بازگشت

وفاتها


176. الأمالي عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن عليّ بن الحسين بن عليّ عن أبيه الحسين عليهما السلام: لَمّا مَرِضَت فاطِمَةُ بِنتُ النَّبِيِّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ وعَلَيهَا السَّلامُ، وَصَّت إلي عَلِيٍّ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ أن يَكتُمَ أمرَها، ويُخفِيَ خَبَرَها، ولا يُؤذِنَ أحَداً بِمَرَضِها، فَفَعَلَ ذلِكَ، وكانَ يُمَرِّضُها بِنَفسِهِ، وتُعينُهُ عَلي ذلِكَ أسماءُ بِنتُ عُمَيسٍ رَحِمَهَا اللَّهُ عَلَي استِسرارٍ بِذلِكَ كَما وَصَّت بِهِ.

فَلَمّا حَضَرَتهَا الوَفاةُ وَصَّت أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام أن يَتَوَلّي أمرَها، ويَدفِنَها لَيلاً، ويُعَفِّيَ [1] قَبرَها. فَتَوَلّي ذلِكَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ودَفَنَها، وعَفّي مَوضِعَ قَبرِها.

فَلَمّا نَفضَ يَدَهُ مِن تُرابِ القَبرِ هاجَ بِهِ الحُزنُ، فَأَرسَلَ دُموعَهُ عَلي خَدَّيهِ، وحَوَّلَ وَجهَهُ إلي قَبرِ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله فَقالَ:

السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللَّهِ مِنّي، وَالسَّلامُ عَلَيكَ مِنِ ابنَتِكَ وحَبيبَتِكَ وقُرَّةِ عَينِكَ، وزائِرَتِكَ وَالبائِتَةِ فِي الثَّري بِبُقعَتِكَ، وَالمُختارِ لَهَا اللَّهُ سُرعَةَ اللِّحاقِ بِكَ، قَلَّ يا رَسولَ اللَّهِ عَن صَفِيَّتِكَ صَبري، وضَعُفَ عَن سَيِّدَةِ النِّساءِ تَجَلُّدي، إلّا أنَّ فِي التَّأَسّي لي بِسُنَّتِكَ وَالحُزنِ الَّذي حَلَّ بي بِفِراقِكَ مَوضِعَ التَّعَزّي، فَلَقَد وَسَّدتُكَ في مَلحودِ قَبرِكَ بَعدَ أن فاضَت نَفسُكَ عَلي صَدري، وغَمَّضتُكَ بِيَدي، وتَوَلَّيتُ أمرَكَ بِنَفسي، نَعَم وفي كِتابِ اللَّهِ أنعَمُ القَبولِ: «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ» [2] .

لَقَدِ استُرجِعَتِ الوَديعَةُ، واُخِذَتِ الرَّهينَةُ، وَاختُلِسَتِ الزَّهراءُ، فَما أقبَحَ الخَضراءَ وَالغَبراءَ [3] ، يا رَسولَ اللَّهِ! أمّا حُزني فَسَرمَدٌ [4] ، وأمّا لَيلي فَمُسَهَّدٌ [5] ، لا يَبرَحُ الحُزنُ مِن قَلبي أو يَختارَ اللَّهُ لي دارَكَ الَّتي أنتَ فيها مُقيمٌ، كَمَدٌ [6] مُقَيِّحٌ، وهَمٌّ مُهَيِّجٌ، سَرعانَ ما فُرِّقَ بَينَنا، وإلَي اللَّهِ أشكو. وسَتُنَبِّئُكَ ابنَتُكَ بِتَضافُرِ اُمَّتِكَ عَلَيَّ وعَلي هَضمِها حَقَّها، فَاستَخبِرهَا الحالَ، فَكَم مِن غَليلٍ مُعتَلِجٍ [7] بِصَدرِها لَم تَجِد إلي بَثِّهِ سَبيلاً، وسَتَقولُ، ويَحكُمُ اللَّهُ وهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ.

سَلامٌ عَلَيكَ يا رَسولَ اللَّهِ سَلامَ مُوَدِّعٍ، لا سَئِمٍ ولا قالٍ [8] ، فَإِن أنصَرِف فَلا عَن مَلالَةٍ، وإن اُقِم فَلا عَن سوءِ ظَنٍّ بِما وَعَدَ اللَّهُ الصّابِرينَ، وَالصَّبرُ أيمَنُ وأجمَلُ، ولَولا غَلَبَةُ المُستَولينَ عَلَينا لَجَعَلتُ المُقامَ عِندَ قَبرِك لِزاماً، ولَلَبِثتُ عِندَهُ مَعكوفاً، ولَأَعوَلتُ إعوالَ الثَّكلي عَلي جَليلِ الرَّزِيَّةِ، فَبِعَينِ اللَّهِ تُدفَنُ ابنَتُكَ سِرّاً، وتُهتَضَمُ حَقَّها قَهراً، وتُمنَعُ إرثَها جَهراً، ولَم يَطُلِ العَهدُ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذِّكرُ، فَإِلَي اللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ المُشتَكي، وفيكَ أجمَلُ العَزاءِ، وصَلَواتُ اللَّهِ عَلَيكَ وعَلَيها ورَحمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ. [9] .


پاورقي

[1] عَفَتِ الريحُ الأثرَ: أي درسته ومحته (تاج العروس: ج 19 ص 687 «عفو»).

[2] البقرة: 156.

[3] الغبراء: الأرض. والخضراء: السماء؛ للونهما (النهاية: ج 3 ص 337 «غبر»).

[4] السّرمَد: الدائم الذي لا ينقطع (النهاية: ج 2 ص 363 «سرمد»).

[5] السهد:الأرق)القاموس المحيط: ج 1 ص 305»سهد «(.

[6] الکَمْد - بالفتح وبالتحريک -: تغيّر اللون وذهاب صفائه، والحزن الشديد، ومرض القلب (القاموس المحيط: ج 1 ص 333 «الکمدة»).

[7] اعتلجَ المَوجُ: التطمَ، واعتلج الهمّ في صدر، کذلک علي المثل (لسان العرب: ج 2 ص 327 «علج»).

[8] القِلَي: البُغض. يقال: قلاهُ يقليه قِليً وقَليً: إذا أبغضه (النهاية: ج 4 ص 105 «قلا»).

[9] الأمالي للمفيد: ص 281 ح 7، الأمالي للطوسي: ص 109 ح 166 عن عليّ بن محمّد الهرمزداني عن الإمام زين العابدين عنه‏ عليهما السلام، بشارة المصطفي: ص 258 عن عليّ بن محمّد الهرمزداري عن الإمام زين العابدين عنه‏ عليهما السلام، الکافي: ج 1 ص 458 ح 3 عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن الإمام الحسين‏ عليه السلام، دلائل الإمامة: ص 137 ح 46 عن المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عن آبائه‏ عليهم السلام وليس فيها صدره إلي «وصّت به»، وکلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 43 ص 193 ح 21.