بازگشت

دعاء الشاب الماخوذ بذنبه


424. مهج الدعوات: مَروِيٌّ عَنِ مَولانَا الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عليه السلام الدُّعاءُ المَعروفُ بِدُعاءِ الشّابِّ المَأخوذِ بِذَنبِهِ، وما رُوِيَ عَن جَماعَةٍ يُسنِدونَ الحَديثَ إلَي الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عليه السلام قالَ:

كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام فِي الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ [1] قَليلَةِ النّورِ، وقَد خَلَا الطَّوافُ، ونامَ الزُّوّارُ، وهَدَأَتِ العُيونُ، إذ سَمِعَ مُستَغيثاً مُستَجيراً مُتَرَحِّماً [2] ، بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ، وهُوَ يَقولُ:



يا مَن يُجيبُ دُعَا المُضطَرِّ فِي الظُّلَمِ

يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوي مَعَ السَّقَمِ



قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَانتَبَهوا

يَدعو! وعَينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ



هَب لي بِجودِكَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمي

يا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ



إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفٍ [3] .

فَمَن يَجودُ عَلَي العاصينَ بِالنِّعَمِ



قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ عليه السلام: فَقالَ لي: يا أبا عَبدِ اللَّهِ، أسَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ، المُستَغيثَ رَبَّهُ؟ فَقُلتُ: نَعَم، قَد سَمِعتُهُ.

فَقالَ: اِعتَبِرهُ [4] عَسي [أن] [5] تَراهُ. فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ، وأتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ، فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ، فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ قائِمٌ، فَقُلتُ:

السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ، المُستَغفِرُ المُستَجيرُ، أجِب بِاللَّهِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله.

فَأَسرَعَ في سُجودِهِ وقُعودِهِ وسَلَّمَ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّي أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني، فَتَقَدَّمتُهُ، فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقُلتُ: دونَكَ ها هُوَ!

فَنَظَرَ إلَيهِ، فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ، نَقِيُّ الثِّيابِ، فَقالَ لَهُ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟

فَقالَ لَهُ: مِن بَعضِ العَرَبِ.

فَقالَ لَهُ: ما حالُكَ، ومِمَّ بُكاؤُكَ وَاستِغاثَتُكَ؟

فَقالَ: حالُ مَن اُوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُوَ في ضيقٍ، ارتَهَنَهُ المُصابُ، وغَمَرَهُ الاِكتِئابُ فَارتابَ [6] ، فَدُعاؤُهُ لا يُستَجابُ.

فَقالَ لَهُ عَلِيّ عليه السلام: ولِمَ ذلِكَ؟

فَقالَ: لِأَنّي كُنتُ مُلتَهِياً فِي العَرَبِ بِاللَّعبِ وَالطَّرَبِ، اُديمُ العِصيانَ في رَجَبٍ وشَعبانَ، وما اُراقِبُ الرَّحمنَ، وكانَ لي والِدٌ شَفيقٌ يُحَذِّرُني مَصارِعَ الحَدَثانِ [7] ، ويُخَوِّفُنِي العِقابَ بِالنّيرانِ، ويَقولُ: كَم ضَجَّ مِنكَ النَّهارُ وَالظَّلامُ، وَاللَّيالي وَالأَيّامُ، وَالشُّهورُ وَالأَعوامُ، وَالمَلائِكَةُ الكِرامُ. وكانَ إذا ألَحَّ عَلَيَّ بِالوَعظِ زَجَرتُهُ وَانتَهَرتُهُ، ووَثَبتُ عَلَيهِ وضَرَبتُهُ.

فَعَمَدتُ يَوماً إلي شَي ءٍ مِنَ الوَرِقِ [8] وكانَت فِي الخِباءِ، فَذَهَبتُ لِآخُذَها

وأصرِفَها فيما كُنتُ عَلَيهِ، فَمانَعَني عَن أخذِها، فَأَوجَعتُهُ ضَرباً ولَوَيتُ يَدَهُ، وأخَذتُها ومَضَيتُ.

فَأَومَأَ بِيَدِهِ إلي رُكبَتَيهِ يَرومُ النُّهوضَ مِن مَكانِهِ ذلِكَ، فَلَم يُطِق يُحَرِّكُها مِن شِدَّةِ الوَجَعِ وَالأَلَمِ، فَأَنشَأَ يَقولُ:



جَرَت رَحِمٌ بَيني وبَينَ مُنازِلٍ

سَواءً كَما يَستَنزِلُ القَطرَ طالِبُه



ورَبَّيتُ حَتّي صارَ جَلداً شَمَردَلاً [9] .

إذا قامَ ساوي غارِبَ [10] الفَحلِ غارِبُه



وقَد كُنتُ اُوتيهِ مِنَ الزّادِ فِي الصِّبا

إذا جاعَ مِنهُ صَفوُهُ وأطايِبُه



فَلَمَّا استَوي في عُنفُوانِ شَبابِهِ

وأصبَحَ كَالرُّمحِ الرُّدَينِيِّ [11] خاطِبُه



تَهَضَّمَني مالي كَذا ولَوي يَدي

لَوي يَدَهُ اللَّهُ الَّذي هُوَ غالِبُه



ثُمَّ حَلَفَ بِاللَّهِ لَيَقدَمَنَّ إلي بَيتِ اللَّهِ الحَرامِ، فَيَستَعدِي اللَّهَ عَلَيَّ.

قالَ: فَصامَ أسابيعَ، وصَلّي رَكَعاتٍ، ودَعا، وخَرَجَ مُتَوَجِّهاً عَلي عَيرانَةٍ [12] ، يَقطَعُ بِالسَّيرِ عَرضَ الفَلاةِ، ويَطوِي الأَودِيَةَ ويَعلُو الجِبالَ، حَتّي قَدِمَ مَكَّةَ يَومَ الحَجِّ الأَكبَرِ، فَنَزَلَ عَن راحِلَتِهِ، وأقبَلَ إلي بَيتِ اللَّهِ الحَرامِ، فَسَعي وطافَ بِهِ، وتَعَلَّقَ بِأَستارِهِ، وَابتَهَلَ، وأنشَأَ يَقولُ:



يا مَن إلَيهِ أتَي الحُجّاجُ بِالجَهَدِ

فَوقَ المَهاوي [13] مِنَ اقصي غايَةِ البُعدِ



إنّي أتَيتُكَ يا مَن لا يُخَيِّبُ مَن

يَدعوهُ مُبتَهِلاً بِالواحِدِ الصَّمَدِ



هذا مُنازِلُ لا يَرتاعُ مِن عققي

فَخُذ بِحَقّي يا جَبّارُ مِن وَلَدي



حَتّي تُشِلَّ بِعَونٍ مِنكَ جانِبَهُ

يا مَن تَقَدَّسَ لَم يولَد ولَم يَلِدِ



قالَ: فَوَ الَّذي سَمَكَ [14] السَّماءَ، وأنبَعَ الماءَ، مَا استَتَمَّ دُعاءَهُ حَتّي نَزَلَ بي ما تَري - ثُمَّ كَشَفَ عَن يَمينِهِ، فَإِذا بِجانِبِهِ قَد شَلَّ - فَأَنَا مُنذُ ثَلاثِ سِنينَ أطلُبُ إلَيهِ أن يَدعُوَ لي [15] فِي المَوضِعِ الَّذي دَعا بِهِ عَلَيَّ، فَلَم يُجِبني، حَتّي إذا كانَ العامُ، أنعَمَ عَلَيَّ فَخَرَجتُ [بِهِ [16] [عَلي ناقَةٍ عُشَراءَ [17] اُجِدُّ السَّيرَ حَثيثاً رَجاءَ العافِيَةِ، حَتّي إذا كُنّا عَلَي الأَراكِ [18] ، وحَطمَةِ [19] وادِي السِّياكِ [20] نَفَرَ طائِرٌ فِي اللَّيلِ، فَنَفَرَت مِنهُ النّاقَةُ الَّتي كانَ عَلَيها، فَأَلقَتهُ إلي قَرارِ الوادي، وَارفَضَّ بَينَ الحَجَرَينِ، فَقَبَرتُهُ هُناكَ، وأعظَمُ مِن ذلِكَ أنّي لا اُعرَفُ إلَّا «المَأخوذَ بِدَعوَةِ أبيهِ»!

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام: أتاكَ الغَوثُ، ألا اُعَلِّمُكَ دُعاءً َلَّمَنيهِ رَسولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله، وفيهِ اسمُ اللَّهِ الأَكبَرُ الأَعظَمُ، العَزيزُ الأَكرَمُ، الَّذي يُجيبُ بِهِ مَن دَعاهُ، ويُعطي بِهِ مَن سَأَلَهُ، ويُفَرِّجُ [بِهِ] [21] الهَمَّ، ويَكشِفُ بِهِ الكَربَ، ويُذهِبُ بِهِ الغَمَّ، ويُبرِئُ بِهِ السُّقمَ، ويَجبُرُ بِهِ الكَسيرَ، ويُغني بِهِ الفَقيرَ، ويَقضي بِهِ الدَّينَ، ويَرُدُّ بِهِ العَينَ، ويَغفِرُ بِهِ الذُّنوبَ، ويَستُرُ بِهِ العُيوبَ، ويُؤمِنُ بِهِ كُلَّ خائِفٍ مِن شَيطانٍ مَريدٍ، وجَبّارٍ عَنيدٍ! ولَو دَعا بِهِ طائِعٌ للَّهِِ عَلي جَبَلٍ لَزالَ مِن مَكانِهِ، أو عَلي مَيِّتٍ لَأَحياهُ اللَّهُ بَعدَ مَوتِهِ، ولَو دَعا بِهِ عَلَي الماءِ لَمَشي عَلَيهِ بَعدَ أن لا يَدخُلَهُ العُجبُ.

فَاتَّقِ اللَّهَ أيُّهَا الرَّجُلُ، فَقَد أدرَكَتنِي الرَّحمَةُ لَكَ، وَليَعلَمِ اللَّهُ مِنكَ صِدقَ النِّيَّةِ أنَّكَ لا تَدعو بِهِ في مَعصِيَتِهِ، ولا تُفيدُهُ إلَّا الثِّقَةَ في دينِكَ، فَإِن أخلَصتَ النِّيَّةَ استَجابَ اللَّهُ لَكَ، ورَأَيتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّداًصلي الله عليه وآله في مَنامِكَ، يُبَشِّرُكَ بِالجَنَّةِ وَالإِجابَةِ.

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ عليه السلام: فَكانَ سُروري بِفائِدَةِ الدُّعاءِ أشَدَّ مِن سُرورِ الرَّجُلِ بِعافِيَتِهِ وما نَزَلَ بِهِ؛ لِأَنَّني لَم أكُن سَمِعتُهُ مِنهُ، ولا عَرَفتُ هذَا الدُّعاءَ قَبلَ ذلِكَ.

ثُمَّ قالَ: اِيتِني بِدَواةٍ وبَياضٍ، وَاكتُب ما اُمليهِ عَلَيكَ. فَفَعَلتُ، وهُوَ:

«بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللَّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ، يا حَيُّ يا قَيّومُ، يا حَيُّ لا إلهَ إلّا أنتَ، يا مَن لا يَعلَمُ ما هُوَ ولا أينَ هُوَ ولا حَيثُ هُوَ ولا كَيفَ هُوَ إلّا هُوَ، يا ذَا المُلكِ وَالمَلَكوتِ، يا ذَا العِزَّةِ وَالجَبَروتِ، يا مَلِكُ يا قُدّوسُ، يا سَلامُ يا مُؤمِنُ يا مُهَيمِنُ، يا عَزيزُ يا جَبّارُ يا مُتَكَبِّرُ، يا خالِقُ يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ، يا مُفيدُ، يا وَدودُ يا مَحمودُ يا مَعبودُ، يا بَعيدُ يا قَريبُ يا مُجيبُ، يا رَقيبُ يا حَسيبُ، يا بَديعُ يا رَفيعُ، يا مَنيعُ يا سَميعُ، يا عَليمُ يا حَكيمُ، يا كَريمُ يا قائِمُ يا دائِمُ يا عالِمُ يا قَديمُ [22] .

يا عَلِيُّ يا عَظيمُ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا دَيّانُ [23] يا مُستَعانُ، يا جَليلُ يا جَميلُ، يا وَكيلُ يا كَفيلُ، يا مُقيلُ يا مُنيلُ، يا نَبيلُ يا دَليلُ، يا هادي، يا بادي، يا أوَّلُ يا آخِرُ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا حاكِمُ يا قاضي، يا عادِلُ يا فاضِلُ، يا واصِلُ يا طاهِرُ يا مُطَهِّرُ، يا قادِرُ يا مُقتَدِرُ، يا كَبيرُ يا مُتَكَبِّرُ.

يا واحِدُ يا أحَدُ يا صَمَدُ، يا مَن لَم يَلِد ولَم يولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُواً أحَدٌ، ولَم يَكُن لَهُ صاحِبَةٌ ولا كانَ مَعَهُ وَزيرٌ، ولَا اتَّخَذَ مَعَهُ مُشيراً، ولَا احتاجَ إليظَهيرٍ، ولا كانَ مَعَهُ إلهٌ، لا إلهَ إلّا أنتَ فَتَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الجاحِدونَ (الظّالِمونَ خ ل) عُلُوّاً كَبيراً.

يا عالِمُ يا شامِخُ [24] يا باذِخُ [25] ، يا فَتّاحُ يا مُرتاحُ يا مُفَرِّجُ، يا ناصِرُ يا مُنتَصِرُ، يا مُهلِكُ (مُدرِكُ خ ل) يا مُنتَقِمُ، يا باعِثُ يا وارِثُ، يا أوَّلُ يا طالِبُ يا غالِبُ، يا مَن لا يَفوتُهُ هارِبٌ، يا تَوّابُ يا أوّابُ يا وَهّابُ، يا مُسَبِّبَ الأَسبابِ، يا مُفَتِّحَ الأَبوابِ، يا مَن حَيثُ ما دُعِيَ أجابَ، يا طَهورُ يا شَكورُ، يا عَفُوُّ يا غَفورُ، يا نورَ النَّورِ، يا مُدَبِّرَ الاُمورِ، يا لَطيفُ يا خَبيرُ، يا مُتَجَبِّرُ يا مُنيرُ، يا بَصيرُ يا ظَهيرُ، يا كَبيرُ يا وَترُ، يا فَردُ يا صَمَدُ، يا سَنَدُ يا كافي، يا مُحِسنُ يا مُجمِلُ، يا شافي يا وافي يا مُعافي، يا مُنعِمُ يا مُتَفَضِّلُ يا مُتَكَرِّمُ يا مُتَفَرِّدُ.

يا مَن عَلا فَقَهَرَ، يا مَن مَلَكَ فَقَدَرَ، يا مَن بَطَنَ فَخَبَرَ، يا مَن عُبِدَ فَشَكَرَ، يا مَن عُصِيَ فَغَفَرَ وسَتَرَ، يا مَن لا تَحويهِ الفِكَرُ، ولا يُدرِكُهُ بَصَرٌ، ولا يَخفي عَلَيهِ أثَرٌ، يا رازِقَ البَشَرِ، ويا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ.

يا عالِيَ المَكانِ، يا شَديدَ الأَركانِ، يا مُبَدِّلَ الزَّمانِ، يا قابِلَ القُربانِ، يا ذَا المَنِّ

وَالإِحسانِ، يا ذَا العِزِّ وَالسُّلطانِ، يا رَحيمُ يا رَحمنُ، يا عَظيمَ الشَّأنِ، يا مَن هُوَ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ، يا مَن لا يَشغَلُهُ شَأنٌ عَن شَأنٍ.

يا سامِعَ الأَصواتِ، يا مُجيبَ الدَّعواتِ، يا مُنجِحَ الطَّلِباتِ، يا قاضِيَ الحاجاتِ، يا مُنزِلَ البَرَكاتِ، يا راحِمَ العَبَراتِ، يا مُقيلَ العَثَراتِ، يا كاشِفَ الكُرُباتِ، يا وَلِيَّ الحَسَناتِ، يا رَفيعَ الدَّرَجاتِ، يا مُعطِيَ المَسأَلاتِ، يا مُحيِيَ الأَمواتِ، يا جامِعَ الشَّتاتِ، يا مُطَّلِعُ عَلَي النِّيّاتِ، يا رادَّ ما قَد فاتَ، يا مَن لا تَشتَبِهُ عَلَيهِ الأَصواتُ، يا مَن لا تُضجِرُهُ المَسأَلاتُ ولا تَغشاهُ الظُّلُماتُ، يا نورَ الأَرضِ وَالسَّماواتِ.

يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا بارِئَ النَّسَمِ، يا جامِعَ الاُمَمِ، يا شافِيَ السَّقَمِ، يا خالِقَ النّورِ وَالظُّلَمِ، يا ذَا الجُودِ وَالكَرَمِ، يا مَن لا يَطَأُ عَرشَهُ قَدَمٌ.

يا أجوَدَ الأَجوَدينَ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ، يا أسمَعَ السّامِعينَ، يا أبصَرَ النّاظِرينَ، يا جارَ المُستَجيرينَ، يا أمانَ الخائِفينَ، يا ظَهرَ اللّاجينَ، يا وَلِيَّ المُؤمِنينَ، يا غِياثَ المُستَغيثينَ، يا غايَةَ الطّالِبينَ.

يا صاحِبَ كُلِّ غَريبٍ، يا مونِسَ كُلِّ وَحيدٍ، يا مَلجَأَ كُلِّ طَريدٍ، يا مَأوي كُلِّ شَريدٍ، يا حافِظَ كُلِّ ضالَّةٍ، يا راحِمَ الشَّيخِ الكَبيرِ، يا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغيرِ، يا جابِرَ العَظمِ الكَسيرِ، يا فَكّاكَ كُلِّ أسيرٍ، يا مُغنِيَ البائِسِ الفَقيرِ، يا عِصمَةَ الخائِفِ المُستَجيرِ، يا مَن لَهُ التَّدبيرُ وَالتَّقديرُ، يا مَنِ العَسيرُ عَلَيهِ سَهلٌ يَسيرٌ، يا مَن لا يَحتاجُ إلي تَفسيرٍ، يا مَن هُوَ عَلي كُلِّ شَي ءٍ قَديرٌ، يا مَن هُوَ بِكُلِّ شَي ءٍ خَبيرٌ، يا مَن هُوَ بِكُلِّ شَي ءٍ بَصيرٌ.

يا مُرسِلَ الرِّياحِ، يا فالِقَ الإِصباحِ، يا باعِثَ الأَرواحِ، يا ذَا الجودِ وَالسَّماحِ، يا مَن بِيَدِهِ كُلُّ مِفتاحٍ، يا سامِعَ كُلِّ صَوتٍ، يا سابِقَ كُلِّ فَوتٍ، يا مُحيِيَ كُلِّ نَفسٍ بَعدَ المَوتِ.

يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا حافِظي في غُربَتي، يا مونِسي في وَحدَتي، يا وَلِيّي في نِعمَتي، يا كَنَفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ، وتُسلِمُنِي الأَقارِبُ، ويَخذُلُني كُلُّ صاحِبٍ.

يا عِمادَ مَن لا عِمادَ لَهُ، يا سَنَدَ مَن لا سَنَدَ لَهُ، يا ذُخرَ مَن لا ذُخرَ لَهُ، يا كَهفَ مَن لا كَهفَ لَهُ، يا رُكنَ مَن لا رُكنَ لَهُ، يا غِياثَ مَن لا غِياثَ لَهُ، يا جارَ مَن لا جارَ لَهُ.

يا جارِيَ اللَّصيقَ، يا رُكنِيَ الوَثيقَ، يا إلهي بِالتَّحقيقِ، يا رَبَّ البَيتِ [26] العَتيقِ، يا شَفيقُ يا رَفيقُ، فُكَّني مِن حَلَقِ المَضيقِ، وَاصرِف عَنّي كُلَّ هَمٍّ وغَمٍّ وضيقٍ، وَاكفِني شَرَّ ما لا اُطيقُ، وأعِنّي عَلي ما اُطيقُ.

يا رادَّ يوسُفَ عَلي يَعقوبَ، يا كاشِفَ ضُرِّ أيّوبَ، يا غافِرَ ذَنبِ داوُدَ، يا رافِعَ عيسَي بنِ مَريَمَ مِن أيدِي اليَهودِ، يا مُجيبَ نِداءِ يونُسَ فِي الظُّلُماتِ، يا مُصطَفِيَ موسي بِالكَلِماتِ، يا مَن غَفَرَ لِآدَمَ خَطيئَتَهُ، ورَفَعَ إدريسَ بِرَحمَتِهِ، يا مَن نَجّي نوحاً مِنَ الغَرَقِ، يا مَن أهلَكَ عاداً الاُولي وثَمودَ فَما أبقي، وقَومَ نوحٍ مِن قَبلُ إنَّهُم كانوا هُم أظلَمَ وأطغي، وَالمُؤتَفِكَةَ أهوي [27] ، يا مَن دَمَّرَ عَلي قَومِ لوطٍ، ودَمدَمَ [28] عَلي قَومِ شُعَيبٍ.

يا مَنِ اتَّخَذَ إبراهيمَ خَليلاً، يا مَنِ اتَّخَذَ موسي كَليماً، وَاتَّخَذَ مُحَمَّداً صَلَّي اللَّهُ عَليهِم أجمَعينَ حَبيباً، يا مُؤتِيَ لُقمانَ الحِكمَةَ، وَالواهِبَ لِسُليمانَ مُلكاً لا يَنبَغي لِأَحَدٍ مِن بَعدِهِ، يا مَن نَصَرَ ذَا القَرنَينِ عَلَي المُلوكِ الجَبابِرَةِ، يا مَن أعطَي الخِضرَ

الحَياةَ، ورَدَّ لِيوشَعَ بنِ نونٍ الشَّمسَ بَعدَ غُروبِها، يا مَن رَبَطَ عَلي قَلبِ اُمِّ موسي، وأحصَنَ فَرجَ مَريَمَ بِنتِ عِمرانَ، يا مَن حَصَّنَ يَحيَي بنَ زَكَرِيّاءَ مِنَ الذَّنبِ، وسَكَّنَ عَن موسَي الغَضَبَ، يا مَن بَشَّرَ زَكَرِيّاءَ بِيَحيي، يا مَن فَدي إسماعيلَ مِنَ الذَّبحِ، يا مَن قَبِلَ قُربانَ هابيلَ وجَعَلَ اللَّعنَةَ عَلي قابيلَ، يا هازِمَ الأَحزابِ، صَلِّ عَليمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَلي جَميعِ المُرسَلينَ ومَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ، وأهلِ طاعَتِكَ.

وأسأَلُكَ بِكُلِّ مَسأَلَةٍ سَأَلَكَ بِها أَحَدٌ مِمَّن رَضيتَ عَنهُ فَحَتَمتَ لَهُ عَلَي الإِجابَةِ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ، بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ أسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ سَمَّيتَ بِهِ نَفسَكَ، أو أنزَلتَهُ في شَي ءٍ مِن كُتُبِكَ، أوِ استَأثَرتَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ، وبِمَعاقِدِ العِزِّ مِن عَرشِكَ، ومُنتَهَي الرَّحمَةِ مِن كِتابِكَ، وبِما لَو أنَّ ما فِي الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أقلامٌ وَالبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أبحُرٍ ما نَفِدَت كَلِماتُ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ. وأسأَلُكَ بِأَسمائِكَ الحُسنَي الَّتي بَيَّنتَها في كِتابِكَ، فَقُلتَ: «وَلِلَّهِ الأَْسْمَآءُ الْحُسْنَي فَادْعُوهُ بِهَا» [29] ، وقُلتَ: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» [30] ، وقُلتَ: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ» [31] ، وقُلتَ: «يَعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَي أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ» [32] .

وأنَا أسأَلُكَ يا إلهي، وأطمَعُ في إجابَتي يا مَولايَ كَما وَعَدتَني، وقَد دَعَوتُكَ كَما أمَرتَني، فَافعَل بي كَذا وكَذا».

وتَسأَلُ اللَّهَ تَعالي ما أحبَبتَ، وتُسَمّي حاجَتَكَ، ولا تَدعُ بِهِ إلّا وأنتَ طاهِرٌ.

ثُمَّ قالَ لِلفَتي: إذا كانَتِ اللَّيلَةُ فَادعُ بِهِ عَشرَ مَرّاتٍ، وأتِني مِن غَدٍ بِالخَبَرِ. [33] .

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ عليه السلام: وأخَذَ الفَتَي الكِتابَ ومَضي، فَلَمّا كانَ مِن غَدٍ ما أصبَحنا حيناً حَتّي أتَي الفَتي إلَينا سَليماً مُعافيً، وَالكِتابُ بِيَدِهِ، وهُوَ يَقولُ: هذا وَاللَّهِ الاِسمُ الأَعظَمُ، استُجيبَ لي وَرَبِّ الكَعبَةِ.

قالَ لَهُ عَلِيٌّ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ: حَدِّثني!

قالَ: [لَمّا [34] [هَدَأَتِ العُيونُ بِالرُّقادِ، وَاستَحلَكَ [35] جِلبابُ [36] اللَّيلِ، رَفَعتُ يَدي بِالكِتابِ، ودَعَوتُ اللَّهَ بِحَقِّهِ مِراراً، فَاُجِبتُ فِي الثّانِيَةِ: حَسبُكَ، فَقَد دَعَوتَ اللَّهَ بِاسمِهِ الأَعظَمِ.

ثُمَّ اضطَجَعتُ، فَرَأَيتُ رَسولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله في مَنامي، وقَد مَسَحَ يَدَهُ الشَّريفَةَ عَلَيَّ وهُوَ يَقولُ: اِحتَفِظ بِاسمِ اللَّهِ الأَعظَمِ العَظيمِ، فَإِنَّكَ عَلي خَيرٍ. فَانتَبَهتُ مُعافيً كَما تَري، فَجَزاكَ اللَّهُ خَيراً. [37] .


پاورقي

[1] الدُّجي: الظُلْمة (الصحاح: ج 6 ص 2334 «دجا»).

[2] في بحار الأنوار: «مستَرحِماً» بدل «مترحّماً» وهو الأصحّ.

[3] السَّرَفُ: الإغفال والخطأ (الصحاح: ج 4 ص 1373 «سرف»).

[4] اعتَبِر: اُنظر وتدَبَّر (اُنظر: لسان العرب: ج 4 ص 531 «عبر»).

[5] الزيادة من بحار الأنوار.

[6] في بحار الأنوار ج 41 ص 225: «فإن تاب» بدل «فارتاب».

[7] حَدَثانُ الدهر: نُوَبُهُ، وما يحدث فيه (لسان العرب: ج 2 ص 132 «حدث»).

[8] الوَرْقُ: الدراهم المضروبة، وفي الوَرْق ثلاث لغات: وَرِق، ووِرْق، وَوَرَق (الصحاح: ج 4 ص 1564 «ورق»).

[9] الشَّمَردَل: السريع من الإبل وغيره (الصحاح: ج 5 ص 1741 «شمردل»).

[10] الغارِب: ما بين العُنق والسَّنام، وهو الذي يُلقي عليه خِطام البعير إذا اُرسِل (المصباح المنير: ص 444 «غرب»).

[11] الرُّمْحُ الرُّديني: زعموا أنّه منسوب إلي امرأة السمهريّ، تسمّي ردينة، وکانا يقوّمان القَنا بِخِطِّ هَجَر (الصحاح: ج 5 ص 2122 «ردن»).

[12] العَيرانَة: الناقة تشبّه بالعَيْر [أي الحمار الوحشي] في سرعتها ونشاطها (الصحاح: ج 2 ص 764 «عير»).

[13] المَهواة: موضع في الهواء مشرف ما دونه من جبلٍ وغيره (لسان العرب: ج 15 ص 370 «هوا»). وفي بحار الأنوار: «المِهاد».

[14] سمک الشي‏ء يسمکه: إذا رفعه (النهاية: ج 2 ص 402 «سمک»).

[15] في المصدر: «يدعوني»، والتصويب من بحار الأنوار.

[16] الزيادة من بحار الأنوار.

[17] العُشَراء من النُّوق: التي مضي لحملها عشرة أشهر بعد طُروق الفَحل. وأحسن ما تکون الإبل وأنفَسُها عند أهلها إذا کانت عِشاراً (تاج العروس: ج 7 ص 225 و 226 «عشر»).

[18] الأراک: هو وادي الأراک قرب مکّة (معجم البلدان: ج1 ص 135).

[19] حَطمُ الجَبَلِ: الموضع الّذي حُطِمَ منهُ، أي ثُلِمَ فبقي منقطعاً (لسان العرب: ج 12 ص 138 «حطم»).

[20] في المصدر: «وحطته وادي السجال»، والتصويب من بحار الأنوار.

[21] الزيادة من بحار الأنوار.

[22] في بحار الأنوار: «... يا عليم يا حکيم يا کريم يا حليم يا قديم».

[23] الديّانُ: القهّارُ (النهاية: ج 2 ص 148 «دين»).

[24] الشامِخُ: العالي (النهاية: ج 2 ص 500 «شمخ»).

[25] البَذَخُ: الفخر والتطاول، والباذخُ: العالي (النهاية: ج 1 ص 110 «بذخ»).

[26] البيتُ العَتيقُ: يعني الکعبة المشرّفة (مجمع البحرين: ج 2 ص 1161 «عتق»).

[27] قيل: إنّ المؤتفکة قري قوم لوط ائتَفکَتْ بأهلِها، أي انقَلبَت، والائتِفاک: الانقلاب، والإهواء: الإسقاط. واحتُمِلَ أن يکون المراد بالمؤتفِکة ما هو أعمّ من قري قوم لوط؛ وهي کلّ قرية نزل عليها العذاب فبادَ أهلُها فبقت خربة داثرة معالمها خاوية عروشها (الميزان في تفسير القرآن: ج 19 ص 50).

[28] دَمْدَمَ عليهم ربُّهم: أي أهلکهم وأزعجهم (مفردات ألفاظ القرآن: ص 318 «دمدم»).

[29] البقرة: 186.

[30] غافر: 60.

[31] الزمر: 53.

[32] الزمر: 53.

[33] في المصدر: «بالخير»، والتصويب من بحار الأنوار.

[34] الزيادة من بحار الأنوار.

[35] المُستَحلِک: الشديد السَّواد (النهاية: ج 1 ص 428 «حلک»).

[36] الجِلْبابُ: الإزار والرداء (النهاية: ج 1 ص 283 «جلب»).

[37] مهج الدعوات: ص 191، بحار الأنوار: ج 95 ص 394 ح 33 و ج 41 ص 224 ح 27.