بازگشت

ما جري بينه و معاوية


1- الشيخ الفقيه أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ رحمه الله، قال


حدثنا أبوسعيد الحسن بن عثمان بن زياد التستري، من كتابه قال: حدثنا ابراهيم بن عبيدالله بن موسي بن يونس بن أبي اسحق السبيعي قاضي بلخ، قال: حدثني مريسة بنت موسي بن يونس بن أبي اسحق و كانت عمتي قالت: حدثتني صفية بنت يونس بن أبي اسحق الهمدانية و كانت عمتي.

قالت حدثتني بهجة بن الحارث بن عبدالله التغلبي، عن خالها عبدالله بن منصور، و كان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي عليه السلام قال سألت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهماالسلام، فقلت حدثني عن مقتل ابن رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: حدثني أبي عن أبيه قال لما حضرت معاوية الوفاة دعا ابنه يزيد لعنه الله فأجلسه بين يديه.

فقال له: يا بني اني قد ذللت لك الرقاب الصعاب، و وطدت لك البلاد، و جعلت الملك و ما فيه لك طعمة و اني أخشي عليك من ثلثة نفر يخالفون عليك بجهدهم و هم عبدالله بن عمر بن الخطاب، و عبدالله بن الزبير و الحسين بن علي فأما عبدالله بن عمر فهو معك فالزمه و لا تدعه و أما عبدالله بن الزبير فقطعه ان ظفرت به اربا اربا فانه يجثو لك كما يجثو الأسد لفريسته و يواريك موارية الثعلب للكلب.

و أما الحسين عليه السلام فقد عرفت حظه من رسول الله صلي الله عليه و آله و هو من لحم رسول الله و دمه و قد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه اليهم، ثم يخذلونه و يضيعونه فان ظفرت به فاعرف حقه و منزلته من رسول الله صلي الله عليه و آله و لا تؤاخذه من بفعله و مع ذلك فان لنا به خلطة و رحما و اياك أن تناله بسوء و يري منك مكروها.

قال فلما هلك معاوية و تولي الأمر بعده يزيد بعث عامله علي مدينة رسول الله و هو عمه عتبة بن أبي سفيان فقدم المدينة و عليها مروان بن الحكم و كان عامل معاوية فأقامه عتبة من مكانه و جلس فيه لينفذ فيه أمر يزيد فهرب مروان فلم يقدر عليه و بعث عتبة الي الحسين بن علي، فقال ان امير المؤمنين أمرك أن تبايع له.


فقال الحسين عليه السلام يا عتبة قد علمت أنا أهل بيت الكرامة و معدن الرسالة و أعلام الحق الذين أودعه الله عزوجل قلوبنا و أنطق به ألسنتنا فنطقت باذن الله عزوجل و لقد سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: ان الخلافة محرمة علي ولد أبي سفيان و كيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله صلي الله عليه و آله هذا [1] .

2- قال الكشي: روي ان مروان بن الحكم، كتب الي معاوية و هو عامله علي المدينة: أما بعد فان عمرو بن عثمان ذكر ان رجالا من أهل العراق و وجوه أهل الحجاز يختلفون الي الحسين بن علي، و ذكر انه لا يأمن و ثوبه، و قد بحثت عن ذلك فبلغني انه يريد الخلاف يومه هذا، و لست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده، فاكتب الي برأيك هذا و السلام».

فكتب اليه معاوية: أما بعد فقد بلغني كتابك و فهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين، فاياك أن تعرض للحسين في شي ء و اترك حسينا ما تركك، فانا لا نريد ان نعرض له في شي ء ما و في بيعتنا و لم ينازعنا سلطاننا، فاكمن عليه ما لم يبدلك صفحته و السلام».

كتب معاوية الي الحسين بن علي عليه السلام: أما بعد فقد انتهت الي أمور عنك ان كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها، و لعمر الله ان أعطي الله عهده و ميثاقه لجدير بالوفاء و ان كان الذي بلغني باطلا فانك أنت أعدل الناس لذلك، وعظ نفسك ما ذكر و بعهد الله أوف فانك متي تنكرني أنكرك و متي تكدني أكدك.

فاتق شق عصا هذه الامة و أن يرد هم الله علي يديك في فتنة، فقد عرفت الناس و بلوتهم فانظر لنفسك و لدينك و لامة محمد صلي الله عليه و آله و لا يستخفنك السفهاء و الذين لا يعلمون.


فلما وصل الكتاب الي الحسين صلوات الله عليه، كتب اليه أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب فأنا بغيرك عندك جدير، فان الحسنات لا يهدي لها و لا يسدد اليها الا الله، و أما ما ذكرت أنه انتهي اليك عني فانه انما رقاه اليك الملاقون المشاؤن بالنميم، و ما اريد لك حربا و لا عليك خلافا، و أيم الله أني لخائف الله في ترك ذلك، و ما اظن الله راضيا بترك ذلك و لا عاذرا فيه اليك و في أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة و أولياء الشياطين.

ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة و المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم و يستعظمون البدع و لا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما، و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة و المواثيق المؤكدة، لا تأخذهم بحدث كان بينك و بينهم، و لا باحنة تجدها في نفسك أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه و اصفر لونه بعد ما امنته و أعطيته من عهود الله و مواثيقه ما لو أعطيته طائر ما لو أعطيته طائر النزل اليك من رأس الجبل.

ثم قتلته جرأة علي ربك و استخفافا بذلك العهد أولست المدعي زياد بن سمية المولود علي فراش عبيد ثقيف فزعمت انه ابن أبيك و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله الولد للفراش و للعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله صلي الله عليه و آله تعمدا و تبعت هواك بغير هدي من الله ثم سلطته علي العراقين بقطع أيدي المسلمين و أرجلهم و يسمل أعينهم و يصلبهم علي جذوع النخل.

كأنك لست من هذه الامة و ليسوا منك أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا علي دين علي صلوات الله عليه، فكتب اليه أن اقتل كل من كان علي دين علي، فقتلهم و مثل بهم بأمرك و دين علي عليه السلام و الله الذي كان يضرب عليه أباك و يضربك و به جلست مجلسك الذي جلست، و لو لا ذلك


لكان شرفك و شرف أبيك الرحلتين و قلت فيما قلت: «انظر لفنسك و لدينك و لامة محمد و اتق شق عصا هذه الامة و ان تردهم الي فتنة»

اني لا أعلم فتنة أعظم علي هذه الامة من ولايتك عليها و لا أعظم نظرا لنفسي و لديني و لامة محمد صلي الله عليه و آله علينا أفضل بن أن أجاهدك فان فعلت فانه قربة الي الله و ان تركته فاني استغفر الله لذنبي و أسأله توفيقه لارشاد أمري و قلت فيما قلت اني أن أنكرك تنكرني و ان أكدك تكدني، فكدني ما بدالك فاني أرجو أن لا يضرني كيدك في و أن لا يكون علي أحد أضر منه علي نفسك علي انك قد ركبت بجهلك و تحرصت علي نقض عهدك.

و لعمري ما وفيت بشرط و لقد و نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح و الايمان و العهود و المواثيق، فقتلهم من غير أن يكونوا قاتلوا أو قتلوا و لم تفعل ذلك بهم الا لذكرهم فضلنا و تعظيمهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يكونوا فابشر يا معاوية بالقصاص و استيقن بالحساب و اعلم أن الله تعالي كتابا لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا أحصاها.

ليس الله بناس لأخذك بالظنة و قتلك أولياءه علي التهم و نفيك أولياء من دورهم الي دار الغربة و أخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب لا اعلملك الا وقد خسرت نفسك و تبرت دينك و غششت رعيتك و اخربت أمانتك و سمعت مقالة السفيه الجاهل و أخففت الورع التقي لأجلهم و السلام.

فلما قرأ معاوية الكتاب قال: لقد كان في نفسه صب ما أشعر به قال يزيد: يا أميرالمؤمنين أجبه تصغر اليه نفسه و تذكر فيه أباه بشر فعله، قال: ودخل عبدالله ابن عمرو بن العاص فقال له معاوية: أما رأيت ما كتب به الحسين؟ قال: و ما هو؟ قال: فأقرأه الكتاب، فقال و ما يمنعك أن تجبيه بما يصغر الله نفسه - و انما قال ذلك في هوي معاوية فقال يزيد: كيف رأيت يا أميرالمؤمنين رأيي؟ فضحك معاوية فقال:


اما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك. قال عبدالله: أصاب يزيد. فقال معاوية اخطأتما لو اني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه و مثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل و ما لا يعرف و متي ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل به و لا يراه الناس شيئا و كذبوه و ما عسيت أن أعيب حسينا و والله ما أري للعيب فيه موضعا و قد رأيت أن اكتب اليه أتوعده و أتهدده ثم رأيت أن لا أفعل و لا أمحله [2] .

3- قال الطبري: حدثني يعقوب بن ابراهيم، قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم، قال: حدثنا ابن عون، قال: حدثني رجل بنخلة قال: بايع الناس ليزيد غير الحسين بن علي و ابن عمر و ابن عمر و ابن الزبير و عبدالرحمان بن أبي بكر و ابن عباس فلما قدم معاوية أرسل الي الحسين بن علي فقال: يابن أخي قد استوسق الناس لهذا الامر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم يابن أخي فما اربك الي الخلاف؟

قال: أنا أقودهم! قال: نعم أنت تقودهم قال: فأرسل اليهم فان بايعوا كنت رجلا منهم و الا لم تكن عجلت علي بأمر قال: و تفعل؟ قال: نعم قال: فأخذ عليه ألا يخبر بحديثهم أحدا قال: فالتوي عليه ثم أعطاه ذلك فرج و قد أقعد له ابن الزبير رجلا بالطريق قال: يقول لك أخوك ابن الزبير: ما كان؟ فلم يزل به حتي استخرج منه شيئا [3] .

4- عنه قال: كان أخذ معاوية علي الوفد الذين وفدوا اليه مع عبيدالله بن زياد للبيعة لابنه يزيد و عهد الي ابنه يزيد حين مرض فيها ما عهد اليه في النفر الذين امتنعوا ليزيد حين دعاهم البيعة. و كان عهده الذي عهد ما ذكره هشام بن محمد عن أبي مخنف قال: حدثني عبدالملك بن نوفل بن مساحق بن عبدالله بن مخرمة أن معاوية لما مرض مرضته التي هلك فيها دعا يزيد ابنه.


فقال: يا بني اني قد كفيتك الرحلة و الترحال و وطأت لك الاشيا و ذللت لك الاعداء و أخضعت لك أعناق العرب و جمعت لك من جمع واحد و اني لا أتخوف أن ينازعك هذا الامر الذي استتب لك الا أربعة نفر من قريش الحسين بن علي و عبدالله بن عمر، و عبدالله بن الزبير، و عبدالرحمن بن أبي بكر، فأما عبدالله بن عمر فرجل قد و قذته العبادة و اذا لم يبق أحد غيره بايعك.

أما الحسين بن علي فان أهل العراق لن يدعوه حتي يخرجوه فان خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه، فان له رحما ماسة و حقا عظيما، و أما ابن أبي بكر فرجل ان رأي أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم ليس له همة الا في النساء و اللهو، و أما الذي يجثم لك جثوم الاسد و يراوغك مراوغة الثعلب فاذا أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير فان هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه اربا اربا.

قال هشام قال عوانة: قد سمعنا في حديث اخر أن معاوية لما حضره الموت و ذلك في سنة ستين و كان يزيد غائبا فدعا بالضحاك بن قيس الفهري - و كان صاحب شرطته و مسلم بن عقبه المري فأوصي اليهما، فقال: بلغا يزيد وصيتي انظر أهل الحجاز فانهم أصلك فأكرم من قدم عليك منهم و تعاهد من غاب و انظر أهل العراق، فان سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملا فافعل، فان عزل عامل أحب الي من أن شهر عليك مائة ألف سيف.

و انظر أهل الشام فيكونوا بطانتك و عيبتك فان نابك شي ء من عدوك فانتصر بهم، فاذا أصبتهم فاردد أهل الشام الي بلادهم فانهم ان أقاموا بغير بلادهم أخذوا بغير أخلاقهم، و اني لست أخاف من قريش الا ثلاثة: حسين بن علي، و عبدالله بن عمر، و عبدالله بن الزبير، فأما ابن عمر فرجل قد وقذه الدين فليس ملتسما شيئا قبلك.

أما الحسين بن علي فانه رجل خفيف و أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه و


خذل أخاه و ان له رحما ماسة و حقا عظيما و قرابة من محمد صلي الله عليه و آله، و لا أظن أهل العراق تاركيه حتي يخرجوه، فان قدرت عليه فاصفح عنه فلو أني صاحبه عفوت عنه و أما ابن الزبير فانه خب ضب فاذا شخص لك فالبدله الا أن يلتمس منك صلحا فان فعل فاقبل و احقن دماء قومك ما استطعت. [4] .

5- قال الدينوري: لما قتل حجر بن عدي و أصحابه استفظع أهل الكوفة ذلك استفظاعا شديدا و كان حجر من عظماء أصحاب علي أراد أن يوليه رياسة كندة و يعزل الاشعث بن قيس و كلاهما من ولد الحارث بن عمر و آكل المرار،فأبي حجر بن عدي أن يتولي الأمر و الاشعث حتي فخرج نفر من أشراف أهل الكوفة الي الحسين بن علي فأخبروه الخبر فاسترجع و شق عليه فأقام اولئك النفر يختلفون الي الحسين بن علي و علي المدينة يومئذ مروان بن الحكم.

فترقي الخبر اليه فكتب الي معاوية يعلمه أن رجالا من أهل العراق قدموا علي الحسين بن علي عليهماالسلام و هم مقيمون عنده يختلفون اليه فاكتب الي بالذي تري فكتب اليه معاوية: لا تعرض في شي ء فقد بايعنا و ليس بناقض بيعتنا و لا مخفر ذمتنا و كتب الي الحسين، أما بعد فقد انهت الي امور عنك لست بها حريا لان من أعطي صفقة يمينه جدير بالوفاء، فاعلم رحمك الله أني متي انكرك تستنكرني و متي تكدني أكدك فلا يستفزنك السفهاء الذين يحبون الفتنة و السلام فكتب اليه الحسين رضي الله عنه، ما اريد حربك و لا الخلاف عليك [5] .

6- قال ابن قتيبة: خرج سليمان بن صرد فدخل علي الحسين فعرض عليه ما عرض علي الحسن و أخبره بما رد عليه الحسن فقال الحسين: ليكن كل رجل منكم حلسا من احلاس بيته مادام معاوية حيا فانها بيعة كنت و الله بها


كارها فان هلك معاويه نظرنا و نظرتم و رأينا و رأيتم [6] .

7- عنه قال: و كتب الي الحسين: أما بعد فقد انتهت الي منك امور لم أكن أظنك بها رغبة عنها و ان أحق الناس بالوفا، لمن أعطي بيعة من كان مثلك في خطرك و شرفك و منزلتك اني انزلك الله بها فلا تنازع الي قطعيتك و اتق الله و لا تردن هذه الامة في فتنة و انظر لنفسك و دينك و أمة محمد و لا يستخفنك الذين لا يوقنون [7] .

8- عنه قال: و كتب اليه الحسين عليه السلام: أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنه انتهت اليك عني امور لم تكن تظنني بها رغبة بي عنها و ان الحسنات لا يهدي لها و لا يسدد اليها الا الله تعالي و أما ذكرت انه رقي اليك عني فانما رقاه الملاقون المشاءون بالنميمة المفرقون بين الجمع و كذب الغاوون المارقون ما أردت حربا و لا خلافا و اني لا خشي الله في ترك ذلك منك و من حزبك القاسطين المحلين حزب الظالم و أعوان الشيطان الرجيم.

ألست قاتل حجر و أصحابه العابدين المخبتين الذين كانوا يستفظعون البدع و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر فقتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة و العهود المؤكدة جرأة علي الله و استخفافا بعهده أولست بقاتل عمرو بن الحمق الذي اخلقت و أبلت وجهه العبادة فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من شعف الجبال.

أو لست المدعي زيادا في الاسلام فزعمت انه ابن أبي سفيان فقد قضي رسول الله صلي الله عليه و آله أن الولد للفراش و للعاهر الحجر ثم سلطته علي أهل الاسلام يقتلهم و يقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و يصلبهم علي جذوع النخل سبحان الله يا معاوية


لكأنك لست من هذه الامة و ليسوا منك أولست قاتل الحضرمي الذي كتب اليك فيه زياد انه علي دين علي و دين ابن عمه صلي الله عليه و آله أجلسك مجلسك الذي أنت فيه.

لو لا ذلك كان أفضل شرفك و شرف آبائك تجشم الرحلتين: رحلة الشتاء و الصيف فوضعها الله عنكم بنا منة عليكم و قلت: لا ترد هذه الامة في فتنة و اني لا أعلم لها فتنة أعظم من امارتك عليها و قلت فيها قلت: انظر لنفسك و لدينك و لامة محمد و اني و الله ما أعرف أفضل من جهادك فان أفعل فانه قربة الي ربي و ان لم أفعله فاستغفر الله لديني و أسأله التوفيق لما يحب و يرضي.

قلت فيما قلت: متي تكدني أكدك فكدني يا معاوية فيما بدالك فلعمري لقديما يكاد الصالحون و اني لارجو أن لا تضر الا نفسك و لا تمحق الا عملك فكدني ما بدالك و اتق الله يا معاوية و اعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا أحصاها و اعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة و أخذك بالتهمة و امارتك صبيا يشرب الشراب و يعلب بالكلاب ما أراك الا وقد أوبقت نفسك و أهلكت دينك و أضعت الرعية و السلام [8] .

9- عنه قال: حتي اذا كان بالجرف لقيه الحسين بن علي و عبدالله بن عباس فقال معاوية مرحبا بابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و ابن صنو أبيه ثم انحرف الي الناس فقال: هذان شيخا بني عبدمناف و أقبل عليهما بوجهه و حديثه، فرحب و قرب، و جعل يواجه هذا مرة و يضاحك هذا أخري، حتي ورد المدينة فلما خالطها لقيته المشاة و النساء و الصبيان يسلمون عليه و يسايرونه الي أن نزل فانصر فاعنه فمال الحسين الي منزله و مضي عبدالله بن عباس الي المسجد فدخله.

و أقبل معاوية و معه خلق كثير من أهل الشام حتي أتي عائشة ام المؤمنين


فاستأذن عليها فأذنت له وحده و لم يدخل عليها معه أحد و عنده مولاها ذكوان فقالت عائشة: يا معاوية أكنت تأمن أن أقعد لك رجلا فاقتلك كما قتلت أخي محمد ابن أبي بكر؟ فقال معاوية ما كنت لتفعلي ذلك قالت: لم؟ قال: لاني في بيت آمن بيت رسول الله صلي الله عليه و آله ثم ان عائشة حمدت الله و أثنت عليه و ذكرت رسول الله صلي الله عليه و آله و ذكرت أبابكر و عمر و حصته علي الاقتداء بهما و الاتباع لأثرهما ثم صمتت.

قال: فلم يخطب معاوية و خاف أن لا يبلغ ما بلغت فارتجل الحديث ارتجالا ثم قال: أنت و الله يا ام المؤمنين. العالمة بالله و برسوله دللتنا علي الحق و حضضتنا علي حظ أنفسنا و أنت أهل لأن يطاع أمرك و يسمع قولك و ان أمر يزيد قضاء من القضاء و ليس للعباد الخيرة من أمرهم، و قد أكد الناس بيعتهم في أعناقهم و أعطوا عهودهم علي ذلك، و مواثيقهم أفترين أن ينقضوا عهودهم و مواثيقهم.

فلما سمعت ذلك عائشة علمت أنه سيمضي علي أمره فقالت: أما ما ذكرت من عهود و مواثيق فاتق الله في هؤلاء الرهط و لا تعجل فيهم فلعلهم لا يصنعون الا ما أحببت ثم قام معاوية فلما قام قالت عائشة: يا معاوية قتلت حجرا و أصحابه العابدين المجتهدين فقال معاوية دعي هذا كيف أنا في الذي بيني و بينك في حوائجك؟ قالت: صالح، قال: فدعينا اياهم حتي نلقي ربنا.

ثم خرج و معه ذكوان فاتكأ علي يد ذكوان و هو يمشي و يقول: تا الله ان رأيت كاليوم قط خطيبا أبلغ من عائشة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله ثم مضي حتي أتي منزله، فأرسل الي الحسين بن علي فخلابه فقال له: يابن أخي قد استوثق الناس لهذا الامر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم يابن أخي فما اربك الي الخلاف.

قال الحسين: أرسل اليهم فان بايعوك كنت رجلا منهم و الا لم تكن عجلت علي بأمر قال: و تفعل؟ قال: نعم قال فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحدا فخرج و قد. أقعد له ابن الزبير رجلا بالطريق فقال: يقول لك أخوك ابن الزبير: ما كان؟


فلم يزل به حتي استخرج منه شيئا، قال: ثم أرسل معاوية بعده الي ابن الزبير فخلا به فقال له: قد استوثق الناس لهذا الامر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم يابن أخي فما أربك الي الخلاف؟

قال: فأرسل اليهم فان بايعوك كنت رجلا منهم و الا لم تكن عجلت علي بأمر قال: و تفعل؟ قال: نعم، فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحدا، قال: فأرسل بعده الي ابن عمر فأتاه فخلا به فكلمه بكلام هو ألين من صاحبيه، و قال: اني كرهت أن أدع أمة محمد بعدي كالضأن لا راعي لها و قد استوثق الناس لهذا الامر غير خمسة نفر أنت تقودهم فما أربك الي الخلاف؟ قال ابن عمر: هل لك في أمر تحقن به الدماء و تدرك به حاجتك؟

فقال معاوية: وددت ذلك فقال ابن عمر: تبرز سريرك ثم أجي ء فأبايعك علي اني بعدك أدخل فيما اجتمعت عليه الامة فوالله لو أن الامة اجتمعت بعدك علي عبد حبشي لدخلت فيما تدخل فيه الامة، قال: و تفعل؟ قال: نعم، ثم خرج و أرسل الي عبدالرحمن ابن أبي بكر فخلا به قال: بأي يد أو رجل تقدم علي معصيتي؟ فقال عبدالرحمن: أرجو أن يكون ذلك خيرا لي.

فقال معاوية: والله لقد هممت أن أقتلك فقال: لو فعلت لاتبعك الله في الدنيا و لادخلنك به في الآخرة النار، قال: ثم خرج عبدالرحمن بن أبي بكر و بقي معاوية يومه ذلك يعطي الخواص و يعصي مذمة الناس. فلما كان صبيحة اليوم الثاني أمر بفراش فوضع له و سويت مقاعد الخاصة حوله و تلقاءه من أهله ثم خرج و عليه حلة يمانية و عمامة و كساء و قد أسبل طرفها بين كتفيه و قد تغلي و تعطر.

فقعد علي سريره و أجلس كتابه منه بحيث يسمعون ما يأمر به و أمر حاجبه أن لا يأذن لأحد من الناس و ان قرب، ثم أرسل الي الحسين بن علي و عبدالله بن عباس فسبق ابن عباس فلما دخل و سلم أقعده في الفراش عن يساره فحادثه مليا


ثم قال يابن عباس لقد وفر الله حظكم من مجاورة هذا القبر الشريف و دار الرسول عليه الصلاة و السلام.

فقال ابن عباس: نعم أصلح الله أميرالمؤمنين و حظنا من القناعة بالبعض و التجافي عن الكل أوفر فجعل معاوية يحدثه و يحديه به، عن الطريق المجاوبة و يعدل الي ذكر الاعمار علي اختلاف الغرائز و الطبائع حتي أقبل الحسين بن علي، فلما راه معاوية جمع له و سادة كانت علي يمينه فدخل الحسين و سلم فأشار اليه فأجلسه عن يمينه، مكان الوسادة، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن و أسنانهم فأخبره ثم سكت قال: ثم ابتداء معاوية. فقال:

أما بعد فالحمد لله ولي النعم و منزل النقم و أشهد ان لا اله الا الله المتعالي عما يقول الملحدون علوا كبيرا و أن محمدا عبده المختص المبعوث الي الجن و الانس كافة لينذرهم بقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فأدي عن الله و صدع بأمره و صبر علي الاذي في جنبه حتي وضح دين الله و عز أولياؤه و قمع المشركون و ظهر أمر الله و هم كارهون.

فمضي صلوات الله عليه و قد ترك من الدنيا ما بذل له و اختار منها الترك لما سفر له زهادة و اختيارا لله و أنفة و اقتدارا علي الصبر، بغيا لما يدوم و يبقي، فهذه صفة الرسول صلي الله عليه و آله ثم خلفه رجلان محفوظان و ثالث مشكور و بين ذلك خوض طال ما عالجناه مشاهدة و مكافحة و معاينة و سماعا و ما أعلم منه فوق ما تعلمان و قد كان من أمر يزيد ما سبقتم اليه و الي تجويزه و قد علم الله ما أحاول به في أمر الرعية من سد الخلل و لم الصدع بولاية يزيد بما أيقظ العين و أحمد الفعل.

هذا معناي في يزيد، و فيكما فضل القرابة و خطوة العلم و كمال المروءة و قد أصبت من ذلك عند يزيد علي المناظرة و المقابلة ما أعياني مثله عند كما و عند غير كما مع بالسنة و قراءة القرآن و الحلم الذي يرجع بالصم الصلاب، و قد


علمنا أن الرسول المحفوظ بعصمة الرسالة قدم علي الصديق و الفاروق و من دونها من أكابر الصحابة و أوائل المهاجرين يوم غزوة السلاسل من لم يقارب القوم و لم يعاندهم برتبة في قرابة موصولة، و لا سنة مذكورة.

فقادهم الرجل بأمره و جمع بهم صلاتهم و حفظ عليهم فيئهم و قال فلم يقل معه و في رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أسوة حسنة فمهلا بني عبدالمطلب فأنا و أنتم شعبا نفع و جد و ما زلت أرجو الانصاف في اجتماعكما فما يقول القائل الا بفضل قولكما فردا علي ذي رحم مستعتب ما يحمد به البصيرة، في عتابكما و أستغفر الله لي و لكما.

قال: فتيسر ابن عباس للكلام و نصب يده للمخاطبة فأشار اليه الحسين و قال: علي رسلك، فأنا المراد و نصيبي في التهمة أو فر فأمسك ابن عباس فقام الحسين فحمد الله و صلي علي الرسول ثم قال: أما بعد يا معاوية فلن يؤدي القائل و اطنب في صفة الرسول صلي الله عليه و آله من جميع جزأ و قد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله من ايجاز الصفة و التنكب عن استبلاغ النعت و هيهات هيهات يا معاوية.

فضح الصبح فحمة الدجي، و بهرت الشمس أنوار السرج و لقد فضلت حتي أفرطت و استأثرت حتي أجحفت و منعت حتي محلت و جزت حتي جاوزت ما بذلت لذي حق من اسم حقه بنصيب حتي أخذ الشيطان حظه الأوفر و نصيبه الأكمل و فهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله و سياسته لامة محمد تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوبا أو تنعت، غائبا أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص و قد دل يزيد من نفسه علي موقع رأيه.

فخذ ليزيد فيما أخذ فيه من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش، و الحمام السبق لأترابهن و القيان ذوات المعازف و ضرب الملاهي تجده باصرا ودع عنك ما تحاول فما أغناك أن تلقي الله من وزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه فوالله ما برحت


تقدح باطلا في جور و حنقا في ظلم حتي ملأت الأسقية و ما بينك و بين الموت الا غمضة فتقدم علي عمل محفوظ في يوم مشهود و لات حين مناص.

رأيتك عرضت بنا بعد هذا الامر و منعتنا عن آبائنا تراثا و لقد - لعمر الله ورثنا الرسول عليه الصلاة و السلام ولادة و جئت لنا بها أما حججتم به القائم عند موت الرسول فأذعن للحجة بذلك ورده الايمان الي النصف فركبتم الاعاليل و فعلتم الافاعيل و قلتم كان و يكون حتي أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا اولي الأبصار، و ذكرت قيادة الرجل بعهد رسول الله صلي الله عليه و آله و تأميره له.

قد كان ذلك، و لعمرو بن العاص يومئذ فضيله بصحبة الرسول، و بيعة له، و ما صار لعمر الله يومئذ مبعثهم حتي أنف القوم امرته، و كرهوا تقديمه، و عدوا عليه أفعاله، فقال صلي الله عليه وآله: لا جرم معشر المهاجرين، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري.

فكيف تتج بالمنسوخ من فعل الرسول، في أوكد الأحكام، و أولاها بالمجمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا، و حولك من لا يؤمن في صحبته و لا يعتمد في دينه و قرابته، و تتخطاهم الي مسرف مفتون، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعه بها الباقي في دنياه، و تشقي بها في آخرتك. ان هذا لهو الخسران المبين. و استغفر الله لي و لكم [9] .

10- قال اليعقوبي: قال معاوية للحسين بن علي عليه السلام يا أباعبدالله علمت أنا قتلنا شيعة أبيك فحنطناهم و كفناهم و صيلنا عليهم و دفناهم، فقال الحسين حجتك و رب الكعبة لكنا و الله ان قتلنا شيعتك ما كفناهم و لا حنطناهم و لا صلينا


عليهم و لا دفناهم [10] .

11- قال ابن أبي الحديد: قالوا: و من هذا الباب ما روي أن الحسين بن علي عليهماالسلام كلم معاوية في أمر ابنه يزيد، و نهاه عن أن يعهد اليه، فأبي عليه معاوية حتي أغضب كل واحد منهما صاحبه، فقال الحسين عليه السلام في غضون كلامه أبي خير من أبيه، و أمي خير من أمه، فقال معاوية: يابن أخي: أما أمك فخير من أمه، و كيف تقاس امرأة من كلب بابنة رسول الله صلي الله عليه و آله! و أما أبوه فحاكم أباك الي الله تعالي، فحكم لابيه علي أبيك [11] .

12- عنه قال: روي المدائني، قال: قال معاوية يوما لعقيل بن ابي طالب: هل من حاجة فأقضيها لك؟ قال: نعم جارية عرضت علي و أبي أصحابها أن يبيعوها الا بأربعين ألفا، فأحب معاوية أن يمازحه فقال: و ما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا و أنت أعمي تجتزي بجارية قيمتها خمسون درهما! قال: أرجو أن أطأها فتلدني غلاما اذا أغضبته يضرب عنقك بالسيف.

فضحك معاوية: و قال: ما زحناك يا أبايزيد! و أمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلما، فلما أتت علي مسلم ثماني عشرة سنة - و قد مات عقيل أبوه - قال لمعاوية: يا أميرالمؤمنين، ان لي أرضا بمكان كذا من المدينة، و اني أعطيت بها مائة ألف، و قد أحببت أن أبيعك اياها، فادفع الي ثمنها، فأمر معاوية بقبض الارض، و دفع الثمن اليه.

فبلغ ذلك الحسين عليه السلام، فكتب الي معاوية: أما بعد، فانك غررت غلاما من بني هاشم، فابتعت منه أرضا لا يملكها، فاقبض من الغلام ما دفعته اليه، واردد الينا أرضنا. فبعث معاوية الي مسلم، فأخبره ذلك، و أقرأه كتاب الحسين عليه السلام، قال:


اردد علينا مالنا، و خذ أرضك، فانك بعت مالا تملك.

فقال مسلم: أما دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا، فاستلقي معاوية ضاحكا يضرب برجليه، فقال: يا بني، هذا و الله كلام قاله لي أبوك حين ابتعت له امك. ثم كتب الي الحسين: اني قد رددت عليكم الارض، و سوغت مسلما ما أخذ. فقال الحسين عليه السلام أبيتم يا آل أبي سفيان الا كرما [12] .

13-قال الزبير بن بكار: و قد كان للحسين عليه السلام مع معاوية قصة، كان بينهما كلام في أرض للحسين عليه السلام، فقال له الحسين عليه السلام: اختر مني ثلاث خصال: اما ان تشتري مني حقي، و اما أن ترده علي، أو تجعل بيني و بينك ابن عمر أو ابن الزبير حكما، و الا فالرابعة، و هي الصيلم.

قال معاوية: ما هي؟ قال: أهتف بحلف الفضول، ثم قام فخرج و هو مغضب، فمر بعبدالله بن الزبير فأخبره، فقال: والله لئن هتف به و أنا مضطجع لا قعدن، أو قاعد لأقومن أو قائم لا مشين، أو ماش لأسعين، ثم لتنفدن روحي مع روحك، أولينصفنك، فبلغت معاوية، فقال: لا حاجة لنا بالصيلم: ثم أرسل اليه، أن ابعث فانتقد مالك: فقد ابتغاه منك.

قال الزبير: و حدثني بهذه القصة علي بن صالح عن جدي عبدالله بن مصعب، عن أبيه، قال: خرج الحسين عليه السلام من عند معاوية و هو مغضب، فلقي عبدالله بن الزبير، فحدثه بما دار بينهما، و قال: لا خيرنه في خصال، فقال له ابن الزبير ما قال، ثم ذهب الي معاوية، فقال: لقد لقيني الحسين فخيرك في ثلاث خصال، و الرابعة الصيلم.

قال: معاوية: فلا حاجة لنا بالصيلم، أظنك لقيته مغضبا فهات الثلاث، قال: أن تجعلني أو ابن عمر بينك و بينه. قال: قد جعلتك بيني و بنيه، أو جعلت ابن عمر


أو جعلتكما جميعا،قال: أو تقر له بحقه ثم تسأله اياه. قال: قد أقررت له بحقه و أنا أسأله اياه قال: أو تشتريه منه، قال: قد اشتريته منه فما الصيلم؟ قال: يهتف بحلف الفضول، و أنا أول من يجيبه. قال: فلا حاجة لنا في ذلك. و بلغ الكلام عبدالله بن أبي بكر و المسور بن مخرمة، فقالا للحسين مثل ما قاله ابن الزبير [13] .

14- عنه قال: قال أبوالفرج: و حدثني أبوعبيد محمد بن أحمد، قال: حدثني الفضل بن الحسن البصري، قال: حدثني يحيي بن معين، قال: حدثني أبوحفص اللبان، عن عبدالرحمن ابن شريك، عن اسماعيل بن أبي خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، و الحسن و الحسين عليهماالسلام جالسان تحت المنبر، فذكر عليا عليه السلام فنال منه ثم نال من الحسن.

فقام الحسين عليه السلام ليرد عليه، فأخذه الحسن بيده فأجلسه، ثم قام فقال: أيها الذاكر عليا، أنا الحسن، و أبي علي، و أنت معاوية و أبوك صخر، و أمي فاطمة و أمك هند، و جدي رسول الله و جدك عتبة بن ربيعة، و جدتي خديجة وجدتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا، ألأمنا حسبا، و شرنا قديما و حديثا، و أقدمنا كفرا و نفاقا فقال طوائف من أهل المسجد: آمين.

قال الفضل: قال يحيي بن معين: و أنا أقول: آمين. قال أبوالفرج: قال أبوعبيد: قال الفضل: و أنا أقول آمين، و يقول علي ابن الحسين الاصفهاني: آمين و يقول عبدالحميد بن أبي الحديد مصنف هذا الكتاب: آمين قال العطاردي: و أنا أقول آمين [14] .

15- عنه قال: كان مال حمل من اليمن الي معاوية: فلما مربالمدينة و ثب عليه الحسين بن علي عليه السلام، فأخذه و قسمه في أهل بيته و مواليه، و كتب الي معاوية: من


الحسين بن علي الي معاوية، بن أبي سفيان، أما بعد فان عير امرت بنا من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا طيبا اليك لتودعها خزائن دمشق، و تعل بها بعد النهل بني أبيك، و اني احتجت اليها فأخذتها. والسلام.

فكتب اليه معاوية: من عبدالله معاوية أميرالمؤمنين الي الحسين بن علي سلام عليك، أما بعد، فان كتابك ورد علي تذكران عير امرت بك من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا و يسبا الي لاودعها خزائن دمشق، و أعل بهما بعد النهل بني أبي، و أنك احتجت اليها فأخذتها و لم تكن جديرا بأخذها اذ نسبتها الي، لان الوالي أحق بالمال، ثم عليه المخرج منه.

و ايم الله لو تركت ذلك حتي صار الي لم أبخسك حظك منه، و لكني قد ظننت يابن أخي أن في رأسك نزوة و بودي أن يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك، و أتجاوز عن ذلك: و لكني و الله أتخوف أن تبتلي بمن لا ينظرك فواق ناقة، و كتب في أسفل كتابه:



يا حسين بن علي ليس ما

جئت بالسائغ يوما في العلل



أخذك المال و لم تؤمر به

ان هذا من حسين لعجل



قد أجزناها و لم نغضب لها

و احتملنا من حسين ما فعل



يا حسين بن علي ذا الأمل

لك بعدي و ثبة لا تحتمل



و يودي أنني شاهدها

فاليها منك بالخلق اللاجل



انني أذهب أن تصلي بمن

عنده قد سبق السيف العدل [15] .



16- روي ابن عبد ربه عن الشعبي قال: دخل الحسين بن علي يوما علي معاوية و معه مولي له يقال له ذكوان، و عند معاوية جماعة من قريش فيهم ابن


الزبير، فرحب معاوية بالحسين و أجلسه علي سريره، قال: تري هذا القاعد - يعني ابن الزبير - فانه ليدركه الحسد لبني عبدمناف. فقال ابن الزبير لمعاوية: قد عرفنا فضل الحسين و قرابته من رسول الله صلي الله عليه و آله، لكن ان شئت أن أعملك فضل الزبير علي أبيك أبي سفيان فعلت.

فتكلم ذكوان مولي الحسين ابن علي عليهماالسلام، فقال: يابن الزبير، ان مولاي ما يمنعه من الكلام أن لا يكون طلق اللسان، رابط الجنان، فان نطق نطق بعلم، و ان صمت صمت بحلم، غير أنه كف الكلام و سبق الي السنان، فاقرت بفضله الكرام، و أنا الذي أقول:



فيم الكلام لسابق في غاية

و الناس بين مقصر و مجلد



ان الذي يجري ليدرك شأوه

ينمي بغير مسود و مسدد



بل كيف يدرك نور بدر ساطع

خير الانام و فرع آل محمد



فقال معاوية: صدق قولك يا ذكوان، أكثر الله في موالي الكرام مثلك. فقال ابن الزبير: ان أباعبدالله سكت، و تكلم مولاه، و لم تكلم لا جبناه، أو لكففنا عن جوابه اجلالا له، و لا جواب لهذا العبد، قال ذكوان: هذا العبد خير منك، قال رسول الله: «مولي القوم منهم» فانا مولي رسول الله و أنت ابن الزبير بن العوام بن خويلد، فنحن أكرم و لاء و أحسن فعلا [16] .

17- عنه عن العبتي قال: دعا معاوية مروان بن الحكم فقال له: أشر علي في الحسين، قال: تخرجه معك الي الشام فتقطعه عن أهل العراق و تقطعهم عنه، قال: أردت و الله أن تستريح منه و تبتليني به فان صبرت عليه صبرت علي ما أكره، و ان أسات اليه كنت قد قطعت رحمه، و بعث الي سعيد ابن العاص، فقال له: يا


أباعثمان أشر علي في الحسين.

قال: انك و الله ما تخاف الحسين الا علي من بعدك، و انك لتخلف له قرنا ان صارعه ليصر عنه، و ان سابقه ليسبقنه فذر الحسين منبت النخلة، يشرب من الماء و يقعد في الهواء، و لا يبلغ الي السماء قال: فما غيبك عني يوم صفين؟ قال: تحملت الحرم، و كفيت الحزم، و كنت قريبا، لو دعوتنا لاجبناك، و أمرت لاطعناك؛ قال معاوية: يا أهل الشام، هؤلاء قومي و هذا كلامهم [17] .

18- روي عن العتبي عن أبيه: ان عتبة بن أبي سفيان قال: كنت مع معاوية في دار كندة، اذا أقبل الحسن و الحسين و محمد، بنو علي بن أبي طالب، فقلت: يا أميرالمؤمنين، ان لهؤلاء أشعارا و أبشارا، و ليس مثلهم كذب، و هم يزعمون أن أباهم كان يعلم، فقال: اليك من صوتك، فقد قرب القوم، فاذا قاموا فذكرني بالحديث، فلما قاموا قلت يا أميرالمؤمنين، ما سألتك عنه من الحديث؟ قال: كل القوم كان يعلم و أبوهم من أعلمهم [18] .

19- عنه قال: كتب معاوية الي مروان بن الحكم، عامله علي المدينة: أن ادع أهل المدينة الي بيعة يزيد، فان أهل الشام و العراق قد بايعوا، فخطبهم مروان فحضهم علي الطاعة و حذرهم الفتنة و دعاهم الي بيعة يزيد قال سنة أبي بكر الهادية المهدية فقال له عبدالرحمن بن أبي بكر: كذبت! ان كان أبابكر ترك الأهل و العشيرة، بايع لرجل من بني عدي، رضي دينه و أمانته، واختاره لامه محمد صلي الله عليه و آله.

فقال مروان: أيها الناس، ان هذا المتكلم هو الذي أنزل الله فيه: «و الذي قال الوالديه اف لكما أتعدانني أن أخرج و قد خلت القرون من قبلي» فقال له عبدالرحمن: يابن الزرقاء، أفينا تتأول القرآن! و تكلم الحسين بن علي، و عبدالله بن


الزبير، و عبدالله بن عمر و أنكروا بيعة يزيد، و تفرق الناس فكتب مروان الي معاوية بذلك.

فخرج معاوية الي المدينة في ألف فلما قرب منها تلقاه الناس، فلما نظر الي الحسين قال: مرحبا بسيد شباب المسلمين، قربوا دابة لابي عبدالله، و قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: مرحبا بشيخ قريش و سيدها و ابن الصديق. و قال لابن عمر: مرحبا بصاحب رسول الله و ابن الفاروق و قال لابن الزبير: مرحبا بابن حواري رسول الله صلي الله عليه و آله و ابن عمته.

دعا لهم بدواب فحملهم عليها. و خرج حتي أتي مكة فقضي حجه، و لما أراد الشخوص أمر باثقاله فقدمت، و أمر بالمنبر فقرب من الكعبة، و أرسل الي السحين و عبدالرحمان بن أبي بكر و ابن الزبير فاجتمعوا و قالوا لابن الزبير: اكفنا كلامه، فقال: علي أن لا تخالفوني. قالوا: لك ذلك.

ثم أتوا معاوية، فرحب بهم و قال لهم: قد علمتم نظري لكم و تعطفي عليكم، وصلتي أرحامكم، و يزيد أخوكم و ابن عمكم، و انما أردت أن أقدمه باسم الخلافة و تكونوا أنتم تأمرون و تنهون فسكتوا، و تكلم ابن الزبير، فقال: نخيرك بين احدي ثلاث أيها أخذت فهي لك رغبة و فيها خيار:

فان شئت فاصنع فينا ما صنع رسول الله صلي الله عليه و آله، قبضه الله و لم يستخلف، فدع هذا الامر حتي يختار الناس لانفسهم؛ و ان شئت فما صنع أبوبكر، عهد الي رجل من قاصية قريش و ترك من ولده و من رهطه الادنين من كان لها أهلا؛ و ان شئت فما صنع عمر، صيرها الي ستة نفر من قريش يختارون رجلا منهم و ترك ولده و أهل بيته و فيهم من لو وليها لكان لها أهلها.

قال: معاوية: هل غير هذا؟ قال: لا ثم قال الآخرين: ما عندكم؟ قالوا: نحن ما قال ابن الزبير، و قال معاوية: اني أتقدم اليكم، و قد أعذر من أنذر، اني


قائل مقالة، فأقسم بالله لئن رد علي رجل منكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع اليه كلمة حتي يضرب رأسه. فلا ينظر أمرؤ منكم الا الي نفسه، و لا يبقي الا عليها.

و أمر أن يقوم علي رأس كل رجل منهم رجلان بسيفيهما، فان تكلم بكلمة يرد بها عليه قوله قتلاه. و خرج و أخرجهم معه حتي رقي المنبر، و حف به أهل الشام، و اجتمع الناس، فقال بعد حمد الله و الثناء عليه: انا وجدنا أحاديث الناس ذات عوار، قالوا: ان حسينا و ابن أبي بكر و ابن عمر و ابن الزبير لم يبايعوا ليزيد، و هؤلاء الرهط سادة المسلمين و خيارهم، لا نبرم أمرا دونهم و لا نقضي أمرا الا عن مشورتهم و اني دعوتهم فوجدتهم سامعين مطيعين، فبايعوا و سلموا و أطاعوا.

فقال أهل الشام: و ما يعظم من أمر هؤلاء، ائذن لنا فنضرب أعناقهم، لا نرضي حتي يبايعوا علانية! فقال معاوية: سبحان الله! ما أسرع الناس الي قريش بالشر و أحلي دماءهم عندهم أنصتوا، فلا أسمع هذا المقالة من أحد. و دعا الناس الي البيعة فبايعوا. ثم قربت رواحله، فركب و مضي فقال الناس للحسين و أصحابه: قلتم: لا نبايع، فلما دعيتم و أرضيتم بايعتم! قالوا لم نفعل. قالوا: بلي، قد فعلتم و بايعتم، أفلا أنكرتم! قالوا: خفنا القتل و كادكم بنا و كادنا بكم [19] .

20- قال أبواسحاق القيرواني: كان لمعاوية بن أبي سفيان عين بالمدينة يكتب اليه بما يكون من امور الناس و قريش فكتب اليه: ان الحسين بن علي أعتق جارية له و تزوجها؛ فكتب معاوية الي الحسين: من أميرالمؤمنين معاوية الي الحسين ابن علي. أما بعد فانه بلغني أنك تزوجت جايتك، و تركت أكفاءك من قريش، ممن تستنجبه للولد، و تمجد به في الصهر، فلا لنفسك نظرت، و لا لولدك انتقيت.

فكتب اليه الحسين بن علي: أما بعد فقد بلغني كتابك، و تعييرك اياي بأني


تزوجت مولاتي، و تركت أكفائي من قريش، فليس فوق رسول الله صلي الله عليه و آله منتهي في شرف، و لا غاية في نسب، و انما كانت ملك يميني، خرجت عن يدي بأمر التمست فيه ثواب الله تعالي؛ ثم ارتجعتها علي سنة نبيه صلي الله عليه و آله.

و قد رفع الله بالاسلام الخسيسة و وضع عنا به النقيصة: فلا لوم علي أمري ء مسلم الا في أمر مأثم، و انما اللوم لوم الجاهلية، فلما قرأ معاوية كتابه نبذه الي يزيد فقرأه، و قال: لشد ما فخر عليك الحسين! قال: لا و لكنها ألسنة بني هاشم الحداد التي تفلق الصخر، و تغرف من البحر! [20] .


پاورقي

[1] المالي الصدوق: 91.

[2] رجال الکشي: 48.

[3] تاريخ الطبري: 303/5.

[4] تاريخ الطبري 322/5.

[5] الاخبار الطوال: 224.

[6] الامامة و السياسة: 142/1.

[7] الامامة و السياسة: 154.

[8] الامامة و السياسة: 155.

[9] الامامة و السياسة:161-158/1.

[10] تاريخ اليعقوبي 219/2.

[11] شرح النهج: 171/2.

[12] شرح‏النهج: 251/11.

[13] شرح النهج: 227/15.

[14] شرح النهج: 46/16.

[15] شرح النهج: 409/18.

[16] العقد الفريد: 15/4.

[17] العقد الفريد: 22/4.

[18] العقد الفريد: 282/4.

[19] العقد الفريد: 371/4.

[20] زهر الاداب: 101/1.