بازگشت

خطبته في التوحيد


اَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هؤُلاءِ الْمارِقَةَ، الَّذينَ يُشَبِّهوُنَ اللَّهَ بِاَنْفُسِهِمْ، يُضاهِئوُنَ قَوْلَ الَّذينَ كَفَروُا مِنْ اَهْلِ الْكِتابِ، بَلِ اللَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ، لا تُدْرِكُهُ الْاَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْاَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ.

اِسْتَخْلَصَ الْوَحْدانِيَّةَ وَالْجَبَروُتَ، وَ اَمْضَي الْمَشيئَةَ وَ الْاِرادَةَ وَالْقُدْرَةَ وَالْعِلْمَ بِما هُوَ كائِنٌ، لا مُنازِعَ لَهُ في شَيْ ءٍ مِنْ اَمْرِهِ، وَ لا كُفْوَ لَهُ يُعادِلُهُ، وَ لا ضِدَّ لَهُ يُنازِعُهُ، وَ لا سَمِيَّ لَهُ يُشابِهُهُ، وَ لا مِثْلَ لَهُ يُشاكِلُهُ.

لا تَتَداوَلُهُ الْاُموُرُ، وَ لا تَجْري عَلَيْهِ الْاَحْوالُ، وَ لا تَنْزِلُ عَلَيْهِ الْاَحْداثُ، وَ لا يَقْدِرُ الْواصِفوُنَ كُنْهَ عَظَمَتِهِ، وَ لا يَخْطُرُ عَلَي الْقُلوُبِ مَبْلَغُ جَبَروُتِهِ، لاَِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْاَشْياءِ عَديلٌ، وَ لا تُدْرِكُهُ الْعُلَماءُ بِاَلْبابِها، وَ لا اَهْلُ

التَّفْكيرِ بِتَفْكيرِهِمْ اِلَّا بِالتَّحْقيقِ ايقاناً بِالْغَيْبِ، لِاَنَّهُ لا يوُصَفُ بِشَيْ ءٍ مِنْ صِفاتِ الْمَخْلوُقينَ، وَ هُوَ الْواحِدُ الصَّمَدُ، ما تُصُوِّرَ فِي الْاَوْهامِ فَهُوَ خِلافُهُ.

لَيْسَ بِرَبٍّ مَنْ طُرِحَ تَحْتَ الْبَلاغِ، وَ مَعْبوُدٍ مَنْ وُجِدَ في هَواءٍ اَوْ غَيْرِ هَواءٍ، هُوَ فِي الْاَشْياءِ كائِنٌ لا كَيْنوُنَةَ مَحْظوُرٍ بِها عَلَيْهِ، وَ مِنَ الْاَشْياءِ بائِنٌ لا بَيْنوُنَةَ غائِبٍ عَنْها، لَيْسَ بِقادِرٍ مَنْ قارَنَهُ ضِدٌّ اَوْ ساواهُ نِدٌ، لَيْسَ عَنِ الدَّهْرِ قِدَمُهُ، وَ لا بِالنَّاحِيَهِ اَمَمُهُ.

اِحْتَجَبَ عَنِ الْعُقوُلِ كَمَا احْتَجَبَ عَنِ الْاَبْصارِ، وَ عَمَّنْ فِي السَّماءِ احْتِجابُهُ كَمَنْ فِي الْاَرْضِ، قُرْبُهُ كَرامَتُهُ، وَ بُعْدُهُ اِهانَتُهُ، لا تُحِلُّهُ في، وَ لا تُوَقِّتُهُ اِذْ، وَ لا تُؤامِرُهُ اِنْ عُلُوُّهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّلٍ، وَ مَجيئُهُ مِنْ غَيْرِ تَنَقُّلٍ، يُوجِدُ الْمَفْقوُدَ وَ يَفْقِدُ الْمَوْجُودَ، وَ لا تَجْتَمِعُ لِغَيْرِهِ الصِّفَتانِ في وَقْتٍ، يُصيبُ الْفِكْرُ مِنْهُ الاْيمانَ بِهِ مَوْجوُداً، وَ وُجُودُ الاْيمانِ لا وُجوُدَ صِفَةٍ.وَ اِيَّاكُمْ مِنْ عِقابِهِ، وَ اَوْجَبَ لَنا وَ لَكُمُ الْجَزيلَ مِنْ ثَوابِهِ.

عِبادَ اللَّهِ فَلَوْ كانَ ذلِكَ قَصْرَ مَرْماكُمْ وَ مَدي مَظْعَنِكُمْ، كانَ حَسْبُ الْعامِلِ شُغْلاً يَسْتَفْرِغُ عَلَيْهِ اَحْزانَهُ وَ يَذْهَلَهُ عَنْ دُنْياهُ وَ يُكْثِرَ نَصَبَهُ لِطَلَبِ الْخَلاصِ مِنْهُ، فَكَيْفَ وَ هُوَ بَعْدَ ذلِكَ مُرْتَهِنٌ بِاكْتِسابِهِ مُسْتَوْقِفٌ عَلي حِسابِهِ، لا وَزيرَ لَهُ يَمْنَعُهُ وَ لا ظَهيرَ عَنْهُ يَدْفَعُهُ، وَ يَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً ايمانُها لَمْ تَكُنْ امَنَتْ مِنْ قَبْلُ اَوْ كَسَبَتْ في ايمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِروُا اِنَّا مُنْتَظِروُنَ.

اوُصيكُمْ بِتَقْوَي اللَّهِ، فَاِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقاهُ اَنْ يُحَوِّلَهُ عَمَّا يَكْرَهُ اِلي ما يُحِبُّ وَ يَرْزُقُهُ مِنْ حَيْثُ لايَحْتَسِبُ.

فَاِيَّاكَ اَنْ تَكوُنَ مِمَّنْ يَخافُ عَلَي الْعِبادِ مِنْ ذُنوُبِهِمْ وَ يَأْمَنُ الْعُقوُبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ، فَاِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وَ تَعالي لايُخْدَعُ مِنْ جَنَّتِهِ، وَ لايُنالُ ما عِنْدَهُ اِلَّا بِطاعَتِهِ، اِنْ شاءَ اللَّهُ.بِهِ تُوصَفُ الصِّفاتُ لا بِها يوُصَفُ، وَ بِهِ تُعْرَفُ الْمَعارِفُ لا بِها يُعْرَفُ، فَذلِكَ اللَّهُ لا سَمِيَّ لَهُ، سُبْحانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ.