بازگشت

احتجاجات الامام علي معاوية


245. تاريخ اليعقوبي: قالَ مُعاوِيَةُ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيّ عليه السلام: يا أبا عَبدِ اللَّهِ! عَلِمتَ أنّا قَتَلنا شيعَةَ أبيكَ، فَحَنَّطناهُم وكَفَّنّاهُم وصَلينا عَلَيهِم ودَفَنّاهُم؟

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: حَجَجتُكَ [1] ورَبِّ الكَعبَةِ! لكِنّا وَاللَّهِ إن قَتَلنا شيعَتَكَ ما كَفَنّاهُم ولا حَنَّطناهُم ولا صَلَّينا عَلَيهِم ولا دَفَنّاهُم. [2] .

246. نثر الدرّ: لَمّا قَتَلَ مُعاوِيَةُ حُجرَ بنَ عَدِيٍّ وأصحابَهُ، لَقِيَ في ذلِكَ العامِ الحُسَينَ عليه السلام فَقالَ: أبا عَبدِ اللَّهِ، هَل بَلَغَكَ ما صَنَعتُ بِحُجرٍ وأصحابِهِ مِن شيعَةِ أبيكَ؟

فَقالَ: لا.

قالَ: إنّا قَتَلناهُم وكَفَّنّاهُم وصَلَّينا عَلَيهِم.

فَضَحِكَ الحُسَينُ عليه السلام، ثُمَّ قالَ: خَصَمَكَ القَومُ يَومَ القِيامَةِ يا مُعاوِيَةُ، أما وَاللَّهِ لَو وَلينا مِثلَها مِن شيعَتِكَ ما كَفَنّاهُم ولا صَلَّينا عَلَيهِم. وقَد بَلَغَني وُقوعُكَ بِأَبي حَسَنٍ، وقِيامُكَ وَاعتِراضُكَ بَني هاشِمٍ بِالعُيوبِ، وَايمُ اللَّهِ لَقَد أوتَرتَ غَيرَ قَوسِكَ [3] ، ورَمَيتَ غَيرَ غَرَضِكَ [4] ، وتَناوَلتَها بِالعَداوَةِ مِن مَكانٍ قَريبٍ، ولَقَد أطَعتَ امرَءاً ما قَدُمَ إيمانُهُ، ولا حَدُثَ نِفاقُهُ، وما نَظَرَ لَكَ، فَانظُر لِنَفسِكَ أو دَع - يُريدُ: عَمرَو بنَ العاصِ -. [5] .

247. الإمامة والسياسة - في ذِكرِ قُدومِ مُعاوِيَةَ إلَي المَدينَةِ حاجّاً وأخذِهِ البَيعَةَ لِيَزيدَ، وخُطبَتِهِ الَّتي يَمدَحُ فيها يَزيدَ الطّاغِيَةَ ووَصفِهِ بِالعِلمِ بِالسُّنَّةِ وقِراءَةِ القُرآنِ وَالحِلمِ -: فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وصَلّي عَلَي الرَّسولِ صلي الله عليه وآله، ثُمَّ قالَ:

أمّا بَعدُ يا مُعاوِيَةُ! فَلَن يُؤَدِّيَ القائِلُ وإن أطنَبَ [6] في صِفَةِ الرَّسولِ صلي الله عليه وآله مِن جَميعٍ جُزءاً، وقَد فَهِمتُ ما لَبَستَ بِهِ الخَلَفَ بَعدَ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله مِن إيجازِ الصِّفَةِ، وَالتَّنَكُّبِ عَنِ استِبلاغِ النَّعتِ، وهَيهاتَ هَيهاتَ يا مُعاوِيَةُ! فَضَحَ الصُّبحُ فَحمَةَ الدُّجي، وبَهَرَتِ الشَّمسُ أنوارَ السُّرُجِ، ولَقَد فَضَّلتَ حَتّي أفرَطتَ، وَاستَأثَرتَ حَتّي أجحَفتَ، ومَنَعتَ حَتّي مَحَلتَ، وجُزتَ حَتّي جاوَزتَ، ما بَذَلتَ لِذي حَقٍّ مِنِ اسمِ حَقِّهِ بِنَصيبٍ، حَتّي أخَذَ الشَّيطانُ حَظَّهُ الأَوفَرَ، ونَصيبَهُ الأَكمَلَ.

وفَهِمتُ ما ذَكَرتَهُ عَن يَزيدَ مِنِ اكتِمالِهِ، وسِياسَتِهِ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله، تُريدُ أن توهِمَ النّاسَ في يَزيدَ، كَأَنَّكَ تَصِفُ مَحجوباً، أو تَنعَتُ غائِباً، أو تُخبِرُ عَمّا كانَ مِمَّا احتَوَيتَهُ بِعِلمٍ خاصٍّ، وقَد دَلَّ يَزيدُ مِن نَفسِهِ عَلي مَوقِعِ رَأيِهِ، فَخُذ لِيَزيدَ فيما أخَذَ فيهِ مِنِ استِقرائِهِ الكِلابَ المُهارِشَةَ [7] عِندَ التَّهارُشِ، وَالحَمامَ السِّبقَ لِأَترابِهِنَّ، وَالقِيانَ ذَواتِ المَعازِفِ، وضَربِ المَلاهي تَجِده باصِراً، ودَع عَنكَ ما تُحاوِلُ، فَما أغناكَ أن تَلقَي اللَّهَ مِن وِزرِ هذَا الخَلقِ بِأَكثَرَ مِمّا أنتَ لاقيهِ، فَوَاللَّهِ ما بَرِحتَ تَقدَحُ باطِلاً في جَورٍ، وحَنَقاً في ظُلمٍ، حَتّي مَلَأتَ الأَسقِيَةَ، وما بَينَكَ وبَينَ المَوتِ إلّا غَمضَةٌ، فَتَقدَمُ عَلي عَمَلٍ مَحفوظٍ في يَومٍ مَشهودٍ، ولاتَ حينَ مَناصٍ.

ورَأَيتُكَ عَرَضتَ بِنا بَعدَ هذَا الأَمرِ، ومَنَعتَنا عَن آبائِنا تُراثاً، ولَقَد - لَعَمرُ اللَّهِ - أورَثَنَا الرَّسولُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وِلادَةً، وجِئتَ لَنا بِها، أما حَجَجتُم بِهِ القائِمَ عِندَ مَوتِ الرَّسولِ، فَأَذعَنَ لِلحُجَّةِ بِذلِكَ، ورَدَّهُ الإِيمانُ إلَي النَّصَفِ، فَرَكِبتُمُ الأَعاليلَ، وفَعَلتُمُ الأَفاعيلَ، وقُلتُم: كانَ ويَكونُ، حَتّي أتاكَ الأَمرُ يا مُعاوِيَةُ! مِن طَريقٍ كانَ قَصدُها لِغَيرِكَ، فَهُناكَ فَاعتَبِروا يا اُولِي الأَبصارِ.... [8] .

248. الفتوح - في ذِكرِ قُدومِ مُعاوِيَةَ إلي مَكَّةَ وأخذِهِ البَيعَةَ لِيَزيدَ -: أقامَ مُعاوِيَةُ بِمَكَّةَ لا يَذكُرُ شَيئاً مِن أمرِ يَزيدَ، ثُمَّ أرسَلَ إلَي الحُسَينِ عليه السلام فَدَعاهُ، فَلَمّا جاءَهُ ودَخَلَ إلَيهِ قَرَّبَ مَجلِسَهُ ثُمَّ قالَ: أبا عَبدِ اللَّهِ! اعلَم أنّي ما تَرَكتُ بَلَداً إلّا وقَد بَعَثتُ إلي أهلِهِ فَأَخَذتُ عَلَيهِمُ البَيعَةَ لِيَزيدَ، وإنَّما أخَّرتُ المَدينَةَ لِأَنّي قُلتُ: هُم أصلُهُ وقَومُهُ وعَشيرَتُهُ ومَن لا أخافُهُم عَلَيهِ، ثُمَّ إنّي بَعَثتُ إلَي المَدينَةِ بَعدَ ذلِكَ فَأَبي بَيعَتَهُ مَن لا أعلَمُ أحَداً هُوَ أشَدُّ بِها مِنهُم، ولَو عَلِمتُ أنَّ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله خَيراً مِن وَلَدي يَزيدَ لَما بَعَثتُ لَهُ.

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: مَهلاً يا مُعاوِيَةُ! لا تَقُل هكَذا، فَإِنَّكَ قَد تَرَكتَ مَن هُوَ خَيرٌ مِنهُ اُمّاً وأباً ونَفساً.

فَقالَ مُعاوِيَةُ: كَأَنَّكَ تُريدُ بِذلِكَ نَفسَكَ أبا عَبدِ اللَّهِ!

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: فَإِن أرَدتُ نَفسي فَكانَ ماذا؟!

فَقالَ مُعاوِيَةُ: إذاً اُخبِرُكَ أبا عَبدِ اللَّهِ! أمّا اُمُّكَ فَخَيرٌ مِن اُمِّ يَزيدَ، وأمّا أبوكَ فَلَهُ سابِقَةٌ وفَضلٌ، وقَرابَتُهُ مِن رسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله لَيسَت لِغَيرِهِ مِنَ النّاسِ، غَيرَ أنَّهُ قَد حاكَمَ أبوهُ أباكَ، فَقَضَي اللَّهُ لِأَبيهِ عَلي أبيكَ، وأمّا أنتَ وهُوَ فَهُوَ وَاللَّهِ خَيرٌ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله مِنكَ.

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: مَن خَيرٌ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟! يَزيدُ الخَمورُ الفَجورُ؟

فَقالَ مُعاوِيَةُ: مَهلاً أبا عَبدِ اللَّهِ! فَإِنَّكَ لَو ذُكِرتَ عِندَهُ لَما ذَكَرَ مِنكَ إلّا حَسَناً.

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: إن عَلِمَ مِنّي ما أعلَمُهُ مِنهُ أنَا فَليَقُل فِيَّ ما أقولُ فيهِ.

فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ: أبا عَبدِ اللَّهِ! انصَرِف إلي أهلِكَ راشِداً، وَاتَّقِ اللَّهَ في نَفسِكَ، وَاحذَر أهلَ الشّامِ أن يَسمَعوا مِنكَ ما قَد سَمِعتُهُ؛ فَإِنَّهُم أعداؤُكَ وأعداءُ أبيكَ.ص

قالَ: فَانصَرَفَ الحُسَينُ عليه السلام إلي مَنزِلِهِ. [9] .


پاورقي

[1] في الطبعة المعتمدة: «حجرک»، والتصويب من طبعة النجف.

[2] تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 231.

[3] أوترتُ القَوسَ: شدَدتُ وَتَرها (المصباح المنير: ص 647 «وتر»).

[4] الغَرَض: الهدف الذي يُرمي إليه (المصباح المنير: ص 445 «غرض»).

[5] نثر الدرّ: ج 1 ص 335، نزهة الناظر: ص 82 ح 7، کشف الغمّة: ج 2 ص 242، الاحتجاج: ج 2 ص 88 ح 163 عن صالح بن کيسان نحوه، بحار الأنوار: ج 44 ص 129 ح 19.

[6] أطنَبَ في الکلام: بالَغَ فيه (الصحاح: ج 1 ص 172 «طنب»).

[7] المُهارَشَةُ بالکِلاب: وهو تحريش بعضها علي بعض (الصحاح: ج 3 ص 1027 «هرش»).

[8] الإمامة والسياسة: ج 1 ص 208.

[9] الفتوح: ج 4 ص 339 وراجع: الإمامة والسياسة: ج 1 ص 211.