بازگشت

خروجه من المدينة


1- روي الصدوق في حديث طويل: دعا عتبة الكاتب و كتب بسم الله الرحمن الرحيم الي عبدالله يزيد أميرالمؤمنين من عتبة بن أبي سفيان، أما بعد فان الحسين بن علي، ليس يري لك خلافة و لا بيعة، فرأيك في أمره و السلام، فلما ورد الكتاب علي يزيد لعنه الله كتب الجواب الي عتبة،، أما بعد، فاذا أتاك كتابي هذا، فجعل علي بجوابه، و بين لي في كتابك كل من في طاعتي، أو خرج عنها، و ليكن مع أجوب رأس الحسين بن علي، عليهماالسلام.

فبلغ ذلك الحسين فهم بالخروج من أرض الحجاز الي أرض العراق، فلما أقبل الليل راح الي مسجد النبي صلي الله عليه و آله ليودع القبر، فلما وصل الي القبر، سطع له نور من القبر، فعاد الي موضعه، فلما كانت الليلة الثانية، راح ليودع القبر، فقام يصلي، فأطال فنعس، و هو ساجد، فجاءه النبي صلي الله عليه و آله و هو في منامه فأخذ الحسين عليه السلام و ضمه الي صدره و جعل يقبل عينيه و يقول:

بأبي أنت كأني أراك مرملا بدمك، بين عصابة من هذه الامة، يرجون شفاعتي ما لهم عند الله من خلاق، يا بني انك قادم علي أبيك و أمك و أخيك، و هم مشتاقون اليك، و ان لك في الجنة درجات تنالها الا بالشهادة، فانتبه


الحسين عليه السلام من نومه باكيا، فأتي أهل بيته، فأخبرهم بالرؤيا و دعهم، و حمل أخواته علي المحامل و ابنته و ابن أخيه القاسم بن الحسن بن علي عليهماالسلام.

ثم سار في أحد و عشرين رجلا من أصحابه و أهل بيته، منهم أبوبكر بن علي، و محمد بن علي، و عثمان بن علي، و العباس بن علي، و عبدالله بن مسلم بن عقيل و علي بن الحسين الأكبر، و علي بن الحسين الأصغر عليه السلام و سمع عبدالله بن عمر بخروجه، فقدم راحلته و خرج خلفه مسرعا فأدركه في بعض المنازل فقال: أين تريد يابن رسول الله.

قال: العراق قال: مهلا ارجع الي حرم جدك، فأبي الحسين عليه السلام عليه، فلما رأي ابن عمر اباءه قال يا أباعبدالله اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله صلي الله عليه و آله يقبله منك، فكشف الحسين عليه السلام عن سرته، فقبلها ابن عمر ثلاثا و بكي و قال: استودعك الله يا أباعبدالله، فانك مقتول في وجهك هذا [1] .

2- قال المفيد: فخرج عليه السلام من تحت ليلته و هي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجها نحو مكة و معه بنوه، و بنو أخيه و اخوته و جل أهل بيته، الا محمد ابن الحنفية رحمة الله عليه، فانه لما علم عزمه علي الخروج، عن المدينة لم يدر أين يتوجه، فقال له يا أخي أنت أحب الناس الي و اعزهم علي، و لست أدخر النصيحة لأحد من الخلق، الا لك و أنت أحق بها تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية و عن الأمصار ما استطعت.

ثم ابعث رسلك الي الناس فادعهم الي نفسك، فان بايعك الناس و بايعوا لك، حمدت الله علي ذلك، و ان اجتمع الناس علي غيرك لم ينقص الله بذلك دينك و لا عقلك، و لا تذهب به مروتك و لا فضلك اني أخاف عليك أن


تدخل مصرا من هذه الامصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك، و أخري عليك، فيقتتلون، فتكون لأول الأسنة غرضا فاذا خير هذه الامة كلها نفسا و أبا و أما أضيعها دما و أذلها أهلا.

فقال له الحسين عليه السلام: فأين اذهب يا أخي، قال: انزل مكة، فان اطمانت بك الدار بها، فسبيل ذلك و ان بنت بك لحقت بالرمال، و شعف الجبال، و خرجت من بلد الي بلد حتي تنظر الي ما يصير أمرا الناس اليه، فانك أصوب ما تكون رايا، حين تستقبل الأمر استقبالا.

فقال يا أخي، قد نصحت و اشفقت و أرجو أن يكون رأيك سديدا موفقا، فسار الحسين عليه السلام الي مكة و هو يقرأ «فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين» و لزم الطريق الاعظم، فقال له أهل بيته لو تنكبت الطريق الاعظم، كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب فقال: لا و الله لا أفارقه حتي قضي الله ما هو قاض [2] .

3- قال الطبرسي: فخرج عليه السلام ليله الاحد لليلتين بقيتا من رجب، متوجها نحو مكة و معه نبوه و بنو أخيه الحسن و اخوته و جل أهل بيته الا محمد بن الحنفية، فانه لم يدر أين يتوجه و شيعه و ودعه، و خرج الحسين عليه السلام و هو يقول «فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين» [3] .

4- قال الفتال: فخرج عليه السلام من تحت ليلته، و هي ليلة الاحد ليومين بقيا من رجب، متوجهين نحو مكة، و مضي بنوه واخوته و بنو أخيه و جل أهل بيته الا محمد ابن الحنفية، و خرج الحسين و هو يقول: «فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني


من القوم الظالمين» [4] .

5- قال ابن طاووس قال رواة حديث الحسين عليه السلام مع الوليد بن عتبة و مروان: فلما كان الغداة توجه الحسين عليه السلام الي مكة لثلاث مضين من شعبان سنة ستين، فأقام بها باقي شعبان و شهر رمضان، و شوال و ذي القعدة قال: و جاء عبدالله بن عباس رضوان الله عليه و عبدالله بن الزبير، فاشار اليه بالامساك فقال لهما: ان رسول الله صلي الله عليه و آله قد أمرني و أنا ماض فيه قال فخرج ابن عباس و هو يقول واحسيناه.

ثم جاء عبدالله بن عمر، فاشار اليه بصلح أهل الضلال و حذره من القتل و القتال فقال له: يا أباعبدالرحمن أما علمت أن من هوان الدنيا علي الله أن رأس يحيي بن زكريا أهدي الي بغي من بغايا بني اسرائيل، أما تعلم أني بني اسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس سبعين نبيا، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون و يشترون، كان لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم بل أمهلهم و أخذهم بعد ذلك، أخذ عزيز ذي انتقام، اتق الله يا أباعبدالرحمن و لا تدعن نصرتي [5] .

6- قال المجلسي: قال السيد: فلما أصبح الحسين عليه السلام، خرج من منزله يستمع الاخبار، فلقيه مروان بن الحكم، فقال له: يا أباعبدالله اني لك ناصح، فأطعني ترشد، فقال الحسين عليه السلام: و ما ذاك؟ قل حتي أسمع، فقال مروان: اني آمرك ببيعة يزيد أميرالمؤمنين فانه خير لك في دينك و دنياك.

فقال الحسين عليه السلام: انا لله و انا اليه راجعون، و علي الاسلام السلام، اذ قد بليت الامة براع مثل يزيد، و لقد سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: الخلافة محرمة علي آل أبي سفيان، و طال الحديث بينه و بين مروان حتي انصرف مروان، و هو


غضبان، فلما كان الغداة توجه الحسين عليه السلام الي مكة لثلاث مضين من شعبان سنة ستين، فأقام بها باقي شعبان و شهر رمضان و شوال و ذي القعدة [6] .

7- عنه قال المفيد رحمه الله: فقام الحسين في منزله تلك الليلة و هي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين من الهجرة، و اشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد، و امتناعه عليهم، و خرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجها الي مكة، فلما أصبح الوليد سرح في أثره الرجال فبعث راكبا من موالي بني امية في ثمانين راكبا، فطلبوه فلم يدركوه، فرجعوا.

فلما كان آخر نهار السبت، بعث الرجال الي الحسين عليه السلام، ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسين: اصبحوا ثم ترون و نري! فكفوا تلك الليلة عنه، و لم يلحوا عليه، فخرج عليه السلام من تحت ليلته و هي ليلة الاحد ليومين بقيا من رجب متوجها نحو مكة، و معه بنوه و بنو اخيه و اخوته، و جل أهل بيته الا محمد ابن لحنفية رحمه الله فانه لما علم عزمه علي الخروج عن المدينة لم يدر أين يتوجه.

فقال له: يا أخي أنت أحب الناس الي و أعزهم علي و لست أدخر النصيحة لأحد من الخلق الا لك، و أنت أحق بها تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية، و عن الأمصار، ما استطعت، ثم ابعث رسلك الي الناس ثم ادعهم الي نفسك، فان بايعك الناس و بايعوا لك حمدت الله علي ذلك، و ان اجتمع الناس علي غيرك لم ينقص الله بذلك دينك و لا عقلك، و لا تذهب به مروءتك و لا فضلك، اني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم.

فمنهم طائفة معك و اخري عليك، فيقتلون فتكون اذا لأول الأسنة غرضا، فاذا خير هذه الامة كلها نفسا و أبا و اما أضيعها دما و أذلها أهلا، فقال له الحسين


عليه السلام: فأين أنزل يا أخي؟ قال: انزل مكة، فان اطمأنت بك الدار بها فستنل ذلك، و ان نبت بك لحقت بالرمال و شعف الجبال و خرجت من بلد الي بلد حتي تنظر الي ما يصير أمر الناس، فانك أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الامر استقبالا، فقال عليه السلام: يا أخي قد نصحت و أشفقت، و أرجو أن يكون رأيك سديدا موفقا [7] .

8- عنه قال محمد بن أبي طالب الموسوي: لماورد الكتاب علي الوليد بقتل الحسين عليه السلام، عظم ذلك عليه ثم قال: و الله لا يراني الله أقتل ابن نبيه و لو جعل يزيد لي الدنيا بما فيها، قال: و خرج الحسين عليه السلام من منزله ذات ليلة و أقبل الي قبر جده صلي الله عليه و آله فقال: السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرخك و ابن فرختك، و سبطك الذي خلفتني في امتك.

فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني، و ضيعوني، و لم يحفظوني، و هذه شكواي اليك حتي ألقاك، قال: ثم قام فصف قدميه فلم يزل راكعا ساجدا. قال: و أرسل الوليد الي منزل الحسين عليه السلام، لينظر أخرج من المدينة أم لا؟ فلم يصبه في منزله، فقال: الحمد لله الذي خرج! و لم يبتلني بدمه، قال: و رجع الحسين الي منزل عند الصبح، فلما كانت الليله الثانية، خرج الي القبر أيضا و صلي ركعات، فلما فرغ من صلاته جعل يقول:

اللهم هذا قبر نبيك محمد، و أنا ابن بنت نبيك، و قد حضرني، من الامر ما قد علمت، اللهم اني أحب المعروف، و أنكر المنكر، و أنا أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحق القبر، و من فيه الا اخترت لي ما هو لك رضي، و لرسولك رضي، قال: ثم جعل يبكي عند القبر حتي اذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه علي القبر فاغفي، فاذا هو برسول الله قد أقبل في كتبية من الملائكة عن يمينه و عن شماله و بين يديه حتي ضم


الحسين الي صدره و قبل بين عينيه و قال:

حبيبي يا حسين كأني أراك، عن قريب مرملا بدمائك، مذبوحا بأرض كرب و بلاء، من عصابة من امتي، و أنت مع ذلك عطشان لا تسقي، و ظمآن لا تروي، و هم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، حبيبي يا حسين ان أباك و امك و أخاك قدموا علي و هم مشتاقون اليك، ان لك في الجنان لدرجات لن تنالها الا بالشهادة. قال: فجعل الحسين عليه السلام في منامه ينظر الي جده و يقول: يا جداه لا حاجة لي في الرجوع الي الدنيا فخذني اليك و أدخلني معك في قبرك.

فقال له رسول الله: لا بدلك من الرجوع الي الدنيا حتي ترزق الشهادة، و ما قد كتب الله لك فيها من الثواب العظيم، فانك و أباك و أخاك و عمك و عم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة، حتي تدخلوا الجنة. قال: فانتبه الحسين عليه السلام من نومه فزعا مرعوبا فقص رؤياه علي أهل بيته و بني عبدالمطلب، فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق و لا مغرب قوم أشد غما من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و لا أكثر باك و لا باكية منهم.

قال: و تهيا الحسين عليه السلام للخروج من المدينة، و مضي في جوف الليل الي قبر امه فودعها، ثم مضي الي قبر أخيه الحسن، ففعل كذلك، ثم رجع الي منزله وقت الصبح، فأقبل اليه أخوه محمد بن الحنفية و قال: يا أخي أنت أحب الخلق الي و أعزهم علي، و لست و الله أدخر النصيحة لأحد من الخلق، و ليس أحد أحق بها منك لأنك مزاج مائي و نفسي و روحي و بصري و كبير أهل بيتي، و من وجب طاعته في عنقي، لأن الله قد شرفك علي، و جعلك من سادات أهل الجنة.

تخرج الي مكة فان اطمأنت بك الدار بها فذاك و ان تكن الاخري خرجت الي بلاد اليمن، فانهم أنصار جدك و أبيك، و هم أرأف الناس و أرقهم قلوبا، و أوسع الناس بلادا، فان اطمأنت بك الدار، و الا لحقت بالرمال و شعوب الجبال، و


جزت من بلد الي بلد، حتي تنظر ما يؤل اليه أمر الناس و يحكم الله بيننا و بين القوم الفاسقين، قال: فقال الحسين عليه السلام: يا أخي و الله لو لم يكن ملجأ، و لا مأوي لما بايعت يزيد بن معاوية.

فقطع محمد ابن الحنفية الكلام و بكي، فبكي الحسين عليه السلام معه ساعة ثم قال: يا أخي جزاك الله خيرا، فقد نصحت و أشرت بالصواب، و أنا عازم علي الخروج الي مكة، و قد تهيأت لذلك أنا و اخوتي و بنو أخي و شيعتي، و أمرهم أمري و رأيهم رأيي، و أما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عينا لا تخفي عني شيئا من امورهم. ثم دعا الحسين عليه السلام بدواة و بياض و كتب هذه الوصية لأخيه محمد:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصي به الحسين بن علي بن أبي طالب الي أخيه محمد المعروف بابن الحنفية، أن الحسين يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله، جاء به الحق من عند الحق، و أن الجنة و النار حق، و أن الساعة اتية لا ريب فيها، و أن الله يبعث من في القبور، و أني لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما و انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلي الله عليه و آله.

أريد أن آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر، و أسير بسيرة جدي و أبي علي بن أبي طالب عليهماالسلام فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولي بالحق، و من رد علي هذا أصبر حتي يقضي الله بيني و بين القوم بالحق، و هو خير الحاكمين، و هذه وصيتي يا أخي اليك و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه أنيب، قال: ثم طوي الحسين الكتاب و ختمه بخاتمه، و دفعه الي أخيه محمد ثم ودعه و خرج من جوف الليل [8] .

9- عنه قال محمد بن أبي طالب: روي محمد بن يعقوب الكليني في كتاب


الرسائل عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن أيوب بن نوح، عن سفوان، عن مروان بن اسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السلام و تخلف ابن الحنفية، فقال أبوعبدالله عليه السلام: يا حمزة اني سأخبرك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسك هذا، ان الحسين لما فصل متوجها، دعا بقرطاس و كتب فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي بن أبي طالب الي بني هاشم. أما بعد فانه من لحق بي منكم استشهد، و من تخلف لم يبلغ مبلغ الفتح و السلام [9] .

10- عنه قال: قال شيخنا المفيد باسناده الي أبي عبدالله عليه السلام، قال: لما سار أبوعبدالله من المدينة لقيه أفواج من الملائكة المسومة في أيديهم الحراب علي نجب من نجب الجنة، فسلموا عليه، و قالوا يا حجة الله علي خلقه بعد جده و أبيه و أخيه، ان الله سبحانه أمد جدك بنا في مواطن كثيرة، و ان الله أمدك بنا، فقال لهم: الموعد حفرتي و بقعتي التي أستشهد فيها و هي كربلا، فاذا وردتها فأتوني، فقالوا يا حجة الله مرنا نسمع و نطيع، فهل تخشي من عدو يلقاك فنكون معك؟

فقال: لا سبيل لهم علي و لا يلقوني بكريهة أو أصل الي بقعتي، و أتته أفواج مسلمي الجن فقالوا: يا سيدنا، نحن شيعتك و أنصارك، فمرنا بأمرك و ما تشاء فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك و أنت بمكانك لكفيناك ذلك، فجزاهم الحسين خيرا و قال لهم: أو ما قرأتم كتاب الله المنزل علي جدي رسول الله «أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيدة»

و قال سبحانه:«لبرز الذين كتب عليهم القتل الي مضاجعهم» و اذا أقمت بمكاني فبما ذا يبتلي هذا الخلق المنكوس؟ و به ما ذا يختبرون؟ و من ذا يكون ساكن


حفرتي بكربلا؟ و قد اختارها الله يوم دحا الارض، و جعلها معقلا لشيعتنا، و يكون لهم أمانا في الدنيا و الآخرة و لكن تحضرون يوم السبت، و هو يوم عاشورا الذي في آخره اقتل، و لا يبقي بعدي مطلوب من أهلي و نسبي و اخوتي و أهل بيتي، و يسار برأسي الي يزيد لعنه الله.

فقالت الجن نحن و الله يا حبيب الله و ابن حيبه، لو لا أن أمرك طاعة و أنه لا يجوز لنا مخالفتك، قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا اليك، فقال صلوات الله عليه لهم: نحن و الله أقدر عليهم منكم، و لكن ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة، انتهي ما نقلناه من كتاب محمد بن أبي طالب [10] .

11- عنه وجدت في بعض الكتب أنه عليه السلام لما عزم علي الخروج من المدينة أتته أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: يا بني لا تحزني بخروجك الي العراق، فاني سمعت جدك يقول: يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلا، فقال لها: يا اماه و أنا و الله أعلم ذلك، و اني مقتول لا محالة، و ليس لي من هذا بد و اني و الله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه، و أعرف من يقتلني، و أعرف البقعة التي ادفن فيها و اني أعرف من يقتل من أهل بيتي و قرابتي و شيعتي، و ان أردت يا أماه اريك حفرتي و مضجعي.

ثم أشار عليه السلام الي جهة كربلا فانخفضت الارض حتي أراها مضجعه و مدفنه، و موضع عسكره، و موقفه و مشهده، فعند ذلك بكت ام سلمة بكاء شديدا، و سلمت أمره الي الله، فقال لها: يا أماه قد شاء الله عزوجل أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما و عدوانا، و قد شاء أن يري حرمي و رهطي و نسائي مشردين، و أطفالي مذبوحين، مظلومين، مأسورين مقيدين، و هم يستغيثون فلا يجدون ناصرا و لا


معينا [11] .

12- عنه في رواية اخري: قالت ام سلمة: و عندي تربة دفعها الي جدك في قارورة، فقال: و الله اني مقتول كذلك و ان لم أخرج الي العراق يقتلوني أيضا، ثم أخذ تربة فجعلها في قارورة، و اعطاها اياها، و قال: اجعلها مع قارورة جدي فاذا فاضتا دما فاعلمي أني قد قتلت [12] .

13- قال الطبري: فلما سار الحسين نحو مكة، قال: (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) فلما دخل مكة قال: (و لما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي أن يهدني سواء السبيل) [13] .

14- عنه عن الواقدي أن ابن عمر، لم يكن بالمدينة حين ورد نعي معاوية و بيعة يزيد علي الوليد، و أن ابن الزبير، والحسين لما دعيا الي البيعة ليزيد أبيا و خرجا من ليلتها الي مكة، فلقيهما ابن عباس و ابن عمر جائيين من مكة، فسألاهما، ماوراءكما؟ قالا: موت معاوية و البيعة ليزيد، فقال لها ابن عمر: اتقيا الله و لا تفرقا جماعة المسلمين، و أما ابن عمر فقدم فأقام أياما، فانتظر حتي جاءت البيعة من البلدان، فتقدم الي الوليد بن عتبة فبايعه، و بايعه ابن عباس [14] .

15- قال الدينوري: فلما أسموا، و أظلم الليل مضي الحسين عليه السلام أيضا نحو مكة، و معه اختاه: أم كلثوم، و زينب و ولد أخيه، و اخوته أبوبكر، و جعفر، و العباس، و عامة من كان بالمدينة من أهل بيته الا أخاه محمد بن الحنفية، فانه أقام، و أما عبدالله بن عباس فقد كان خرج قبل ذلك بأيام الي مكة، و جعل الحسين عليه السلام يطوي المنازل، فاستقبله عبدالله بن مطيع، و هو منصرف من


مكة يريد المدينة.

فقال له: أين تريد؟ قال الحسين: أما الآن فمكة قال: فخار الله لك، غير اني أحب أن أشير عليك برأي قال الحسين: و ما هو؟ قال: اذا أتيت مكة فأردت الخروج منها الي بلد من البلدان، فاياك و الكوفة، فانها بلدة مشئومة، بها قتل أبوك، و بها خذل أخوك، و اغتيل بطعنة [15] .

16- الحافظ ابن عساكر: قال أحمد بن سليمان، و أنبأنا الزبير، حدثني محمد ابن فضالة، عن أبي مخنف قال: حدثني عبدالملك بن نوفل بن مساحق، عن أبي سعيد المقبري قال: و الله لرأيت الحسين و انه ليمشي بين رجلين يعتمد علي هذا مرة و علي هذا مرة و علي هذا أخري، حتي دخل مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و هو يقول:



لا ذعرت السوام في غبش الصبح

مغيرا و لا دعيت يزيدا



يوم أعطي مخافة ضيما

و المنايا ترصدنني أن أحيدا



قال: فعلت عند ذلك أنه لا يلبث الا قليلا حتي يخرج، فلما لبث أن خرج حتي لحق بمكة [16] .


پاورقي

[1] امالي الصدوق: 92.

[2] الارشاد: 183.

[3] اعلام الوري: 221.

[4] روضة الواعظين: 147.

[5] اللهوف: 113.

[6] البحار: 316/44.

[7] بحار الانوار: 326/44.

[8] بحار الانوار: 327/44.

[9] بحار الانوار: 330/44.

[10] بحار الانوار: 330/44.

[11] بحار الانوار: 331/44.

[12] بحار الانوار: 332/44.

[13] تاريخ الطبري: 343/5.

[14] تاريخ الطبري: 343/5.

[15] الاخبار الطوال: 228.

[16] ترجمة الامام الحسين: 195.