بازگشت

جامع الكلمة


جامع هذه الكلمة: (كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)) وبقية الكلمات هو سماحة السيد الشهيد حسن الشيرازي (رحمه الله) ذاك الشهيد السعيد الذي قضي نحبه علي تراب لبنان فداءً لأهل البيت (عليهم السلام) والقرآن، وهو بالحقيقة والواقع كان من تلك السلسلة الحمراء المباركة من الدماء الزكية التي مازالت تحافظ علي رسالات السماء إلي الأرض من الخالق إلي الخلق..

واعتباراً من الشهيد الأول للحق (ابن آدم) الذي قتله أخوه الغوي.. وإلي حمزة، جعفر، وفاطمة، وعلي، والحسن (عليهم السلام).. إلي أن يصل الركب إلي كربلاء فكان العطاء أكثر والدماء أغزر والبلاء اشد وأعظم وأوسع حيث قضي سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (عليه السلام) علي تراب كربلاء شهيداً وشاهداً..

ومنذ ذلك العصر - 61 هـ - وإلي اليوم تمثل كربلاء (ثورة الحق) و(نداء الضمير وتطلع الإنسانية إلي النور) وشوكة في العيون وشجي في الحلوق) ولكل من هؤلاء أهله..

فهي بالنسبة للمؤمنين والمصلحين (ثورة الحق) بما تمثله من قيم ومبادئ إسلامية رائعة، وبما يمثله الإمام الحسين (عليه السلام) من إمام وقدوة ولهذه الأمة.. وهي (نداء الضمير الإنساني) بما تحمله للإنسان من مبادئ وقيم عالية والتي جعلت المصلحين والقادة في العالم أجمع يقفون بخشوع وخضوع أمام عظمة مبادئ وأخلاق الإمام الحسين (عليه السلام).. فأصبح جامعة ومعهدا عالميا للدراسات الأخلاقية والقيم الثورية والمبادئ النضالية.. وقبلة الأحرار في الدنيا..

ومن هذا المنطلق أصبحت كربلاء (شوكة في العيون) الخبيثة أو الشوهاء التي تتطلع إلي الأمة علي أنها بقرة حلوب لا تريد منها إلا لبنها وربما لحومها ولحوم أبنائها لتقتات عليه.. فكربلاء كانت دائماً الشوكة التي تؤرق تلك العيون ولا تجعلها تنام هانئة..

وكذلك هي (شجي في الحلوق) للطغاة والجبابرة الذين أرادوا أن يأكلوا أموال وحقوق الأمة فكانت تمنعهم من ذلك برجالاتها وثوراتها المتلاحقة، فكم هوجمت، وكم أحرقت، وكم قطعت وتهدمت؟ حتي أن حاكماً من حكام بني العباس حرثها وزرعها ودار عليها الماء من الفرات فحار الماء حول قبر الإمام الحسين (عليه السلام) ولم تضر به ومن ذلكم الوقت سمي بـ (الحائر الحسيني).. فأرادوا كيداً فجعلناهم المكيدون.. وخسر هنالك المبطلون..

ومن تلك الرحاب الثائرة الطاهرة، والجنات المقدسة.. من كربلاء الإمام الحسين (عليه السلام) خرج الشهيد السعيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) وفيها درج ونمي، وفي مدارسها وحوزاتها تعلم وتهذب، فبان نبوغه وعبقريته منذ نعومة أظفاره وطفولته..

إلا أن ولادة السيد حسن كانت في جنبات جده أمير المؤمنين (عليه السلام) في النجف الأشرف وهاجر مع أسرته العملاقة في مطلع حياته إلي كربلاء المقدسة حيث العناء والتعب..

فكبر السيد الشهيد في كربلاء في الجسم والعلم وكبر معه الأمل والحلم. فراح يحارب الظلم والظالمين بالكلمة والموقف شعراً ونثراً وخطاباً.. فحارب الاستعمار بكل أنواعه وأشكاله، وحارب الحكام الظالمين والفساد في البلاد الإسلامية عامة وفي العراق خاصة..

فسجنه حكام العراق وأجروا عليه أكثر عشرات الأنواع من العذاب بحيث أن والدته لم تعرفه حين ذهبت لكي تراه في السجن.. ووقعت مغشياً عليها حين قال لها: أنا ولدك حسن..

ورغم ذلك لم يستطيعوا شراء قلمه وضميره وحتي ضمان سكوته علي ظلمهم ومخازيهم.. فتركهم وهاجر هجرة الرساليين إلي أرض لبنان المقاوم وراح ينشط ويعمل في كل اتجاه لأجل إعلاء كلمة الله ورفع راية أهل البيت (عليهم السلام) في كل مكان حلّ فيه.. فكان نموذجاً للمؤمن الحق.. وللشيعي الذي تفتخر به وبأمثاله الطائفة.

وحديث الشهيد عن الشهيد أمر رائع.. لأن الكلمات تكون صادقة وخارجة من القلب المتلهف إلي الشهادة، وتحس بالشوق المفعم الذي ينطوي عليه المتحدث عن الشهادة ومعناها، أو الشهيد ومغزاه، وأعظم الشهداء هم شهداء الحق والفضيلة الإلهية..

وليت سماحة السيد الشهيد حسن الشيرازي (رحمه الله) قدم لنا بكلمته هذه (كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)) لأنها ولا شك ستكون آية في الجمال والكمال.. وهو كان يعمل لذلك.. إلا أنهم أبوا له ذلك فعليهم ما علي الظالمين من الإثم والعذاب.. وله ما له الشهداء من الرحمة والرضوان والخلود والجنان..