير، أن نعرض عليكم أن تنزلوا علي حكمه، أو نناجزكم، فقال فلا تعجلوا حتي أرجع الي أبي عبدالله، فاعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا فقالوا: ألقه فاعلمه، ثم ألقنا بما يقول لك، فانصرف العباس راجعا يركض الي الحسين عليه السلام يخبره الخبر، و وقف أصحابه يخاطبون القوم و يعظونهم و يكفونهم عن قتال الحسين عليه السلام.

فجآء العباس الي الحسين عليه السلام فأخبره بما قال القوم، فقال عليه السلام: ارجع اليهم فان استطعت أن تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم عنا العشية، لعلنا نصلي لربنا الليل، و ندعوه و نستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلوة له و تلاوة كتابه، و كثرة الدعاء و الاستغفار، فمضي العباس الي القوم، و رجع من عندهم و معه رسول من قبل عمر بن سعد لعنه الله،يقول انا قد أجلناكم الي غدفان استسلمتم سر حناكم الي أميرنا عبيدالله بن زياد و ان أبيتم فلسنا تاركيكم و انصرف [2] .

3- قال ابن شهرآشوب: قال الطبري في حديث عقبة بن سمعان: انه قال عليه السلام دعوني ان اذهب في الأرض العريضة حتي ننظر الي ما تصير أمر الناس، فكتب عمر الي ابن زياد و ذكر في اخره و في هذا الله رضي و للامه صلاح، فانقذ ابن زياد بشمر بن ذي الجوشن بكتاب فيه: اني لم أبعثك الي الحسين لتكف عنه و لا


لتطاوله و لا لتمنيه السلامة و البقأ و لا لتعتذر له عندي، و لا تكون له شافعا، فان نزل الحسين و أصحابه علي حكمي و استمسلموا فابعث بهم الي سلما و ان أبوا فازحف اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم فانهم لذلك مستحقون.

فان قتل الحسين فاوطي ء الخيل صدره و ظهره، فانه عاق شاق قاطع، ظلوم فان أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزآء السامع المطيع، و ان أبيت فأعتزل أمرنا و جندنا و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر، فانا قد أمرناه بأمرنا و كان أمر شمرا انه ان لم يفعل بما فيه، فاضرب عنقه و أنت الامير، و كان قد كتب لعمر منشورا بالري فجعل يقول:



فوالله ما أدري و اني لواقف

افكر في أمري علي خطرين



أأترك ملك الري و الري منيتي

أم أرجع مذموما بقتل حسين



ففي قتله النار التي ليس دونها

حجاب و ملك الري قرة عين



كتب ابن زياد الي الحسين أما بعد يا حسين فقد بلغني نزولك بكربلا و قد كتب الي أميرالمؤمنين أن لا أتوسد الوثير و لا أشبع من الخمير حتي ألحقك باللطيف الخبير، أو ترجع الي حكمي و حكم يزيد بن معاوية فلما قرأ الحسين عليه السلام الكتاب قال: ليس له جواب لأنه قد حقت عليه كلمة العذاب [3] .

4- قال ابن طاووس: اقل الراوي ورد كتاب عبيدالله بن زياد، علي عمر ابن سعد، يحثه علي تعجيل القتال و يحذره من التأخير و الاهمال، فركبوا نحو الحسين عليه السلام و أقبل شمر بن ذي الجوشن لعنه الله، فنادي أين بنو أختي عبدالله و جعفر و العباس و عثمان، فقال الحسين عليه السلام أجيبوه و ان كان فاسقا، فانه بعض أخوالكم، فقالوا له ما شأنك فقال يا بني اختي أنتم آمنون، فلا تقتلوا أنفسكم مع


أخيكم الحسين عليه السلام و الزموا طاعة أميرالمؤمنين يزيد.

قال فناداه العباس بن علي عليه السلام تبت يداك و لعن ما جئتنا به من أمانك يا عدو الله، أتأمرنا أن نترك أخانا و سيدنا الحسين بن فاطمة عليه السلام و ندخل في طاعة اللعناء و أولاد اللعناء، قال فرجع الشمر لعنه الله الي عسكره مبغضا، قال الراوي و لما رأي الحسين عليه السلام حرص القوم علي تعجيل القتال، و قلة انتفاعهم بمواعظ الفعال و المقال قال لأخيه العباس عليه السلام: ان استطعت أن تصرفهم عنا في هذا اليوم، فافعل لعلنا نصلي لربنا في هذه اليلة فانه يعلم اني أحب الصلاة و تلاوة كتابه.

قال الراوي: فسألهم العباس ذلك، فتوقف عمر بن سعد لعنه الله، فقال عمرو ابن الحجاج الزبيدي: والله لو أنهم من الترك و الديلم و سألونا مثل ذلك لاجبناهم، فكيف و هم آل محمد صلي الله عليه و آله فأجابوهم الي ذلك [4] .

5- قال الدينوري: ثم ان ابن زياد كتب الي عمر بن سعد: أما بعد، فاني لم أبعثك الي الحسين لتطاوله الأيام، و لا تمنيه السلامة و البقاء، و لا لتكون شفيعه الي، فأعرض عليه، و علي أصحابه النزول علي حكمي، فان أجابوك فابعث به و بأصحابه الي، و ان أبوا فازحف اليه، فانه عاق شاق، فان لم تفعل فاعتزل جندنا، و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر، فانا قد أمرناه بأمرنا، فنادي عمر بن سعد في أصحابه أن نهدوا الي القوم، فنهض اليهم عشية الخميس، و ليلة الجمعة لتسع ليال خلون من المحرم، فسألهم الحسين تأخير الحرب الي غد، فأجابوه [5] .

6- قال الطبري: قال أبومخنف: فحدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم،قال: ثم ان عبيدالله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له: اخرج بهذا الكتاب الي عمر بن سعد، فليعرض علي الحسين و أصحابه النزول علي حكمي، فان


فعلوا فليبعث بهم الي مسلما، و ان هم أبوا فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له و أطمع و ان هو أبي فقاتلهم، فأنت أمير الناس، و ثب عليه فاضرب عنقه، و ابعث الي برأسه [6] .

7- عنه قال أبومخنف: حدثني أبوجناب الكلبي، قال: ثم كتب عبيدالله ابن زياد الي عمر بن سعد: أما بعد فاني لم ابعثك الي حسين لتكف عنه، و لا لتطاوله، و لا تمنيه السلامة و القاء، و لا لتقعد له عندي شافعا. انظر، فان نزل حسين و أصحابه علي الحكم، و استسلموا فابعث بهم الي سلما، و ان أبوا فازحف اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم، فانهم لذلك مستحقون.

فان قتل حسين فأوطي الخيل الصدره و ظهره، فانه عاق شاق، قاطع ظلوم، و ليس دهري في هذا، أن يضر بعد الموت شيئا و لكن علي قول لو قد قتلته فعلت هذا به، ان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، و ان أبيت فاعتزل عملنا و جندنا و خل بين ذي الجوشن و بين العسكر، فانا قد أمرناه [7] .

7- عنه قال أبومخنف: عن الحارث بن حصيرة، عن عبدالله بن شريك العامري، قال: لما قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب قام هو و عبدالله بن أبي المحل و كانت عمته أم البنين ابنة حزام عند علي بن أبي طالب عليه السلام، فولدت له العباس و عبدالله و جعفرا و عثمان - فقال عبدالله بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب: أصلح الله الامير! ان بني اختنا مع الحسين، فان رأيت أن تكتب لهم أمانا فعلت، قال: نعم و نعمة عين، فأمر كاتبه، فكتب لهم أمانا.

فبعث به عبدالله بن أبي المحل مع مولي له يقال له: كزمان، فلما قدم عليهم


دعاهم، فقال: هذا أمان بعث به خالكم، فقال له الفتية: اقرأ خالنا السلام، و قل له: أن لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سمية، قال: فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيدالله بن زياد الي عمر بن سعد، فلما قدم به عليه فقرأه، قال له عمر: مالك ويلك! لا قرب الله دارك، و قبح الله ما قدمت به علي!

والله اني لأظنك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به اليه، أفسدت علينا أمرا كنا رجونا أن يصلح، لا يستسلم والله حسين، ان نفسا أبيه لبين جنبيه، فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك و تقتل عدوه، و الا فخل بيني و بين الجند و العسكر، قال: لا و لا كرامة لك، و أنا أتولي ذلك، قال: فدونك، و كن أنت علي الرجال، قال:فنهض اليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم، قال: و جاء شمر حتي وقف علي أصحاب الحسين.

فقال: أين بنو أختنا؟ فخرج اليه العباس و جعفر و عثمان بنو علي، فقالوا له: مالك و ما تريد؟ قال: أنتم يا بني أختي آمنون، قال له الفتية: لعنك الله و لعن أمانك! لئن كنت خالنا أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له! قال: ثم ان عمر بن سعد نادي: يا خيل الله اركبي و أبشري فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر و حسين جالس أمام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه علي ركبتيه و سمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت.

قال: فرفع الحسين رأسه فقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله في المنام فقال لي: انك تروح الينا قال: فلطمت أخته وجهها و قالت: يا ويلتا فقال: ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الرحمن و قال العباس بن علي يا أخي أتاك القوم قال: فنهض ثم قال: يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتي تلقاهم فتقول لهم: مالكم و ما بدالكم و تسألهم عما جاء بهم فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا


فيهم زهير بن القين و حبيب بن مظاهر فقال لهم العباس: ما بدالكم؟ و ما تريدون.

قالوا: جاء أمير الامير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا علي حكمه أو ننازلكم قال: فلا تجعلوا حتي ارجع الي أبي عبدالله، فأعرض عليه ما ذكرتم، قال: فوقفوا ثم قالوا القه فأعلمه ذلك ثم ألقنا بما يقول قال: فانصرف العباس يركض الي الحسين يخبره بالخبر و وقف أصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين كلم القوم ان شئت و ان شئت كلمتهم، فقال له زهير أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم.

فقال له حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه، قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام، و عترته و أهل بيته صلي الله عليه و آله، و عباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا فقال له عزرة بن قيس: انك لتزكي نفسك ما استطعت فقال له زهير: يا عزرة ان الله قد زكاها و هداها، فاتق الله يا عزرة فاني لك من الناصحين أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية.

قال: يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت انما كنت عثمانيا قال: أفلست تستدل، بموقفي هذا أني منهم أما والله، ما كتبت اليه كتاب قط و لا ارسلت اليه رسولا قط و لا وعدته نصرتي قط، و لكن الطريق جمع بيني و بينه، فلما أريته ذكرت به رسول الله صلي الله عليه و آله و مكانه منه و عرفت ما يقدم عليه من عدوه و حربكم فرأيت أن أنصره و أن أكون في حزبه، و أن أجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله و حق رسوله عليه السلام.

قال: و أقبل العباس بن علي يركض حتي انتهي اليهم فقال: يا هؤلاء ان أباعبدالله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الامر فان هذا أمر لم يجر بينكم و بينه يه منطق، فاذا أصبحنا التقينا ان شاء الله فاما رضيناه فأتينا بالامر


الذي تسألونه و تسومونه أو كرهنا فرددنا، و انما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بأمره و يوصي أهله فلما أتاهم العباس بن علي بذلك قال عمر بن سعد: ما تري يا شمر؟ قال: ما تري أنت، أنت الأمير و الرأي رأيك قال: قد أردت ألا أكون.

ثم أقبل علي الناس فقال ماذا ترون، فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم اليها و قال قيس بن الاشعث: أجبهم الي ما سألوك فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة فقال: والله لو أعلم أن يفعلوا ما أخرجتهم العشية، قال: و كان العباس بن علي حين أتي حسينا بما عرض عليه عمر بن سعد قال: ارجع اليهم فان استطعت أن تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم عند العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء والاستغفار [8] .

9- عنه قال أبومخنف: حدثني الحارث بن حصيرة، عن عبدالله بن شريك العامري، عن علي بن الحسين، قال: أتانا رسول من قبل عمر بن سعد، فقام مثل حيث يسمع الصوت فقال: انا قد أجلناكم الي غد فان استسلم سرحنا بكم الي أميرنا عبيدالله بن زياد و ان أبيتم فلسنا تاركيكم [9] .

10- قال سبط ابن الجوزي: و كان عمر بن سعد يكره قتال الحسين فبعث اليه يطلب الاجتماع به، فاجتمعا خلوة فقال له عمر ما جاء بك فقال أهل الكوفة، فقال: ما عرفت ما فعلوا معكم، فقال: من خادعنا في الله انخدعنا له، فقال له عمر قد وقعت الآن فما تري؟ فقال دعوني ارجع فأقيم بمكة أو المدينة أو أذهب الي بعض


الثغور فاقيم به كبعض أهله، فقال اكتب الي ابن زياد بذلك فكتب الي ابن زياد يخبره بما قال، فهم ابن زياد ان يجيبه الي ذلك، فقال شمر بن ذي الجوشن الكلابي: لا تقبل منه حتي يضع يده في يدك فانه ان أفلت كان أولي بالقوة منك و كنت أولي بالضعف منه فلا ترض الا بنزوله علي حكمك.

فقال ابن زياد نعم رأيك و كتب الي ابن سعد أما بعد فاني لم أبعثك الي الحسين لتطاوله و تمنيه السلامة و تكون شافعا له عندي فان نزل علي حكمي، و وضع يده في يدي، فابعث به الي و ان أبي، فازحف عليه و اقتله و أصحابه، و اوطي ء الخيل صدره و ظهره و مثل به و ان أبيت فاعتزل عملنا و سلمه الي شمر بن ذي الجوشن، فقد أمرناه فيك بأمر و كتب الي أسفل الكتاب:



الآن حين تعلقته حبالنا

يرجو الخلاص و لات حين مناص



رفع الكتاب الي شمر و قال: اذهب اليه، فان فعل ما أمرته به، و الا فاضرب عنقه و أنت الامير علي الناس و أبعث الي برأسه [10] .

11- قال الواقدي: لما وصل شمر الي عمر بن سعد ناداه عمر بن سعد لا أهلا والله بك و لا سهلا يا أبرص لا قرب الله دارك و لا ادني مزارك، و قبح ما جئت به، ثم قرأ الكتاب و قال: والله لقد ثنيته عما كان في عزمه و لقد اذعن و لكنك شيطان فعلت ما فعلت، فقال له شمر: ان فعلت ما قال الأمير و الا فخل بيني و بين العسكر فبعث عمر الي الحسين فأخبره بما جري فقال والله لا وضعت يدي في يد ابن مرجانة أبد او انشد:



لا ذعرت السوام في فلق الصبح

ذكر جدي أبوالفرج في كتاب المنتظم أن شمر بن ذي الجوشن




وقف علي أصحاب الحسين و قال: أين بنو أختنا، فخرج اليه العباس و عثمان و جعفر بنو علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا ما الذي تريد فقال أنتم يا بني أختي آمنون، فقالوا لعنك الله و لعن أمانك اتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له.

قلت: و معني قول شمر أين بني أختنا يشير الي ام البنين بنت حزام الكلابية و شمر كان كلابيا، و قال ابن جرير: و كان شمر قد أخذ من ابن زياد أمانا لبنيها و كانت تحت علي عليه السلام، و هؤلاء الثلاثة بنوها و ذكر ابن جرير أيضا: أن جرير بن عبدالله ابن مخلد الكلابي كانت أم البنين عمته فأخذ لهم أمانا هو و شمر بن ذي الجوشن. [11] .

12- قال عبدالرزاق المقرم: و افتعل ابن سعد علي أبي الضيم مالم يقله و كتب به الي ابن زياد زعما منه أن فيه صلاح الأمة و جمال النظام فقال كتابه: أما بعد فان الله أطفا النائرة و جمع الكلمة و أصلح أمر الامة، و هذا حسين أعطاني أن يرجع الي المكان الذي منه أتي، أو يسير الي ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم أو أن يأتي اميرالمؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيري فيما بينه و بينه رأيه و في هذا رضا لكم و للامة صلاح.

هيهات أن يكون ذلك الأبي و من علم الناس الصبر علي المكاره، و ملاقاة الحتوف طوع ابن مرجانة منقادا لابن آكلة الاكباد أليس هو القائل لأخيه الأطرف: والله لا أعطي الدنية من نفسي، و يقول لابن الحنفية: لو لم يكن ملجأ لما بايعت يزيد، و قال لزرارة بن صالح: اني أعلم علما يقينا أن هناك مصرعي و مصارع أصحابي، و لا ينجو منهم الا ولدي علي و قال لجعفر بن سليمان الضبعي: أنهم لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي. و آخر قوله يوم الطف:

ألا و ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا


الذلة، يأبي الله لنا ذلك و رسوله و المؤمنون و حجور طابت و طهرت و انوف حمية و نقوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام، و ان حديث عقبة بن سمعان يفسر الحلا التي كان عليها أبوعبدالله عليه السلام.

قال صحبت الحسين من المدينة الي مكة و منها الي العراق و لم افارقه حتي قتل و قد سمعت جميع كلامه مما سمعت منه ما يتذاكر فيه الناس من أن يضع في يد يزيد، و لا أن يسيره الي ثغر من الثغور، لا في المدينة و لا في مكة و لا في الطريق و لا في العراق و لا في عسكره الي حين قتله، نعم سمعته يقول دعوني أذهب الي هذه الارض العريضة.

لما قرأ ابن زياد كتاب ابن سعد قال: هذا كتاب ناصح مشفق علي قومه و أراد أن يجيبه فقام الشمر، و قال: أتقبل هذا منه بعد أن نزل بأرضك والله لئن رحل من بادرك و لم يضع يده في يدك ليكونن أولي بالقوة، و تكون أولي بالضعف و الوهن، فاستوصب رأيه و كتب الي ابن سعد: أم بعد اني لم أبعثك الي الحسين، لتكف عنه و لا لتطاوله و لا لتمنيه السلامة و لا لتكون له عندي شفيعا.

انظر، فان نزل حسين و أصحابه علي حكمي، فابعث بهم الي سلما و ان أبوفازحف اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم، فانهم لذلك مستحقون، فان قتلت حسينا فأوطأ الخيل صدره و ظهره، و لست أري انه يضر بعد الموت و لكن علي قوله قلته لو قتلته لفعلت هذا به، فان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع و ان أبيت فأعتزل علمنا و جندنا، و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بني العسكر، فأنا قد أمرناه بذلك.

فلما جاء الشمر بالكتاب قال له ابن سعد: ويلك لا قرب الله دارك و قبح الله ما جئت به، و اني لأظن أنك الذي نهيته و أفسدت علينا أمرا رجونا أن يصلح، والله لا يستسلم حسين فان نفس أبيه بين جنبيه، فقال الشمر: أخبرني ما أنت


صانع أتمضي لأمر أميرك؟ و الا فخل بيني و بين العسكر، قال له عمر: أنا أتولي ذلك و لا كرامة لك، و لكن كن أنت علي الرجالة، و صاح الشمر بأعلي صوته: أين بنو اختنا؟ أين العباس و اخوته؟ فأعرضوا عنه. فقال الحسين: أجيبوه و لو كان فاسقا قالوا: ما شأنك و ما تريد؟ قال: يا بني أختي أنتم آمنون لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين و الزموا طاعة أميرالمؤمنين يزيد، فقال العباس: لعنك الله و لعن أمانك أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له و تأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء و أولاد اللعناء.

لما رجع العباس قام اليه زهير بن القين و قال: احدثك بحديث و عيته قال: بلي فقال: لما أراد أبوك أن يتزوج طلب من أخيه عقيل و كان عارفا بأنساب العرب أن يختار له امرأة ولدتها الفحولة من العرب ليتزوجها، فتلد غلاما شجاعا ينصر الحسين بكربلا، و قد ادخرك أبوك لمثل هذا اليوم فلا تقصر عن نصرة أخيك و حماية أخواتك، فقال العباس: أتشجعني يا زهير في مثل هذا اليوم والله لأرينك شيئا ما رأيته فجدل أبطالا. و نكس رايات في حالة لم يكن من همه القتال و لا مجالدة الأبطال بل همه ايصال الماء الي عيال أخيه [12] .

قال العطاردي:

تم المجلد الاول من مسند الامام أبي عبدالله الحسين الشهيد عليه السلام و يتلوه ان شاء الله المجلد الثاني و أوله باب ماجري فيه ليلة عاشورا.


پاورقي

[1] امالي الصدوق: 94.

[2] الارشاد: 212.

[3] المناقب: 215/2.

[4] اللهوف: 38.

[5] الاخبار الاطوال: 255.

[6] تاريخ الطبري: 414/5.

[7] تاريخ الطبري: 415/5.

[8] تاريخ الطبري: 415/5.

[9] تاريخ الطبري: 417/5.

[10] تذکرة الخواص: 248.

[11] تذکره الخواص 249.

[12] مقتل الحسين: /229.