بازگشت

و من دعاء له عصر يوم عرفة في عرفات


الحمدلله الذي ليس لقضائه دافع، و لا لعطائه مانع، و لا كصنعه صنع صانع، و هو الجواد الواسع، فطر أجناس البدائع و أتقن بحكمته الصنائع، لا يخفي عليه الطلائع، و لا تضيع عنده الودائع جازي كل صانع و رآئش كل قانع و راحم كل ضارع، منزل المنافع و الكتاب الجامع بالنور الساطع و هو للدعوات سامع و للكربات دافع و للدرجات رافع و للجبابرة قامع فلا اله غيره و لا شي ء يعدله و (ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير) اللطيف الخبير (و هو علي كل شي ء قدير).

اللهم اني ارغب اليك و أشهد بالربوبية لك، مقرا بانك ربي و اليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل أن اكون شيئا مذكورا خلقتني من التراب ثم اسكنتني الاصلاب امنا لريب المنون و اختلاف الدهور و السنين فلم ازل ظاعنا من صلب الي رحم في تقادم من الايام الماضية و القرون الخالية لم تخرجني لرأفتك بي و لطفك لي [1] و احسانك الي في دولة ائمة الكفر الذين نقضوا عهدك و كذبوا رسلك.

لكنك اخرجتني [2] للذي سبق لي من الهدي! الذي له يسرتني و فيه انشأتني و من قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك و سوابغ نعمك فابتدعت خلقي من مني يمني و اسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم و دم و جلد. لم تشهدني خلقي و لم تجعل الي شيئا من أمري ثم اخرجتني للذي سبق لي من الهدي الي الدنيا تاما سويا و حفظتني في المهد طفلا صبيا و رزقتني من الغذاء لبنا مريا و عطفت علي قلوب الحواضن، و كفلتني الامهات الرواحم و كلأتني من طوارق الجان و سلمتني من الزيادة و النقصان فتعاليت يا رحيم يا رحمن حتي اذا استهللت ناطقا بالكلام و اتممت علي سوابغ الانعام، و ربيتني زائدا في كل عام، حتي اذا اكتملت فطرتي و اعتدلت مرتي اوجبت علي حجتك بان الهمتني معرفتك، و روعتني بعجائب حكمتك و ايقظتني لما ذرأت في سمائك، و أرضك من بدائع خلقك، و نبهتني لشكرك و ذكرك، و اوجبت علي طاعتك و عبادتك، و فهمتني ما جآءت به رسلك، و يسرت لي تقبل مرضاتك، و مننت علي في جميع ذلك بعونك و لطفك، ثم اذ خلقتني من خير الثري، لم ترض لي يا الهي نعمة دون اخري، و رزقتني من انواع المعاش و صنوف الرياش بمنك العظيم الاعظم علي، و احسانك القديم الي، حتي اذا اتممت علي جميع النعم، و صرفت عني كل النقم.

لم يمنعك جهلي و جرأتي عليك أن دللتني الي ما يقربني اليك، و وفقتني لما يزلفني لديك، فان دعوتك اجبتني، و ان سألتك اعطيتني، و ان اطعتك شكرتني، و ان شكرتك زدتني، كل ذلك اكمال لانعمك علي، و احسانك الي.

فسبحانك من مبدئ معيد حميد مجيد، تقدست اسمآؤك، و عظمت الاؤك، فاي نعمك يا الهي احصي عددا و ذكرا، أم أي عطاياك اقوم بها شكرا، و هي يا رب اكثر من ان يحصيها العادون، او يبلغ علما بها الحافظون، ثم ما صرفت و درأت عني اللهم - من الضر و الضرآء - اكثر مما ظهر لي من العافية و السرآء و انا اشهد يا الهي بحقيقة ايماني و عقد عزمات يقيني، و خالص صريح توحيدي، و باطن مكنون ضميري، و علائق مجاري نور بصري، و اسارير صفحة جبيني و خرق مسارب نفسي و خذاريف مارن عرنيني، و مسارب سماخ سمعي و ما ضمت و أطبقت عليه شفتاي، و حركات لفظ لساني، و مغرز حنك فمي و فكي، و منابت اضراسي و مساغ مطعمي و مشربي، و حمالة ام رأسي و بلوغ فارغ حبائل [3] عنقي و ما اشتمل عليه تامور صدري و حمائل حبل و تيني و نياط حجاب قلبي و افلاذ حواشي كبدي، و ما حوته شراسيف اضلاعي، و حقاق مفاصلي، و قبض عواملي، و اطراف اناملي و لحمي و دمي و شعري و بشري، و عصبي و قصبي و عظامي و مخي و عروقي و جميع جوارحي، و ما انتسج علي ذلك ايام رضاعي، و ما اقلت الارض مني، و نومي و يقظتي و سكوني و حركات ركوعي و سجودي.

ان لو حاولت و اجتهدت - مدي الاعصار و الاحقاب لو عمرتها - أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك، ما استطعت ذلك الا بمنك الموجب علي به شكرك أبدا جديدا، و ثناءا طارفا عتبدا، اجل ولو حرصت انا و العادون من انامك أن نحصي مدي انعامك سالفه و آنفه، ما حصرناه عددا، و لا احصيناه آمدا، هيهات اني ذلك! و انت المخبر في كتابك الناطق، و النبأ الصادق (و ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) صدق كتابك.

اللهم و انباؤك و بلغت انبياؤك و رسلك ما أنزلت عليهم من وحيك، و شرعت لهم و بهم من دينك. غير اني اشهد بجهدي و جدي،، و مبلغ طاعتي و وسعي، و اقول: مؤمنا موقنا (الحمدلله الذي لم يتخذ ولدا) فيكون موروثا، و لم يكن له شريك في ملكه فيضاده فيما ابتدع، و لا ولي من الذل فيرفده فيما صنع، فسبحانه سبحانه (لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا) و تفطرنا، سبحان الله الواحد الاحد، الصمد الذي (لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا احد)، الحمدلله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين و انبيائه المرسلين و صلي الله علي خيرته محمد خاتم النبيين، و آله الطييبين الطاهرين المخلصين و سلم.

فشرع عليه السلام في السؤال و اهتم في الدعاء و دموعه تنحدر علي خديه ثم قال:

اللهم اجعلني اخشاك، كأني أراك، و اسعدني بتقواك، و لا تشقني بمعصيتك، و خرلي في قضائك، و بارك لي في قدرك، حتي لا احب تعجيل ما اخرت و لا تأخير ما عجلت.

اللهم اجعل غناي في نفسي، و اليقين في قلبي، و الاخلاص في عملي، و النور في بصري، و البصيرة في ديني، و متعني بجوارحي، و اجعل سمعي و بصري الوارثين مني، و انصرني علي من ظلمني، و ارني فيه ثاري و مآربي، و اقر بذلك عيني.

اللهم اكشف كربتي، و استر عورتي، و اغفرلي خطيئتي، و اخسأ شيطاني، و فك رهاني، واجعل لي - يا الهي - الدرجة العليا في الاخرة و الاولي.

اللهم لك الحمد كما خلقتني، فجعلتني سميعا بصيرا، و لك الحمد كما خلقتني، فجعلتني خلقا سويا، رحمة بي و قد كنت عن خلقي غنيا.

رب بما برأتني فعدلت فطرتي، رب بما انشأتني فاحسنت صورتي.

رب بما احسنت الي و في نفسي عافيتني، رب بما كلأتني و وفقتني.

رب بما انعمت علي فهديتني، رب بما اوليتني، و من كل خير اعطيتني.

رب بما اطعمتني و سقيتني، رب بما اغنيتني و اقنيتني رب بما اعنتني و اعززتني.

رب بما البستني من سترك الصافي و يسرت لي من صنعك الكافي، صل علي محمد و آل محمد و اعني علي بوائق الدهور، و صروف الليالي و الايام و نجني من اهوال الدنيا و كربات الاخرة، و اكفني شر ما يعمل الظالمون في الارض.

اللهم ما أخاف فاكفني، و ما احذر فقني، و في نفسي و ديني فاحرسني، و في سفري فاحفظني، و في اهلي، و مالي، فاخلفني، و فيما رزقتني فبارك لي، و في نفسي فذللني، و في اعين الناس فعظمني، و شر الجن و الانس فسلمني و بذنوبي فلا تفضحني، و بسريرتي فلا تخزني و بعملي فلا تبتلني، و نعمك فلا تسلبني، والي غيرك فلا تكلني.

الهي الي من تكلني؟ الي قريب فيقطعني؟ ام الي بعيد فيتجهمني؟ أم الي المستضعفين لي، و انت ربي و مليك أمري؟ اشكو اليك غربتي، و بعد داري، و هواني علي من ملكته امري.

الهي فلا تحلل علي غضبك فان لم تكن غضبت علي فلا ابالي، سبحانك غير أن عافيتك اوسع لي، فاسأ لك يا رب بنور وجهك الذي اشرقت له الارض و السموات و كشفت به الظلمات، و صلح به امر الاولين و الاخرين، أن لا تميتني علي غضبك و لا تنزل بي سخطك، لك العتبي لك العتبي حتي ترضي قبل ذلك، لا اله الا انت رب البلد الحرام و المشعر الحرام و البيت العتيق الذي احللته البركة و جعلته للناس أمنا.

يا من عفا عن عظيم الذنوب بحلمه، يا من اسبغ النعمآء بفضله، يا من اعطي الجزيل بكرمه، يا عدتي في شدتي، يا صاحبي في وحدتي، يا غياثي في كربتي، يا وليي في نعمتي.

يا الهي و اله آبائي: ابراهيم و اسماعيل و اسحق و يعقوب، و رب جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل، و رب محمد خاتم النبيين و آله المنتجبين منزل التوراة و الانجيل و الزبور و الفرقان، و منزل (كهيعص) و (طه) و (يس و القرآن الحكيم).

انت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها، و تضيق بي الارض برحبها و لولا رحمتك لكنت من الهالكين.

و انت مقيل عثرتي، و لولا سترك اياي لكنت من المفضوحين، و انت مؤيدي بالنصر علي اعدآئي و لولا نصرك اياي لكنت من المغلوبين.

يا من خص نفسه بالسمو و الرفعة، فاولياؤه بعزه يعتزون، يا من جعلت له الملوك نير المذلة علي اعناقهم، فهم من سطواته خائفون، (يعلم خآئنة الاعين و ما تخفي الصدور).

و غيب ما تأتي به الازمنة و الدهور، يا من لا يعلم كيف هو الا هو، يا من لا يعلم ما هو الا هو، يا من لا يعلمه الا هو يا من كبس الارض علي المآء و سد الهواء بالسماء يا من له اكرم الاسمآء يا ذاالمعروف الذي لا ينقطع ابدا.

يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر و مخرجه من الجب و جاعله بعد العبودية ملكا، يا رآده علي يعقوب بعد أن (ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم).

يا كاشف الضر و البلوي عن ايوب و ممسك يدي ابراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه و فناء عمره، يا من استجاب لزكرياء فوهب له يحيي و لم يدعه فردا وحيدا، يا من اخرج يونس من بطن الحوت، يا من فلق البحر لبني اسرائيل فانجاهم و جعل فرعون و جنوده من المغرقين، يا من ارسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته، يا من لم يجعل علي من عصاه من خلقه، يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود و قد غذوا في نعمته يأكلون رزقة و يعبدون غيره و قد حآدوه و نآدوه و كذبوا رسله.

يا الله يا الله يا بدئ يا بديع لا ندلك يا دائما لا نفاد لك، يا حيا حين لا حي، يا محيي الموتي.

يا من هو قائم علي كل نفس بما كسبت، يا من قل له شكري فلم يحرمني، و عظمت خطيئتي فلم يفضحني و رآني علي المعاصي فلم يشهرني يا من حفظني في صغري يا من رزقني في كبري، يا من اياديه عندي لا تحصي و نعمه لا تجازي يا من عارضني بالخير و الاحسان و عارضته بالاسآءة و العصيان.

يا من هداني للايمان من قبل أن اعرف شكر الامتنان، يا من دعوته مريضا فشفاني، و عريانا فكساني، و جائعا فاشبعني و عطشانا فارواني و ذليلا فاعزني و جاهلا فعرفني، و وحيدا فكثرني، و غائبا فردني و مقلا فاغناني، و منتصرا فنصرني و غنيا فلم يسلبني، و امسكت عن جميع ذلك فابتدأني.

فلك الحمد و الشكر، يا من اقال عثرتي و نفس كربتي و اجاب دعوتي، و ستر عورتي، و غفر ذنوبي و بلغني طلبتي، و نصرني علي عدوي، و ان اعد نعمك و مننك و كرايم منحك لا احصيها.

يا مولاي أنت الذي مننت، انت الذي انعمت، انت الذي احسنت، انت الذي اجملت، انت الذي افضلت، انت الذي اكملت، انت الذي رزقت، انت الذي وفقت، انت الذي اعطيت، انت الذي اغنيت، انت الذي اقنيت، انت الذي آويت، انت الذي كفيت، انت الذي هديت، انت الذي عصمت، انت الذي سترت، انت الذي غفرت، انت الذي اقلت، انت الذي مكنت، انت الذي اعزرت، انت الذي اعنت، انت الذي عضدت انت الذي ايدت، انت الذي نصرت، انت الذي شفيت، انت الذي عافيت، انت الذي اكرمت تباركت، و تعالي فلك الحمد دائما، و لك الشكر واصبا ابدا.

ثم انا يا الهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي، انا الذي اسأت، انا الذي اخطأت، انا الذي هممت، انا الذي جهلت، انا الذي غفلت، انا الذي سهوت، انا الذي اعتمدت، انا الذي تعمدت، انا الذي وعدت، و انا الذي اخلفت، انا الذي نكثت، انا الذي اقررت، انا الذي اعترفت بنعمتك علي و عندي و ابوء بذنوبي فاغفرها لي.

يا من لا تضره ذنوب عباده، و هو الغني عن طاعتهم و الموفق من عمل صالحا منهم بمعونته و رحمته فلك الحمد الهي و سيدي.

الهي امرتني فعصيتك، و نهيتني فارتكبت نهيك فاصبحت لا ذابرآءة فاعتذر، و لا ذاقوة فانتصر فبأي شي ء استقبلك يا مولاي؟ ابسمعي، ام ببصري، ام بلساني، ام بيدي، ام برجلي؟ اليس كلها نعمك عندي و بكلها عصيتك يا مولاي؟ فلك الحجة و السبيل علي.

يا من سترني من الابآء و الامهات ان يزجروني، و من العشائر و الاخوان ان يعيروني، و من السلاطين ان يعاقبوني، و لواطلعوا يا مولاي علي ما اطلعت عليه مني اذا ما انظروني، و لرفضوني و قطعوني.

فها انا يا الهي بين يديك - يا سيدي - خاضع ذليل حصير حقير، لا ذوبرآءة فاعتذر و لا ذو قوة فانتصر، و لا حجة فاحتج بها، و لا قائل لم اجترح و لم اعمل سوءا.

و ما عسي الجحود - و لو جحدت يا مولاي - ينفعني، كيف و أني ذلك، و جوارحي كلها شاهدة علي بما قد عملت؟، و علمت يقينا غير ذي شك انك سائلي من عظائم الامور، و انك الحكم العدل الذي لا تجور، و عدلك مهلكي، و من كل عدلك مهربي، فان تعذبني - يا الهي - فبذنوبي بعد حجتك علي، و ان تعف عني فبحلمك وجودك و كرمك (لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين).

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المستغفرين، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الموحدين.

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الخائفين، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الوجلين.

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الراجين، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الراغبين.

لا اله الا انت اني كنت من المهللين، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من السائلين.

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المسبحين، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المكبرين، لا اله الا انت سبحانك ربي و رب آبائي الاولين.

اللهم هذا ثنائي عليك ممجدا، و اخلاصي لذكرك موحدا، و اقراري بآلائك معددا و ان كنت مقرا اني لم احصها لكثرتها و سبوغها و تظاهرها و تقادمها الي حادث ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني و برأتني من اول العمر من الاغناء من الفقر، و كشف الضر، و تسبيب اليسر، و دفع العسر، و تفريج الكرب، و العافيه في البدن و السلامة في الدين، و لو رفدني علي قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الاولين و الاخرين ما قدرت، و لا هم علي ذلك.

تقدست و تعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تحصي الاؤك، و لا يبلغ ثناؤك، و لا تكافي نعماؤك، صل علي محمد و آل محمد، و أتمم علينا نعمك و اسعدنا بطاعتك، سبحانك لا اله الا انت.

اللهم انك تجيب المضطر و تكشف السوء، و تغيث المكروب، و تشفي السقيم، و تغني الفقير، و تجبر الكسير، و ترحم الصغير و تعين الكبير، و ليس دونك ظهير، و لا فوقك قدير، و انت العلي الكبير.

يا مطلق المكبل الاسير، يا رازق الطفل الصغير، يا عصمة الخائف المستجير، يا من لا شريك له و لا وزير، صل علي محمد و آل محمد، و اعطني في هذه العشية افضل ما اعطيت و أنلت احدا من عبادك، من نعمة تؤليها، و الاء تجددها، و بلية تصرفها، و كربة تكشفها، و دعوة تسمعها، و حسنة تتقبلها، و سيئة تتغمدها، انك لطيف بما تشآء خبير، و علي كل شي ء قدير.

اللهم انك اقرب من دعي، و اسرع من اجاب و اكرم من عفا، و اوسع من اعطي، و اسمع من سئل، يا رحمن الدنيا و الاخرة و رحيمهما، ليس كمثلك مسؤول، و لا سواك مأمول، دعوتك فاجبتني، و سألتك فاعطيتني، و رغبت اليك فرحمتني، و وثقت بك فنجيتني، و فزعت اليك فكفيتني.

اللهم فصل علي محمد عبدك و رسولك، و نبيك و علي آله الطيبين الطاهرين اجمعين، و تمم لنا نعماءك، وهنئنا عطاءك، و اكتبنا لك شاكرين، و لا لائك ذاكرين، امين امين رب العالمين.

اللهم يا من ملك فقدر، و قدر فقهر و عصي فستر، و استغفر فغفر يا غاية الطالبين الراغبين، و منتهي امل الراجين، يا من احاط بكل شي ء علما، و وسع المستقلين رأفة و رحمة و حلما.

اللهم انا نتوجه اليك في هذه العشية التي شرفتها و عظمتها، بمحمد نبيك و رسولك، و خيرتك من خلقك، و امينك علي وحيك البشير النذير، السراج المنير الذي انعمت به علي المسلمين، و جعلته رحمة للعالمين.

اللهم فضل علي محمد و آل محمد، كما محمد اهل لذلك منك يا عظيم، فصل عليه و علي آله المنتجبين الطيبين الطاهرين اجمعين، و تغمدنا بعفوك عنا، فاليك عجت الاصوات بصنوف اللغات، فاجعل لنا اللهم في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين عبادك، و نور تهدي به، و رحمة تنشرها، و بركة تنزلها، و عافية تجللها و رزق تبسطه، يا ارحم الراحمين.

اللهم اقلبنا في هذا الوقت منجحين مفلحين، مبرورين غانمين، و لا تجعلنا من القانطين، و لا تخلنا من رحمتك و لا تحرمنا ما نامله من فضلك و لا تجعلنا من رحمتك محرومين و لا لفضل ما نامله من عطائك قانطين، و لا لردنا خائبين، و لا من بابك مطرودين، يا اجود الاجودين، و اكرم الاكرمين، اليك اقبلنا موقنين و لبيتك الحرام آمين قاصدين، فاعنا علي مناسكنا، و اكمل لنا حجنا، و اعف عنا، و عافنا فقد مددنا اليك ايدينا، فهي بذلة الاعتراف موسومة.

اللهم فاعطنا في هذه العشية ما سألناك و اكفنا ما استكفيناك، فلا كافي لنا سواك، و لا رب لنا غيرك نافذ فينا حكمك، محيط بنا علمك، عدل فينا قضاؤك، اقض لنا الخير، و اجعلنا من اهل الخير.

اللهم أوجب لنا بجودك عظيم الاجر، و كريم الذخر، و دوام اليسر، و اغفرلنا ذنوبنا اجمعين، و لا تهلكنا مع الهالكين، و لا تصرف عنا رأفتك و رحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فاعطيته و شكرك فزدته، و ثاب اليك فقبلته، و تنصل اليك من ذنوبه كلها، فغفرتها له، يا ذاالجلال و الاكرام.

اللهم ونقنا، و سددنا و اقبل تضرعنا، يا خير من سئل، و يا ارحم من استرحم، يا من لا يخفي عليه اغماض الجفون، و لا لحظ العيون، و لا ما استقر في المكنون و لا ما انطوت عليه مضمرات القلوب الاكل ذلك قد احصاه علمك و وسعه حلمك، سبحانك، و تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح لك السموات السبع، و الارضون و من فيهن، و ان من شي ء الا يسبح بحمدك، فلك الحمد و المجد، و علو الجد.

يا ذاالجلال و الاكرام و الفضل و الانعام، و الايادي الجسام، و انت الجواد الكريم الرؤف الرحيم.

الهم أوسع علي من رزقك الحلال، و عافني في بدني و ديني، و امن خوفي، و اعتق رقبتي من النار.

اللهم لا تمكر بي، و لا تستدرجني، و لا تخدعني، و ادرأ عني شر فسقة الجن و الانس.

ثم رفع بصره الي السماء و قال برفيع صوته:

يا اسمع السامعين! يا ابصر الناظرين و يا اسرع الحاسبين، و يا ارحم الراحمين، صل علي محمد و آل محمد السادة الميامين.

و أسألك اللهم حاجتي التي ان اعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، و ان منعتنيها لم ينفعني ما اعطيتني، اسألك فكاك رقبتي من النار، لا اله الا انت وحدك لا شريك لك، لك الملك و لك الحمد، و انت علي كل شي ء قدير، يا رب يا رب؟!

قال المحدث القمي رحمه الله الي هنا نقل الكفعمي و العلامة المجلسي هذا الدعاء ولكن السيد رضوان الله عليه في الاقبال ذكر بعد ذكر يا رب يا رب - هذه الزيادة -

الهي انا الفقير في غناي، فكيف لا اكون فقيرا في فقري الهي انا الجاهل في علمي فكيف لا اكون جهولا في جهلي الهي ان اختلاف تدبيرك و سرعة طواء مقاديرك منعا عبادك العارفين بك عن السكون الي عطآء و اليأس منك في بلاء.

الهي مني ما يليق بلؤمي و منك ما يليق بكرمك، الهي وصفت نفسك باللطف و الرأفة لي قبل وجود ضعفي افتمنعني منهما بعد وجود ضعفي؟

الهي ان ظهرت المحاسن مني فبفضلك و لك المنة علي، و ان ظهرت المساوي مني فبعدلك و لك الحجة علي.

الهي كيف تكلني و قد تكفلت لي و كيف اضام و انت الناصر لي، ام كيف اخيب و انت الحفي بي ها انا اتوسل اليك بفقري اليك و كيف اتوسل اليك بما هو محال ان يصل اليك ام كيف اشكو اليك حالي و هو لا يخفي عليك ام كيف اترجم بمقالي و هو منك برز اليك، ام كيف تخيب امالي و هي قد وفدت اليك ام كيف لا تحسن احوالي و بك قامت.

الهي ما الطفك بي مع عظيم جهلي و ما ارحمك بي مع قبيح فعلي.

الهي ما اقربك مني و قد ابعدني عنك و ما ارافك بي فما الذي يحجبني عنك؟

الهي علمت باختلاف الاثار و تنقلات الاطوار ان مرادك مني ان تتعرف الي في كل شي ء حتي لا اجهلك في شي ء.

الهي كلما اخرسني لؤمي انطقني كرمك. و كلما ايستني اوصافي اطمعتني مننك.

الهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساويه مساوي و من كانت حقايقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي.

الهي حكمك النافذ و مشيتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالا و لا لذي حال حالا.

الهي كم من طاعة بنيتها و حالة شيدتها، هدم اعتمادي عليها عدلك بل اقالني منها فضلك، الهي انك تعلم اني و ان لم تدم الطاعة مني فعلا جزما فقد دامت محبة و عزما.

الهي كيف اعزم و انت القاهر و كيف لا اعزم و انت الامر.

الهي ترددي في الاثار يوجب بعد المزار، فاجمعني عليك بخدمة توصلني اليك، كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك، ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك، و متي بعدت حتي تكون الاثار هي التي توصل اليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا، و خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.

الهي امرت بالرجوع الي الاثار فارجعني اليك بكسوة الانوار و هداية الاستبصار حتي ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها، مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها، انك علي كل شي ء قدير.

الهي هذا ذلي ظاهر بين يديك، و هذا حالي لا يخفي عليك منك اطلب الوصول اليك، و بك استدل عليك، فاهدني بنورك اليك، و اقمني بصدق العبودية بين يديك.

الهي علمني من علمك المخزون، وصني بسترك المصون، الهي حققني بحقائق اهل القرب، و اسلك، بي مسلك اهل الجذب.

الهي اغنني بتدبيرك لي عن تدبيري، و باختيارك لي عن اختياري و اوقفني علي مراكز اضطراري.

الهي اخرجني من ذل نفسي و طهرني من شكي و شركي قبل حلول رمسي. بك انتصر فانصرني، و عليك اتوكل فلا تكلني، و اياك اسئل فلا تخيبني، و في فضلك ارغب فلا تحرمني، و بجنابك انتسب فلا تبعدني، و ببابك اقف فلا تطردني.

الهي تقدس رضاك ان يكون له علة منك فكيف تكون له علة مني، الهي انت الغني بذاتك ان يصل اليك النفع منك، فكيف لا تكون غنيا عني.

الهي ان القضآء و القدر يمنيني، و ان الهوي بوثائق الشهوة اسرني، فكن انت النصير لي حتي تنصرني و تبصرني، و اغنني بفضلك حتي استغني بك عن طلبي.

انت الذي اشرقت الانوار في قلوب اوليائك حتي عرفوك و وحدوك، و انت الذي ازلت الاغيار عن قلوب احبائك حتي لم يحبوا سواك، و لم يلجؤا الي غيرك، انت المونس لهم حيث اوحشتهم العوالم، و انت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم.

ماذا وجد من فقدك، و ما الذي فقد من وجدك؟ لقد خاب من رضي دونك بدلا، و لقد خسر من بغي عنك متحولا.

كيف يرجي سواك و انت ما قطعت الاحسان، و كيف يطلب من غيرك، و انت ما بدلت عادة الامتنان؟

يا من اذاق احبائه حلاوة المؤانسة، فقاموا بين يديه متملقين، و يا من البس اوليائه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين.

انت الذاكر قبل الذاكرين، و انت البادي بالاحسان قبل توجه العابدين، و انت الجواد بالعطآء قبل طلب الطالبين، و انت الوهاب ثم لما وهبت لنا من المستقرضين.

الهي اطلبني برحمتك حتي اصل اليك، و اجذبني بمنك حتي اقبل عليك.

الهي ان رجآئي لا ينقطع عنك و ان عصيتك، كما ان خوفي لا يزايلني و ان اطعتك، فقد رفعتني العوالم اليك، و قد اوقعني علمي بكرمك عليك. الهي كيف اخيب و انت املي؟ ام كيف اهان و عليك متكلي؟ الهي كيف استعز و في الذلة اركزتني؟ ام كيف لا استعز و اليك نسبتني؟ الهي كيف لا افتقر و انت الذي في الفقرآء اقمتني؟ ام كيف افتقر و انت الذي بجودك اغنيتني؟ و انت الذي لا اله غيرك، تعرفت لكل شي ء، فما جهلك شي ء، و انت الذي تعرفت الي في كل شي ء، فرأيتك ظاهرا في كل شي ء، و انت الظاهر لكل شي ء.

يا من استوي برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته، محقت الاثار بالاثار، و محوت الاغيار بمحيطات افلاك الانوار.

يا من احتجب في سرادقات عرشه عن ان تدركه الابصار، يا من تجلي بكمال بهائه، فتحققت عظمته الاستوآء، كيف تخفي و انت الظاهر؟ ام كيف تغيب و انت الرقيب الحاضر؟ انك علي كل شي ء قدير، و الحمدلله وحده [4] .


پاورقي

[1] بي.

[2] رأفة منک و تحننا علي.

[3] بلوغ حبائل بارع.

[4] الاقبال: ج 1، ص 339.