بازگشت

الكلمة


كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) كشخصيته (عليه السلام) متميزة وفريدة.. وشخصية الإمام الحسين هي امتداد لشخصية أبيه وجده (عليهم السلام)..

وكلماته امتداد لتلك الكلمات النورانية التي كانت تخرج من بين ثنايا الحبيب المصطفي (صلي الله عليه وآله) والأمير علي (عليه السلام) أمير المؤمنين وسلطان البلاغة والفصاحة والبيان.. وعندما ينطق الإمام الحسين (عليه السلام) تخال أن الرسول (صلي الله عليه وآله) ينثر درراً وحكماً.. وتحسب أن الأمير (عليه السلام) يبهر ببلاغته وفصاحته كلما تقع الكلمات علي سمعك..

ولا غرو في ذلك.. فالإمام الحسين (عليه السلام) هو من تلك الشجرة المباركة الطيبة، وشعاع من تلك الأنوار اللامعة في دنيا الإنسانية، فصار بكل ما فيه شخصاً و قوةً ونهجاً وقيمة إنسانية عظمي وفضيلة من فضائل الدين الإسلامي الحنيف، الذي يباهي به الدنيا ولا أحد يستطيع أن يعترض..

فالكلمة ترجمان الضمير.. ورسالة العقل.. وخفقة القلب.. وحركة اللسان..

والإمام الحسين (عليه السلام) هو ضمير هذه الأمة الخالد، ووجدانها الحي، ويقظتها وثورتها التي لا تهادن الطغاة والجبارين، بل وترفض حياة الذل والهوان، وتعمل بنهجه من أجل حياة كلها كرامة وعزة وإباء..

فأصبح الإمام الحسين (عليه السلام) كلمة من الكلمات المهمة التي ترسخت في أذهان هذه الأمة.. ولذلك صارت كلماته شعارات لها في كل المجالات سلما وحربا.. ثقافة وعبادة..

وفي هذا العصر العصيب علي هذه الأمة المرحومة لو عملت بكلمة واحدة من كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) لما تسلط عليها أحد من هؤلاء الأعداء، سواء في الداخل من حكام ظالمين وتابعين لدوائر الاستكبار العالمي، أو في الخارج من أنواع المستعمرين وأشكالهم المعروفة وغير المعروفة، وهمهم جميعاً سلخنا عن هويتنا الإسلامية وأذاقتنا شتي أنواع الذل والهوان..

وشعار الإمام الحسين (عليه السلام) يقول: (هيهات منّا الذلّة، يأبي الله لنا ذلك، ورسوله والمؤمنون..) فلو عملت الأمة بهذه الكلمة فقط لصار كل من ذكرنا في خبر كان..

والإمام الحسين (عليه السلام) هو منبثق من النور الأول انبثاق النور من النور، وعقله هو العقل الكامل في بني البشر لأنه الإمام المعصوم المسدد من الله تعالي في جميع أفعاله وأقواله وتقريراته دون شك.. فالعقل هو نور إلهي بذاته وهو يكشف للإنسان مجاهل الطريق ويرشده إلي الصحيح من السقيم والحق من الباطل..

ألم يكن الإمام الحسين (عليه السلام) بشخصه وثورته واستشهاده كالعقل الذي أوضح الحق من الباطل والظلمة من النور، والهدي من العمي.. لكل من يريد الحق لوجه الحق تعالي من هذه الأمة؟

فكان الإمام الحسين (عليه السلام) العقل الهادي من الضلال.. وكلماته النورانية بقيت رسالة خالدة للأجيال المتعاقبة لتثير العقول وتفتحها إلي النور، ولا تتركها غارقة في بحر الظلمات والديجور، وهذه بحد ذاتها رسالة السماء إلي الأرض..

والإمام الحسين (عليه السلام) هو القلب الكبير الذي استوعب هموم ومآسي الأمة الإسلامية من أقصاها إلي أقصاها، وحاول إصلاح أحوالها، وعندما استصعب عليه فداها وفدي رسالتها الإسلامية بكل ما يملك من أبناء وأخوة وأهل وأقرباء وأحباب وأصحاب وبالتالي قدم نفسه الشريفة إلي سيوفها القاطعة ورماحها النافذة.. ولكن ليبقي جرح الإمام الحسين (عليه السلام) في كل القلوب المؤمنة نافذ ونازف.. أي ليتحول الإمام الحسين (عليه السلام) إلي قلب نابض بالحياة يضخ الدم النقي الصافي في عروق الإسلام الحنيف، وشرايين الأمة التي قطعت شرايينه (روحي وأرواح العالمين له الفداء..)

وما صرخاته المدوية أو نداءاته الثورية، أو استغاثته الحزينة إلا لإيقاظ القلوب وتجلوها من الرين الذي يتراكم عليها عبر الأيام والآثام.. فكلمات الإمام الحسين (عليه السلام) ونداءاته: (أما من مغيث يغيثنا..) و(أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله) و(أما من ناصر.. أما من معين..) وغيرها هي كشرارة كهربائية تجبر القلوب علي الخفقان، والعيون علي الجريان بدموع حارة وسخية علي ذاك المصاب الإدّ الذي اصيب به الإمام أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) علي تراب الطف..

فـ (كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)) هي ضرورة حضارية لهذه الأمة.. وخاصة في هذه الظروف المختلفة التي جعلت من الأمة أذل أمم الأرض قاطبة - والعياذ بالله - رغم كثرتها واتساع رقعتها وغناها في ثرواتها.. إلا أنها غثاء كغثاء السيل، لا أحد يحسب لها حساباً ولا ترعي لها إلا ولا ذمة..

نعم.. نقرأ في التقارير والكتب المترجمة عن حساباتهم الحذر إذا فاقت أو استيقظت هذه الأمة ويعملون كل ما بوسعهم للحيلولة دون ذلك لأنها جبارة بكل ما تعني هذه الكلمة، ومرعبة لهم في يقظتها..

وسر يقظتها.. وشفاء سقمها هو في كتابها المنزل ودستورها الخالد: القرآن الكريم وبشقيه (الصامت والناطق) ولا يمكن للأمة أن تستيقظ من سكرتها أو تشفي من نعاسها إلا بعودتها إلي حظيرة القدس الإلهية..

هذه هي كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) باختصار شديد..

وهي وبهذا الشكل مجموعة في هذا الكتاب القيم الذي يشكل جزءً من الموسوعة الشيرازية (الكلمة) لسماحة السيد الشهيد حسن الشيرازي (رحمه الله) شهيد الكلمة والمبدأ..

وبكلمة نقول: إن الإمام الحسين (عليه السلام) هو كلمة ربانية.. وكلماته إصلاحية ومسؤولة ونورانية..