بازگشت

وفاء اصحابه


298. مقاتل الطالبيّين عن عتبة بن سمعان الكلبّي: قامَ الحُسَينُ عليه السلام في أصحابِهِ خَطيباً فَقالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنّي لا أعلَمُ أصحاباً خَيراً مِن أصحابي، ولا أهلَ بَيتٍ خَيراً مِن أهلِ بَيتي، فَجَزاكُمُ اللَّهُ خَيراً، فَقَد آزَرتُم وعاوَنتُم، وَالقَومُ لا يُريدونَ غَيري، ولَو قَتَلوني لَم يَبتَغوا غَيري أحَداً، فَإِذا جَنَّكُمُ اللَّيلُ فَتَفَرَّقوا في سَوادِهِ وَانجوا بِأَنفُسِكُم.

فَقامَ إلَيهِ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ أخوهُ، وعَلِيٌّ ابنُهُ، وبَنو عَقيلٍ، فَقالوا لَهُ: مَعذَ اللَّهِ وَالشَّهرَ الحَرامَ، فَماذا نَقولُ لِلنّاسِ إذا رَجَعنا إلَيهِم، إنّا تَرَكنا سَيِّدَنا وَابنَ سَيِّدِنا وعِمادَنا وتَرَكناهُ غَرَضاً لِلنَّبلِ ودَريئَةً [1] لِلرِّماحِ وجَزَراً [2] لِلسِّباعِ، وفَرَرنا عَنهُ رَغبَةً فِي الحَياةِ؟! مَعاذَ اللَّهِ، بَل نَحيا بِحَياتِكَ ونَموتُ مَعَكَ.

فَبَكي وبَكَوا عَلَيهِ، وجَزاهُم خَيراً، ثُمَّ نَزَلَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ. [3] .

299. مثير الأحزان: جَمَعَ الحُسَينُ عليه السلام أصحابَهُ وحَمِدَ اللَّهَ وأثني عَلَيهِ، ثُمَّ قالَ: أمّا بَعدُ فَإِنّي لا أعلَمُ لي أصحاباً أوفي ولا خَيراً مِن أصحابي، ولا أهلَ بَيتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهلِ بَيتي فَجَزاكُمُ اللَّهُ عَنّي جَميعاً خَيراً، ألا وإنّي قَد أذِنتُ لَكُم فَانطَلِقوا أنتُم في حِلٍّ، لَيسَ عَلَيكُم مِنّي ذِمامٌ [4] ، هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً [5] .

فَقالَ لَهُ إخوَتُهُ وأبناؤُهُ وأبناءُ عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ: ولِمَ نَفعَلُ ذلِكَ؟ لِنَبقي بَعدَكَ؟! لا أرانَا اللَّهُ ذلِكَ. وبَدَأَهُمُ العَبّاسُ أخوهُ ثُمَّ تابَعوهُ.

وقالَ لِبَني مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ: حَسبُكُم مِنَ القَتلِ بِصاحِبِكُم مُسلِمٍ، اذهَبوا فَقَد أذِنتُ لَكُم.

فَقالوا: لا وَاللَّهِ، لا نُفارِقُكَ أبَداً حَتّي نَقِيَكَ بِأَسيافِنا، ونُقتَلَ بَينَ يَدَيكَ. [6] .


پاورقي

[1] دَرِيْئةٌ: حَلْقة يتعلّم عليها الطعن (النهاية: ج 2 ص 110 «درأ»).

[2] الجَزَرُ: الشاة السمينة (الصحاح: ج 2 ص 613 «جزر»).

[3] مقاتل الطالبيّين: ص 112.

[4] الذِّمامُ: الحقّ والحُرمة (لسان العرب: ج 12 ص 221 «ذمم»).

[5] يقال للرجل إذا سَري ليلته جمعاء: اتّخذ الليل جملاً؛ کأنّه رکبه ولم ينم فيه (النهاية: ج 1 ص 298 «جمل»).

[6] مثير الأحزان: ص52.