بازگشت

ما جري له بمكة المكرمة


1- قال الشيخ المفيد: لما دخل الحسين عليه السلام مكة دخوله اياها ليلة الجمعة لثلث مضين من شعبان دخلها و هو يقرأ «و لما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي أن يهديني سواء السبيل» ثم نزلها، فأقبل أهلها يختلفون اليه، و من كان بها من المعتمرين و أهل الآفاق و ابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة، و هو قائم يصلي


عندها، و يطوف و يأتي الحسين عليه السلام فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، و يأتيه بين كل يومين مرة، و هو أثقل خلق الله علي ابن الزبير، قد عرف أن أهل الحجاز لا يبايعونه، مادام الحسين عليه السلام في البلد و ان الحسين عليه السلام أطوع في الناس منه و أجل.

بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية عليه الهاوية، فأرجفو بيزيد و عرفوا خبر الحسين عليه السلام، و امتناعه من بيعته،و ما كان من أمر ابن الزبير في ذلك و خروجهما الي مكة، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صراد الخزاعي فذكروا هلاك معوية فحمدوا الله و أثنوا عليه فقال سليمان بن صرد: ان معوية قد هلك و أن حسينا قد تقبض علي القوم ببيعته، و قد خرج الي مكة.

أنتم شيعته و شيعة أبيه فان كنتم تعلمون انكم ناصروه و مجاهدوا عدوه، و نقتل أنفسنا دونه، فاكتبوا اليه و اعلموا و ان خفتم الفشل و الوهن فلا تغروا الرجل في نفسه قالوا: لا بل نقاتل عدوه و نقتل أنفسنا دونه قال فاكتبوا اليه فكتبوا اليه.

بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي عليهماالسلام من سليمان بن صرد و المسيب ابن نجبة، و رفاعة بن شداد و ابن البجلي و حبيب بن مظاهر، و شيعته المؤمنين و المسلمين من أهل الكوفة سلام عليك، فانا نحمد اليك الله الذي لا اله الا هو.

أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزي علي هذا الامة فابتزها أمرها و غصبها فيها و تأمر عليها بغير رضي منها، ثم قتل خيارها و استبقي شرارها، و جعل مال الله دولة بين جبابرتها، و أغنيائها فبعدا له كما بعدت ثمود انه ليس علينا امام فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك علي الحق و النعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة و لا نخرج معه الي عيد لو قد بلغنا أنك قد أقبلت الينا أخرجناه حتي نلحقه بالشام ان شاء الله تعالي.

ثم سرحوا بالكتاب مع عبدالله بن مسمع الهمداني و عبدالله بن وال


و أمروهما بالنجاء فخرجا مسرعين حتي قدما علي الحسين عليه السلام بمكة لعشر مضين من شهر رمضان، و لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب و انفذ و قيس بن مسهر الصيداوي و عبدالله و عبدالرحمن بن شداد الأرحبي، و عمارة بن عبدالله السلولي الي الحسين عليه السلام و معهم نحو مأة و خمسين صحيفة من الرجل و الاثنين والاربعة، ثم لبثوا يومين آخرين و سرحوا اليه هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي و كتبوا اليه.

بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي عليهماالسلام و شيعته من المؤمنين و المسلمين، أما بعد فحي هلا، فان الناس ينتظرون لا راي لهم غيرك فالعجل العجل ثم العجل العجل و السلام.

ثم كتب شبث بن ربعي و حجار بن أبجر، و يزيد بن الحرث بن رويم، و عروة بن قيس و عمرو بن الحجاج الزبيدي، و محمد بن عمرو التيمي،أما بعد فقد اخضر الجنات و اينعت الثمار، فاذا شئت فاقبل علي جند لك مجند و السلام و تلاقت الرسل كلها عنده فقرأ الكتاب و سئل الرسل عن الناس، ثم كتب مع هاني ابن هاني و سعيد بن عبدالله و كانا آخر الرسل.

بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي الي الملأ من المؤمنين و المسلمين، أما بعد فان هانيا و سعيدا قدما علي بكتبكم، و كانا آخر من قدم علي من رسلكم و قد فهمت كل الذي اقتصصم و ذكرتم و مقالة جلكم أنه ليس علينا امام، فأقبل لعل الله ان يجمعنا بك علي الحق و الهدي، و اني باعث اليكم أخي و ابن عمي و ثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل.

فان كتب الي أنه قد اجتمع رأي ملأكم و ذوي الحجي و الفضل منكم علي مثل ما قدمت رسلكم و قرأت في كتبكم فاني أقدم اليكم و شيكا ان شاء الله


فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه علي ذات الله و السلام [1] .

2- قال الطبرسي: فلما دخل مكة، دخلها لثلاث مضين من شعبان، و هو يقول: «و لما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي أن يهدين سواء السبيل» فأقبل أهل مكة يختلفون اليه و يأتيه ابن الزبير فيمن يأتيه، بين كل يومين مرة، و هو اثقل خلق الله علي ابن الزبير، و قد عرف أن أهل الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين عليه السلام، و بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية و عرفوا خبر الحسين، فاجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي.

قالوا: ان معاوية قد هلك، و أن الحسين خرج الي مكة و أنتم شيعته و شيعة أبيه، فان كنتم تعلمون انكم ناصروه و مجاهد و عدوه، فاكتبوا اليه فكتبوا اليه كتبا كثيرة و أنفذو اليه الرسل ارسالا ذكروا فيها أن الناس ينتظرونك لا داعي لهم غيرك، فالعجل العجل، فكتب اليه أمراء القبائل: أما بعد فقد اخضرت الجنات و اينعت الثمار، فاذا شئت فاقدم علي جند لك مجندة.

فلما قرء الكتاب و سأل الرسل كتب اليهم: من الحسين بن علي الي الملأ من المؤمنين، أما بعد فان فلانا و فلانا قدما علي بكتبكم، و فهمت مقالة جلكم، انه ليس علينا امام فأقبل لعل الله يجمعنا بك علي الحق و اني باعث اليكم أخي و ابن عمي، و ثقتي من أهلي، فان كتب الي انه قد اجتمع رأي ملائكم و ذووالحجي و الفضل منكم علي مثل علي مثل ما قدمت علي به رسلكم و قرأته في كتبكم أقدم عليكم و شيكا ان شاء الله تعالي [2] .


3- قال ابن شهرآشوب: خرج الحسين و ابن الزبير الي مكة، و لم يتشدد علي ابني العمرين [3] فكان الحسين يصلي يوما اذوسن فرأي النبي صلي الله عليه و آله في منامه يخبره بما يجري عليه، فقال الحسين لا حاجة لي في الرجوع الي الدنيا، فخذني اليك فيقول: لابد من الرجوع حتي تذوق الشهادة، و كان محمد بن الحنفية و عبدالله بن مطيع نهياه عن الكوفة و قالا: انها بلدة مشئومة، قتل فيها أبوك و خذل فيها أخوك فالزم الحرم، فانك سيد العرب لا يعدل بك أهل الحجاز، نتداعي اليك الناس من كل جانب.

ثم قال محمد بن الحنفية و ان ثبت بك لحقت بالرمال و شعب الجبال و تنقلت من بلد الي بلد حتي تفرق لك الرأي فتسقبل الامور استقبالا و لا تستدبرها استدبارا،و قال ابن عباس: لا تخرج الي العراق و كن باليمن لحصانتها و رجالها.

فقال: اني لم أخرج بطر اولاد أشرا و مفسدا و لا ظالما و انما خرجت أطلب الصلاح في امة جدي محمد صلي الله عليه و آله أريد آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر أسير بسيرة جدي و سيرة أبي علي بن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولي بالحق و هو أحكم الحاكمين [4] .

4- عنه قال: ثم ان أهل الكوفة اجتمعوا في دار سليمان بن صرد الخزاعي، فكاتبوا الحسين عليه السلام: من سليمان بن صرد و المسيب بن نجبة و رفاعة بن شداد، و حبيب بن مظاهر، و شيعته المؤمنين و المسلمين من أهل الكوفة سلام عليك، أمابعد:

فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي انتزي علي هذه الامة فابتزها أمرها و غصبها فيها و تأمر عليها بغير رضي منها، ثم قتل خيارها و استبقي


شرارها و جعل مال الله دولة بين جبابرتها و عتاتها فبعد اله كما بعدت ثمود.

انه ليس علينا امام، فاقبل لعل الله أن يجمعنا علي الحق بك، و النعمان بن بشير، في قصر الامارة لسنا نجمع معه في الجمعة و لا نخرج معه الي عيد، و لو قد بلغنا انك قد أقبلت الينا أخرجناه حتي نلحقه بالشام، ان شاء الله، ثم سرحوا الكتاب مع عبيدالله بن مسلم الهمداني، و عبدالله بن مسمع البكري، حتي قدما علي الحسين عليه السلام لعشر مضين من شهر رمضان.

ثم بعد يومين انفذوا قيس بن مسهر الصيداوي و عبدالرحمن بن عبدالله الا رحبي و عمارة بن عبدالله السلولي، و عبدالله بن وال السهمي الي الحسين عليه السلام، و معهم نحو من مأة و خمسين صحيفة من الرجل و الاثنين، ثم سرحوا بعد يومين هاني بن هاني السبيعي و سعيد بن عبدالله الحنفي، بكتاب فيه: للحسين بن علي من شيعته المؤمنين، أما بعد فحي هل، فان الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك فالجعل العجل يابن رسول الله.

كتب شبث بن ربعي، و حجار بن أبجر، و يزيد بن الحارث، و يزيد بن رويم، و عمرو بن الحجاج و محمد بن عمير، و عروة بن قيس، أما بعد فقد أخصبت الجنات و اينعت الثمار، فاذا شئت فاقدم علي جند مجندة، فاجتمعت الرسل كلهم عنده فقرء الكتب و سأل الرسل عن أمر الناس [5] .

5- قال الفتال: فخرج عليه السلام من تحت ليلته و هي ليلة لأحد ليومين بقيا من رجب متوجهين نحو مكة و مضي بنوه و اخوته و بنو أخيه، و جل أهل بيته، الا محمد بن الحنفية و خرج الحسين و هو يقول: «فخرج منها خائفا يترقب قال رب


نجني من القوم الظالمين».

فلما دخل مكة و هو يقرأ «و لما توجه تلقا، مدين قال عسي ربي أن يهديني سواء السبيل» ثم نزل فأقبل أهلها يختلفون اليه، و من كان بها من المعتمرين و أهل الآفاق، فبلغ أهل الكوفة هلاك معاوية فأرجفوا بيزيد، و عرفوا خبر الحسين عليه السلام و امتناعه من بيعته، فاجتمعت الشيعة في الكوفة في منزل سليمان بن صرد، فذكروا هلاك معاوية، فحمدوا الله عليه.

فقال سليمان بن صرد ان معاوية قد هلك و ان حسينا قد تغيض علي القوم ببيعته و قد خرج الي مكة، و أنتم شيعته و شيعة أبيه، فان كنتم تعلمون انكم ناصروه و مجاهدوا عدوه، و نقتل أنفسنا دونه فاكتبوا اليه فكتبوا اليه.

بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي عليهماالسلام، من سليمان بن صرد، و المسيب بن نجبة، و رفاعة بن شداد و حبيب بن مظاهر، و شيعته المؤمنين و المسلمين من أهل الكوفة سلام الله عليك، فانا نحمد الله اليك الذي لا اله الا هو، أما بعد الحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي ابتز علي هذه الامة، فابتزها أمرها و غصبها فتأمر عليها بغير رضا منها ثم قتل خيارها و استبقي شرارها و جعل مال الله دولة بين جبابرتها و اغنيائها فبعد الهم كما بعدت ثمود.

انه ليس علينا امام، فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك علي الحق و النعمان بن بشير في قصر الأمارة لسنا نجمع معه في جمعة و لا نخرج معه الي عيد، و لو قد بلغنا انك أقبلت الينا أخرجناه حتي نلحقه بالشام، ان شاء الله ثم سرحوا بالكتاب مع عبدالله بن مسمع الهمداني، و عبدالله بن وال، و أمروهما بالنجا فخرجا مسرعين حتي قدما علي الحسين عليه السلام بمكة لعشر مضين من رمضان.

ثم لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب، أنفذوا قيس بن مسهر


الصيداوي و عبدالرحمن بن عبدالله الأرحبي و عمارة بن عبداله السلوي، الي الحسين و معهم نحو من مائة و خمسين صحيفة من الرجل و الاثنين و الأربعة، ثم لبثوا يومين اخرين و سرحوا اليه هاني بن هاني السبيعي، و سعد بن عبدالله الحنفي و كتبوا:

بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي من شيعته المؤمنين و المسلمين، أما بعد، فحي هلا، فان الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل، و كتب شبث بن ربعي و حجار بن أبجر و يزيد بن الحارث بن رويم و عروة بن قيس و عمرو بن حجاج الزبيدي و محمد بن عمرو التميمي، أما بعد فقد اخصبت الجنات و اينعت الثمار، فاذا شئت فاقدم علي جند لك مجندة والسلام.

تلاقت الرسل عنده فقرأ الكتاب و سئل الرسل عن الناس ثم كتب هاني بن هاني و سعيد بن عبدالله و كانا آخر الرسل و كتب:

بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي الي الملاء من المسلمين و المؤمنين، أما بعد فان هانيا و سعيدا قدما علي بكتبكم و كانا آخر من قدم علي من رسلكم و قد فهمت كل الذي اقصصتم، و ذكرتم و مقالة أجلائكم، انه ليس علينا، امام فاقبل لعل لله يجمعنا بك علي الهدي و أنا باعث اليكم أخي و ابن عمي و ثقتي من أهل بيتي فان كتب الي انه قد اجمع رأي أجلائكم، و ذوي الحجي و الفضل منكم، علي مثل ما قدمت به رسلكم و قرأت كتبكم، قدمت عليكم، و شيكا ان شاء الله، فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب القايم بالقسط، و الداين بدين الله الحاسب نفسه علي ذات الله و السلام [6] .


6- قال اليعقوبي: فلما قدم يزيد بن معاوية دمشق كتب الي الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، و هو عامل المدينة اذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير، فخذهما بالبيعة، فان امتنعا فاضرب أعناقهما و ابعث الي برؤوسهما، و خذ الناس بالبيعة فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم، و في الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير و السلام، فورد الكتاب علي الوليد ليلا فوجه الي الحسين عليه السلام، و الي عبدالله ابن الزبير فأخبرهما الخبر، فقالا: نصبح و نأتيك مع الناس.

فقال له مروان انهما و الله ان خرجا لم ترهما فخذهما بأن يبايعا و الا فاضرب أعناقهما، فقال: و الله ما كنت لأقطع أرحامهما، فخرجا من عنده و تنحيا من تحت ليلتهما، فخرج الحسين عليه السلام الي مكة فاقام بها أياما و كتب أهل العراق اليه و وجهوا بالرسل علي اثر الرسل، فكان آخر كتاب ورد عليه منهم كتاب هاني بن هاني و سعيد بن عبدالله الحنفي: بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن علي من شيعته المؤمنين والمسلمين، أما بعد فحي هلا فان الناس ينتظرونك لا امام لهم غيرك فالعجل ثم العجل و السلام [7] .

7- قال الطبري: حدثت عن هشام بن محمد، قال: حدثني عبدالرحمن بن جندب، قال: حدثني عقبة بن سمعان مولي الرباب ابنة امري ء القيس الكلبية امرأة حسين - و كانت مع سكينة ابنة حسين، و هو مولي لأبيها، و هي اذ ذاك صغيرة قال: خرجنا فلزمنا الطريق الأعظم، فقال للحسين أهل بيته: لو تنكبت الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير لا يلحقك الطلب، قال: لا، و الله لا أفارقه حتي يقضي الله ما هو أحب اليه، قال: فاستقبلنا عبدالله بن مطيع.


فقال للحسين: جعلت فداك! أين تريد؟ قال: أما الآن فاني أريد مكة، و أما بعدها فاني أستخير الله، قال: خار الله لك، و جعلنا فداك، فاذا أنت أتيت مكة فاياك أن تقرب الكوفة، فانها بلدة مشئومة بها قتل أبوك، و خذل أخوك، اغتيل بطعنة كادت تأتي علي نفسه. الزم الحرم فانك سيد العرب، لا يعدل بك و الله أهل الحجاز أحدا، و يتداعي اليك الناس من كل جانب؛ لا تفارق الحرم فداك عمي و خالي؛ فوالله، لئن هلكت لنسترقن بعدك.

فأقبل نزل حتي مكة، فأقبل أهلها يختلفون اليه و يأتون و من كان بها من المعتمرين و أهل الآفاق، و ابن الزبير بها قد لزم الكعبة فهو قائم يصلي عندها عامة النهار و يطوف، و يأتي حسينا فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، و يأتيه بين كل يومين مرة، و لا يزال يشير عليه بالرأي و هو أثقل خلق الله علي ابن الزبير، قد عرف أن أهل الحجاز لا يبايعونه و لا يتابعونه، أبدا مادام حسين بالبلد، و أن حسينا أعظم في أعينهم و أنفسهم منه، و أطول في الناس منه [8] .

8- عنه قال أبومخنف، فحدثني الحجاج بن علي، عن محمد بن بشر الهمداني، قال: اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد، فذكرنا هلاك معاوية، فحمدنا الله عليه، فقال لنا سليمان بن صرد: ان معاوية قد هلك، و ان حسينا قد تقبض علي القوم ببيعته، و قد خرج الي مكة، و أنتم شيعته و شيعة أبيه، فان كنتم تعلمون أنكم ناصروه و مجاهدوا عدوه فاكتبوا اليه، و ان خفتم الوهل و الفشل فلا تغروا الرجل من نفسه، قالوا: لا، بل نقاتل عدوه و نقتل أنفسنا دونه؛ قال: فاكتبوا اليه.

فكتبوا اليه: بسم الله الرحمن الرحيم لحسين بن علي من سليمان بن صرد، و المسيب بن نجبة، و رفاعة بن شداد، و حبيب بن مظاهر، و شيعة من المؤمنين و المسلمين من أهل الكوفة. سلام عليك، فانا نحمد اليك الله الذي لا اله الا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزي علي هذه الامة فابتزها


أمرها و غصبها فيئها، و تأمر عليها بغير رضا رضا منها.

ثم قتل خيارها، و استبقي شرارها، و جعل مال الله دولة بين جبابرتها و أغنيائها، فبعدا له كما بعدت ثمود، انه ليس علينا امام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك علي الحق، و النعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة و لا نخرج معه الي عيد، و لو قد بلغنا انك قد أقبلت الينا أخرجناه حتي نلحقه بالشام ان شاء الله، و السلام و رحمة الله عليك.

قال: ثم سرحنا بالكتاب مع عبدالله بن مسمع الهمداني و عبدالله بن وال، و أمرناهما بالنجاء، فخرج الرجلان مسرعين حتي قدما علي حسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة، ثم لبثنا يومين، ثم سرحنا اليه قيس ابن مسهر الصيداوي و عبدالرحمن بن عبدالله بن الكدن الأرحبي، و عمارة بن عبيدالسلولي فحملوا معهم نحوا من ثلاثة و خمسين صحيفة؛ من الرجل و الاثنين و الأربعة. قال: ثم لبثنا يومين آخرين ثم سرحنا اليه هاني بن هاني ء السبيعي و سعيد بن عبدالله الحنفي، و كتبا معهما:

بسم الله الرحمن الرحيم. لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين و المسلمين، أما بعد، فحي هلا، فان الناس ينتظرونك، و لا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل، و السلام عليك، و كتب شبث بن ربعي، و حجار بن أبجر، و يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم، و عزرة بن قيس، و عمرو بن الحجاج الزبيدي و محمد بن عمير التميمي.

أما بعد، فقد أخضرت الجنات، و أينعت الثمار، و طمت الجمام، فاذا شئت فاقدم علي جند لك مجند و السلام عليك، و تلاقت الرسل كلها عنده فقرأ الكتب: و سأل الرسل عن أمر الناس، ثم كتب مع هاني بن هاني السبيعي و سعيد بن عبدالله الحنفي، و كانا آخر الرسل:


بسم الله الرحمن الرحيم، من حسين بن علي الي الملأ من المؤمنين و المسلمين، أما بعد، فان هانئا و سعيدا قدما علي بكتبكم، و كانا آخر من قدم علي من رسلكم، و قد فهمت كل الذي اقصصتم و ذكرتم، و مقالة جلكم: انه ليس علينا امام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك علي الهدي و الحق.

قد بعثت اليكم أخي و ابن عمي و ثقتي من أهل بيتي،و أمرته أن يكتب الي بحالكم و أمركم و رأيكم، فان كتب الي أنه قد أجمع رأي ملئكم و ذوي الفضل و الحجي منكم، علي مثل ما قدمت علي به رسلكم، و قرأت في كتبكم، أقدم عليكم و شيكا ان شاء الله، فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب، و الآخذ بالقسط، و الدائن بالحق، و الحابس نفسه علي ذات الله. و السلام [9] .

9- عنه قال أبومخنف: و ذكر أبوالمخارق الراسبي، قال: اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبدالقيس يقال لها مارية ابنة سعد - أو منقذ - أياما، و كان تتشيع و كان منزلها لهم مألفا يتحدثون فيه، و قد بلغ ابن زياد اقبال الحسين، فكتب الي عامله بالبصرة أن يضع المناظر و يأخذ بالطريق، قال: فأجمع يزيد بن نبيط الخروج - و هو من عبدالقيس - الي الحسين، و كان له بنون عشرة.

فقال: أيكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان له: عبداله و عبيدالله، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: اني قد أزمعت علي الخروج، و أنا خارج، فقالوا له: انا نخاف عليك أصحاب ابن زياد، فقال: اني و الله لو قد استوت أخفافها بالجدر لهان علي طلب من طلبني. قال: ثم خرج فتقدي في الطريق حتي انتهي الي الحسين عليه السلام فدخل في رحله بالأبطح.

بلغ الحسين مجيئه، فجعل يطلبه، و جاء الرجل الي رحل الحسين، فقيل له: قد


خرج الي منزلك، فأقبل في أثره، و لما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره، و جاء البصري فوجده في رحله جالسا فقال: «بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا» قال: فسلم عليه، و جلس اليه، فخبره بالذي جاء له، فدعا له بخير، ثم أقبل مه حتي أتي فقاتل معه، فقتل معه هو و ابناه [10] .

10-قال الدينوري: فكتب الحسين اليهم جميعا كتابا واحدا، و دفعه الي هاني بن هاني، و سعيد بن عبدالله، نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي الي من بلغه كتابي هذا، من أوليائه و شيعته بالكوفة، سلام عليكم، أما بعد، فقد أتتني كتبكم، و فهمت ما ذكرتم من محبتكم لقدومي عليكم، و اني باعث اليكم بأخي و ابن عمي و ثقتي من أهلي مسلم بن عقيل ليعلم لي كنه أمركم، و يكتب الي بما تبين له من اجتماعكم، فان كان أمركم علي ما أتتني به كتبكم، و أخبرتني به رسلكم أسرعت القدوم عليكم ان شاء الله، و السلام [11] .

11- قال الدينوري: قد كان السحين بن علي عليهماالسلام كتب كتابا الي شيعته من أهل البصرة مع مولي له يسمي «سلمان» نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي الي مالك بن مسمع، و الأحنف ابن قيس، و المنذر بن الجارود، و مسعود بن عمرو، و قيس بن الهثيم، سلام عليكم: أما بعد، فاني أدعوكم الي احيا، معالم الحق و اماتة البدع، فان تجيبوا تهتدوا سبيل الرشاد، و السلام.

فلما أتاهم هذا الكتاب كتموه جميعا الا المنذر بن الجارود، فانه أفشاه، لتزويجه ابنته هند من عبيدالله بن زياد، فأقبل حتي دخل عليه، فأخبره بالكتاب،


و حكي له ما فيه، فأمر عبيدالله بن زياد بطلب الرسول، فطبوه فأتوه به، فضربت عنقه، ثم أقبل حتي دخل المسجد الأعظم، فاجتمع له الناس، فقام، فقال: «انصف القارة من راماها» يا أهل البصرة ان أميرالمؤمنين قد ولاني مع البصرة الكوفة، و أنا سائر اليها.

قد خلفت عليكم أخي عثمان بن زياد، فاياكم و الخلاف و الارجاف، فوالله الذي لا اله غيره، لئن بلغني عن رجل منكم خالف أو أرجف لأقتلنه و وليه، و لآخذن الأدني بالأقصي، و البري ء بالسقيم، حتي تستقيموا، و قد أعذر من أنذر ثم نزل، و سار و خرج معه من أشراف أهل البصرة شريك بن الأعور،و المنذر بن الجارود، فسار حتي وافي الكوفة، فدخلها و هو متلثم [12] .

12- قال أبوالفرج الاصفهاني: حدثني أحمد بن عيسي بن أبي موسي العجلي، قال: حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عمر ابن سعد، عن أبي مخنف لوط بن يحيي الازدي، و حدثني أيضا أحمد بن محمد بن شبيب المعروف بأبي بكر بن شيبة قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخزاز قال: حدثنا علي بن محمد المدائني، عن أبي مخنف، عن عوانة و ابن جعدبة و غيرهم.

حدثني أحمد بن الجعد قال: حدثنا علي بن موسي الطوسي، قال: حدثنا أحمد ابن جناب قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أسد بن عبدالله القسري، قال: حدثنا عمار الدهني، عن أبي جعفر محمد بن علي كل واحد ممن ذكرت يأتي بالشي ء يوافق فيه صاحبه أو يخالفه و يزيد عليه شيئا، أو ينقص منه، و قد ثبت ذلك برواياتهم منسوبا اليهم، قال المدائني عن هارون بن عيسي، عن يونس بن أبي اسحاق.

قال: لما بلغ أهل الكوفة نزول الحسين عليه السلام مكة و أنه لم يبايع ليزيد وفد اليه


وفد منهم عليهم أبوعبدالله الجدلي، و كتب اليه شبث بن ربعي، و سليمان بن صرد، و المسيب بن نجبة و وجوه أهل الكوفة يدعونه الي بيعته و خلع يزيد فقال لهم: ابعث معكم اخي و ابن عمي فاذا اخذ لي بيعتي و أتاني عنهم بمثل ما كتبوا به الي قدمت عليهم [13] .

13- عنه قالوا: و كان مسلم قد كتب الي الحسين عليه السلام بأخذ البيعة له و اجتماع الناس عليه و انتظارهم اياه، فأزمع الشخوص الي الكوفة و لقيه عبدالله بن الزبير في تلك الأيام و لم يكن شي ء أثقل عليه من مكان الحسين بالحجاز و لا أحب اليه من خروجه الي العراق طمعا في الوثوب بالحجاز و علما بأن ذلك لا يتم له الا بعد خروج الحسين عليه السلام.

فقال له: علي أي شي ء عزمت يا أباعبدالله؟ فأخبره برأيه في اتيان الكوفة و أعلمه بما كتب به مسلم بن عقيل اليه فقال له ابن الزبير: فما يحبسك فوالله لو كان لي مثل شيعتك بالعراق ما تلومت في شي ء و قوي عزمه ثم انصرف. و جاء به عبدالله بن عباس، و قد اجمع رأيه علي الخروج و حققه فجعل يناشده في المقام و يعظم عليه القول في ذم أهل الكوفة و قال له: انك تأتي قوما قتلوا أباك و طعنوا أخاك و ما أراهم الا خاذليك.

فقال له: هذه كتبهم معي، و هذا كتاب مسلم باجتماعهم، فقال له ابن عباس: اما اذا كنت لابد فاعلا فلا تخرج أحدا من ولدك و لا حرمك و لا نسائك فخليق ان تقتل و هم ينظرون اليك كما قتل ابن عفان، فأبي ذلك و لم يقبله قال: فذكر من حضره يوم قتل و هو يلتفت الي حرمه و اخوته و هن يخرجن من اخبيتهن جزعا لقتل من يقتل معه و ما يرينه به، و يقول: لله در ابن عباس فيما أشار علي به.


قال: فلما أبي الحسين قبول رأي ابن عباس قال له. و الله لو أعلم اني اذا تشبثت بك و قبضت علي مجامع ثوبك و ادخلت يدي في شعرك حتي يجتمع الناس علي و عليك كان ذلك نافعي لفعلته، و لكن أعلم أن الله بالغ أمره، ثم أرسل عينيه فبكي و ودع الحسين و انصرف، و مضي الحسين لوجهه و لقي ابن عباس بعد خروجه عبدالله ابن الزبير فقال له:



يا لك من قبره بمعمر

خلالك الجو فبيضي و اصفري



و نقري ما شئت أن تنقري

هذا الحسين خارجا فاستبشري



فقال: قد خرج الحسين و خلت لك الجحاز [14] .

14- روي ابن عبدربه، عن علي بن عبدالعزيز، قال: قرأ علي أبوعبيدالقاسم بن سلام، و أنا أسمع، فسألته: نروي عنك كما قري، عليك؟ قال: نعم، قال أبوعبيد: لما مات معاوية بن أبي سفيان و جاءت وفاته الي المدينة، و عليها يومئذ الوليد بن عتبة، فأرسل الي الحسين علي و عبدالله بن الزبير، فدعاهما الي البيعة ليزيد، فقالا: بالغد ان شاء الله علي رؤوس الناس، و خرجا من عنده فدعا الحسين برواحله، فركبها و توجه نحو مكة علي المنهج الأكبر، و ركب ابن الزبير برذوناله و أخذ طريق العرج حتي قدم مكة.

و مر الحسين حتي أتي علي عبدالله بن مطيع، و هو علي بئر له، فنزل عليه، فقال للحسين: يا أباعبدالله، لا ستقانا الله بعدك ماء طيبا، أين؟ قال: العراق، قال: سبحان الله! لم؟ قال: مات معاوية و جاءني أكثر من حمل صحف، قال: لا تفعل أباعبدالله، فوالله ما حفظوا أباك و كان خيرا منك، فكيف يحفظونك، و والله لئن قتلت لا بقيت حرمة بعدك الا استحلت، فخرج حسين حتي قدم مكة، فأقام بها هو


و ابن الزبير.

قال: فقدم عمرو بن سعيد في رمضان أميرا علي المدينة و الموسم، و عزل الوليد بن عتبة، فلما استوي علي المنبر رعف. فقال أعرابي: مه! جاءنا والله بالدم! قال: فتلقاه رجل بعمامته. فقال: مه! عم الناس والله! ثم قام فخطب، فناولوه عصا لها شعبتان. فقال: تشعب الناس والله! ثم خرج الي مكة، فقدمها قبل يوم التروية بيوم، و وفدت الناس للحسين يقولون: يا أباعبدالله، لو تقدمت فصليت بالناس فأنزلتهم بدارك؟

اذ جاء المؤذن فأقام الصلاة، فتقدم عمرو بن سعيد فكبر، فقيل للحسين: اخرج أباعبدالله اذ أبيت أن تتقدم. فقال: الصلاة في الجماعة أفضل. قال: فصلي، ثم خرج. فلما انصرف عمرو بن سعيد بلغه أن حسينا قد خرج، فقال: اطلبوه، اركبوا كل بعير بين السماء و الأرض فاطلبوه. قال: فعجب الناس من قوله هذا فطلبوه، فلم يدركوه، و أرسل عبدالله بن جعفر ابنيه عونا و محمد ليردا حسينا فأبي حسين أن يرجع. و خرج ابنا عبدالله بن جعفر معه. و رجع عمرو بن سعيد الي المدينة. [15] .

15- قال المسعودي: فلما هم الحسين بالخروج الي العراق، أتاه ابن العباس، فقال له: يا ابن عم، قد بلغني أنك تريد العراق، و انهم أهل غدر، و انما يدعونك للحرب، فلا تجعل، و ان أبيت الا محاربة هذا الجبار، و كرهت المقام بمكة فاشخص الي اليمن، فانها في عزلة و لك فيها أنصار و اخوان، فأقم بها و بث دعاتك، و اكتب الي أهل الكوفة و أنصارك بالعراق فيخرجوا أميرهم.

فان قووا علي ذلك و نفوه عنها، و لم يكن بها أحد يعاديك أتيتهم، و ما أنا


لغدرهم بآمن، و ان لم يفعلوا أقمت بمكانك الي أن يأتي الله بأمره، فان فيها حصونا و شعابا، فقال الحسين: يا ابن عم، اني لأعلم أنك لي ناصح و علي شفيق، و لكن مسلم ابن عقيل كتب الي باجتماع أهل المصر علي بيعتي و نصرتي، و قد أجمعت علي المسير اليهم.

قال: انهم من خبرت و جربت و هم أصحاب أبيك و أخيك و قتلتك غدا مع أميرهم، انك لوقد خرجت فبلغ ابن زياد خروجك استنفرهم اليك، و كان الذين كتبوا اليك أشد من عدوك، فان عصيتني و أبيت الا الخروج الي الكوفة فلا تخرجن نساءك و ولدك معك، فوالله اني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان و نساؤه و ولده ينظرون اليه.

فكان الذي رد عليه: لأن أقتل والله بمكان كذا أحب الي من أن أستحل بمكة، فيئس ابن عباس منه، و خرج من عنده، فمر بعبدالله بن الزبير فقال: قرت عينك يا ابن الزبير و أنشد:



يا لك من قبرة بمعمر

خلالك الجو فبيضي و اصفري



و نقري ما شئت أن تنقري

هذا حسين يخرج الي العراق و يخليك و الحجاز، و بلغ ابن الزبير أنه يريد الخروج الي الكوفة و هو أثقل الناس عليه، قد غمه مكانه بمكة، لأن الناس ما كانوا يعدلونه بالحسين فلم يكن شي ء يؤتاه أحب اليه من شخوص الحسين عن مكة، فأتاه فقال: أباعبدالله ما عندك ء فوالله لقد خفت الله في ترك جهاد هؤلاء القوم علي ظلمهم و استذلالهم الصالحين من عباد الله.



فقال حسين: قد عزمت علي اتيان الكوفة، فقال: وفقك الله! أما لو أن لي بها مثل أنصارك ما عدلت عنها، ثم خاف أن يتهمه فقال: و لو أقمت بمكانك فدعوتنا و


أهل الحجاز الي بيعتك أجبناك، و كنا اليك سراعا، و كنت أحق بذلك من يزيد، و دخل أبوبكر بن الحارث بن هشام علي الحسين، فقال: يا ابن عم، ان الرحم يظائرني عليك، و لا أدري كيف أنا في النصيحة لك، فقال: يا أبابكر ما أنت ممن يستغش و لا يتهم، فقال.

فقال أبوبكر: كان أبوك أقدم سابقة، و أحسن في الاسلام أثرا، و أشد بأسا، و الناس له أرجي، و منه أسمع و عليه أجمع، فسار الي معاوية و الناس مجتمعون عليه الا أهل الشام و هو أعز منه، فخذلوه، و تثاقلوا عنه، حرصا علي الدنيا، و ضنا بها، فجرعوه الغيظ، و خالفوه حتي صار الي ما صار اليه من كرامة الله و رضوانه، ثم صنعوا بأخيك بعد أبيك ما صنعوا، و قد شهدت ذلك كله و رأيته.

ثم أنت تريد أن تسير الي اللذين عدوا علي أبيك و أخيك تقاتل بهم أهل الشام و أهل العراق، و من هو أعد منك و أقوي، و الناس منه أخوف، و له أرجي، فلو بلغهم مسيرك اليهم لا ستطغوا الناس بالأموال، و هم عبيد الدنيا، فيقاتلك من وعدك أن ينصرك، و يخذلك من أنت أحب اليه ممن ينصره، فاذكر الله في نفسك.

فقال الحسين: جزاك الله خيرا يابن عم، فقد أجهدك رأيك، و مهما يقض الله يكن، فقال: انا لله و عند الله نحتسب يا أباعبدالله، ثم دخل علي الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي و الي مكة و هو يقول:



كم نري ناصحا يقول فيعصي

و ظنين المغيب يلفي نصيحا



فقال: و ما ذاك؟ فأخبره بما قال للحسين، فقال: نصحت له و رب الكعبة [16] .

16- قال سبط ابن الجوزي قال السدي؟ خرج الحسين من المدينة و هو يقرأ فخرج منها خائفا يترقب فلما دخل مكة فقال له عمرو بن سعيد: ما أقدمك، فقال


عائذا بالله و بهذا البيت، و أقام الحسين بمكة و لما بلغ يزيد ما صنع الوليد عزله عن المدينة و ولاها عمرو بن سعيد الأشدق [17] .

17- عنه قال الواقدي: لم يكن ابن عمر بالمدينة حين مات معاوية، بل كان بمكه، ثم قدم المدينة بعد ذلك هو و ابن عباس، و لما استقر الحسين بمكة، و علم به أهل الكوفة، كتبوا اليه يقولون: انا قد حبسنا أنفسنا عليك، و لسنا نحضر الصلاة مع الولاة، فأقدم علينا، فنحن في مائة ألف، فقد فشافينا الجور و عمل فينا بغير كتاب الله، و سنة نبيه، و نرجوا أن يجمعنا الله بك علي الحق و ينفي عنا بك الظلم، فأنت أحق بهذا الامر من يزيد، و أبيه الذي غصب الامة فيها و شرب الخمر و لعب بالقرود و الطنابير، و تلاعب بالدين، و كان ممن كتب اليه سليمان بن صرد و المسيب بن نجبة و وجوه أهل الكوفة [18] .

18-عنه قال الواقدي: و لما نزل الحسين مكة، كتب يزيد بن معاوية الي ابن عباس: أما بعد فان ابن عمك حسينا، و عدو الله ابن الزبير التويا ببيعتي، و لحقا بمكة مرصدين للفتنة معرضين أنفسهما للهلكة، فأما ابن الزبير فانه صريع الفناء و قتيل السيف غدا، و أما الحسين فقد أحببت الاعذار اليكم، أهل البيت مما كان منه و قد بلغني أن رجالا من شيعته من أهل العراق يكاتبونه و يكاتبهم و يمنونه الخلافة و يمنيهم الامرة و قد تلعمون ما بيني و بينكم من الوصلة و عظيم الحرمة و نتايج الارحام.

قد قطع ذلك الحسين و بته و أنت زعيم أهل بيتك و سيد أهل بلادك، فالقه فاردده، عن السعي في الفرقة، ورد هذه الامة عن الفتنة فان قبل منك و أناب اليك، فله عندي الأمان الواسعة، و أجري عليه بما كان أبي يجريه علي أخيه، و


ان طلب الزيادة فاضمن له ما أريك الله، انفذ ضمانك و اقوم له بذلك و له علي الايمان المغلظة و المواثيق المؤكدة، بما تطمئن به نفسه، و يعتمد في كل الامور عليه، عجل بجواب كتابي و بكل حاجة لك الي و قبلي و السلام، قال هشام بن محمد و كتب يزيد في أسفل الكتاب:



يا أيها الراكب الغادي لمطيته

علي عذافرة في سيرها قحم



أبلغ قريشا علي نادي المزار بها

بيني و بين الحسين الله و الرحم



و موقف بفناء البيت أنشده

عهد الاله غدا يوفي به الذمم



هنيتم قومكم فخرا بأمكم

أم لعمري حسان عفة كرم



هي التي لا يداني فضلها أحد

بنت الرسول و خير الناس قد علموا



اني لأعلم أو ظنا لعالمه

و الظن يصدق أحيانا فينتظم



ان سوف يترككم ما تدعون به

قتلي تهاداكم العقبان و الرخم



يا قومنا لا تشبوا الحرب اذ سكنت

و امسكوا بحبال السلم و اعتصموا



قد غرت الحرب من قد كان قبلكم

من القرون و قد بادت بها الامم



فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا

فرب ذي بذخ زلت به القدم



فكتب اليه ابن عباس أما بعد فقد ورد كتابك تذكر فيه لحاق الحسين و ابن الزبير بمكة، فاما ابن الزبير فرجل منقطع عنا برأيه و هواه يكاتمنا مع ذلك أضغانا يسرها في صدره يوري علينا وري الزناد لافك الله أسيرها فارا في أمره ما أنت رآه، و أما الحسين فانه لما نزل مكة و ترك حرم جده و منازل آبائه سألته عن مقدمه فأخبرني أن عمالك في المدينة أساؤا اليه و عجلوا عليه بالكلام الفاحش فأقبل الي حرم الله مستجيرا به.

سألقاه فيما أشرت اليه و لن أدع النصيحة، يما يجمع الله به الكلمة، و يطفي به النائرة و يخمد به الفتنة و يحقن به دماء الامة فاتق الله في السر و العلانية و لا تبيتن


ليلة و أنت تريد لمسلم غائلة و لا بمظلمة، و لا تحفر له مهواة، فكم من حافر لغيره حفرا وقع فيه و كم من مومل أملا لم يؤت أمله، و خذ بحظك من تلاوة القرآن، و نشر السنة، و عليك بالصيام و القيام، لا تشغلك عنهما ملاهي الدنيا و أباطيلها، فان كل ما شغلت به عن الله يضرو يفني، و كل ما اشتغلت به من أسباب الآخرة ينفع و يبقي و السلام [19] .

19-عنه قال هشام بن محمد: ثم ان حسينا كثرت عليه كتب اهل الكوفة و تواترت اليه رسلهم ان لم تصل الينا فأنت آثم، فعزم علي المسير فجاء اليه ابن عباس، و نهاه عن ذلك و قال له: يا ابن عم ان أهل الكوفة قوم غدر قتلوا أباك و خذلوا أخاك و طعنوه و سلبوه و سلموه الي عدوه، و فعلوا ما فعلوا، فقال هذه كتبهم و رسلهم و قد وجب علي المسير لقتال أعداء الله فبكا ابن عباس و قال واحسيناه [20] .

20- قال ابن قتيبة: ذكروا أن يزيد بن معاوية، عزل عمرو بن سعيد، و أمر الوليد بن عقبة، و خرج الحسين بن علي الي مكة، فمال الناس اليه، و كثروا عنده و اختلفوا اليه، و كان عبدالله بن الزبير فيمن يأتيه. قال: فأتاه كتاب أهل الكوفة فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي، من سليمان بن صرد، و المسيب، و رفاعة بن شداد، و شيعته من المؤمنين و المسلمين من أهل الكوفة.

أما بعد، فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي اعتدي علي هذه الامة، فانتزعها حقوقها، و اغتصبها أمورها، و غلبها علي فيئها، و تأمر عليها علي غير رضا منها، ثم قتل خيارها، و استبقي شرارها، فبعدا له كما بعدت ثمود، انه ليس علينا امام، فاقدم علينا، لعل الله أن يجمعنا بك علي الهدي، فان النعمان بن بشير في


قصر الامارة، و لسنا نجتمع معه في جمعة، و لا نخرج معه الي عيد، و لو قد بلغنا مخرجك أخرجناه من الكوفة، و ألحقناه بالشام و السلام [21] .

21-قال محمد بن طلحة: في خروجه من المدينة و مكة ثم الي العراق هذا فصل للقلم في ارجائه مجال واسع، و مقال جامع، و سمع كل مؤمن و قلبه عند تلاوته اليه و له مصيخ سامع، لكن الرغبة في الاختصار تطوي أطراف بساطه، و الرهبة من الاكثار تصرف عن تطويله، و افراطه و حين وقف علي أصله و زايده، خص الاصل باثباته، و الزايد باسقاطه، و ذلك ان معاوية لما استخلف ولده يزيد ثم مات و كتب يزيد كتابا الي الوليد بن عتبة بن أبي سفيان و هو يومئذ و الي المدينة يحثه فيه علي أخذ البيعة من الحسين عليه السلام.

فرأي الحسين امورا اقتضت له أنه خرج من المدينة و قصد مكة و أقام بها و وصل الخبر الي الكوفة بموت معاوية و ولاية يزيد مكانه فاتفق منهم جمع و كتبوا كتابا الي الحسين يدعونه اليهم، و يبذلون له فيه القيام بين يديه بأنفسهم و بالغوا في ذلك ثم تتابعت اليه الكتب نحوا، من مائة و خمسين كتابا من كل طائفة كتاب يحثونه فيه علي القدوم و آخر ماورد عليه كتاب من جماعتهم، علي يد قاصدين من أعيانهم و صورته.

بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي أميرالمؤمنين من شيعته و شيعة أبيه أميرالمؤمنين علي سلام عليك أما بعد، فان الناس منتظروك و لا رأي لهم غيرك فالعجل، يابن رسول الله و السلام عليك و رحمته و بركاته [22] .

22-الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبوعبدالله الأديب، أنبأنا أبوالقاسم ابراهيم بن منصور، أنبأنا أبوبكر محمد بن ابراهيم، أنبأنا أبوسعيد المفضل بن محمد بن


ابراهيم الجندي، أنبأنا ابن أبي عمر سعيد بن عبدالرحمان، و صامت بن معاد، قالوا: أنبأنا سفيان بن عيينة، عن ابراهيم بن ميسرة: عن طاووس، عن ابن عباس.

قال: استشارني الحسين بن علي في الخروج؟ فقلت: لولا أن يزري بي و بك لنشبت يدي في رأسك، فكان الذي رد لعي أن قال: لأن أقتل بمكان كذا و كذا أحب الي من أن استحل حرمتها - يعني الحرم! قال ابن عباس: و كان قوله هذا هو الذي سلا بنفسي عنه. قال ابن مسيرة: ثم كان يقول طاووس: ما رأيت أحدا أشد تعظيما للحرم من ابن عباس، و لو أشاء أن أبكي لبكيت [23] .

23- أخبرنا أبومحمد هبة الله بن أحمد بن عبدالله، أنبأنا أبوالغنائم بن أبي عثمان، أنبأنا عبدالله بن عبيدالله بن يحيي أنبأنا أبوعبدالله المحاملي، أنبأنا محمد بن عمرو بن أبي مذعور، أنبأنا سفيان بن عيينة: عن ابراهيم بن ميسرة انه سمع طاووسا يقول: قال ابن عباس استشارني الحسين بن علي في الخروج.

فقلت لو لا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك! قال: فكان الذي ردا الحسين علي أن قال: لأن أقتل بمكان كذا و كذا أحب الي من أن يستحل بي ذلك يعني احترام الحرم فقال ابن عباس: فكان هذا هو الذي سلا بنفسي عنه، ثم قال ابراهيم: ثم كان يحلف طاووس أنه لم ير رجلا أشد تعظيما للمحارم من ابن عباس و لو أشاء أن أبكي لبكيت [24] .

24- عنه أخبرنا أبوالحسن علي بن مسلم الفقيه، أنبأنا أبونصر بن طلاب، أنبأنا أبوبكر ابن ابي الحديد، أنبأنا أبوبكر محمد بن بشير الزبيري، أنبأنا محمد بن بحر ابن مطر، أنبأنا الحسن بن قتيبة، أنبأنا يحيي بن اسماعيل البجلي، عن الشعبي قال:

لما توجه الحسين بن علي الي العراق قيل لابن عمر: ان أخاك الحسين قد


توجه الي العراق، فأتاه فناشده الله فقال: ان أهل العراق قوم مناكير، و قد قتلوا أباك و ضربوا أخاك و فعلوا و فعلوا، فلما آيس منه عانقه و قبل بين عينيه و قال استودعك الله من قتيل! سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: ان الله عزوجل أبي لكم الدنيا [25] .

25- عنه أخبرنا أبوعبدالله الفراوي، أنبأنا أبوبكر البيهقي، أنبأنا أبوالحسن علي بن محمد بن علي المقري، أنبأنا الحسن بن محمد بن اسحاق الاسفرايني، أنبأنا يوسف ابن يعقوب القاضي، أنبأنا محمد بن عبدالملك بن زنجويه، أنبأنا شبابة بن سوار، أنبأنا يحيي بن سالم الأسدي قال: سمعت الشعبي يقول: كان ابن عمر قدم المدينة فأخبر أن الحسين بن علي قد توجه الي العراق، فلحقه علي مسير ليلتين - أو ثلاث - من المدينة.

فقال أين تريد؟ قال: العراق، و كان معه طوامير و كتب، فقال له: لا تأتهم. فقال: هذه كتبهم و بيعتهم. فقال: ان الله عز و جل خير نبيه بين الدنيا و الآخرة و لم يرد الدنيا، و انكم بضعة من رسول الله صلي الله عليه و آله، والله لا يليها أحد منكم أبدا، و ما صرفها الله عزوجل عنكم الا للذي هو خير لكم، فارجعوا، فأبي و قال: هذه كتبهم و بيعتهم. قال: فاعتنقة ابن عمر و قال: استودعك الله من قتيل. [26] .

26- عنه أخبرنا أبوطالب علي بن عبدالرحمان بن أبي عقيل، أنبأنا علي بن الحسن بن الحسين، أنبأنا أبومحمد ابن النحاس، أنبأنا أحمد بن محمد بن زياد، أنبأنا أبوبكر يحيي بن جعفر بن عبدالله بن الزبرقان، أنبأنا شبابة بن سوار، أنبأنا يحيي بن اسماعيل بن سالم الأسدي قال: سمعت الشعبي يحدث، عن ابن عمر انه كان بماء له فبلغه أن الحسين بن علي قد توجه الي العراق، فلحقه علي مسيرة ثلاث ليال فقال


له: أين تريد؟ فقال: العراق. و اذا معه طوامير كتب.

فقال: هذه كتبهم و بيعتهم. فقال: لا تأتهم. فأبي قال: اني محدثك حديثا: ان جبرئيل أتي النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فخيره بين الدنيا و الآخرة فاختار الآخرة، و لم يرد الدنيا، و انكم بضعة من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، والله لا يليها أحد منكم أبدا! و ما صرفها الله عنكم الا للذي هو خير لكم، فأبي أن يرجع، قال: فأعتنقه ابن عمر و بكي و قال: استودعك الله من قتيل.

27- عنه أخبرنا أبومحمد ابن طاووس، أنبأنا أبوالقاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبوالحسن محمد بن عوف بن أحمد المزني، أنبأنا أبوالقاسم الحسن بن علي، قال: و أنبأنا ابن أبي العلاء أنبأنا أبوعبدالله محمد بن حمزة بن محمد بن حمزة الحراني قال: قري ء علي أبي القاسم الحسن بن علي البجلي، أنبأنا أبوبكر أحمد بن علي بن سعيد، أنبأنا يحيي بن معين.

أنبأنا أبوعبيدة، أنبأنا سليم بن حيان. و قال الحراني: سلميان بن سعيد بن ميناء قال: سمعت عبدالله بن عمر يقول: عجل حسين قدره عجل حسين قدره، والله لو أدركته ما كان ليخرج الا أن يغلبني، ببني هاشم فتح، و ببني هاشم ختم، فاذا رأيت هاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان. [27] .

28- عنه أخبرنا أبوالقاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبوبكر ابن الطبري، أنبأنا أبوالحسين بن الفضل و أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا أبوبكر الحميري، أنبأنا سفيان، أنبأنا عبدالله بن شريك، عن بشر بن غالب أنه سمعه يقول: قال عبدالله بن الزبير - لحسين بن علي - أين تذهب؟ أتذهب الي قوم قتلوا أباك و طعنوا أخاك؟ فقال له حسين لان أقتل بمكان كذا كذا أحب الي من أن تستحل بي


يعني مكة [28] .

29- عنه أخبرنا أبوالحسين محمد بن محمد بن الفراء و أبوغالب أحمد، و أبوعبدالله يحيي ابنا الحسن، قالوا: أنبأنا أبوجعفر بن المسلمة، أنبأنا محمد بن عبدالرحمان بن العباس، أنبأنا أحمد بن سليمان، أنبأنا الزبير بن بكار، حدثني عمي مصعب بن عبدالله، أخبرني من سمع هشام بن يوسف الصنعاني، يقول عن معمر، قال:سمعت رجلا يحدث عن الحسين بن علي.

قال: سمعته يقول لعبدالله بن الزبير: أتتني بيعة أربعين ألفا يحلفون لي بالطلاق و العتاق من أهل الكوفة أو قال: من أهل العراق، فقال له عبدالله بن الزبير: أتخرج الي قوم قتلوا أباك و أخرجوا أخاك؟ قال هشام بن يوسف: فسألت معمرا عن الرجل فقال: هو ثقة، قال الزبير: قال عمي: و زعم بعض الناس أن عبدالله بن عباس هو الذي قال هذا [29] .

30- قال أبوعبدالله محمد بن سعد بن منيع البصري في مقتل الحسين عليه السلام: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حثدنا ابن أبي ذئب، قال حدثنا عبدالله بن عمير مولي ام الفضل، و أخبرنا عبدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، و أخبرنا يحيي بن سعيد بن دينار السعدي، عن أبيه، و حدثني عبدالرحمان بن أبي الزناد، عن أبي وجرة السعدي، عن علي بن حسين و غير هؤلاء.

قال محمد بن سعد و أخبرنا علي بن محمد، عن يحيي بن اسماعيل بن أبي المهاجر، عن أبيه، و عن لوط بن يحيي الغامدي، عن محمد بن بشير الهمداني، و غيره، و عن محمد بن الحجاج، عن عبدالملك بن عمير، و عن هارون بن عيسي، عن يونس بن أبي اسحاق، عن أبيه و عن يحيي بن زكريا بن أبي زائدة، عن مجالد،


عن الشعبي.

قال ابن سعد: و غير هؤلاء أيضا قد حدثني في هذا الحديث بطائفة فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين رحمه الله عليه و رضوانه و صلوته و بركاته: قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس ليزيد بن معاوية؛ كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم يبايع له، و كان أهل الكوفة يكتبون الي حسين بن علي يدعونه الي الخروج اليهم في خلافة معاوية كل ذلك يأبي.

فقدم منهم قوم الي محمد بن الحنفية فطلبوا اليه أن يخرج معهم فأبي و جاء الي الحسين فأخبره بما عرضوا عليه، و قال: ان القوم انما يريدون أن يأكلوا بنا و يشطيوا دماءنا، فأقام حسين، علي ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير اليهم و مرة يجمع الاقامة.

فجاء أبوسعيد الخدري فقال: يا أباعبدالله اني لكم ناصح و اني عليكم مشفق، و قد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك الي الخروج اليهم، فلا تخرج، فاني سمعت أباك يقول بالكوفة: و الله لقد مللتهم و أبغضتهم و ملوني و أبغضوني و ما بلوت منهم وفاءا و من فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم ثبات و لا عزم أمر، و لا صبر السيف.

قال و قدم المسيب بن نجبة الفزاري و عدة معه الي الحسين بعد وفاة الحسين فدعوه الي خلع معاوية، و قالوا: قد علمنا رأيك و رأي أخيك، فقال: اني أرجو أن يعطي الله أخي علي نيته في حبه الكف، و أن يعطيني علي نيتي في حبي جهاد الظالمين [30] .

13-قال الحافظ ابن عساكر: نزل الحسين دار العباس بن عبدالمطلب، و لزم


ابن الزبير الحجر، و لبس المعافري و جعل يحرض الناس علي بني أميه، و كان يغدو و يروح الي الحسين و يشير عليه أن يقدم العراق و يقول له: هم شيعتك و شيعة أبيك، و كان عبدالله بن عباس ينهاه عن ذلك و يقول: لا تفعل، و قال له عبدالله ابن مطيع: أي فداك أبي و أمي متعنا بنفسك و لا تسر الي العراق، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا خولا و عبيدا.

لقيهما عبدالله بن عمر، و عبدالله بن بن عياش بن ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة فقال لهما ابن عمر: أذكر كما الله الا رجعتما، فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، و تنظرا فان اجتماع الناس عليه لم تشذا عنهم و ان افترق الناس عليه كان الذي تريد ان. و قال ابن عمر لحسين: لا تخرج، فان رسول الله صلي الله عليه و آله خيره الله بين الدنيا و الآخرة، فاختار الآخرة، و انك بضعة منه و لا تعاطها - يعني الدنيا - فاعتنقه و بكي وودعه.

فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، و لعمري لقد رأي في أبيه و أخيه عبرة، و رأي من الفتنة و خذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش، و أن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس فان الجماعة خير.

قال له ابن عياش: أين تريد يا ابن فاطمة؟ قال: العراق و شيعتي. فقال: اني لكاره لوجهك هذا تخرج الي قوم قتلوا أباك، و طعنوا أخاك؟ حتي تركهم سخطة و ملة لهم! أذكرك الله أن تغرر بنفسك.

قال أبوواقد الليثي: بلغني خروج حسين فأدركته بملل فناشدته الله أن لا يخرج فانه يخرج في غير وجه خروج و انما يقتل نفسه. فقال: لا أرجع.

قال سعيد بن المسيب: لو أن حسينا لم يخرج لكان خيرا له.

قال أبوسلمة عبدالرحمان: قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق و لا يخرج اليهم و لكن شجعه علي ذلك ابن الزبير.


كتب اليه المسور بن مخرمه: اياك أن تغتر بكتب أهل العراق، و يقول لك ابن الزبير: الحق بهم فانهم ناصروك، اياك أن تبرح الحرم فانهم ان كانت لهم بك حاجة فسيضربون اليك آباط الابل حتي يوافوك، فتخرج في قوه و عدة. فجزاه الحسين خيرا و قال: استخير الله في ذلك.

كتبت اليه عمرة بنت عبدالرحمان تعظم عليه ما يريد أن يصنع من أجابة أهل الكوفة و تأمره بالطاعة و لزوم الجماعة، و تخبره أنه انما يساق الي مصرعه، و تقول: أشهد لقد حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: يقتل حسين بأرض بابل، فلما قرأ الحسين عليه السلام كتابها قال: فلا بدلي اذا من مصرعي و مضي.

فأتاه أبوبكر بن عبدالرحمان بن الحارث بن هشام فقال: يا ابن عم ان الترحم نظارتي عليك و ما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك، قال: يا أبابكر ما أنت ممن يستغش و لا يتهم؟ فقل، قال قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك و أخيك، و أنت تريد أن تسير اليهم و هم عبيد الدنيا فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، و يخذلك من أنت أحب اليه ممن ينصره فأذكرك الله نفسك!

فقال له الحسين: جزاك الله يا ابن عم خيرا فقد اجتهدت رأيك، و مهما يقضي الله من أمر يكن، فقال أبوبكر: انا لله، عند الله نحتسب أباعبدالله!

كتب عبدالله بن جعفر بن أبي طالب اليه كتابا يحذره من أهل الكوفة، و يناشده الله أن يشخص اليهم، فكتب اليه الحسين عليه السلام: اني رأيت رؤيا و رأيت فيها رسول الله صلي الله عليه و آله و أمرني بأمر أنا ماض له، و لست بمخبر بها أحدا حتي الاقي عملي.

كتب اليه عمرو بن سعيد بن العاص: اني أسأل الله أن يلهمك رشدك، و أن يصرفك عما يرديك! بلغني أنك قد اعتزمت علي الشخوص الي العراق، فاني أعيذك بالله من الشقاق فان كنت خائفا فأقبل الي فلك عندي الأمان و البر و


الصلة.

فكتب اليه الحسين عليه السلام: ان كنت أردت بكتابك الي بري و صلتي فجزيت خيرا في الدنيا و الآخرة، و انه لم يشاقق الله من دعا الي الله و عمل صالحا و قال: انني من المسلمين، و خير الآمان أمان الله، و لم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا! فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.

كتب يزيد بن معاوية الي عبدالله بن عباس يخبره بخروج الحسين الي مكة، و نحسبه أنه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة، و عندك منهم خبرة و تجربة، فان كان فعل فقد قطع و اشجع القرابة! و أنت كبير أهل بيتك و المنظور اليه، فاكففه عن السعي في الفرقة.

قال: فكتب اليه عبدالله بن عباس: اني لارجو أن لايكون خروج الحسين لأمر تكرهه، و لست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة و تطفي به النائرة، و دخل عبدالله بن العباس الحسين، فكلمه ليلا طويلا و قال: أنشدك الله أن تهلك غدا بحال مضيعة لا تأتي العراق، و ان كنت لابد فاعلا فأقم حتي ينقضي الموسم و تلقي الناس، و تعلم علي ما يصدرون ثم تري رأيك - و ذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين.

فأبي الحسين الا أن يمضي الي العراق، فقال له ابن عباس: و الله اني لأظنك ستقتل غدا بني نسائك و بناتك كما قتل عثمان بين نسائه و بناته، و اله اني لأخاف أن تكون الذي يفاد به عثمان! فانا لله و انا اليه راجعون. فقال له الحسين عليه السلام: يا أباالعباس انك شيخ قد كبرت. فقال ابن عباس: لو لا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، و لو أعلم أنا اذا تناصبنا أقمت لفعلت و لكن لا أخال ذلك نافعي!

فقال له الحسين: لان أقتل بمكان كذا و كذا أحب الي أن تستحل بي - يعني مكة - قال: فبكي ابن عباس و قال: أقررت عين ابن الزبير؟! و كان ابن عباس


يقول بعد ذلك: فذاك الذي سلي بنفسي عنه. ثم خرج عبدالله بن عباس من عنده و هو مغضب و ابن الزبير علي الباب، فلما رآه قال: يا ابن الزبير قد أتي ما أحببت قرت عينك هذا أبوعبدالله يخرج و يتركك و الحجاز ثم قال:



يا لك من قبرة بمعمر

خلالك الجو فبيضي و اصفري



و نقري ما شئت أن تنقري

بعث الحسين الي المدينة، فقدم عليه من خف معه من بني عبدالمطلب و هم تسعة عشر رجلا، و نساء و صبيان من اخوانه و بناته و نسائهم، و تبعهم محمد ابن الحنيفة، فأدرك حسينا بمكة، و أعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبي الحسين أن يقبل رأيه فحبس محمد بن علي ولده عنه فلم يبعث معه أحدا منهم حتي وجد الحسين في نفسه علي محمد و قال له أترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟ فقال محمد: و ما حاجتي أن تصاب و يصابون معك، و ان كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.



بعث أهل العراق الي الحسين الرسل و الكتب يدعونه اليهم فخرج متوجها الي العراق في أهل بيته و ستين شيخا من أهل الكوفة، و ذلك في يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين.

فكتب مروان الي عبيدالله بن زياد: أما بعد فان الحسين بن علي قد توجه اليك، و هو الحسين بن فاطمة، و فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله، و بالله ما أحد يسلمه الله أحب الينا من الحسين، فاياك أن تهيج علي نفسك مالا يسده شي ء و لا تنساه العامة و لا تدع ذكره و السلام [31] .

32-قال ابن طاووس: و كان الحسين عليه السلام قد كتب الي جماعة من أشراف


البصرة، كتابا مولي له اسمه سليمان، و يكني أبارزين يدعوهم فيه الي نصرته و لزوم طاعته، منهم يزيد من مسعود النهشلي و المنذر بن الجارود العبدي، فجمع يزيد بن مسعود بني تميم و بني حنظلة و بني سعد، فلما حضروا قال يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم، فقالوا بخ بخ أنت والله فقرة الطهر و رأس الفخر حللت في الشرف و سطا: و تقدمت فيه فرطا.

قال: فاني قد جمعتكم لأمر أريد أن اشاوركم فيه، و استعين بكم عليه، فقالوا: انا والله نمنحك النصيحة و نجهد لك الرأي، فقل حتي نسمع، فقال: ان معاوية مات فأهون به والله هالكا و مفقودا، الا و انه قد انكسر باب الجور و الاثم، و تضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها امرا ظن أنه قد أحكمه و هيهات والذي أراد، اجتهد والله ففشل، و شاور فخذل.

و قد قام ابنه يزيد شارب الخمور، و رأس الفجور، يدعي الخلافة علي المسلمين و يتأمر عليهم بغير رضي منهم مع قصر حلم و قلة علم، لا يعرف من الحق موطي ء قدميه، فأقسم بالله قسما مبرور الجهاده علي الدين أفضل من جهاد المشركين، و هذا الحسين بن علي ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله ذو الشرف الاصيل و الرأي الأثيل له فضل لا يوصف و علم لا ينزف و هو أولي بهذا الأمر لسابقته و سنه و قدمه و قرابته.

يعطف علي الصغير و يحنو علي الكبير، فاكرم به راعي رعية و امام قوم و حببت لله به الحجة، وبلغت به الموعظة فلا تغشوا عن نور الحق، و لا تسعكوا في و هدا الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكما الي ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و نصرته و الله لا يقصر أحد عن نصرته الا أورثه الله الذل في ولده و القتله في عشيرته و ما انا ذا قد لبست للحرب لامتها و ادرعت لها بدرعها من لم يقتل يمت و من يهرب لم يفت فاحسنوا رحمكم الله رد الجواب.


فتكلمت بنوحنظلة فقالوا أباخالد نحن نبل كنانتك و فرسان عشيرتك ان رميت بنا اصبت، و ان غزوت بنا فتحت لا تخوض والله غمرة الا خضناها، و لا تلقي والله شدة الا لقيناها، ننصرك والله بأسيافنا و نقيك بأبداننا اذا شئت فافعل و تكلمت بنو سعد بن يزيد، فقالوا يا أباخالد ان أبغض الأشياء الينا خلافك و الخروج من رأيك، و قد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال، فحمدنا أمرنا و بقي عزنا فينا فأمهلنا نراجع المشورة و ناتيك برأينا و تكلمت بنو عامر بن تميم فقالوا.

يا أباخالد نحن بنو أبيك و حلفائك لا نرضي ان غضبت، و لا نوطن أن ظعنت و الامر اليك فادعنا نجبك و أمرنا نطعك و الامر لك اذا شئت فقال والله يا بني سعد لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبدا و لا زال سيفكم فيكم ثم كتب الي الحسين عليه السلام.

بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فقد وصل كتابك و فهمت ماندبتني اليه، و دعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك و أن الله لا يخل الأرض قط من عامل عليها بخير أو دليل علي سبيل نجاة و أنتم حجة الله علي خلقه و وديعته في أرضه تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها و أنتم فرعها، فاقدم سعدت باسعد طائر فقد ذللت لك اعناق بني تميم و تركتهم أشد تتابعا في طاعتك، من الابل الظماء لورود الماء يوم خمسها و كظها، و قد ذللت لك بني سعد و غسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع.

فلما قرأ الحسين عليه السلام الكتاب قال مالك أمنك الله يوم الخوف، و أعزك و أرواك يوم العطش الأكبر فلما تجهز المشار اليه للخروج الي الحسين عليه السلام بلغه قتله قبل أن يسير فخرج من انقطاعه عنه، و اما المنذر بن الجارود فانه جاء بالكتاب و الرسول الي عبيدالله ابن زياد، كان المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيسا من عبيدالله بن زياد، و كانت بحرية بنت المنذر زوجة لعبيدالله بن زياد، فاخذ عبيدالله بن


زياد الرسول فصلبه، ثم صعد المنبر فخطب و توعد أهل البصرة علي الخلاف و اثارة الارجاف [32] .


پاورقي

[1] الارشاد: 184.

[2] اعلام الوري: 221.

[3] کذا في الاصل.

[4] المناقب: 208/2.

[5] المناقب: 208/2.

[6] روضةالواعظين: 147.

[7] تاريخ اليعقوبي: 229/2.

[8] تاريخ الطبري: 351/5.

[9] تاريخ الطبري: 352/5.

[10] تاريخ الطبري: 353/5.

[11] الاخبار الطوال: 230.

[12] الاخبار الطويل: 231.

[13] مقاتل الطالبين: 62.

[14] مقاتل الطالبيين: 72.

[15] العقد الفريد: 376/4.

[16] مروج الذهب: 64/3.

[17] تذکرة الخواص: 237.

[18] تذکرة الخواص: 237.

[19] تذکرة الخواص: 237.

[20] تذکرة الخواص: 239.

[21] الامامة و السياسة: 4/2.

[22] مطالب السؤل: 74.

[23] ترجمة الامام الحسين: 190.

[24] ترجمة الامام الحسين: 190.

[25] ترجمة الامام الحسين: 192.

[26] ترجمة الامام السحين: 192.

[27] ترجمة الامام الحسين: 193.

[28] ترجمة الامام الحسين: 194.

[29] ترجمة الامام الحسين: 194.

[30] ترجمة الامام الحسين من طبقات ابن‏سعد: 53.

[31] ترجمة الامام الحسين: 205-200.

[32] اللهوف: 19-16.