بازگشت

كلامه مع اخته ليلة عاشوراء


274. تاريخ الطبري عن الحارث بن كعب وأبي الضحّاك عن عليّ بن الحسين عليه السلام: إنّي جالِسٌ في تِلكَ العَشِيَّةِ الَّتي قُتِلَ أبي صَبيحَتَها وعَمَّتي زَينَبُ عِندي تُمَرِّضُني، إذِ اعتَزَلَ أبي بِأَصحابِهِ في خِباءٍ لَهُ وعِندَهُ حُوَيٌّ مَولي أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ وهُوَ يُعالِجُ سَيفَهُ ويُصلِحُهُ، وأبي يَقولُ:



يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ

كَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ



مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتيلِ

وَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ



وإنَّمَا الأَمرُ إلَي الجَليلِ

وكُلُّ حَيٍّ سالِكُ السَّبيلِ



قالَ: فَأَعادَها مَرَّتَينِ أو ثَلاثاً حَتّي فَهِمتُها، فَعَرَفتُ ما أرادَ، فَخَنَقَتني عَبرَتي فَرَدَدتُ دَمعي ولَزِمتُ السُّكونَ، فَعَلِمتُ أنَّ البَلاءَ قَد نَزَلَ، فَأَمّا عَمَّتي فَإِنَّها سَمِعَت ما سَمِعتُ وهِيَ امرَأَةٌ وفِي النِّساءِ الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ، فَلَم تَملِك نَفسَها أن وَثَبَت تَجُرُّ ثَوبَها، وإنَّها لَحاسِرَةٌ حَتَّي انتَهَت إلَيهِ، فَقالَت: وَاثُكلاه، لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ، اليَومَ ماتَت فاطِمَةُ اُمّي وعَلِيٌّ أبي وحَسَنٌ أخي، يا خَليفَةَ الماضي وثِمالَ [1] الباقي.

قالَ: فَنَظَرَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ: يا اُخَيَّةُ لا يُذهِبَنَّ حِلمَكِ الشَّيطانُ.

قالَت: بِأَبي أنتَ واُمّي يا أبا عَبدِ اللَّهِ، استَقتَلتَ!

نَفسي فِداكَ.

فَرَدَّ غُصَّتَهُ وتَرَقرَقَت عَيناهُ، وقالَ: لَو تُرِكَ القَطا لَيلاً لَنامَ [2] .

قالَت: يا وَيلَتي! أفَتُغصَبُ نَفسُكَ اغتِصاباً؟ فَذلِكَ أقرَحُ لِقَلبي وأشَدُّ عَلي نَفسي. ولَطَمَت وَجهَها وأهوَت إلي جَيبِها وشَقَّتهُ، وخَرَّت مَغشِيّاً عَلَيها.

فَقامَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام فَصَبَّ عَلي وَجهِهَا الماءَ، وقالَ لَها: يا اُخَيَّةُ اتَّقِي اللَّهَ، وتَعَزَّي بِعَزاءِ اللَّهِ، وَاعلَمي أنَّ أهلَ الأَرضِ يَموتونَ، وأنَّ أهلَ السَّماءِ لا يَبقَونَ،

وأنَّ كُلَّ شَي ءٍ هالِكٌ إلّا وَجهَ اللَّهِ، الَّذي خَلَقَ الأَرضَ بِقُدرَتِهِ ويَبعَثُ الخَلقَ فَيَعودونَ، وهُوَ فَردٌ وَحدَهُ، أبي خَيرٌ مِنّي، واُمّي خَيرٌ مِنّي، وأخي خَيرٌ مِنّي، ولي ولَهُم ولِكُلِّ مُسلِمٍ بِرَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله اُسوَةٌ.

قالَ: فَعَزّاها بِهذا ونَحوِهِ، وقالَ لَها يا اُخَيَّةُ، إنّي اُقسِمُ عَلَيكِ فَأَبِرّي قَسَمي؛ لا تَشُقّي عَلَيَّ جَيباً، ولا تَخمُشي عَلَيَّ وَجهاً، ولا تَدعي عَلَيَّ بِالوَيلِ وَالثُّبورِ إذا أنَا هَلَكتُ.

قالَ: ثُمَّ جاءَ بِها حَتّي أجلَسَها عِندي. [3] .


پاورقي

[1] الثِّمالُ: المَلجأ والغياث، وقيل: المطعم في الشدّة (النهاية: ج 1 ص 222 «ثمل»).

[2] هذا مثل، والمراد منه هنا أنّهم لا يَدعوني في راحة ويلحقوني أينما کنت.

[3] تاريخ الطبري: ج 5 ص 420 عن الحارث بن کعب وأبي الضحاک، الکامل في التاريخ: ج 2 ص 559 من دون إسنادٍ إلي عليّ بن الحسين‏ عليه السلام؛ الإرشاد: ج 2 ص 93، تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 243، إعلام الوري: ج 1 ص 456 کلّها نحوه، بحار الأنوار: ج 45 ص 1 وراجع: تذکرة الخواصّ: ص 249.