بازگشت

كلامه يوم عاشوراء


275. تاريخ دمشق عن بشر بن طانحة عن رجل من همدان: خَطَبَنَا الحُسَينُ بنُ عَلِيّ عليه السلام غَداةَ اليَومِ الَّذِي استُشهِدَ فيهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثني عَلَيهِ، ثُمَّ قالَ:

عِبادَ اللَّهِ، اتَّقُوا اللَّهَ وكونوا مِنَ الدُّنيا عَلي حَذَرٍ، فَإِنَّ الدُّنيا لَو بَقِيَت لأَِحَدٍ وبَقِيَ عَلَيها أحَدٌ، كانَتِ الأَنبِياءُ أحَقَّ بِالبَقاءِ، وأولي بِالرِّضا، وأرضي بِالقَضاءِ، غَيرَ أنَّ اللَّهَ تَعالي خَلَقَ الدُّنيا لِلبَلاءِ، وخَلَقَ أهلَها لِلفَناءِ؛ فَجَديدُها بالٍ، ونَعيمُها مُضمَحِلٌّ، وسُرورُها مُكفَهِرٌّ، وَالمَنزِلُ بُلغَةٌ، وَالدّارُ قُلعَةٌ [1] ، «وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَي» [2] وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ. [3] .

276. مقتل الحسين: تَقَدَّمَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّي وَقَفَ قُبالَةَ القَومِ، وجَعَلَ يَنظُرُ إلي صُفوفِهِم كَأَنَّهَا السَّيلُ، ونَظَرَ إلَي ابنِ سَعدٍ واقِفاً في صَناديدِ [4] الكوفَةِ، فَقالَ:

الحَمدُ للَّهِِ الَّذي خَلَقَ الدُّنيا فَجَعَلَها دارَ فَناءٍ وزَوالٍ، مُتَصَرِّفَةً بِأَهلِها حالاً بَعدَ حالٍ، فَالمَغرورُ مَن غَرَّتهُ، وَالشَّقِيُّ مَن فَتَنَتهُ، فَلا تَغُرَّنَّكُم هذِهِ الدُّنيا؛ فَإِنَّها تَقطَعُ رَجاءَ مَن رَكَنَ إلَيها، وتُخَيِّبُ طَمَعَ مَن طَمِعَ فيها. [5] .

277. الأمالي عن حسين بن زيد بن عليّ عن آبائه عليهم السلام: أنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ عليه السلام خَطَبَ يَومَ اُصيبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثني عَلَيهِ وقالَ: الحَمدُ للَّهِِ الَّذي جَعَلَ الآخِرَةَ لِلمُتَّقينَ، وَالنّارَ وَالعِقابَ عَلَي الكافِرينَ، وإنّا وَاللَّهِ ما طَلَبنا في وَجهِنا هذَا الدُّنيا فَنَكونَ السّاكينَ [6] في رِضوانِ رَبِّنا، فَاصبِروا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا ودارُ الآخِرَةِ خَيرٌ لَكُم. [7] .

278. معاني الأخبار عن عليّ بن الحسين عليه السلام: لَمَّا اشتَدَّ الأَمرُ بِالحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام، نَظَرَ إلَيهِ مَن كانَ مَعَهُ فَإِذا هُوَ بِخِلافِهِم؛ لِأَنَّهُم كُلَّمَا اشتَدَّ الأَمرُ تَغَيَّرَت ألوانُهُم، وَارتَعَدَت فَرائِصُهُم ووَجَبَت [8] قُلوبُهُم، وكانَ الحُسَينُ عليه السلام وبَعضُ مَن مَعَهُ مِن خَصائِصِهِ تُشرِقُ ألوانُهُم، وتَهدَأُ جَوارِحُهُم، وتَسكُنُ نُفوسُهُم.

فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ: اُنظُروا لا يُبالي بِالمَوتِ!

فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام: صَبراً بَنِي الكِرامِ، فَمَا المَوتُ إلّا قَنطَرَةٌ تَعبُرُ بِكُم عَنِ البُؤسِ وَالضَّرّاءِ إلَي الجِنانِ الواسِعَةِ وَالنَّعيمِ الدّائِمَةِ، فَأَيُّكُم يَكرَهُ أن يَنتَقِلَ مِن سِجنٍ

إلي قَصرٍ! وما هُوَ لِأَعدائِكُم إلّا كَمَن يَنتَقِلُ مِن قَصرٍ إلي سِجنٍ وعَذابٍ.

إنَّ أبي حَدَّثَني عَن رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: أنَّ الدُّنيا سِجنُ المُؤمِنِ وجَنَّةُ الكافِرِ، وَالمَوتُ جِسرُ هؤُلاءِ إلي جَنّاتِهِم وجِسرُ هؤُلاءِ إلي جَحيمِهِم، ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ. [9] .

279. الأمالي عن عبد اللَّه بن منصور عن جعفر بن محمّد عليه السلام: حَدَّثَني أبي عَن أبيهِ قالَ:... قالَ [الحُسَينُ عليه السلام] لِأَصحابِهِ: قوموا فَاشرَبوا مِنَ الماءِ يَكُن آخِرَ زادِكُم، وتَوَضَّؤوا وَاغتَسِلوا، وَاغسِلوا ثِيابَكُم لِتَكونَ أكفانَكُم. ثُمَّ صَلّي بِهِمُ الفَجرَ، وعَبَّأَهُم تَعبِئَةَ الحَربِ. [10] .


پاورقي

[1] مَنْزِلَ قُلْعَة: أي ليس بِمُسْتَوطَن (الصحاح: ج 3 ص 1271 «قلع»).

[2] البقرة: 197.

[3] تاريخ دمشق: ج 14 ص 218، کفاية الطالب: ص 429 وفيه «بشر بن طامحة» بدل «بشر بن طانحة».

[4] صَنَادِيدُ القوم: أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم (اُنظر: النهاية: ج 3ص 55 «صند»).

[5] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 252؛ تسلية المجالس: ج 2 ص 273، المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 100 نحوه وليس فيه ذيله من «فإنّها»، بحار الأنوار: ج 45 ص 5.

[6] کذا في المصدر، و الصواب: «الشاکّين».

[7] الأمالي للشجري: ج 1 ص 160.

[8] وَجَبَ القَلْبُ: اضطرب (الصحاح: ج 1 ص 232 «وجب»).

[9] معاني الأخبار: ص 288 ح 3، الاعتقادات: ص 52 من دون إسنادٍ إلي عليّ بن الحسين‏ عليه السلام وفيه «وجلت قلوبهم ووجبت جنوبهم» بدل «وجبت قلوبهم»، بحار الأنوار: ج 44 ص 297 ح 2.

[10] الأمالي للصدوق: ص 221 ح 239، بحار الأنوار: ج 44 ص 316.