بازگشت

رفض اقتراح السكوت


265. تاريخ الطبري - في خُروجِ الإِمامِ مِنَ المَدينَةِ -: وأمَّا الحُسَينُ فَإِنَّهُ خَرَجَ بِبَنيهِ وإخوَتِهِ وبَني أخيهِ وجُلِّ أهلِ بَيتِهِ إلّا مُحَمَّدَ بنَ الحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُ قالَ لَهُ:

يا أخي، أنتَ أحَبُّ النّاسِ إلَيَّ وأعَزُّهُم عَلَيَّ، ولَستُ أدَّخِرُ النَّصيحَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلقِ أحَقَّ بِها مِنكَ، تَنَحَّ بِتَبِعَتِكَ عَن يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ وعَنِ الأَمصارِ مَا استَطَعتَ، ثُمَّ ابعَث رُسُلَكَ إلَي النّاسِ فَادعُهُم إلي نَفسِكَ، فَإِن بايَعوا لَكَ حَمِدتَ اللَّهَ عَلي ذلِكَ، وإن أجمَعَ النّاسُ عَلي غَيرِكَ لَم يَنقُصِ اللَّهُ بِذلِكَ دينَكَ ولا عَقلَكَ ولا يُذهِبُ بِهِ مُروءَتَكَ ولا فَضلَكَ، إنّي أخافُ أن تَدخُلَ مِصراً مِن هذِهِ الأَمصارِ وتَأتِيَ جَماعَةً مِنَ النّاسِ فَيَختَلِفونَ بَينَهُم، فَمِنهُم طائِفَةٌ مَعَكَ واُخري عَلَيكَ، فَيَقتَتِلونَ فَتَكونُ لِأَوَّلِ الأَسِنَّةِ، فَإِذا خَيرُ هذِهِ الاُمَّةِ كُلِّها نَفساً وأباً واُمّاً أضيَعُها دَماً وأذَلُّها أهلاً.

قالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: فَإِنّي ذاهِبٌ يا أخي.

قالَ: فَانزِل مَكَّةَ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ الدّارُ فَسَبيلُ ذلِكَ، وإن نَبَت [1] بِكَ لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشَعَفِ [2] الجِبالِ، وخَرَجتَ مِن بَلَدٍ إلي بَلَدٍ حَتّي تَنظُرَ إلي ما يَصيرُ أمرُ

النّاسِ، وتَعرِفَ عِندَ ذلِكَ الرَّأيَ، فَإِنَّكَ أصوَبُ ما يَكونُ رَأياً وأحزَمُهُ عَمَلاً حينَ تَستَقبِلُ الاُمورَ استِقبالاً، ولا تَكونُ الاُمورُ عَلَيكَ أبَداً أشكَلَ مِنها حينَ تَستَدبِرُها استِدباراً.

قالَ: يا أخي، قَد نَصَحتَ فَأَشفَقتَ، فَأَرجو أن يَكونَ رَأيُكَ سَديداً مُوَفَّقاً. [3] .

267. تاريخ دمشق - بَعدَ ذِكرِهِ كِتابَ عَمرِو بنِ سَعيدِ بنِ العاصِ لِلحُسَينِ عليه السلام وطَلَبَهُ مِنهُ عَدَمَ الشُّخوصِ إلَي العِراقِ -: فَكَتَبَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام:

إن كُنتَ أرَدتَ بِكِتابِكَ إلَيَّ بِرّي وصِلَتي فَجُزيتَ خَيراً فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ، وإنَّهُ لَم يُشاقِق مَن دَعا إلَي اللَّهِ وعَمِلَ صالِحاً وقالَ إنَّني مِنَ المُسلِمينَ، وخَيرُ الأَمانِ أمانُ اللَّهِ، ولَم يُؤمِن بِاللَّهِ مَن لَم يَخَفهُ فِي الدُّنيا، فَنَسأَلُ اللَّهَ مَخافَةً فِي الدُّنيا توجِبُ لَنا أمانَ الآخِرَةِ عِندَهُ. [4] .

268. تاريخ الطبري: ثُمَّ أقبَلَ الحُسَينُ عليه السلام سَيراً إلَي الكوفَةِ، فَانتَهي إلي ماءٍ مِن مِياهِ العَرَبِ، فَإِذا عَلَيهِ عَبدُ اللَّهِ بنُ مُطيعٍ العَدَوِيُّ وهُوَ نازِلٌ هاهُنا، فَلَمّا رَأَي الحُسَينَ عليه السلام قامَ إلَيهِ، فَقالَ: بِأَبي أنتَ واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ، ما أقدَمَكَ؟! [وَاحتَمَلَهُ فَأَنزَلَهُ] .

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: كانَ مِن مَوتِ مُعاوِيَةَ ما قَد بَلَغَكَ، فَكَتَبَ إلَيَّ أهلُ العِراقِ يَدعونَني إلي أنفُسِهِم.

فَقالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ مُطيعٍ: اُذَكِّرُكَ اللَّهَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ وحُرمَةَ الإِسلامِ أن تُنتَهَكَ،

أنشُدُكَ اللَّهَ في حُرمَةِ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله، أنشُدُكَ اللَّهَ في حُرمَةِ العَرَبِ، فَوَاللَّهِ لَئِن طَلَبتَ ما في أيدي بَني اُمَيَّةَ لَيَقتُلُنَّكَ، ولَئِن قَتَلوكَ لا يَهابونَ بَعدَكَ أحَداً أبَداً، وَاللَّهِ إنَّها لَحُرمَةُ الإِسلامِ تُنتَهَكُ، وحُرمَةُ قُرَيشٍ وحُرمَةُ العَرَبِ، فَلا تَفعَل، ولا تَأتِ الكوفَةَ ولا تَعَرَّض لِبَني اُمَيَّةَ.

قالَ: فَأَبي إلّا أن يَمضِيَ. [5] .


پاورقي

[1] نَبا بِهِ منزلُه: إذا لم يُوافِقهُ (النهاية: ج 5 ص 11 «نبا»).

[2] شَعَفةُ کلّ شي‏ءٍ: أعلاه، يريد به رأس الجبل (النهاية: ج 2 ص 481 «شعف»).

[3] تاريخ الطبري: ج 5 ص 341، الفتوح: ج 5 ص 20، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 187؛ الإرشاد: ج 2 ص 34 کلّها نحوه، بحار الأنوار: ج 44 ص 326.

[4] تاريخ دمشق: ج 14 ص 210، تهذيب الکمال: ج 6 ص 419، تاريخ الطبري: ج 5 ص 388 کلاهما نحوه.

[5] تاريخ الطبري: ج 5 ص 395، الکامل في التاريخ: ج 2 ص 548، الفصول المهمّة: ص 186 بزيادة «قريب من الحاجز» نحوه؛ الإرشاد: ج 2 ص 71، بحار الأنوار: ج 44 ص 370.