بازگشت

خطبته في يوم عاشوراء اذا أحاطوه من كل جانب


روي أنه لمّا عبّأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين عليه السلام، و احاطوا به من كلّ جانب، حتّي جعلوه في مثل الحلقة، فخرج عليه السلام حتّي أتي الناس، فاستنصتهم، فأبوا أن ينصتوا، حتي قال لهم:

وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيَّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي، وَ اِنَّما اَدْعُوكُمْ اِلي سَبيلِ الرَّشادِ، فَمَنْ اَطاعَني كان مِنَ الْمُرْشَدينَ، وَ مَنْ عَصاني كانَ مِنَ الْمُهْلَكينَ، وَ كُلُّكُمْ عاصٍ لِاَمْري غَيْرَ مُسْتَمِعٍ قَوْلي، فَقَدْ مُلِأَتْ بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرامِ، وَ طُبِعَ عَلي قُلُوبِكُمْ، وَيْلَكُمْ اَلَّا تَنْصِتُونَ، اَلا تَسْمَعُونَ.

فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم، و قالوا: أنصتوا له، فقام الحسين عليه السلام ثم قال:

تَبّاً لَكُمْ اَيَّتُهَا الْجَماعَةُ وَ تَرَحاً، اَفَحينَ اسْتَصْرَخْتُمُونا وَلِهينَ مُتَحَيِّرينَ، فَاَصْرَخْتُكُمْ مُؤَدّينَ مُسْتَعِدّينَ، سَلَلْتُمْ عَلَيْنا سَيْفاً في رِقابِنا، وَ حَشَشْتُمْ عَلَيْنا نارَ الْفِتَنِ خَباها عَدُوُّكُمْ وَ عَدُوُّنا، فَاَصْبَحْتُمْ اِلْباً عَلي اَوْلِيائِكُمْ وَ يَداً عَلَيْهِمْ لِاَعْدائِكُمْ، بِغَيْرِ عَدْلٍ اَفْشُوهُ فيكُمْ وَ لا اَمَلٍ اَصْبَحَ لَكُمْ فيهِمْ، اِلَّا الْحَرامَ مِنَ الدُّنْيا اَنالُوكُمْ، وَ خَسيسِ عَيْشٍ طَمِعْتُمْ فيهِ، مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ كانَ مِنَّا، وَ لا رَأْيٍ تَفَيَّلَ لَنا.فَهَلَّا لَكُمُ الْوَيْلاتُ، اِذْ كَرِهْتُمُونا وَ تَرَكْتُمُونا، تَجَهَّزْتُمُوها وَالسَّيْفُ لَمْ يَشْهَرْ [1] ، وَ الْجَأْشُ طامِنٌ، وَالرَّأْيُ لَمْ يُسْتَحْصَفْ، وَلكِنْ اَسْرَعْتُمْ عَلَيْنا كَطَيْرَةِ الذُّبابِ، وَ تَداعَيْتُمْ كَتَداعيِ الْفِراشِ، فَقُبْحاً لَكُمْ.

فَاِنَّما اَنْتُمْ مِنْ طَواغيتِ الْاُمَّةِ وَ شُذَّاذِ الْاَحْزابِ وَ نَبَذَةِ الْكِتابِ، وَ نَفَثَةِ الشَّيْطانِ وَ عَصَبَةِ الْاثامِ، وَ مُحَرِّفِي الْكِتابِ وَ مُطْفِي ءِ السُّنَنِ، وَ قَتَلَةِ اَوْلادِ الْاَنْبِياءِ وَ مُبيري عِتْرَةِ الْاَوْصِياءِ، وَ مُلْحِقِي الْعِهارِ بِالنَّسَبِ، وَ مُؤْذِي الْمُؤْمِنينَ، وَ صُراخِ اَئِمَّةِ الْمُسْتَهْزِئينَ، الَّذينَ جَعَلُوا الْقُرْانَ عِضينَ.

وَ اَنْتُمْ اِبْنُ حَرْبٍ، وَ اَشْياعَهُ تَعْتَمِدُونَ، وَ اِيَّانا تَخاذَلُونَ، اَجَلْ وَاللَّهِ الْخِذْلُ فيكُمْ مَعْرُوفٌ، وَ شَجَتْ عَلَيْهِ عُرُوقُكُمْ، وَ تَوارَثَتْهُ اُصُولُكُمْ وَ فُرُوعُكُمْ، وَ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، وَ غَشِيَتْ صُدُورُكُمْ، فَكُنْتُمْ اَخْبَثَ شَيْ ءٍ سِنْخاً لِلنَّاصِبِ وَ اَكْلَةً لِلْغاصِبِ [2] ، اَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَي النَّاكِثينَ، الَّذينَ يَنْقُضُونَ الْاَيْمانَ بَعْدَ تَوْكيدِها، وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفيلاً، فَاَنْتُمْ وَاللَّهِ هُمْ.

اَلا اِنَّ الدَّعِيَّ بْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ، بَينَ الْقُلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَ هَيْهاتَ ما اخِذُ الدَّنِيَّةَ، [3] ، اَبَي اللَّهُ ذلِكَ وَ رَسُولُهُ، وَ جُدُودٌ طابَتْ وَ حُجُورٌ طَهُرَتْ، وَ اُنُوفٌ حَمِيَّةٌ وَ نُفُوسٌ اَبِيَّةٌ، لا تُؤْثَرُ [4] مَصارِعُ اللِّئامِ عَلي مَصارِعِ الْكِرامِ.

اَلا قَدْ اَعْذَرْتُ وَ اَنْذَرْتُ، اَلا اِنّي زاحِفٌ بِهذِهِ الْاُسْرَةِ، عَلي قُلَّةِ الْعِتادِ وَ خِذْلَةِ الْاَصْحابِ [5] .

ثم أنشأ يقول:



فَاِنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً

وَ اِنْ نُهْزَمْ فَغَيْرُ مُهَزَّمينا



وَ ما اِنْ طِبَّنا جُبْنٍ وَلكِنْ

مَنايانا وَ دَوْلَةُ اخَرينا



اَلا، ثُمَّ لا تَلْبَثُونَ بَعْدَها، اِلَّا كَرَيْثَ ما يَرْكَبُ الْفَرَسُ، حتّي تَدُورَ بِكُمُ الرَّحي وَ تَقْلِقَ بِكُمُ قَلَقِ الْمِحْوَرِ، عَهْدٌ عَهِدَهُ اِلَيَّ اَبي عَنْ جَدّي.

فَاَجْمِعُوا اَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كيدُوني جَميعاً فَلا تَنْظُرُونَ، اِنّي تَوَكَّلْتُ عَليَ اللَّهِ رَبّي وَ رَبِّكُمْ، ما مِنْ دابَّةٍ الَّا هُوَ اخِذٌ بِناصِيَتِها، اِنَّ رَبّي عَلي صِراطٍ مُسْتَقيمٍ.

ثمّ رفع يديه نحو السماء، و قال:

اَللَّهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّماءِ، وَ ابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنينَ كِسِنِيِّ يُوسُفَ، وَ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلامَ ثَقيفَ، يَسْقيهِمْ كَاْساً مُصَبَّرَةً، وَ لايَدَعُ فيهِمْ اَحَداً، اِلَّا قَتَلَهُ قَتْلَةً بِقَتْلَةٍ، وَ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ، يَنْتَقِمُ لي وَ لِاَوْلِيائي وَ اَهْلِ بَيْتي وَ اَشْياعي مِنْهُمْ، فَاِنَّهُمْ غَرُّونا وَ خَذَلُونا، وَ اَنْتَ رَبُّنا، عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ اِلَيْكَ اَنَبْنا وَ اِلَيْكَ الْمَصيرُ.

ثم قال: اين عمر بن سعد، ادعو لي عمر، فدعي له، و كان كارهاً لايحب أن يأتيه، فقال:

يا عُمَرُ! اَنْتَ تَقْتُلُني، تَزْعَمُ اَنْ يُوَلِّيَكَ الدَّعِيُّ ابْنُ الدِّعِيِّ بِلادَ الرَّيِّ وَ جُرْجانَ، وَ اللَّهِ لا تَتَهَنَّأُ بِذلِكَ اَبَداً، عَهْداً مَعْهُوداً، فَاصْنَعْ ما اَنْتَ صانِعٌ، فَاِنَّكَ لا تَفْرَحُ بَعْدي بِدُنْيا وَ لا اخِرَةٍ، وَ لَكَأَنّي بِرَأْسِكَ عَلي قَصَبَةٍ قَدْ نُصِبَ بِالْكُوفَةِ، يَتَراماهُ الصِّبْيانُ، وَ يَتَّخِذُونَهُ غَرَضاً بَيْنَهُمْ.


پاورقي

[1] فهلا لکم الويلات، ترکتمونا والسيف مشيم (خ ل).

[2] فکنتم اخبث ثمرة شجا للناظر و اکلة للغاصب (خ ل).

[3] ترکني بين اثنتين، بين السلة والذلة، و هيهات منا الذلة (خ ل)، بين الملة والذلة و هيهات منا الدنيئة (خ ل).

[4] و ان تؤثر (من ان تؤثر) طاعة اللئام علي مصارع الکرام (خ ل).

[5] علي کلب العدو و کثرة العدد و خذلة الناصر (خ ل).